د. أحلام بنت حمود الجهورية، باحثة وكاتبة في التاريخ، وعضو مجلس إدارة الجمعية التاريخية العُمانية

جاء الخبر المتداول عن تأدية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لصلاة عيد الفطر المبارك لعام ١٤٤٥هـ في جامع السيدة فاطمة بنت علي كخبرٍ مباركٍ، وفرصةٍ ثمينةٍ لاستذكار سيرة عطرة من سيِّر نساء عُمان، ولأن عُمان جُبلت على تكريم أبنائها البررة رجالًا ونساءً نجد حيثما ولينا البصر مدرسة هنا وجامعًا هناك يحمل اسم سيدة من سيدات عُمان الماجدات العالمات المجيدات في مختلف الميادين، وفي هذا المقام نستحضر عبر صحيفة “أثير” شذرات من سيرة السيدة فاطمة بنت علي البوسعيدية.


تنتمي السيدة فاطمة نسبًا للأسرة البوسعيدية الحاكمة، فهي ابنة السيد علي بن سالم بن ثويني بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي، وقد ولدت السيدة فاطمة في عام 1308هـ/ 1891م في زنجبار في عهد حكم السلطان علي بن سعيد البوسعيدي (1890-1893م) رابع سلاطين الأسرة البوسعيدية في سلطنة زنجبار، وبعد وفاة السلطان علي اعتلى عرش زنجبار عم والدها؛ السلطان حمد بن ثويني (1893-1896م)، وكان يعتلي عرش عُمان عند ولادتها السلطان فيصل بن تركي (1888-1913م).

وُلِد والدها السيد علي بن سالم بن ثويني بن سعيد البوسعيدي في مسقط ونشأ في كنف والده السلطان سالم وجده السلطان ثويني، ثم انتقل السيد علي إلى شرق أفريقيا، وتحديدًا إلى زنجبار؛ بسبب الأوضاع غير المستقرة في عُمان بعد سلسلة من الأحداث الصعبة المتمثلة في وفاة السلطان ثويني، وتولي السلطان سالم الحكم ثم توجهه إلى الهند بعد مبايعة الإمام عزان بالإمامة، ثم وفاة الإمام عزان وتولي السيد تركي الحكم بعُمان في عام 1871م.
توفيت والدة السيدة فاطمة وهي صغيرة السن فقامت بتربيتها ورعايتها السيدة علياء ابنة السلطان برغش بن سعيد ثاني سلاطين الأسرة البوسعيدية في سلطنة زنجبار (1870-1888م)، فنشأت السيدة فاطمة في القصور السلطانية ومدارسها العلمية، وأجواء الحلقات العلمية في المساجد، بوجود نخبة من العلماء والمفكرين والمثقفين التي احتضنتهم زنجبار، حيث كانت يومئذ مركز إشعاع علمي وثقافي، وقد هيأت ظروف النشأة الأولى للسيدة فاطمة مناخًا علميًا وثقافيًا محفزًا وداعمًا لتشكيل فكرها وبناء شخصيتها؛ فتعلّمت القراءة والكتابة وحفظت أجزاء من القرآن الكريم، ومكّنها ذلك لاحقًا من القيام بمسؤوليات وأدوار مؤثرة في العائلة المالكة والأسرة البوسعيدية.
عادت السيدة فاطمة إلى عُمان في عام 1898م وكانت تبلغ من العمر 7 سنوات؛ بعد تعرّض والدها السيد علي للإبعاد من زنجبار إلى مسقط؛ لأسباب سياسية في عهد السلطان حمود بن محمد سابع سلاطين الأسرة البوسعيدية بسلطنة زنجبار (١٨٩٦-١٩٠٢م)، وكان يحكم عُمان في تلك الأثناء السلطان فيصل بن تركي (1888-1913م).
تزوجت السيدة فاطمة بنت علي من السلطان تيمور بن فيصل بن تركي، وكانت الزوجة الأولى له؛ وأنجبت له السلطان سعيد بن تيمور، وكان للسيدة فاطمة الدور الكبير والأثر البالغ في تربيته وإعداده لتولي الحكم.

تعد السيدة فاطمة من أكثر الشخصيات نفوذًا خلال فترة حكم زوجها السلطان تيمور (1913-1932م) وابنها السلطان سعيد (1932-1970م)، منذ عام 1913م حتى وفاتها سنة 1967م، فقامت بدورٍ مؤثر وفاعل؛ إذ كانت سندًا لزوجها السلطان تيمور الذي عانى خلال فترة حكمه من عدم الاستقرار السياسي والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن جملة من التحديات الداخلية والخارجية، كالصراع بين السلطنة والإمامة والحرب العالمية الأولى والأزمة الاقتصادية العالمية المعروفة بالكساد الكبير وغيرها من الأحداث الصعبة، واهتمّت السيدة فاطمة بتوفير احتياجات العائلة المالكة كونها زوجة السلطان. كما كانت تستقبل السيدات صاحبات الوفود المرافقات لأزواجهن من ملوك ورؤساء الدول، وبهذا الدور يمكن القول بأنها مارست مهام وواجبات السيدة الأولى كونها زوجة السلطان تيمور ثم بعد ذلك والدة السلطان سعيد بن تيمور.
عاشت السيدة فاطمة مدة 76 عامًا عاصرت خلالها فترات حكم عدد من سلاطين الأسرة البوسعيدية في كل من زنجبار وعُمان، حيث ولدت في عام 1891م وتوفيت في سنة 1967م بمسقط ودفنت فيها، فهي بذلك عاصرت ثمانية من سلاطين الأسرة البوسعيدية بسلطنة زنجبار، وهم:
1. السلطان علي بن سعيد البوسعيدي (1307-1310هـ/ 1890-1893م).
2. السلطان حمد بن ثويني البوسعيدي (1310-1314هـ/ 1893-1896م).
3. السلطان خالد بن برغش البوسعيدي (1314-1314هـ/ 1896-1896م).
4. السلطان حمود بن محمد البوسعيدي (1314-1320هـ/ 1896-1902م).
5. السلطان علي بن حمود البوسعيدي (1320-1329هـ/ 1902-1911م).
6. السلطان خليفة بن حارب البوسعيدي (1329-1380هـ/ 1911-1960م).
7. السلطان عبد الله بن خليفة البوسعيدي (1380-1383هـ/ 1960-1963م).
8. السلطان جمشيد بن عبد الله البوسعيدي (1383-1383هـ/ 1963-1964م).
وثلاثة من سلاطين الأسرة البوسعيدية في عُمان:
1. السلطان فيصل بن تركي البوسعيدي (1305-1331هـ/ 1888-1913م)
2. السلطان تيمور بن فيصل البوسعيدي (1331-1350هـ/ 1913-1932م).
3. السلطان سعيد بن تيمور آل سعيد (1350-1390هـ/ 1932-1970م).

مما سبق يمكن القول بأن السيدة فاطمة بنت علي بن سالم البوسعيدية، هي: حفيدة السلطان سالم بن ثويني (1866-1868م)، وزوجة السلطان تيمور بن فيصل (1913-1932م)، ووالدة السلطان سعيد بن تيمور (1932-1970م)، وجدة السلطان قابوس بن سعيد (1970-2020م) رحمهم الله جميعًا، وتخليدًا لذكراها الطيبة بُني جامعٌ يحمل اسمها: “جامع السيدة فاطمة بنت علي” بولاية السيب، الذي افتتح في الثاني من شهر رمضان المبارك 1439هـ/ 17 مايو 2018م.
ونقدم نبذة عن هذا الجامع مما نُشر عنه، فهو يقع بجانب الطريق البحري الممتد بولاية السيب، وتمّ تشييده على قطعة أرض بمساحة كلية تبلغ نحو 63 ألف متر مربع، وتبلغ مساحة البناء ثمانية آلاف ومئة متر مربع، ويشتمل المسجد على قاعة الصلاة الرئيسية بمساحة ألف وستمائة متر مربع، وتتسع لعدد 2200 مصلٍّ، كما يشتمل على قاعة للصلاة للنساء تتسع لـعدد 330 مصلية، ويحتوي أيضاً على مكتبة وعدد من الفصول الدراسية ومجلس وقاعة متعددة الأغراض ومواقف للسيارات، كما يحتوي الجامع أيضاً على مرافق الخدمات مثل: دورات المياه والمواضئ.
يتميّز الجامع بموقعه الجميل؛ حيث يقع مباشرة على الطريق البحري بالسيب، وقد حرص القائمون على تنفيذ المشروع على إعطاء هذا الجامع هُوية خاصة تربطه مع البيئة الجغرافية والثقافية في المنطقة المحيطة به. وصُمم الجامع على “النمط المعماري المملوكي” الذي يعد محصلة الفنون المعمارية التي ظهرت قبله؛ لتسليط الضوء على أحد أهم الأنماط المعمارية المستخدمة في بناء العديد من الجوامع والمباني المهمة، التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، وإبراز بعض اللمسات المعمارية السائدة في ذلك العصر الذهبي من تاريخ الأمة الإسلامية، وأُدخلت بعض الإضافات والتعديلات الضرورية على التصاميم بما يتلاءم مع التطور التقني وتطلعات العُمانيين، من خلال توظيف التقنيات الحديثة والإمكانات المتاحة في هذا العصر؛ تعظيمًا لبيوت الله وتطوير خدماتها ومرافقها، وتسهيلًا لصيانتها والمحافظة عليها.
ختامًا، يعد جامع السيدة فاطمة بنت علي لبنة معمارية حضارية تضاف لرصيد طويل وثري ومتنوع من رصيد إسهامات الحضارة العُمانية، وهو بلا شك يخلد سيرة سيدة كريمة من سيدات عُمان الجليلات، ويؤكد تقدير سلاطين عُمان لمكانة المرأة العُمانية التي كانت شريكًا فاعلًا في مسيرة البناء والازدهار.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: السلطان تیمور فیصل بن ترکی السلطان علی السید علی بن ثوینی علی بن فی عام

إقرأ أيضاً:

فاتن سعيد تبدأ تصوير شخصيتها في مسلسل ظلم المصطبة

 بدأت الفنانة فاتن سعيد تصوير دورها في مسلسل "ظلم المصطبة"، الذي تشارك في بطولته إلى جانب النجوم ريهام عبدالغفور واياد نصار وفتحي عبد الوهاب، وبسمة واحمد عزمي ومحمد علي رزق واحمد عبد الحميد وغيرهم.

،المسلسل من تأليف أحمد فوزي صالح وسيناريو وحوار محمد رجاء وإخراج هاني خليفة وإنتاج المتحدة للخدمات الإعلامية.

وتجسد فاتن شخصية رحاب التي تظهر فيها شقيقة للنجمة ريهام عبد الغفور، وتدور أحداث المسلسل حول بعض العادات والأعراف الموجودة في الأرياف التي يحكم بها بعيداً عن القانون والشرع في إطار اجتماعي به الكثير من الأحداث والصراعات.

وعبرت فاتن عن سعادتها بالتعاون مع المخرج هاني خليفة وكل نجوم العمل والشركة المتحدة، مؤكدة أنها متحمسة للغاية لمقابلة الجمهور في الشهر الكريم بهذه الملحمة الفنية وسط كوكبة من النجوم في كل مجالاتهم الذي يتشرف بالعمل معهم أي فنان.

يذكر أن فاتن سعيد كان آخر أدوارها هو شخصية نورا في العتاولة رمضان الماضي أمام النجوم احمد السقا وطارق لطفي، وفاطمة ابنة الإمام الشافعي في مسلسل رسالة الإمام رمضان قبل الماضي.

مقالات مشابهة

  • فعالية نسائية بمحافظة صنعاء إحياءً لذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء “ع”
  • عبد المنعم سعيد: الحروب العالمية الحالية ليست استثنائية
  • وزير العدل يستعرض أهم مستجدات مدونة الأسرة بعد جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك
  • أخنوش: جلالة الملك أعطى تعليماته وتوجيهاته بخصوص المبادئ والغايات التي ستحْكُم مراجعة مدونة الأسرة
  • وهبي يكشف عن أهم التعديلات التي جاءت بها مراجعة قانون الأسرة
  • القطاع النسائي التربوي بصنعاء يُحيي ذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء
  • دعاء السيدة فاطمة لاذهاب الهم والغم.. ردده كل يوم صبح وليل
  • فاتن سعيد تبدأ تصوير شخصيتها في مسلسل ظلم المصطبة
  • فاتن سعيد تبدأ تصوير شخصيتها في "ظلم المصطبة"
  • علي البوسعيدي: الجولة ستظهر كافة المنتخبات بمستواها المعهود