يقول الشاعر أبو فراس الحمداني:
"مُصابي جَليلٌ وَالعَزاءُ جَميلُ .. وَظَنّي بِأَنَّ اللَهَ سَوفَ يُديلُ".
لا نقول إلا ما يرضي ربنا، مسلمّين بالقضاء والقدر وإنا إلى من خلقنا راجعون، وهذه الحياة، مصيبة تعقبها مصيبة، ووجع يتوسدّه وجع، وحزن يتكئ على حزن، ودمعة تتعلق بالمآقي فتجرحها، وشعور بالأسى يمزّق الروح، ومن أدرك مصيبة فقد العزيز أبا فهد جابر بن سعيد زينان من أصدقائه فقد أدرك عمق الحزن، وناله وجع عظيم، وقد تصدّرت الأوجاع في صدره، وإنا إلى الله راجعون.
فقدنا بالأمس في منطقة نجران أحد الأعلام البارزين في مجال عمله، وفي جنبات مجتمعه إنه العزيز جابر بن سعيد زينان رحمه الله والذي وافته المنيّة أمس في آخر ليالي رمضان، مات بين أحبابه في ليلة عظيمة من ليالي العشر في رمضان، سقط علينا خبر موته كنزول الصاعقة، فأصبحت الألسن واجمة والوجوه عابسه، كأن الزمن توقف، وكأن عقارب الساعة قد تعلّقت لا تتقدم ولا تتأخر، لقد سقطت أعمدة قصور السعد ، وتهدمت أروقة الحبور والمجد، كل شيء توقف وكأننا للتو ضعنا في غياهب الزمن.
الموت عظمة وللموت رجفة وللموت فزعة وللموت رهبة لكنها تجتمع فقط في رحيل الأحبة، من يموتون ويحزن قطاع عريض من الناس لموتهم، مثل أبا فهد. هؤلاء الذين يموتون وذكرهم الطيب يفوح في كل مكان إلا إنهم يبقون في قلوب الناس بأفعالهم الحسنة ، فلهم في كل مكان بصمة وفي كل مهمة قسمه، وفي كل زاوية حكاية، يصلون القريب والبعيد، ويتساءلون عن حال الرفيق، كأنما خلقوا من أجل الآخرين وصنعوا من أجل أن يكونوا أعمدة عطاء في مجتمعاتهم.
لقد كان الأستاذ جابر رحمه الله رمزا للمحبة والعطاء، عاش حياته باحثا عن إسعاد الآخرين، تاركا بصمة طيبة في قلوب من عرفه، كان نعم الصديق، وفيا مخلصا يقف مع الجميع في أوقاتهم الصعبة، ابتسامته ولطفه لا يفارقانه، يحبه الصغير قبل الكبير، لقد ترك في قلوبنا فراغا عظيما، وفي أرواحنا أوجاعا عظيمة، ستبقى ذكراه خالدة في الأعماق، فمثله و إن مات جسدا لكن يبقى حيا بذكره وبأفعاله.
بقي القول، لقد ذهب أ.جابر إلى رب غفور في ليالي مباركات، ولكن وإن مات جسدا فإنه باق في قلوبنا، وأصحاب الأفعال الحسنة يعيشون في ألسنة وأرواح الناس أبد الدهر، والحمد لله على ما قضى وقدّر، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: ادعاء الفضيلة والتدين من صور النفاق (فيديو)
أكد الشيخ إبراهيم الصوفي، من علماء الأزهر الشريف، أن الهدف من الحديث عن علامات النفاق ليس إدانة الآخرين أو البحث عن عيوبهم، بل هو دعوة للنظر إلى أنفسنا وتصحيح ما قد يوجد لدينا من صفات غير محمودة، موضحا أن المسلم يجب أن يقيم نفسه بشكل مستمر ويعمل على التخلص من أي من الصفات التي نهى عنها الشرع.
مراجعة أنفسنا بشكل دوريوقال العالم الأزهري، خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة «الناس»، اليوم الأحد، «النفاق ليس بالضرورة أن يكون في الخارج فقط، بل قد يكون في داخلنا، ولذلك يجب أن نراجع أنفسنا بشكل دوري.. إذا كانت هناك صفات أو تصرفات نفاقية في شخصيتنا، علينا أن نعمل جاهدين على التخلص منها، وأن نشكر الله على النعمة التي نحن فيها».
وأضاف: «من المهم أن نتذكر أن النفاق لا يعني فقط أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن للناس.. بل أحيانًا، قد يدعي الإنسان الفضيلة أو التدين وهو بعيد عن هذه القيم في علاقاته الخاصة.. فالشخص الذي يظهر صورة متدينة في المجتمع بينما يكون قاسيًا في بيته أو في علاقاته مع الآخرين، هذه صورة من صور النفاق التي ينبغي أن يتجنبها المسلم».
وأشار إلى أن أحد صور النفاق في المجتمع يتمثل في انتشار الخلافات بين الناس، حيث يوسع البعض الخلافات بدلًا من محاولة حلها بحكمة، مضيفا: «من الأخطاء الكبرى أن يوسع الإنسان الفجوة بينه وبين من يختلف معهم بدلاً من احتواء الخلاف والبحث عن حل، سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من ذلك.
البذخ والإسراف في المناسباتوفيما يتعلق بالبذخ والإسراف في المناسبات، شدد على أن هذا يعد من صور النفاق المجتمعي التي يجب أن يبتعد عنها الناس، لافتا إلى البذخ في حفلات الزفاف أو المآتم والتفاخر بالمصروفات على حساب القيم الإنسانية والتقوى، هو تصرف بعيد عن تعاليم الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من إضاعة المال، ونحن في حاجة إلى ترشيد المصروفات بما يرضي الله.