لجريدة عمان:
2024-10-02@01:05:49 GMT

الطائي: رائد الأدب السردي العماني الحديث

تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT

الطائي: رائد الأدب السردي العماني الحديث

استل هذا العنوان من مقالة طويلة للدكتور محسن الكندي، بعنوان "عبدالله الطائي وريادة الكتابة الأدبية العمانية الحديثة" والتي نشرتها مجلة نزوى، وأقع في ذات الحيرة التي يقع فيها الكندي في محاولة الكتابة عن الطائي حين يقول"تتنوع تجربة عبدالله الطائي بين فنون أدبية مختلفة؟ إذ لم يتوقف قلمه عند لون واحد من ألوان الأدب.

فكتب الشعر، والقصة، والرواية، والمسرحية، والمقالة، والدراسة البحثية"، والرسالة الأدبية، والمذكرات الشخصية، فاستطاع - عبر ثلاثين عاما- أن يشكل لنفسه خارطة أدبية أهلته بعض مكوناتها أن يتخذ مكان الريادة في الأدب العماني الحديث"، فهذان أمران يعقدان الكتابة عن الطائي، أولا: تنوّع الفنون الأدبية التي كتب فيها، وثانيا: لريادته لأكثرها.

ولأننا محاصرون بمساحة معينة في الجريدة، فنحن هن، سنعتمد اعتمادا كبيرا على مقالة الكندي، تلك والتي في بدايتها أرجع سبب "التنوع الخصب في تجربة الطائي الأدبية إلى عوامل متعددة، منها:

أولا: قدرته الفكرية ومواهبه الأدبية، وسعة ثقافته التي ساعدته على طرق فنون شتى.

ثانيا: تشجيع زملائه له إبان اغترابه وبخاصة عندما كان في البحرين والكويت؟ إذ توطدت علاقاته بشعراء وكتاب ومؤرخين كان لهم باع في تلك المجالات، ولعلنا نذكر صداقاته بإبراهيم العريض وأحمد الخليفة وعبد الرزاق البصير: إذ كان لكل هؤلاء وغيرهم دور في إذكاء ذلك التنوع.

ثالثا: وجود مناخ ثقافي استوعب تطلعات الطائي الأدبية تلك، ويتمثل ذلك في الأندية التي كان يتولى إدارتها الثقافية، والجلسات الثقافية والفكرية الخاصة التي كان يقيمها أصدقاؤه سواء في البحرين أو الكويت.

رابعا: تجربته الحياتية الخاصة المنبثقة من ظروف بلاده، والتي حتمت عليه ضرورة توثيقها وتسجيلها، وتشجيعها أحيانا عبر مضامين شتى من الإبداع الأدبي، ويتضح ذلك في بعض أعماله وبخاصة القصصية والروائية.

خامسا: المهن والوظائف التي عمل فيها، أسهمت بشكل كبير في خلق ذلك التنوع. فالإذاعة والصحافة أذكت حسه الابداعي في مجال كتابة المقال بكافة أنواعه، كما أن اشتغاله بمهنة التدريس شجعه على محاولة تأليف كتاب في التاريخ أو بعض مقالات فيه، وطرح بعض إرهاصات المسرح المدرسي، ومحاولة إخراجها.

سادسا: الظروف السياسية والثقافية للعصر الذي عاشه، فالأولى تمثّلت في ذيوع وانتشار المد القومي، الذي أثر في اتجاهات الأدباء، وميولهم الفكرية الرامية الى مضامين قومية عديدة كالنضال ضد المستعمر والوحدة وتسجيل الوقائع السياسية وغير ذلك، ويمكن أن فتمثل لذلك برواياته وقصصه القصيرة. أما الثانية وهي (الظروف الثقافية) التي عاشتها البلاد العربية الأكثر تطورا كمصر والعراق والشام، فقد أتاحت لأدباء الخليج أن يتأثروا بها، وبخاصة فيما يتعلق بتنوع الإنتاج الأدبي، فقد أحس هؤلاء الأدباء أن بلدانهم تفتقر الى هذا النمط الأدبي، الأمر الذي أدى الى أسلوب المجاراة أحيانا، ومن ثم طرح تلك المستويات، دون النظر الى مدى إمكانية الإبداع فيها.

ويمكن تجلية هذا الإنتاج في المجالات وهي:

أولا: الشعر: وقد تناولناه في مقال سابق:

ثانيا: الرواية، حيث كتب الطائي روايتين هما: "ملائكة الجبل الأخضر" و"الشراع الكبير" والأولى تدور أحداثها الدرامية العامة متخذة من مبادي القومية العربية الرامية إلى الوحدة ما يدعم توجهات المؤلف وأفكاره في ذلك الوقت، لذلك يرسم الكاتب مجال الحركة لشخصيات الرواية وأبطالها عبر مساحة زمانية ومكانية كبيرة نوعا ما: فالأبطال الرئيسيون يتحركون من القاهرة الى بغداد والكويت مرورا بالبحرين، وإمارات ساحل الخليج. وتجدر الإشارة الى أن الطائي بدأ كتابة هذه الرواية في البحرين عام 1958، وأتمها في الكويت عام 1962، وطبعها في بيروت (مطابع الوفاء) عام 1963.وهذه الدائرة توافق مجال الحركة لشخصيات الرواية وأحداثها المرتسمة في أبعاد مكانية كثيرة، وهو توافق يرجع في ذات الوقت الى حياة الطائي المتنقلة. أما الرواية الثانية: "الشراع الكبير"، فهي رواية تاريخية تتحدث عن كفاح الخليج العربي ضد المستعمر البرتغالي في القرن السادس عشر. مستلهمة أهداف الوحدة والتكاتف والثورة ضد الاستعمار. وقد كتب الطائي هذه الرواية ما بين عامي 69- 1971، وتولى أبناؤه طباعتها من بعده.

ثالثا: القصة القصيرة، ولم يكتب الطائي أكثر من سبع قصص، إحداها طويلة وهي "المغلغل"، أما الست الأخريات فطابعها طابع القصة القصيرة، وتشير تواريخ القصص الأربع الأولى، الى أن الطائي قام بكتابتها عام 1942، أثناء وجوده في بغداد طالبا في مدارسها الابتدائية والإعدادية، وهو بذلك أول من طرق هذا الفن الأدبي على الصعيد العماني، مشكلا ريادته له تاريخيا.

رابعا: المسرحية، فيعود للطائي فضل الريادة في كتابة المسرحية الشعرية والنثرية في الأدب العماني، عبر مسرحيتيه "جابر عثرات الكرام " و" بشرى لعبد المطلب "، وتبرز هنا حقيقتان: أولهما: أن الطائي حين كتب مسرحيته الأولى "جابر عثرات الكرام " في إطار مسرحي شعري ملائم. ثانيهما: إن المسرحيتين لا تختلفان عن تقليد المسرح المدرسي إذ قدمهما لهدف تعليمي يدخل فيه إذكاء النشاط المسرحي لدى طلابه، وقدمتا على مسرح المدرسة السعيدية. فكان هاجسه فيهما تعليميا لا فنيا، ولذلك انصرف عن كتابه غيرهما.

خامسا: المقال، حيث نال المقال عناية كبرى: إذ يبلغ مجمل ما كتبه في هذا المجال (281) مقالا تتنوع بين أنماط عدة أهمها: المقال الأدبي والمقال التاريخي، والمقال الاجتماعي، والمقال الإسلامي. والطائي غزير الإنتاج في هذا المجال، ويعود ذلك الى مهنته الصحفية والإذاعية التي ساعدت في إذكاء روح الكتابة المقالية فلا غرر أن نجد إنتاجه موزعا بين صحف وإذاعات الخليج والوطن العربي. وأول مقال من هذه المقالات عنوانه "في العيد"، وقد كتبه في 18/ 10/ 1940، ولقد تم جمع بعض ذلك الإنتاج في كتب عديدة أهمها "الأدب المعاصر في الخليج العربي"، و"دراسات عن الخليج العربي" و"شعراء معاصرون " و"مواقف".

سادسا: السيرة الذاتية، حيث تعد سيرة الطائي الذاتية من طلائع السير الذاتية التي كتبها كتاب الخليج العربي وشخصياته الأدبية والثقافية، فقد شرع في كتابتها بتاريخ 23/ 9/ 1949، وسجل أحداثا كثيرة في الخمسينات والستينات والسبعينات، وآخر يومية كتبها ترجع الى 9/ 9/ 1971، وبين هذين التاريخين (البداية والنهاية) يمكن القول أنها تناولت ثلاث مراحل من حياته، أولها مرحلة مسقط –باكستان –فنلمح حياته الاجتماعية في أسرته، ووظيفته كمدرس وما لاقاه فيها من صعوبات إدارية وتعليمية، أدت به في نهاية المطاف الى الهجرة إلى باكستان ليعمل مدرسا، في كلية اللغة العربية، ومن ثم رجوعه إلى مسقط مرة أخرى لما لاقاه من ظروف اقتصادية حتمت عودته، وفي مسقط وباكستان يسجل أحداثا، ومواقف طريفة، مسجلا نشاطه الأدبي في هذه المرحلة.

أما المرحلة الثانية فهي رحلة البحرين – الكويت، وكتبت على هيئة يوميات سجل فيها باقتضاب ما حدث في أيامه من أحداث مهمة، كان أغلبها ذا طابع حياتي واجتماعي وثقافي عام. ونجد رصدا لكل ما نشره أو أذاعه في هذه الفترة، إضافة الى ما قام به من أنشطة في النوادي والجمعيات الثقافية. والمرحلة الثالثة مرحلة الإمارات -عمان، وهي مرحلة أقل وطأة على كاتبها من سابقتيها، ونلاحظ قلة تسجيل الطائي ليومياته فيها، ويكتفي بالإشارة المقتضبة إليها ناهيك عن بروز عنصر الحذر من الاستطراد في شرح بعض مجرياتها. وهي تقترن بتوليه مناصب استوجبت منه عنصر الكتمان.

ولا يلجأ الطائي في سيرته الى الخيال كثيرا في تصويره للمواقف: فأغلب ما جاء في سيرته عبارة عن حقائق واقعية مدعمة بالأدلة والبراهين، وسيرة الطائي كانت مغلفة ببعض الشذرات السلبية التي فرضتها عليه عواطفه الدينية والخلقية والاجتماعية، فحولت بعض ملامحها إلى وعظ وتذكير بقدرة الله. ومن جانب آخر كانت المشاعر الدينية والمبادئ الأخلاقية ظاهرتين في سيرة الطائي وهي بذلك لونت العمل الأدبي وأثرت في حقائقه. كما أنه صور لنا الجانب الإيجابي من حياته والجانب الذي لا يمس سمعته الطيبة بشيء، وترك الجانب الآخر منسيا.

أما قيمة هذه السيرة فكبيرة، يكفيه أنه حاول تسجيل مواقف، وتوثيق أحداث لم تكن في الحسبان خاصة تلك التي شملت الأحداث الثقافية في منطقة الخليج بأسرها ولم يكن تسجيله ذلك في إطار تاريخي بحت، بل كان ممتزجا بالطابع الأدبي؟ وهو بذلك يحتل مكان الريادة في هذا المجال وهي ريادة تضاف الى رياداته في كتابة فن القصة والمسرح والرواية في عمان وأوطانه الخليجية التي عاش فيها فترات من عمره.

***

هذا هو مجمل إنتاج الطائي الأدبي مخطوطا ومنشورا غير أن إنتاجا آخر في مجال التاريخ يمكن الإشارة إليه ويتمثل في كتابه الذي جمعه ووسمه بـ"تاريخ عمان السياسي" وقدم فيه قراءة أولية للتاريخ العماني على امتداده الطويل، مستجليا فيا رؤى وطنية وأخرى قومية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الخلیج العربی

إقرأ أيضاً:

44 متأهلا للمشاركة في "الملتقى الأدبي والفني" بصور

مسقط- الرؤية

أعلنت وزارة الثقافة والرياضة والشباب عن النصوص المتأهلة للمشاركة في الملتقى الأدبي والفني في نسخته السابعة والعشرين، في مجالات الشعر الفصيح والشعر الشعبي والقصة القصيرة، وذلك في سياق التحضيرات لإقامة الملتقى في ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية، خلال الفترة 20 – 24 أكتوبر المقبل.

وقد تأهل في مجال الشعر الفصيح 15 نصا وهي: (يومٌ صَحْو جدّا) للشاعر حمود بن سالم بن خلفان السعدي، و(فُرْصَةُ حَدْسٍ أَخِيرة) للشاعر قصي بن سالم بن خلفان النبهاني، و(البئر) للشاعرة  حميدة بنت محمد بن صالح العجمية، و(اثِقًا كعلامةِ استفهام) للشاعر محمد بن عيسى بن سالم المعشري، و(أبجورة) للشاعر محمد بن خميس بن سالم الراشدي، و(سيرة العطش) للشاعر سيف بن سعيد بن خلفان الحارثي، و(صُورةُ مُا) للشاعر علاء الدين بن محمد بن سعود الدغيشي، و(هنا يقف النص) للشاعر طلال بن سليم بن صروخ الصلتي، و(مسافرا في روحه) للشاعر عبدالله بن سعيد بن محمد الذهلي، و(أشياء أمي) للشاعر أحمد بن محمد بن علي الشعيلي، و(دمعٌ يهطلُ من محبرةِ الطفولة) للشاعر سالم بن جمعة  بن سالم الهاشمي، و(ظلال تحاور نفسها) للشاعر مُبارك بن خميس بن مبارك المخيني، و(جَسَدٌ مِنَ الصَّحراءِ) للشاعر هيثم بن حمد بن المر الحضرمي، و(العالقُ في الأسى) للشاعرة عتاب بنت حمد بن صروخ الصلتية، و(تَحليل نَفسي في اللَّيلة المظلمة للروح) للشاعر علي بن مال الله بن علي الكمزاري.

أما مجال الشعر الشعبي فقد تأهل 14 نصا وهي: (اللّيل وضياء الأبرص) للشاعر عبدالرحمن بن عبدالله بن علي الغيلاني، و(قصة) للشاعر ناصر بن عامر بن ناصر الحجري، و(طائرة حالم) للشاعر مختار بن سعيد بن حمود المعمري، ويا بوي) للشاعر إبراهيم بن اسماعيل بن يوسف البلوشي، و(عمر أخضر) للشاعر وليد بن جمعه بن عبدالله العلوي، و(عروس الذاكرة) للشاعر مشعل بن خصيب بن جمعه السعدي، و(تشهد) للشاعر علي بن محمد بن ابراهيم المجيني، و(ذاكرة إغريقية) للشاعر أحمد بن سعيد بن عبدالرحمن المغربي، و(رمح الظنون) للشاعر أحمد بن عامر بن سالم العيسائي، و(شتاء قلب) للشاعر حارث بن جمعة بن فاضل البريكي، و(حلم) للشاعر معاذ بن أحمد بن عبدالله السليمي، و(حمامة المخذول) للشاعر ناظم بن مبارك بن بطي البريدعي، و(هاجر) للشاعر هيثم بن جمعه بن  عبدالله البلوشي، و(وَسْم) للشاعر سيف بن علي بن سيف الفارسي.

فيما تأهل في مجال القصة القصيرة 15 نصا وهي: (إِلى أيْن تَهرُب الغزَالة؟) لحمد بن عبدالله بن حمد المخيني، و(انتحار) لنوره بنت جمعة بن سعيد الجابرية، و(يَوْمٌ غَيْرُ مَحْسُوْبٍ) لأنهار بنت نصيب بن فرج العمرية، و(الذكرى الأولى) لشذى بنت خلفان بن سعيد العبرية، و(السلاح النبيل) لزينب بنت نبيل بن سالم العمرية، و(مشياً إلى المجهول) لقطر الندى بنت حميد بن سالم المجرفية، و(رفاهية حبة الطماطم الكاملة) لروان بنت ناصر  بن خليفه الكلبانية، و(بريد إلكتروني لأحدهم يعرف ما حدث) لعائشة بنت مبارك بن محمد الشقصية، و(نجمة) لياسر بن محمد أسلم بن إبراهيم البلوشي، و(فزاعة) لنوف بنت خلفان بن عبدالله الحديدية، و(مزهرية) لسارة بنت علي  بن جمعة المسعودية، و(الغازي) لإدريس بن خميس بن مرهون الصبحي، و(حكّة في الروح) لحسان بن سعيد بن محمد الحوسني، و(جولة في إحدى الليالي الريفية) لعبدالرحمن بن سيد علي بن محمد، و(حبقٌ قديم) لمروى بنت محمد بن ناصر الخروصية.

يشار إلى أن الملتقى الأدبي والفني يعتبر من الفعاليات التي تحظى باهتمام كبير في الوسط الثقافي، نظراً لما يحققه من جدوى في اكتشاف المهارات الإبداعية وتطوير المواهب الأدبية والفنية والتعريف بها. وقد ساهم الملتقى عبر نسخه الماضية في رفد الساحة الثقافية بالعديد من الأسماء المبدعة في مختلف مجالات الشعر الفصيح والشعبي والقصة القصيرة والفنون.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. انطلاق فعاليات المؤتمر الأدبي لفرع ثقافة المنيا
  • «المهندسين» توقع عقد رعاية النقابة الأدبية لـ«مصر الدولية لوسائل التنقل الكهربائية»
  • 44 متأهلا للمشاركة في "الملتقى الأدبي والفني" بصور
  • الشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم|معلومات عن رائد القصيدة العربية
  • الوزير صباغ: استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية منذ 1967 بما فيها الجولان السوري وارتكابه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا يزال شاهداً ماثلاً على إخفاق الأمم المتحدة في إنهاء هذا الاحتلال العنصري التوسعي ويمثل دليلاً دامغاً على منع الولايات
  • ندوة بمعرض الرياض الدولي للكتاب تناقش كيفية قراءة التراث الأدبي
  • السودان يودع محمد المكي إبراهيم
  • في دوري يلو.. الطائي يقتنص نقاط أحد.. والجبيل ينتصر للمرة الأولى
  • مجلة قطر الندى تحتفي بالأعمال الأدبية للأطفال في لقاء بالمنيا
  • أستاذ علوم سياسية: التحالف الوطني نموذج رائد لدعم الفئات الأكثر احتياجا