نحن على موعد مع كسوف كلي نادر.. أين ومتى وكيف؟
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
غدا الاثنين الموافق للثامن من أبريل/نيسان الجاري، يترقب الملايين في أنحاء قارة أميركا الشمالية واحدة من أندر حالات الكسوف الكلي للشمس.
فمن ولاية "مازاتلان" الساحلية للمحيط الهادي في المكسيك، إلى الساحل الشرقي لـ"نيوفاوندلاند" الكندية، سيَحجب القمر الشمس تماماً ويلقي ظله على الأرض ليتحول النهار إلى ليل في غضون دقائق.
من المعروف أنّ الشمس أكبر بنحو 400 مرة من القمر، ولكنها أيضاً أبعد بنحو 400 مرة، مما يعني أن القرصان يظهران بالحجم نفسه الحجم تقريباً بالنسبة لنا، وهو ما يسمح بحصول الكسوف عند اصطفاف القمر بين الأرض والشمس.
وبالنظر إلى حقيقة إكمال القمر دورانه حول الأرض كل شهر تقريباً، قد يتبادر إلى الذهن إمكانية حصول كسوف كل شهر، ولكن هذا ليس هو الحال لأن مدار القمر حول الأرض يميل بنحو خمس درجات بالنسبة إلى خط الاستواء، مما يجعل القمر يبدو وكأنه يمر فوق الشمس أو تحتها كل شهر، وعليه فإن حالات الكسوف الكلية تُعتبر نادرة الحصول لأنّها تتطلب زاوية ميلان دقيقة للقمر تكفي لحصول تغطية كاملة للشمس.
يحدث كسوف كلي للشمس في مكان ما على الأرض كل 18 شهراً، ومع ذلك فإن كسوف 8 أبريل/نيسان هذا له أهمية خاصة بسبب الكمية الهائلة من الأراضي المأهولة بالسكان التي سيمر بها الكسوف، وهو ما يسمح لما يزيد على 40 مليون شخص بمشاهدته، هذا بالإضافة إلى أنه سيستمر لمدّة 4 دقائق و28 ثانية، وهي مدة طويلة نوعاً ما مقارنة بأغلب الكسوفات الشمسية الكلية.
وتعتمد مدة الكسوف على مدارات كل من الأرض والقمر، وهذه المدارات ليست دائرية تماما. وعندما تكون الأرض أبعد عن الشمس فإنّ الشمس تبدو وكأنها تحتل حيزاً أصغر في السماء، وبالتالي يمكن للقمر حينها حجب أشعتها تماماً لفترة أطول. وعلى العكس من ذلك عندما يكون القمر في أقرب مكان له بالنسبة للأرض، يبدو أكبر ويمكنه تكوين عائق أكبر أمام أشعة الشمس.
من زاوية أخرى فإنّ وجود الشخص المراقب قرب خط الاستواء قد يساعد في تعظيم السرعة التي تُدير بها الأرض هذا الشخص، مما يبطئ السرعة النسبية لظل القمر ويجعل مدة الكسوف أطول نسبة لهذا المراقب، كما ويكون الكسوف أطول أيضاً عندما يكون كل من الشمس والقمر فوق خط الأفق مباشرة، وليس قرب الأفق، والأفق هو الخط الوهمي الذي يفصل سطح الأرض عن السماء.
وتساعد العوامل المذكورة هذه في تفسير السبب في أنّ الكسوف المرتقب سيكون أطول من معظم الكسوفات الشمسية الأخرى، على الرغم من أنه بعيد عن تسجيل رقم قياسي، إذ ستكون مسافة الأرض من الشمس أبعد قليلا فقط من المتوسط، ولكن القمر سيكون على بعد يوم واحد فقط من مرحلة الحضيض والتي تمثل أقرب نقطة له إلى الأرض، كما أنّ مسار الكسوف يبدأ من مكان قريب جداً من خط الاستواء رغم انتهائه في أقصى الشمال.
وفي هذا الصدد يُذكر أنّ أطول كسوف شمسي كلي مسجل هو 7 دقائق و28 ثانية حدث في 15 يونيو/حزيران 743 قبل الميلاد، ووقع في المحيط الهندي قبالة ساحل كينيا والصومال في أفريقيا وفقاً لحسابات ناسا.
وفي التاريخ الحديث شهد غرب الفلبين عام 1955 أطول كسوف امتد لـ7 دقائق و8 ثوان، وذلك على الرغم من أنّ الأجواء كانت غائمة حينها على امتداد معظم مساره.
ومن المتوقع بعد أكثر من 150 عاماً من الآن أن يؤدي الكسوف الكلي الذي سيعبر المحيط الأطلسي قبالة ساحل غيانا الفرنسية في 16 يوليو/تموز عام 2186 إلى تسجيل رقم قياسي جديد بمدة 7 دقائق و29 ثانية.
وعلى صعيد آخر، فإنّ مذنب "12بي/بونز بروكس" المعروف أيضاً باسم "مذنب الشيطان"؛ سيكون على بعد نحو 25 درجة من الشمس أثناء حدوث الكسوف، وبحجم قد يصل إلى "+4.7" أضعاف، كما سيكون قريباً نسبياً من كوكب المشتري الذي هو نفسه سيكون مرئياً بالعين المجردة حينها، وفي المحصلة قد تكون رؤية هذا المذنب ممكنة أثناء الكسوف الكلي باستخدام المناظير.
وجدير بالذكر أنّ هذا التصادف يشكل حالة فريدة نظراً لأن دورة المذنب هذا تبلغ 71 سنة ولن يمر في سمائنا مرة أخرى قبل عام 2095.
ستُطلق ناسا ثلاثة صواريخ خلال الكسوف الكلي للشمس لدراسة كيفية تأثر الغلاف الجوي العلوي للأرض عندما يُحجَب ضوء الشمس لفترة قصيرة من الزمن على جزء من الكوكب، وتعتزم ناسا إطلاق أولها قبل 45 دقيقة من حدوث الكسوف، وثانيها أثناء حدوثه، وثالثها بعد 45 دقيقة من ذروة الكسوف.
وتعدّ هذه الفترات مهمة لجمع البيانات عن كيفية تأثير اختفاء الشمس المفاجئ على الغلاف الأيوني، والذي يشكل منطقة من الغلاف الجوي للأرض تتراوح بين 55 و310 أميال (90 إلى 500 كيلومتر) فوق سطح الأرض. وتكمن أهمية هذه المنطقة في أنها منطقة مكهربة تَعكس الإشارات الراديوية وتكسرها، وبالتالي تؤثر في الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وعليه فإنّ فهمنا للغلاف الأيوني وتطوير النماذج لمساعدتنا على التنبؤ بالاضطرابات أمر بالغ الأهمية نظراً لاعتمادنا الكبير والمتزايد على الاتصالات في عالمنا الحالي.
مع بدء ظل الكسوف عبر الغلاف الجوي، فإنه يُحدث ما يمكن تشبيهه بغروب شمس سريع يُسبب حدوث موجات جوية واسعة النطاق واضطرابات صغيرة النطاق تُلقي بأثرها على ترددات الاتصالات الراديوية المختلفة، وسيساعد جمع البيانات عن هذه الاضطرابات على التحقق من صحة النماذج الحالية لدى العلماء، والتي تساعدنا على التنبؤ بالاضطرابات المحتملة لاتصالاتنا وتحسينها، وخاصة الاتصالات عالية التردد.
جدير بالذكر أنّ ناسا ستعرض بثاً مباشراً لمراقبة الكسوف الكلي على يوتيوب، يمكنكم مشاهدته بالضغط على الرابط هنا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الکسوف الکلی
إقرأ أيضاً:
تهديدات فضائية تتربص بالأرض!
الولايات المتحدة – في ظل اتساع الكون وعدم استقراره، تواجه الأرض تهديدات فضائية عدة قد تحولها إلى مكان غير صالح للعيش.
ورغم أن احتمالات هذه الكوارث تبدو بعيدة، إلا أنها تذكرنا بمدى هشاشتنا في مواجهة قوى الكون العاتية.
وفي هذا التقرير، نستعرض بعض التهديدات الكونية التي قد تواجهها البشرية، بدءا من الكويكبات التي قد تظهر فجأة، وصولا إلى الكواكب التي تجوب الفضاء بلا هدف، وانفجارات الطاقة الهائلة التي يمكنها محو الحياة في لحظات. كما نلقي نظرة على التهديد الأكبر: الشمس، التي قد تحدد مصير كوكبنا في المستقبل البعيد.
الكويكبات الخفية
رغم أننا بأمان من الكويكب 2024 YR4، إلا أن هذا لا يعني أن الكويكبات لن تشكل تهديدا للبشرية في المستقبل.
وتتعقب ناسا مئات الكويكبات التي قد تقترب من الأرض، والتي يمكن أن تصطدم بها إذا دفعتها نحونا قوة أخرى. وبعض هذه الكويكبات يبلغ عرضها مئات الأمتار، وهو ما يكفي للتسبب في فوضى عالمية.
وتحتفظ ناسا بقائمة من الكويكبات التي قد تصطدم بالأرض يوما ما، حتى لو كانت الفرص ضئيلة.
وبفضل الحسابات الدقيقة، يمكن لناسا تتبع مدارات الكويكبات لعقود قادمة. لكن المشكلة الكبرى هي أن ناسا يمكنها فقط تتبع الكويكبات التي تراها.
ولأن الفضاء شاسع، فقد تكون هناك كويكبات بعيدة في طريقها إلينا لكنها ببساطة بعيدة جدا عن الرصد.
وبالإضافة إلى ذلك، يصعب اكتشاف بعض الكويكبات بسبب وهج الشمس. ولا يمكن تحديد هذه الصخور غير المرئية وتتبعها بسهولة.
وإذا ضرب كويكب ضخم الأرض، فقد يحول الكوكب إلى جحيم غير صالح للعيش. لكن ناسا تقول: “الخبر السار هو أننا نعرف أين توجد معظم الكويكبات الكبيرة حقا التي تقترب من الأرض، وقد وجدنا أكثر من 90% من هذه الكويكبات الكبيرة”.
الكواكب المارقة
ليس الكويكبات فقط ما يمكن أن يصطدم بالأرض. هناك أيضا احتمال أن يصطدم كوكب مارق (أو كوكب شارد) بكوكبنا، ما قد يقضي على الحياة بقوة هائلة.
والكواكب المارقة هي كواكب غير مرتبطة بجاذبية نجم، وتتجول بحرية في الفضاء. وتشير التقديرات إلى أن مجرتنا، درب التبانة، تحتوي على تريليونات من هذه الكواكب.
ورغم أن علماء الفلك يعملون بجد لتتبع هذه الكواكب، إلا أن العثور عليها جميعا يعد مهمة صعبة.
ويشار إلى أن الكويكب الذي قضى على الديناصورات كان عرضه نحو تسعة أميال، لكن الكواكب المارقة يمكن أن تكون أكبر بألف مرة، ما يجعلها قادرة على إنهاء الحياة على الأرض في لحظة.
انفجارات أشعة غاما
هذا التهديد هو الأكثر رعبا. انفجارات أشعة غاما هي انفجارات قصيرة ولكنها قوية بشكل لا يصدق، تفوق طاقة الشمس بملايين المرات. وإذا حدث انفجار قريب من الأرض، فقد يدمر طبقات الغلاف الجوي الواقية، ما يسمح للأشعة فوق البنفسجية الخطيرة بالوصول إلى السطح. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يقضي على الحياة تماما.
الشمس: التهديد الأكبر
من المعروف أن الأرض لن تكون صالحة للحياة بعد نحو مليار سنة بسبب تبخر المحيطات وانخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون. وبعد سبعة إلى ثمانية مليارات سنة، من المتوقع أن تتمدد الشمس لدرجة أنها ستلتهم الأرض تماما.
وفي الوقت الحالي، نأمل ألا تحدث تغيرات مفاجئة في طاقة الشمس قد تؤثر على قدرتنا على العيش.
المصدر: ذا صن