انقضت ستة أشهر كاملة عن الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، ومع وصولها إلى الذروة من حيث الوحشية والدموية لا زال موقف النظامين العربي والإسلامي بين عاجز ومتخاذل وخائن.
يتغير الغرب ولا يتغير العرب والمسلمون بفعل هامش الديمقراطية التي أتاحت الفرصة إلى خروج الملايين إلى الشوارع في كافة أنحاء المعمورة تنديدًا بجرائم الاحتلال المتنوعة ولا زال هؤلاء المتظاهرون يعملون دون كلل أو ملل للضغط على حكوماتهم لتغيير موقفها من حرب الإبادة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في الولايات المتحدة وبريطانيا معقلا دعم الكيان بدأت الطغم الحاكمة تتململ وتجامل الناخب الأمريكي والبريطاني بتصريحات تدعو إلى وقف إطلاق النار ووقف تصدير الأسلحة وإعلان إسرائيل أنها تنتهك قواعد القانون الدولي الإنساني.
لقد سمعنا عن محادثات متوترة بين رئيس الولايات المتحدة ورئيس الوزراء البريطاني من جهة ورئيس حكومة الكيان من جهة أخرى دفعت الأخير إلى اتخاذ قرارات بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية عبر المعابر البرية والبحرية.
إلا أن الضغوط لم تأخذ منحى عمليا في رفع الغطاء السياسي والعسكري عن حرب الإبادة التي تشنها حكومة الكيان فلا زالت الأسلحة بكل أنواعها تتدفق وتفتك بالمدنيين أطفالا ونساء وشيوخًا.
مقتل أعضاء من منظمة المطبخ العالمي كانت بمثابة اللطمة التي وجهها نتنياهو على وجوه داعميه في الغرب، فعلت نبرة الانتقاد وزادت التهديدات فتبين أن أكثر من 120 ألف سقطوا بين قتيل وجريح في كفة، والسبعة من أعضاء المطبخ العالمي في كفه أخرى.
لم يُحدث وصول الضحايا من الفلسطينيين نساءً وأطفال العشرة آلاف أو العشرين أو الثلاثين وحجم الدمار الواسع والتهجير أي انعطافة في موقف الغرب، إنما مقتل السبعة من المطبع العالمي هو الذي أحدث انعطافة فارقة فتعالت التهديدات لحكومة نتنياهو بضرورة تغيير المسار الذي يسلكه.لم يُحدث وصول الضحايا من الفلسطينيين نساءً وأطفال العشرة آلاف أو العشرين أو الثلاثين وحجم الدمار الواسع والتهجير أي انعطافة في موقف الغرب، إنما مقتل السبعة من المطبع العالمي هو الذي أحدث انعطافة فارقة فتعالت التهديدات لحكومة نتنياهو بضرورة تغيير المسار الذي يسلكه.
في الجانب الآخر من العالم ونقصد النظامين العربي والإسلامي فمنهم صم بكم لا يرون لا يسمعون، ومنهم من يصدر البيانات ويجري محادثات واتصالات رفعًا للعتب، والمجموعة الأخطر هم الذين ينددون بجرائم الاحتلال ويحركون قوافل الإغاثة إلى قطاع غزة ويبنون المشافي الميدانية ويدعمون المطبخ العالمي! وفي نفس الوقت لا زالوا يصرون على التطبيع وعلاقتهم الدبلوماسية مع الكيان، بل يشقون طريقًا بريا يمر من الإمارات عبر السعودية والأردن لنقل البضائع إلى الكيان بعد هجمات الحوثي في البحر الأحمر.
لن تخدعنا تصريحاتهم او إغاثتهم، لو أنهم منذ اليوم الأول للإبادة مزقوا اتفاقية إبراهام وقطعوا كل العلاقات الدبلوماسية والتجارية والعسكرية وأغلقوا السفارات لأحدث هذا فارقًا في الضغط على المجرم نتنياهو.
محمد بن زايد وحلفاؤه من العرب الأشقياء اختطفوا القرار العربي والإسلامي ومنعوا في القمة الإسلامية والعربية التي عقدت في الرياض بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 من اتخاذ قرارات حاسمة من قبيل حتى ليس قطع العلاقات إنما تجميدها حتى يؤوب نتنياهو إلى رشده!
التاريخ لا يرحم، إنها الفرصة الأخيرة أمام أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية لتعلي صوتها وتظهر سطوتها في مواجهة طاغية العرب وتتخذ من الإجراءات لمحاصرة حلف التطبيع الذي انكشف أمام البعيد قبل القريب وتنضم بشكل عاجل إلى دعوى جنوب أفريقيا أو تتقدم بدعاوى منفصلة ضد كل دوله تدعم الكيان كما فعلت نيكاراغوا.محمد بن زايد أيها العرب والمسلمون يقود في هذا المنعطف الذي يتغير فيه الموقف الغربي تحالفًا يدعم نتنياهو لإكمال مهمته في سحق المقاومة التي تعتبر وفق رأيه المعقل الأخير الحي لقوى الربيع العربي لذا لا بد من سحقه كما فعل ويفعل في مصر وتونس، وليبيا، واليمن، والسودان.
في دول هذا الحلف منع التظاهر وأي مظاهر للتضامن مع المظلومين في قطاع غزة وحتى الدعاء لهم مجرم، لم يكتفوا بذلك، بل جيّشوا الصحفيين وكتابهم والذباب الإلكتروني لشيطنة الفلسطينيين والدفاع عن الرواية الصهيونية، بل نشر الشائعات وحبك القصص وترويجها لضرب الروح المعنوية للشعب الفلسطيني.
في مواجهة هذا الموقف المخزي الخائن جاء الموقف المتقدم من بعيد من بوليفيا، هندوراس، كولومبيا، وتشيلي في قطع أو تجميد العلاقات الدبلوماسية، والموقف الأكثر تقدما تجاه جرائم الكيان جاء من جنوب إفريقيا التي رفعت دعوى أمام محكمة العدل الدولية متهمة الكيان بجريمة الإبادة الجماعية وحتى اللحظة لم تعلن أي دولة عربية أو إسلامية الانضمام إلى الدعوى، لكن من بعيد أيضًا انضمت بالأمس كولومبيا إلى الدعوى واعلنت أيرلندا سابقًا نيتها الانضمام للدعوى وتقدمت نيكاراجوا بدعوى منفصلة ضد ألمانيا لدعمها الإبادة.
التاريخ لا يرحم، إنها الفرصة الأخيرة أمام أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية لتعلي صوتها وتظهر سطوتها في مواجهة طاغية العرب وتتخذ من الإجراءات لمحاصرة حلف التطبيع الذي انكشف أمام البعيد قبل القريب وتنضم بشكل عاجل إلى دعوى جنوب أفريقيا أو تتقدم بدعاوى منفصلة ضد كل دوله تدعم الكيان كما فعلت نيكاراغوا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حرب الفلسطينيين رأيه فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
قلعة شمع.. حيث تسقط أساطير إسرائيل أمام صمود التاريخ
ها هي آلة القتل الإسرائيلية تؤكّد مجددًا عنجهيتها وبطشها.. تؤكّد أن سلاحها لا يقوم إلا على الدم والقتل ومحو عائلات وآثار وتاريخ وذكريات.. هكذا اعتد اللبنانيون على هذا التصرف الإسرائيليّ..وبعد صولات وجولات، ها هو اليوم قد بدأ في استهداف معالم بلاد الارز التاريخية، فبعد تهديد قلعة بعلبك، وتدمير مبنى المنشيه التاريخي، طال بارود تفجيراته قلعة شمع.. فعلى سفحٍ جنوبي يحتضنه الأفق بين صور وعكا، تقف تلك القلعة هناك شامخة في وجه الزمن، شاهدة على حقبات متداخلة من الحروب والاحتلالات. فهناك، امتزجت أساطير الصليبيين بمآثر المماليك، وارتفعت أبراج القلعة لتحمي الأرض والمقام المقدس، رُسمت حكايات لا تزال صداها يتردد حتى يومنا هذا.
اليوم، عادت القلعة إلى الواجهة، ليس بفضل تاريخها الذي يمتد قرونًا، بل نتيجة استهداف جديد لطالما هدد بطمس معالمها. إسرائيل، التي حولت هذا الموقع إلى قاعدة عسكرية لعقود، لم تتوقف عن محاولة محو ذاكرة المكان، سواء بالقنابل أو بالادعاءات. الغارات الجوية التي دمرت أجزاء كبيرة منها في حرب عام 2006 ما زالت شاهدة على عنفٍ يرفض التاريخ تبريره، وها هي اليوم تُستباح مجددًا تحت ذريعة البحث عن دليلٍ تاريخي يزعم ارتباط المكان بتراثٍ إسرائيلي.
داخل أسوار القلعة، يرقد مقام النبي شمعون الصفا، رمزٌ ديني وروحي يتوسط المكان. هذا المقام، الذي لطالما كان مقصدًا للزوار والحجاج، لم يسلم من الاعتداءات. ففي أحدث الفصول، تسلل عالم آثار إسرائيلي برفقة جنود مدججين بالسلاح إلى الموقع، محاولًا إثبات رواية خرافية عن أصول إسرائيلية مزعومة لهذا المقام. لكن الحقيقة كانت أسرع في كشف النوايا، حين انتهت زيارته بمقتله في مواجهة مسلحة، ليُضاف هذا الحدث إلى قائمة طويلة من محاولات الطمس التي فشلت في تشويه هوية القلعة.
هوية القلعة المعروفة أبًا عن جدّ يشهدُ لها تاريخ الآباء والاجداد، وأبراجها العالية كانت خير شاهد على التواصل الفكري والثقافي بين أهالي لبنان وفلسطين.. أبراج وحجارة قبل أن تتبعثر بفعل آلة القتل استوطن التاريخ فيها مسبقًا.. تاريخ يعبق برائحة أجدادنا الذين صلبوا على هذه الأرض وقدّموا ثمنها دمًا..
هذه القلعة التي يعود عمرها لأكثر من 800 عام وبناها الصليبيون كانت قد تعرضت خلال عدوان 2006 للاستهداف وكانت الحكومة الإيطالية جاهزة لإعادة إعمار التاريخ، وقبلها عام 1978 استوطنت فيها مجموعات عسكرية إسرائيلية على مدى 22 عامًا إلا أن محاولة طمس الهوية لم تنجح.. وحجارة القلعة التي بقت صامدة لا تزال تصدح: هذه الأرض لن يدنّسها الغزاة ومهما حاولوا أن يطمسوا اصواتنا، فلا صوت يعلو فوق صوت التاريخ. المصدر: خاص لبنان24