ذلك لمن خشي ربه.. الاختلاف من سنن الكون والتعارف غاية
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين (119" ـ هود
من يريد بناء مجتمع لا يبنيه على التمايز وإنما عناصر الارتباط، تنوع المعتقدات هي من ضمن التكوين للبناء ويلتزمها الجميع كميزة من سمات المجتمع وليس كمكون أو خصوصية لا تهم الآخرين، فالتعامل معها بإيجابية واجب في ذات الوقت لا ينبغي التجاوز على هذه المواطن الصغيرة التي لا يحب الفرد أو الجماعة التجاوز عليها بفرض الرأي أو الاعتقاد بأني الأفضل والأكثر صوابا.
في مجتمع فككته غرائز كالتدين وحب السيادة والتملك والحليم فيه حيران سنبحث عن حل له في الآيتين الكريمتين:
ـ كنت "أقلية" وتخاف أن تنقص الأقلية بالذهاب من رصيدك الرعوي إلى الآخر الأكبر.
ـ كنت "الأكبر" وترى التمكين أن يكون الكل مثلك.
ـ لديك القوة والسلطة بغض النظر عن كونك أقلية أو أكثرية.
سلوك الأقلية:
غالبا ما تحاول "الأقليات" جمع نفسها وتتقوقع بأساليب متاحة ترتكز أغلبها على العقل الجمعي وإثارة المشاعر، وهنا يأتي العقل بدور اختيار الطريق الصائبة للتفاهم، فأما أن يطرح الانسجام والالتئام والتقبل باعتبار الأكبر آخر لكنه يعيش معك وهذا ما يطرحه الرعاة على الرعية بالعقلية الرعوية التي مازالت فاعلة مع الروابط الفرعية الهابطة، أو مجابهة المشاعر السلبية بصناعة الخوف والكراهية والتسفيه والتشكيك والوقوع في فخ الصدام العقدي "والآخر"، وفي ذات الوقت زيادة الارتباط "والمحبة" وهي كناية عن العصبية، لان الحب للمجموعة لا يمكن أن يجتمع مع كراهية الآخر فهما مثل الزيت والماء لا يمتزجان، لهذا نرى "ما يسمى الأقليات" في الغالب تعاني من ازدواج الإحساس بالمواطنة لكنها تبحث عن الاستقرار بعد تجربة عنيفة عندها تدرك أن المواطنة والوطن ضرورة وليس الوهم بالبحث عن الاستقرار في مجتمع يحمل ثقافة مختلفة ليعاني من غربة من نوع آخر فمجتمعه الذي يحمل ثقافته متماهية بامتزاج عبر سنين طويلة.
الخلاف إذن من سنن الكون، ولو أراد الله لكانت الناس متشابهة لكن الغاية من وجودنا في الأرض ستنتفي، وهي اختبار منظومتنا العقلية بإحداث التباين ومن ينجح في إدارته، قال للمسلمين، عليك أن تفهم المخالف لك لأن الأكثرية لن تكون مسلمينومما أنصح إعادة النظر فيه هو الحديث عن تميز أو خصوصية بشكل يعزل أو يعادي المجتمع الكبير فيكون كجزء غير منسجم وهذا ليس تميز بل تقوقع، بيد أن فقدان العقلية القيادية وغلبة الرعوية عند رجال الدين أعمت عن رؤية هذا، "فكلمة أقلية" لا ينبغي إطلاقها على مواطن بل على جالية، لان المواطن جزء من التكوين الكلي وفق نظام وعرف مفهوم عبر التاريخ الطويل، وهذا ما ينبغي الحفاظ عليه لان خلق حال التمايز ستمزق النسيج وتظهر الوان لكن لا ثبات لها ولا كينونة تعيش وتموت كجسم لا منتمي غريب وهذا غيض من فيض عندما تلعب لا الأوهام والعصبيات بلا إدارة لوضع المجتمع.
سلوك الأكبر:
الأكبر أيضا تمتلكه حالة الجنوح عندما يريد الكل أن يكون نسخة منه والا فهو عدو، ويعزل نفسه في وقت ينبغي أن يتحد مع الكل، وهنا يستفز من يظنه الأقلية فيكون الظلم.
مالك القوة: هم أليغارشية الحكم المتغلب، وهذه حقيقة مازالت فاعلة في واقعنا، عندما تنعزل طبقة حاكمة وأجنحتها وذيولها فيصبح همها الوجود، فكان التنظير للترقيع عبر التاريخ للتغلب فأصبح من مسلمات الانطباعات عندنا، ومشكلة هذا أنك طائع ولكن غير راضي فلا أنت منتمي ولا أنت معادي، ثم نصل إلى يومنا من اوليغارشيات متنوعة تريد البقاء بتفرقة المجتمع وتشظيه، فتكون إمارة على كومة حجارة، ليس مدنيا وعمرانا متدني وخراب بل نفوس خربة وأجساد تعيش كالزونبي؛ الحياة بالنسبة لها نوع العبئ الثقيل.
نستنتج
الخلاف إذن من سنن الكون، ولو أراد الله لكانت الناس متشابهة لكن الغاية من وجودنا في الأرض ستنتفي، وهي اختبار منظومتنا العقلية بإحداث التباين ومن ينجح في إدارته، قال للمسلمين، عليك أن تفهم المخالف لك لأن الأكثرية لن تكون مسلمين (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين 103 يوسف)، أما أنك تريدهم كمعتقدك باعتبارك أنك الأصوب، فعليك أن تقبل تفكير الآخر (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون 106 يوسف) ولننظر قوله تعالى في الرعد (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 1).آية (مت 5: 44): وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم) انظر انسجام الرسالات في تحييد المشاعر السلبية وعقل الأمور.
فإن تفهم بعض الناس لبعضهم وكانوا ممن رحم ربي وآمنوا أن التعايش بالمحبة للآدمية وإن (ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل الأنعام 107)، هذه الآية لك يا من تريد أن يؤمن الناس بما تؤمن به مهما كان معتقدك حرصا منك عليهم، فانت لست من يحفظهم ولا أنت وكيل عليهم؛ (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر-الغاشية 21-22) وهذا الخطاب لك يا من تمتلك القوة، فليس التمكين فرض رايك على الناس بالقوة، بل هذا هو فشل المنظومة العقلية ويعني انك آدمي من حصب جهنم، وضمن حالة مجتمعنا فإن كان حوار فهو بين الخاصة (قل هاتوا برهانكم..111 النمل..) (ادع إلى سبيل ربك....125 النحل)، فان كان هنالك جهالة (.. وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) الأعراف).
"لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا". (لو 9: 50 ؛ الهدف واحد وهو طرد الشر، فان لم تفهم الرسالة تطرفت وتعصبت وارتكبت الشر واحتضنته.
هذه خطوط عريضة للجميع أفراد، علماء، قسس، حاخامات، نعم خلقكم هكذا ليمتحنكم كما امتحن أبانا آدم واتبعته حواء حبا بدل منعه، فاحرصوا ألا تفشل منظومتكم العقلية فتكونوا وراء من شط لأنكم الأن تعرفون كما عرف إبليس وأدرك ففسق وليس كأدم عرف ولم يدرك فنزل إلى الاختبار الذي نحن فيه فمن ينجح إلى الجنة وتمتلئ ومن فشل إلى جهنم وستمتلئ فقد قفلنا منظومتنا العقلية ونحن بذلك من الفاشلين والعذاب الأكبر لمن يضل غيره ظنا انه صلاح له فانتبهوا يامن تؤثرون في الناس وسلوكهم تجاه بعضهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الرأي الدين مسلمون رأي دين خلافات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
دورة تدريبية للتّوعية والحدِّ من تعاطي «المخدّرات والمؤثرات العقلية»
أعلنت وزارة التربية بحكومة الوحدة الوطنية عن “انطلاق الدّورة التّدريبية لإعداد محاضرين للتّوعية والوقاية للحدِّ من تعاطي المخدّرات والمؤثرات العقلية، التي تُنظمها إدارة الخدمة الاِجتماعية والصّحة المدرسية والدّعم النّفسي بالوزارة، بالتّعاون مع إدارة التّوعية بجهاز مكافحة المخدّرات والمؤثرات العقلية والمركز العام للتّدريب وتطوير التّعليم”.
وتُركّز الدّورة التي تستهدف في المرحلة الأولى مكاتب الخدمة الاِجتماعية والصّحة المدرسية والدّعم النّفسي بمراقبات التّربية والتٌعليم ببلديات طرابلس الصغرى، “مفهوم المخدّرات والمؤثرات العقلية، اِستراتيجيات الوقاية من المخدّرات وآثارها الاِجتماعية، وتأثيرها على الدّماغ والجسم”.
وشهد حفل اِنطلاق الدّورة التي تُقام بالمركز العام للتّدريب وتطوير التّعليم “حُضور وكيل الوزارة لشؤون المراقبات، ورئيس المجلس الوطني للتّطوير الاِقتصادي والاِجتماعي، ومُدير إدارة شؤون التّوعية والوقاية بجهاز مكافحة المخدّرات، ومُدير إدارة العلاقات بمديرية أمن طرابلس، ومُدير المركز العام للتّدريب وتطوير التعليم، ومديري إدارات الخدمة الاِجتماعية والصّحة المدرسية والدّعم النّفسي والتّخطيط والاِستراتيجيات، ورياض الأطفال، ومُدير مكتب الإعلام والِاتّصال المُكلّف بالوزارة، وعدد من ضبّاط جهاز مُكافحة المخدّرات والمؤثرات العقلية”.
وفي كلمة له خلال اِفتتاح الدّورة أكّد وكيل الوزارة لشؤون المراقبات الدّكتور “مُحسن الكبيّر”، “على أهمّية التّشابك بين الوزارة ومؤسّسات الدّولة؛ لتحقيق الأهداف التّربوية والرّفع من كفاءة الموظفين”.
وأكد على “أهمّية الجانب التّوعوي في مُكافحة المخدّرات والمؤثرات العقلية، والتّعريف بأخطارها لدى التلاميذ والطلاب في المؤسّسات التّعليمية”.
من جانبها، أوضحتْ مُدير إدارة الخدمة الاِجتماعية والصٌحة المدرسية والدّعم النّفسي بالوزارة “نادية البكوش”، “بأنّ الدّورة تهدف لإعداد محاضرين في مختلف أنحاء البلاد، للتّوعية بمخاطر هذه الآفة التي تُهدّد مستقبل أبنائنا وبلادنا”.