سواليف:
2024-11-26@15:50:24 GMT

#تأملات_ رمضانية

تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT

#تأملات_ رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 44 من سورة الفرقان: “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا”.
في هذه الآية توصيف لحقيقة الكافرين، سواء كانوا من فئة الملحدين المكذبين بوجود خالق، أو المشركين المكذبين بالرسالة الخاتمة، أو من المنافقين من بين المسلمين الذين يحادون الدين ويحاربون دعاته.


وجاء توصيفهم بالأنعام لأنهم يشبهون الأنعام تفكيرا، فهي لا همّ لها الا تلبية احتياجاتها الغريزية، ولا تشغل نفسها بالتفكير في ماهية وجودها ولا مآلها ولا مستقبلها، أو الارتقاء بفهمها في غير ما يحقق مصالحها وشهواتها.
فلو راقبت قطيعا من الخراف في حظيرة، ستجد أنها رغم أنها تعلم أنها محبوسة، مما يعني بكل بساطة أنها لا تعلم مصيرها، إلا أنها تتقاتل بينها للاستئثار بالطعام دون الآخرين، وتستمر في الأكل والتزاوج حتى اللحظة الأخيرة من حياتها، ربما لأنها لا تعلم أن نهايتها الحتمية هي الذبح.
الإنسان رغم أنه يملك العقل الذي يمكنه أن يكشف له بواطن الأمور وخفاياها، وبإمكانه جمع الملاحظات ومقارنتها لاستنتاج الوقائع القادمة قبل حدوثها، إلا أن المكذب بوجود خالق مسيطر، يعتقد أن الانسان خلق عبثا، وليس من قبل خالق أوجده لأداء مهمة أرادها، لذلك فليس عليه إلا الاستمتاع بحياته ما استطاع الى ذلك سبيلا، هو مثل ذلك الخروف الذي يظن أنه وجد في هذه الحظيرة بالصدفة، ولا مهمة له إلا تناول الطعام والتقافز واللعب، من غير أن يفكر في مصيره المحتوم.
لكنه فوق ذلك تبقى الأنعام متقدمة عليهم، في أن نمط عيشها محكوم بالفطرة التي فطرت عليها، لا تخالفها ولا تتعدى أطماعها ضوابطها، فالمفترس لا يفترس إلا لسد جوعه، ومتى ما شبع ترك لغيره أن يأكل منها، بينما لا يكتفي المكذبون بالدين بسد احتياجاتهم، فيجمعون احتياطيا أضعافها بلا حدود، رغم أنهم يعلمون أنهم لن يستهلكوا ربعها ولو عاشوا ألف عام، ولا يقبلون أن يتصدقوا منهاعلى الأفقر منهم إلا مقابل نفع لهم.
لذلك فهم أضل سبيلا من الأنعام.
المأساة في هؤلاء الذين انحدروا من إنسانيتهم المكرّمة حتى باتوا أحط قدرا من الأنعام، انهم لا يملكون دليلا واحدا على صحة معتقدهم، بل كل ارتكازهم على التشكيك ليس الا.
فالكافرون الملحدون يشككون بوجود الله أصلا اعتمادا على كونه غير مدرك بالحواس البشرية، رغم أنهم يعلمون أن مستوجبات الألوهية عدم قدرة المخلوق على الإحاطة بالخالق.
أما الكافرون تكذيبا بانتساب الدين الى الله، فهم يشكون أنه من وضع البشر، رغم ان كل الأنبياء دعوا إليه، وليثبت الله لهم أنه من عنده، جاءهم بعجزات خارقة لقدرات البشر، إلا أنهم استمروا بالتكذيب، ثم أنهم عندما عجزوا عن دحضه لجأوا الى تحريفه وتزوير عباداته وتشريعاته، فابطلوا الزكاة، وقزموا الصلاة بمجرد تلاوة أدعية وبلا وضوء ولا ركوع وسجود، وعدّلوا في الصيام لجعله الامتناع عن أكل أطعمة محددة، كما أحلوا محرمات مثل لحم الخنزير وشرب الخمر، وحرموا حلالا مثل الزواج والطلاق.
وأما الكافرون المنافقون، فهم وجدوا أنفسهم في مجتمع عقيدته الاسلام، لم يقووا على مجابهة تياره الجارف، فأخفوا كفرهم وتظاهروا باتباع الدين، لكنهم لا يألون جهدا في الطعن فيه كلما وجدوا الى ذلك سبيلا، وأبلغ السبل هي التحالف مع الفئتين السابقتين على محاربته.
ولابتلاء المؤمنين، فقد أمد لهؤلاء الفئات الثلاث علميا وتقنيا وماليا “وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ” [الزخرف:33]، عقوبة لهم بإغرائهم بالاستمرار في غيهم لكي يرديهم دار البوار في الآخرة، ولامتحان المؤمنين بصبرههم ومجالدتهم لهم.
هكذا وعقوبة للكافرين التي استحقوها بعنادهم وتكذيبهم، فقد حرمهم الله من نعمة استخدام العقل في تحقيق أهم مكسب لهم في حياتهم وهي الاستفادة من الحياة الدنيوية المؤقتة لنيل ما يحقق الفوز بالسعادة المطلقة في الحياة الأخروية الأبدية.
صحيح أنهم سعدوا قليلا بمخترعاتهم وتقدمهم التي حققت لهم الرخاء، لكنها لا تزيد كثيرا على سعادة الخروف بما يأكله في مراعيهم وحظائرهم، لكنها ستزول سريعا على يد سكين الجزار.
بل هم أضل وفجيعتهم أعظم، فالخروف لن يحاسب بعد موته، بينما مصيرهم الخلود في العذاب.

مقالات ذات صلة من يقرر المصالح العليا للوطن 2024/04/07

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات رغم أنه

إقرأ أيضاً:

برلمانية: مربو التعليم الأولي يعملون بأجور هزيلة في نظام أشبه بالسخرة... ووزير التعليم: راهم كيقبطو SMIG

يعاني مربو ومربيات التعليم الأولي في المدارس العمومية بالمملكة، من أوضاع هشاشة فائقة وفق ما أكدته النائبة البرلمانية مليكة أخشخوش، لاسيما من حيث هزالة الأجور وظروف العمل تحت طائلة الطرد في أي لحظة.

ويعمل المربون والمربيات في المدارس العمومية، لكن بعقود شغل مع جمعيات التعليم الأولي، وهي التي تؤدي أجورهم التي تقل عن نصف أجر باقي المشتغلين من زملائهم رجال ونساء التعليم، كما لا يتمتعون بحقوقهم، ويخضعون لمزاجية الجمعيات، ويمكن طردهم في أي لحظة.

وأكدت النائبة أخشخوش في سؤال وجهته إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن هذه الفئة من « المعلمين » يعيشون وضعية غير سوية ويشتغلون في بيئة لا تختلف عن نظام « السخرة »، مع الاشتغال بأجرة هزيلة لا يتم صرفها إلا بعد مرور 4 أو 5 أشهر من طرف الجمعيات عوض صرفها شهريا.

ويعانون من اختلالات وعدم الاستقرار المهني، مما يجعلهم عرضة للطرد التعسفي وإنهاء العقود، وأضافت بأن معاناتهم مستمرة رغم أنهم يقومون بوظيفة أساسية في تأهيل الناشئة قبل ولوجها إلى مرحلة الابتدائي.

من جهته أشار وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، إلى أن عدد المشتغلين في قطاع التعليم الأولي يناهز 50 ألف مربي ومربية منهم 20 ألفا بالعالم القروي، مؤكدا أنهم « كايقبطو SMIG » أي الحد الأدنى للأجر، كما أنهم مسجلون بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وردا على تساؤل النائبة، قال الوزير، إن وزارته ستجيب كتابة عن هذا الموضوع.

كلمات دلالية التعليم الأولي مربي التعليم الأولي وزارة التربية الوطنية

مقالات مشابهة

  • برلمانية: مربو التعليم الأولي يعملون بأجور هزيلة في نظام أشبه بالسخرة... ووزير التعليم: راهم كيقبطو SMIG
  • 7 أبراج مشهورة بكرم الضيافة.. روح «حاتم الطائي» حاضرة فيهم
  • «بتعرف تطمنك».. 4 أبراج فلكية تتميز بمهارتها في احتواء الآخرين
  • تواجه تحديا.. حظك اليوم برج القوس الاثنين 25 نوفمبر
  • عضو لجنة العفو الرئاسي: رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرهاب خطوة تاريخية (فيديو)
  • تأجيل محاكمة 4 أشخاص متهمين بالقتل والإصابة بالقليوبية للنطق بالحكم
  • ميسي: سأعود إلى برشلونة يوما ما
  • منطقة الخيام.. لهذا السبب تريدها إسرائيل
  • ستة أسباب تُحتِّم على “الضمان” الاهتمام بمتقاعدي الشيخوخة
  • “ارطغرل” يتعرض لعمية احتيال