الأعلى منذ 6 عقود.. الغازات المسببة للاحتباس الحراري تصل إلى مستويات قياسية
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
وصلت الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي إلى مستويات قياسية خلال العام الماضي، حسب شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية.
وأعلنت الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، أن ثاني أكسيد الكربون، وهو أهم الغازات الدفيئة التي يسببها البشر، ارتفع في عام 2023 بثالث أعلى وتيرة خلال 65 عاما منذ بدء تسجيل البيانات.
ويشعر العلماء بالقلق أيضا من الارتفاع السريع في مستويات غاز الميثان في الغلاف الجوي، وهو غاز يحبس الحرارة لمدة قصيرة لكنه أكثر تأثيرا، وفق الشبكة، التي تشير إلى أن ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان ارتفع كل منهما بنسبة 5.5 بالمئة خلال العقد الماضي.
وحسب "إن بي سي نيوز"، لم تكن الزيادة البالغة 2.8 جزء في المليون بمستويات ثاني أكسيد الكربون من يناير كانون الثاني إلى ديسمبر كانون الاول 2023 مرتفعة مثل الزيادات التي حدثت في عامي 2014 و2015، غير أن ثاني أكسيد الكربون وصل إلى المستوى الأعلى خلال 2023 من أي عام آخر منذ عام 1959.
وبلغ متوسط مستوى ثاني أكسيد الكربون لعام 2023 نحو 419.3 جزءا في المليون، بزيادة 50 بالمئة عن عصر ما قبل الصناعة.
وقال باحثون، إن الغالبية العظمى من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، منذ عام 2016 يمكن تتبع مصدرها إلى مجموعة تتألف فقط من 57 منتجا للوقود الأحفوري والأسمنت.
وكانت قفزة غزة الميثان العام الماضي البالغة 11.1 جزءا في المليار أقل من الزيادات السنوية القياسية في الفترة من 2020 إلى 2022، ليبلغ في المتوسط 1922.6 جزءا في المليار خلال 2023.
ويقول عالم الغلاف الجوي في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، شين ليندساي لان، إن مستويات ثاني أكسيد الكربون ارتفعت بنسبة 3 بالمئة في السنوات الخمس الماضية فقط، وقفزت بنسبة 160 بالمئة عن مستويات ما قبل الصناعة، مما يدل على معدلات زيادة متسارعة.
بدوره، يقول عالم المناخ بجامعة ستانفورد، روب جاكسون، إن ارتفاع غاز الميثان على مدى عقد من الزمن يجب أن يثير القلق، مضيفا: "يؤدي تلوث الوقود الأحفوري إلى ارتفاع درجة حرارة النظم الطبيعية مثل الأراضي الرطبة والتربة الصقيعية، مما يسفر عن إطلاق هذه النظم البيئية المزيد من الغازات الدفيئة مع ارتفاع درجة حرارتها".
وتأتي انبعاثات غاز الميثان في الغلاف الجوي من الأراضي الرطبة الطبيعية والزراعية والثروة الحيوانية ومدافن النفايات والتسريبات والحرق المتعمد للغاز الطبيعي في صناعة النفط والغاز، حسب الشبكة.
ويعتبر غاز الميثان مسؤولا عن نحو 30 بالمئة من الارتفاع الحالي في درجات الحرارة العالمية، في حين يتحمل ثاني أكسيد الكربون المسؤولية بنحو ضعفي هذه النسبة، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
ويحبس الميثان حوالي 28 ضعف الحرارة لكل جزيء مقارنة بثاني أكسيد الكربون، لكنه يستمر في الغلاف الجوي لعقد تقريبا بدلا من قرون أو آلاف السنين مثل ثاني أكسيد الكربون، وفقا لوكالة حماية البيئة الأمريكية.
وقال علماء، ان الجفاف والحرارة الناجمين عن تغير المناخ وعوامل أخرى يهددان بانهيار منظومة غابات الأمازون المطيرة الخصيبة في قارة أمريكا الجنوبية.
وقفز أيضا ثالث أكبر غازات الدفيئة التي يسببها الإنسان، وهو أكسيد النيتروز، بمقدار جزء واحد في المليار العام الماضي إلى مستويات قياسية، لكن الزيادات لم تكن مرتفعة مثل تلك التي حدثت في عامي 2020 و2021.
ويأتي أكسيد النيتروز، الذي يستمر في الغلاف الجوي لنحو قرن من الزمان من الزراعة وحرق الوقود والسماد والعمليات الصناعية، وفق وكالة حماية البيئة.
وتقول مديرة مختبر المراقبة العالمي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فاندا غروبيسيتش: "ما تظهره الأرقام يشير إلى أنه لا يزال أمامنا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به لتحقيق تقدم ملموس في تقليل كمية الغازات الدفيئة المتراكمة في الغلاف الجوي".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون فی الغلاف الجوی غاز المیثان
إقرأ أيضاً:
رئيس هيئة الرقابة المالية: شهادات الكربون تساهم في تمويل المناخ في مصر
قال الدكتور محمد فريد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، خلال مقاله في افتتاحية العدد الرابع من مجلة "سياسات مناخية" الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أنه لا يمكن أن ننكر التأثيرات المتصاعدة لتغير المناخ وما تشير إليه الاتجاهات الحالية نحو حدوث تغييرات على مستوى الكوكب لا رجعة فيها ومن أمثلة الظواهر المناخية التي يشهدها العالم حاليًا ارتفاع درجات الحرارة، والأحداث الجوية المتطرفة، وارتفاع مستوى سطح البحر، التي تؤثر جميعها في النظم البيئية، والاقتصادات، ورفاهة الإنسان.
إذ تحذر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) من أن تجاوز 1.5 درجة مئوية من الاحتباس الحراري العالمي سيؤدي إلى عواقب وخيمة وواسعة النطاق بما في ذلك زيادة الجفاف والفيضانات وموجات الحر تلك التأثيرات غير الملاءمة للمجتمعات الضعيفة والنامية، علاوة على ذلك توجد فجوة كبيرة في تمويل المناخ في البلدان النامية مما يعوق قدرتها على التخفيف والتكيف مع هذه التحديات، فقد سلَّط تقرير للأمم المتحدة لعام 2021، الضوء على أن البلدان النامية باستثناء الصين ستحتاج إلى ما يقدر بنحو 4.3 تريليونات دولار سنويًا بحلول عام 2030 للعمل المناخي لتحقيق أهداف اتفاقية باريس.
وأضاف الدكتور محمد فريد، أنه مع نمو الاهتمام العالمي بالعمل المناخي ظهرت أسواق الكربون كإحدى الأدوات الرئيسة لتمويل جهود التخفيف والتكيف، فقد لعبت مصر وهي دولة من الدول الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ دورًا رائدًا يحتذى به، حيث أنشأت هيئة الرقابة المالية (FRA) أول سوق منظمة طوعية للكربون (VCM) وهذا النهج القائم بالأساس على احتياجات السوق، يستهدف الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي (GHG)، ويشجع الممارسات المستدامة ويقدم فرصًا كبيرة للبلاد، فبالنسبة لمصر تقدم سوق الكربون الطوعية فرصًا لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز التنمية المستدامة وخلق فرص العمل الخضراء ويسهل نقل التكنولوجيا، ومع ذلك فإن نجاح سوق الكربون الطوعية يعتمد على التنظيم القوي لتجنب ما يسمى بالغسل الأخضر، وضمان نزاهة عمليات تخفيض الانبعاثات.
وتناول الدكتور محمد فريد خلال مقاله دور شهادات الكربون في تمويل المناخ في مصر حيث تعادل شهادة الكربون Carbon Credit طنًا واحدًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون المخفض أو المتجنب أو المحتجز، الذي تم التحقق منها من خلال مشروعات موثوقة ويمكن تداول هذه الشهادات بما يمكِّن المستثمرين من تعويض الانبعاثات التي يطلقونها عبر مشروعاتهم من خلال مبادرات لخفض الكربون في مجالات متعددة، مثل الطاقة المتجددة أو التشجير، ويتوافق نهج شهادات خفض انبعاثات الكربون في مصر مع مبادئ رؤيتها لعام 2030،مما يسهل الاستثمار في الطاقة المتجددة، ويدعم تكيف المجتمعات الأكثر عرضة لتغير المناخ.
تصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية طليعة الجهات التي عملت على إنشاء سوق الكربون في مصر مما جعلها أول سوق منظمة لتداول الكربون، وتهدف هذه المبادرة إلى وضع مصر كمركز إقليمي لتجارة الكربون كما أُعلن في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، وتتضمن خطة عمل الهيئة العامة للرقابة المالية نهجًا متعدد المسارات، إذ تعمل الهيئة على تطوير البنية الأساسية اللازمة، والتوافق مع المعايير العالمية، وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص، ويعتبر إقرار القوانين والتشريعات التي نصت على تداول شهادات الكربون كأدوات مالية أولى الإجراءات التي أدت إلى خلق بيئة منظمة لعمل المستثمرين؛ حيث تم إجراء عديد من التعديات في لوائح سوق رأس المال لتحقيق هذا الهدف.
وفيما يتعلق بالحوكمة وإمكانية الوصول، أوضح أنه في يناير 2023 أنشأت الهيئة العامة للرقابة المالية لجنة سوق الكربون للإشراف على عمليات السوق، وتلعب هذه اللجنة - التي ضمت إلى عضويتها ممثلين من وزارة البيئة والبورصة المصرية وخبراء من القطاع الخاص - دورًا محوريًا في ضمان الشفافية والنزاهة في السوق، ومن المسؤوليات الموكلة إلى هذه اللجنة تحديد معايير تسجيل هيئات التصديق والتحقق، ومتطلبات الموافقة على سجلات الكربون الطوعية، واعتماد المبادئ العالمية لنزاهة شهادات الكربون، وإدراكًا للتكاليف المرتفعة لعمليات التصديق والتحقق في الأسواق النامية عملت الهيئة على جعل أسواق الكربون أكثر سهولة للمطورين المحليين، وبالتعاون مع المجلس المصري للاعتماد قامت الهيئة بتبسيط عملية الاعتماد لجهات التحقق والتصديق مع الحفاظ على المعايير الدولية، حيث تضمنت الأطر التشريعية التي وضعتها الهيئة إصدار القرار رقم 163 لعام 2023، بشأن معايير قيد جهات التحقق والتصديق لمشروعات خفض الانبعاثات الكربونية وبهذا مكَّنت الهيئة الخبرة المحلية من لعب دور حيوي جنبًا إلى جنب مع الممارسات الدولية.
وبخصوص بناء سوق قوية وشفافة، أوضح أن الهيئة العامة للرقابة المالية ركزت على تأسيس البنية التحتية المحلية، وتعزيز الشفافية لدعم تجارة الكربون كما ذكر آنفا، بالتعاون مع البنك الدولي، حيث أصدرت الهيئة القرار رقم 30 لعام 2024 الذي يحدد معايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية لدى الهيئة، وتعتبر هذه السجلات ضرورية لإصدار وتتبع شهادات الكربون وضمان نزاهة السوق، وأكد القرار على مبادئ الحوكمة القوية وخاصة في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، لضمان مصداقية سوق مصر، ولتعزيز الشفافية بشكل أكبر أصدرت الهيئة في مارس 2024 القرار رقم 31 لعام 2024 والذي أوضح بالتفصيل عملية قيد وشطب شهادات الكربون في سجلات البورصة المصرية. ويضمن هذا القرار إمكانية الوصول إلى المعلومات حول مشروعات الحد من انبعاثات الكربون وأن تظل تجارة شهادات الكربون شفافة ونزيهة، بالإضافة إلى ذلك يوفر تقديم العقود الآجلة على شهادات الكربون للمستثمرين أدوات لإدارة المخاطر وهي سمة فريدة من نوعها تميز بها سوق الكربون الطوعية في مصر.
أما بخصوص المعيار العالمي للمحاسبة، فقد قدمت الهيئة العامة للرقابة المالية في مارس 2024 محددات شاملة للمعالجة المحاسبية لشهادات الكربون مما يوفر الوضوح بشأن متى يجب تصنيف هذه الشهادات كأصول غير ملموسة أو أدوات مالية، وتساعد هذه المحددات، التي تم تطويرها من خلال المشاورات العالمية، على مواءمة مصر مع الممارسات الدولية، ووضع معيار للأسواق النامية الأخرى.
وفيما يتعلق بإطلاق وأهمية سوق الكربون الطوعية المنظمة في مصر، فقد توجت الجهود سالفة الذكر جميعها بإطلاق أول سوق كربون طوعية منظمة في مصر في 13 أغسطس 2024، وقد مثل هذا الحدث إنجازًا كبيرًا لمصر، إذ أظهر قدرتها على دمج المعايير العالمية مع الخبرة المحلية، وشمل إطلاق السوق معاملات رئيسة، مثل تلك التي أجرتها شركة ISIS Food Industries وDALTEX، مما يشير إلى استعداد مصر للمنافسة على نطاق عالمي واسع.
وأوضح الدكتور محمد فريد في ختام مقاله بأن المبادرة الرائدة للهيئة العامة للرقابة المالية في تطوير سوق الكربون الطوعية المنظمة هي حجر الزاوية في تنفيذ استراتيجية مصر لمواجهة تغير المناخ، ومن خلال معالجة التحديات التنظيمية، وتقليل الحواجز أمام المطورين المحليين، وضمان وجود معايير الشفافية، وضعت الهيئة العامة للرقابة المالية مصر في موقع رائد في سوق الكربون في إفريقيا، إن هذه السوق المنظمة لا تشكل أهمية محورية لتحقيق أهداف مصر المناخية فحسب بل إنها تعمل أيضًا كنموذج يحتذى به من قبل الدول النامية الأخرى التي تهدف إلى تسخير قوة شهادات خفض انبعاثات الكربون لتحقيق النمو المستدام، ومن ثم تلعب شهادات الكربون دورًا مزدوجًا في كل من؛ دعم جهود الحد من انبعاثات الكربون على المستوى العالمي، وأيضًا دفع التنمية المستدامة في مصر، ومع نضوج السوق، من المتوقع أن تلعب سوق الكربون دورًا أكبر في زيادة تمويل المناخ، ودعم تنفيذ استراتيجية العمل المناخي في مصر.