سمّم الكلبة وأبناءها| فرد أمن "أكلوا البني آدمين الأول".. ماذا حدث؟
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
سمّم فرد أمن بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كلبة وجراءها، تنفيذا لتهديد توعد به كل من يُطعمهم، ليمنعهم من تقديم الأكل لها.
الإعلامية منة فاروق، كانت واحدة ممن تطعم الكلبة وجراءها، أكدت أن “الأم” حصلت على كافة التطعيمات اللازمة، ولم يصدر منها أي ضرر لأي شخص، سواء السكان أو المارة، وكانت تقيم بعيدة عن مبنى الجهاز.
قالت منة فاروق، خلال حديثها في تصريحات إعلامية، إن الكلبة كانت أليفة وكل السكان يحبونها ويطعمونها، إلا أن فرد الأمن تطاول عليها شخصيا عدة مرات، وهددها بقتل الكلبة وأبنائها في حال إصرارهم على إطعامها، رغم أنها كانت بعيدة عن مكان عمله.
وأضافت فاروق أنها لم تتخيل هي أو زملاؤها، أنه سينفذ تهديده، ويغدر بـ"كلبة أم"، لا تسبب أي ضرر، ووصفته بأنه "إنسان مؤذي، كنا نقول له: الكلاب في حالها، ويرد علينا: ما تأكلوا البني آدمين أولى".
وحسبما حكت، توجهت منة فاروق إلى مدير الجهاز ومعها شهود حتى تشتكي فرد الأمن الذي أقدم على قتل الكلاب المسالمة، ولكن كان ردّه “مفيش قانون بيجرم تسميم كلاب الشارع”.
ووضعت مصر قانونا يجرم تسميم الكلاب، وحدد فى المادة منه رقم 355، العقوبة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة مع الشغل وغرامة مالية لا تزيد على 200 جنيه، كل من قتل حيوانا عمدا، من دواب الجر أو الحمل أو الركوب أو أى نوع من أنواع المواشي، وكذلك كل من يقوم بتسميم حيوان من الحيوانات المذكورة أو الأسماك الموجودة في نهر أو ترعة أو حوض.
وتنص المادة رقم 356 من القانون نفسه على أنه “إذا تكررت الجرائم المنصوص عليها، تكون العقوبة السجن من ثلاث إلى سبع سنوات، ونصت المادة 357 من القانون، على عقوبة لا تزيد عن الحبس 6 أشهر مع الشغل وغرامة لا تزيد على 200 جنيه لكل من قتل عمدا أو سم الحيوانات المستأنسة أو أضر بها ضررا كبيرا”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجهاز المركزي للتعبئة قتل الكلاب الكلاب لا تزید
إقرأ أيضاً:
عبد السلام فاروق يكتب: العاشر من رمضان.. ذاكرة النصر تحدثنا
قبل أن تشرق شمس السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣، كان رمضان ينسج أيامه بلُغته الروحانية، لكن قلبَ الوطن كان يخفق بوتيرة مختلفة. جنودٌ صائمون، أيديهم على الزناد، وقلوبهم معلقة بين دعاء السحور وصلاة الفجر، ينتظرون لحظةً كتبها التاريخ بأحرف من نور. اليوم، وبعد ٥٢ عامًا، ما زالت ذاكرة النصر تحمل في طياتها حكايات البطولة، والخُدع التي حوّلت المستحيل إلى انتصار، وشهداء صاروا نجوماً تُنير سماء الوطن.
لم تكن الحرب مجرّد معركة عسكرية، بل لعبة ذكاءٍ استثنائية. قُبَيل العاشر من رمضان، نسج القادة خيوط "خُطّة الخداع الاستراتيجي" بإتقان. جنود مصريون يلعبون الكرة على شاطئ القناة بلا اكتراث، إشاعات عن تأجيل الحرب أشهراً، بل وزيارات رسمية للقادة إلى الحجاز لأداء العمرة في رمضان! كل تفصيلة كانت جزءاً من خطة خداع كبرى، أقنعت العدو بأن الجيش يستسلم لروتين السلم. لكن تحت السطح، كانت القلوب تضجُّ بالعزم: "الضربة ستكون في أقدس أيامهم"، يوم الغفران الذي حوّلوه إلى يوم دمار.
-
عندما انهمرت طلقات المدافع مع أذان الظهر، لم تكن مجرّد أصوات حرب، بل كانت صيحة حقٍّ عاد. شبابٌ في العشرينيات، بوجوه لم تجفّ منها مياه الوضوء، حملوا سلالمهم الخشبية كأنها جسورٌ إلى السماء، واندفعوا عبر القناة تحت وابل النيران. بينهم كان "البطل أحمد حمدي"، المهندس الذي رسم بدمائه طريق العبور الأول، وسقط ليصير الجسر الذي عبر عليه الآلاف. وعلى الضفة الأخرى، كانت "خط بارليف" ينهار كقلعة من ورق، أمام إرادة رجالٍ آمنوا بأن الموت في سبيل الوطن حياة.
في تلك الأيام، كان الشهيد ليس مجرّد رقمٍ في إحصائية، بل قصة تُروى بدمعٍ وفخر. مثل "عبد المنعم خليل"، الطيار الذي اخترق طائرته سماء سيناء ليرسم فيها أول بصمة تحرير، والممرضة التي ظلت تُنقذ الجرحى حتى سقطت برصاص غادر. كانوا جميعاً يصومون رمضان، لكنهم صاموا أيضاً عن كل شيء إلا الوطن. دماؤهم الزكية لم تجفّ على رمال سيناء، بل صارت أغنية ترددها الأجيال: "النصر له ثمن، ونحن ندفعه".
لم تكن الحرب معركة أيام، بل إرادة شعبٍ رفض أن يُكتب له الهوان. بعد العبور، خاض الجيش حرباً أخرى: حرب تثبيت الانتصار. معارك الدفرسوار، وصمود الجنود في الثغرات، والمفاوضات التي أعادت الأرض والكرامة. هنا برزت عبقرية "الخداع السياسي"، حين حوّل القادة الهزيمة المُرتقبة في المفاوضات إلى انتصار، بإصرارٍ صامتٍ كجبال سيناء.
اليوم، ونحن نحتفي بالذكرى الـ٥٢، نرى في عيون كبارنا دموعاً تختلط بابتسامة. نسمع في صوت المؤذن صدى أصوات الجنود وهم يهتفون "الله أكبر" قبل العبور. ونلمس في نسمات رمضان عبق شهداء قالوا للوطن: "خُذنا فداءً لك". العاشر من رمضان ليس تاريخاً في كتب الماضي، بل هو جرس يُذكّرنا أن النصر يُبنى بالإيمان قبل السلاح، وبالذكاء قبل القوة، وبالقلوب التي لا تعرف إلا العلياء.
وها هي قناة السويس، التي شهدت ملحمة العبور، تهمس لكل مَنْ يمرُّ عليها:
"هنا.. مرَّ أبطالٌ كانوا يُحبون الحياة، لكنهم أحبوكِ أكثر يا مصر".