بعد قصف الاحتلال.. مليشيات إيرانية تعزز تواجدها بنقاط شرق دير الزور
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
منذ القصف الجوي الذي نفذه الاحتلال الإثنين الماضي على القنصلية الإيرانية في دمشق وأسفر عن مقتل قيادات من "الحرس الثوري" الإيراني، والأنباء تتوارد عن استقدام المليشيات التابعة لإيران تعزيزات عسكرية إلى ريف دير الزور الشرقي عبر العراق، في ظل تحركات عسكرية مكثفة تشهدها المنطقة القريبة من قواعد "التحالف الدولي" بقيادة واشنطن.
وأفادت مصادر ميدانية لـ"عربي21"، بوصول أكثر من 150 عنصراً من "الحشد الشعبي" العراقي عبر معبر "السكك" غير الرسمي، الذي يربط مدينة البوكمال السورية ومدينة القائم العراقية.
وأكد المتحدث باسم شبكة "عين الفرات" أحمد العطرة لـ"عربي21"، أنه جرى توزيع العناصر على نقاط عسكرية تتبع لـ"الفرقة 17" في جيش النظام السوري، متوزعة على ضفاف نهر الفرات، الذي يفصل مناطق سيطرة النظام السوري عن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي.
وأضاف أن المليشيات زودت العناصر بصواريخ متوسطة المدى، ومعدات رؤية ليلية، معتبراً أن "التحركات غير اعتيادية"، مشيراً إلى استقدام نحو 100 عنصر من مدينتي الميادين ودير الزور إلى البوكمال.
وقال العطرة إن المنطقة التي انتشرت فيها التعزيزات شهدت مؤخراً تصاعداً في حدة الاشتباكات بين النظام والمليشيات الإيرانية من جانب، و"قسد" والتحالف الدولي من جانب آخر، لافتاً إلى "الهدوء الطويل الذي كانت تشهده المنطقة قبل الاشتباكات الأخيرة التي استخدم فيها قذائف هاون وقذائف صاروخية".
وعلى حد تأكيده، عززت الميليشيات الإيرانية المواقع القريبة من مدينة دير الزور في حطلة وخشام والمواقع القريبة من حقل "كونيكو" الذي يضم قاعدة أمريكية، وجرى نقل منصات صواريخ وطائرات مسيرة محلية الصنع (بدائية).
المليشيات ترفع أعلام إيران
من جانب آخر، أشار المتحدث إلى قيام المليشيات الإيرانية برفع العلم الإيراني على المقرات العسكرية بعد القصف الجوي على السفارة الإيرانية، علماً أن المليشيات أزالت الأعلام الإيرانية منذ سنوات ورفعت أعلام النظام تجنباً للقصف الجوي من "التحالف الدولي"، في فعل يمكن وصفه بـ"التحدي" للقوات الأمريكية.
ويؤشر كل ذلك، من وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي، خلال حديثه لـ"عربي21"، إلى أن المليشيات الإيرانية تحضر لتصعيد ضد القواعد الأمريكية في الجهة المقابلة من نهر الفرات.
وفي السياق ذاته، ذكرت تقارير إخبارية أن المليشيات الإيرانية خرجت دفعات جديدة من العناصر السوريين الذين جندتهم، في مدينة دير الزور، موضحة أن "عدد الذين تم تخريجهم بلغ 104 عناصر، وينحدر أغلبهم من محافظة حماة، وسيتم إرسالهم إلى ريف دير الزور".
وأكد "تلفزيون سوريا" أن "هذه الدورة هي الثانية التي خرجها "الحرس الثوري" خلال يومين، بعد تلك التي جرت في بلدة السيال بريف مدينة البوكمال، وضمت حوالي 100 عنصر".
وتعليقاً، يقول مدير مركز "رصد للدراسات الاستراتيجية" العميد عبد الله الأسعد، إن التحركات التي تنفذها المليشيات الإيرانية بعضها يمكن وصفه بـ"الاعتيادي والروتيني"، أي عبارة عن تدريبات وتغيير لانتشار النقاط لتفادي النقص.
ويضيف في حديثه لـ"عربي21"، أن المليشيات الإيرانية تجري تدريبات مستمرة لعناصرها على الصواريخ المضادة للدروع والمسيرات، ما يعني من وجهة نظره أن "كل التحركات لا تؤشر إلى صدام قريب بين المليشيات الإيرانية والقوات الأمريكية في سوريا".
وقبل أيام، كانت الولايات المتحدة قد حذرت إيران من استهدافها رداً على هجوم دمشق، مبلغة مجلس الأمن الدولي بعدم علمها المسبق بالهجوم.
وقال روبرت وود نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة: "لن نتردد في الدفاع عن عسكريينا ونكرر تحذيراتنا السابقة لإيران ووكلائها بعدم استغلال الوضع، مرة أخرى، هجوم لم يكن لنا أي دور فيه أو معرفة متقدمة به، لاستئناف هجماتهم على العسكريين الأمريكيين".
وصعدت المليشيات الإيرانية من هجماتها ضد القواعد الأمريكية في سوريا والعراق بعد العدوان على غزة، لكن الهجمات توقفت منذ شباط/فبراير الماضي.
هل تستأنف المليشيات هجماتها ضد القواعد الأمريكية؟
وعن احتمالية استئناف المليشيات الإيرانية الهجمات ضد القواعد الأمريكية بعد الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، يقول المستشار الدولي هادي دلول المقرب من إيران، إن "التحركات التي تنفذها المجموعات العسكرية الإيرانية في سوريا، قد تكون روتينية، وقد تكون في طور الاستعداد لعمل عسكري تخطط طهران لتنفيذه".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى عنصر المفاجأة، وقال: "ننتظر التطورات في الأيام القادمة"، وذلك في إشارة منه إلى توعد إيران بالرد على استهداف قنصليتها في دمشق.
وفي سياق متصل، اعتبر دلول أن "الاستثمار الحقيقي للهجوم الإسرائيلي، هو في الخلاف الأمريكي الإسرائيلي، لجهة عدم موافقة واشنطن على الهجوم، ومحاولات إسرائيل توريط أمريكا"، وقال: "بالتالي سنشهد مزيداً من الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال القنصلية الإيرانية دير الزور الاحتلال دير الزور القنصلية الإيرانية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ضد القواعد الأمریکیة الملیشیات الإیرانیة أن الملیشیات دیر الزور
إقرأ أيضاً:
تبرير المليشيات- منكر في ذهنية المثقف وسقوط أمام الحاضر
زهير عثمان
تبرير سلوك إباحة إقامة المليشيات هو أمر منكر في ذهنية المثقف، مهما كان رصيده الأخلاقي أو خلفيته الفكرية، سواء كان يسارياً عتيقاً أو أكاديمياً مرموقاً لا يُشق له غبار. فالكِبْر الفكري قد يخل بالطرح، ويتقزم أمام معطيات الحاضر، حيث تصبح المواكبة ضرورة، لكنها عصية على من يستسلم لتصوراته القديمة أو نزعاته الذاتية. وأقول هذا لك أيها الشيخ الحكيم، لأننا نعيش في عالم متغير، يفرض علينا تحليلاً عميقاً يتجاوز التأريخ المكرر إلى فهم واقعي وحاضر لما نعيشه اليوم.
رد على طرح "حق الجيوش في توظيف المليشيات": تفكيك وتحليل
التوظيف التاريخي للمليشيات من قبل الدول، بما فيها السودان، يتطلب فهماً عميقاً لسياقات الدولة الحديثة ووظائفها. هذا الفهم يُبرز الإشكالية في طرح فكرة "حق الجيوش في توظيف مليشيات"، حيث أنها تفتقر إلى التعليل القانوني والمؤسسي، وتدفع بتبريرات قد تبدو مقبولة تاريخيًا ولكنها تتعارض مع طبيعة الدولة الحديثة. فيما يلي تحليل للمحاور الرئيسية
الدولة الحديثة واحتكار العنف المشروع
وفقاً لماكس فيبر، الدولة الحديثة تحتكر استخدام العنف المشروع كأحد أسس وجودها. وهذا يعني أن أي تفويض باستخدام العنف لجهة غير رسمية (المليشيات) يقوض هذا الاحتكار ويضعف بنية الدولة. السودان، منذ الاستقلال، أظهر عجزًا عن بناء مؤسسات قوية للحفاظ على هذا الاحتكار، مما أتاح للمليشيات فرصة النمو والازدهار، وهو ما تجلى في أزمات متكررة.
التاريخ السوداني مثال واضح
عهد الإنقاذ والدعم السريع لقد كان تمكين مليشيا الدعم السريع لتصبح قوة مستقلة تحولاً خطيراً، حيث أضحت "شريكاً" في السلطة العسكرية، لا مجرد أداة مؤقتة.
حقبة ما بعد الاستقلال و حتى في عهود عبود أو نميري، كانت الدولة توظف القبائل كأدوات ضد خصومها في الجنوب أو الغرب. هذا النمط استمر مع تحولات أكثر خطورة في العقود اللاحقة.
المليشيات وأزمة الشرعية
الدولة التي تعتمد على المليشيات تفقد شرعيتها بين مواطنيها. هذا الاعتماد ينقل السلطة من مؤسسات الدولة إلى قوى قبلية أو فئوية ذات أجندات خاصة.
السودان نموذجاً كما أوضح بلين هاردن، حرب الدولة السودانية "الرخيصة" من خلال المليشيات القبلية خلقت صراعات ممتدة، وتركت أعباء طويلة الأمد على النسيج الاجتماعي.
المليشيات غالباً ما تشتغل خارج القانون، بما يعزز الفوضى ويُضعف إمكانية بناء سلام مستدام.
التوظيف التاريخي للمليشيات في السودان
التاريخ السوداني مليء بأمثلة لتوظيف الدولة لمليشيات قبلية، مما أدى إلى دوامات عنف وصراعات ممتدة
المهدية استخدمت القبائل المتحالفة لكسر ثورة الكبابيش.
الاستعمار الإنجليزي تحالف مع قبائل مثل الكبابيش لمواجهة السلطان علي دينار، مستغلاً عداءها التاريخي مع دارفور.
نظام عبود استخدم قبائل المورلي في الجنوب كأداة ضد الحركة المسلحة.
هذه الأنماط تؤكد أن توظيف المليشيات ليس جديداً، ولكنه ظل يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ يُطيل أمد الصراعات ويؤسس لانقسامات أعمق.
أخطاء نظام الإنقاذ كنموذج الدعم السريع
نظام الإنقاذ انحرف بشكل غير مسبوق في استخدام المليشيات عبر تحويل الدعم السريع إلى قوة موازية للجيش.
هذا الوضع يُعتبر خرقاً للنظام العسكري للدولة الحديثة، حيث لا يجوز وجود جيشين متوازيين.
النتيجة كانت تآكل المؤسسات العسكرية التقليدية، مما أدى إلى هشاشة الدولة وأفضى إلى حرب 2023 الكارثية.
تفنيد الادعاء بأن الجيوش يحق لها توظيف المليشيات
أ. مخالفة القانون الدولي
الدولة الحديثة ملتزمة بالقوانين الدولية التي ترفض عسكرة المجموعات القبلية أو إنشاء مليشيات خارج سيطرة الدولة.
ب. تهديد السلم الاجتماعي
توظيف المليشيات يعزز الانقسامات الاجتماعية، ويزيد من احتمالات الحرب الأهلية.
ج. تقويض الجيش نفسه
مثلما حدث في السودان، يؤدي الاعتماد على المليشيات إلى إضعاف الجيش النظامي، حيث تتحول السلطة العسكرية إلى أدوات خاصة.
وعلينا أن نسعي نحو دولة قانونية مستقرة , السودان بحاجة إلى إعادة بناء جيشه الوطني كقوة موحدة تحت قيادة مدنية ديمقراطية. استخدام المليشيات، تاريخياً أو حالياً، ليس مبرراً، بل هو انحراف عن مسار بناء الدولة الحديثة.
تاريخ السودان مليء بالدروس التي تؤكد أن توظيف المليشيات يُفضي إلى صراعات طويلة الأمد ويُضعف الدولة، وهي تجربة يجب أن تكون عبرة لمن يريد سلاماً واستقراراً دائماً.
zuhair.osman@aol.com