تشهد عدد من الدول حول العالم كسوفًا كليًا للشمس يوم الإثنين 8 أبريل 2024. يحدث الكسوف الكلي عندما يتحرك القمر بين الأرض والشمس، مانعًا بعض أو كل أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض.

تحذيرات هامة لسلامتك.. استعد لظاهرة الكسوف الشمسي القادمة الأدلة الشرعية على حكم صلاة الكسوف التأثير العالمي لكسوف الشمس 2024

معهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية يكشف عن تفاصيل كسوف الشمس الكلي المتوقع حدوثه في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.

ومع ذلك، يُرى بشكل جزئي في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية والمحيط الباسفيكي والمحيط الأطلسي والقارة القطبية الشمالية.

 للأسف، لا يمكن رؤيته في مصر والمنطقة العربية.

تأثير كسوف الشمس على الدماغ والنفسية:
تقارير تشير إلى أن كسوف الشمس يمكن أن يؤثر بشكل قوي على الدماغ والنفسية البشرية. يمكن أن يثير هذا الحدث الكوني مشاعر الرهبة وقد يدفع الناس نحو سلوكيات أكثر انغماسًا.

 تاريخيًا، أثر كسوف الشمس على المجتمعات البشرية، حيث يذكر تقرير صحيفة "بي بي سي" أن كسوف الشمس ساهم في إنهاء حرب بين الشعوب القديمة في تركيا الحديثة.

الأبحاث الحديثة وتأثير كسوف الشمس


أظهرت الأبحاث الحديثة أن لكسوف الشمس تأثيرًا قويًا على النفسية البشرية، حيث يمكن أن يلهم الناس للتواضع والاهتمام بالآخرين. وفقًا لعالم النفس شون جولدي من جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة، فإن الناس قد يشعرون بانتمائهم الاجتماعي أكثر ويشعرون بالارتباط بمجتمعهم بشكل أكبر خلال فترة كسوف الشمس.

الاستنتاج


يُشكل كسوف الشمس الكلي عام 2024 حدثًا كونيًا مثيرًا، حيث يؤثر على الدماغ والنفسية البشرية. يمكنأن يثير مشاعر الرهبة والدهشة، وقد يساهم في تحفيز الناس على التواضع والاهتمام بالآخرين. يعد هذا الحدث فرصة للتأمل والاتصال بالكون والطبيعة العظيمة. ينبغي على الناس الاستمتاع بالمشاهدة بطريقة آمنة والبحث عن فهم أعمق لتأثير الأحداث الكونية على حالتهم النفسية والروحية.

يجب أن يتم توجيه الاهتمام أيضًا إلى سلامة العين خلال مشاهدة الكسوف الشمس. ينبغي استخدام وسائل حماية العين المناسبة، مثل النظارات الخاصة بالكسوف، لتجنب الأضرار التي يمكن أن تحدث للعين بسبب التعرض المباشر لأشعة الشمس.

 

يعتبر كسوف الشمس حدثًا فريدًا يجمع بين الفضول العلمي والتأمل الروحي. إن فهم تأثير الأحداث الكونية على البشرية يمكن أن يساعدنا في التواصل مع الكون وتعزيز شعورنا بالانتماء والتواصل الاجتماعي. 

لذا، لنستمتع بمشاهدة هذا الحدث النادر ونستفيد منه لتطوير أنفسنا وتعزيز روحنا.

تحذيرات هامة لسلامتك.. استعد لظاهرة الكسوف الشمسي القادمة هل ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه أدى صلاة الكسوف ؟

 

وقالت جينيفر ستيلر، عالمة النفس في جامعة تورنتو بكندا: «إنها مشاعر تشعر بها عندما ترى شيئًا واسعًا ويتحدى رؤيتك للعالم، إنه الشعور الذي تشعر به تجاه شيء ما أو شخص ما، وهو شعور استثنائي لدرجة أنه يتجاوز الفهم».

وكتب داشر كيلتنر، عالم النفس في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، في كتابه «الرهبة»، إن الشعور بالدهشة يمكن أن يهدئ «الصوت المزعج والناقد للذات والمتعجرف والواعي لمكانتنا أو الأنا، كما أنه يقوي الصوت.. وعلينا أن نتعاون، وأن نفتح عقولنا على العجائب، وأن نرى أنماط الحياة العميقة».

وجمع كيلتنر وزملاؤه قدرًا كبيرًا من الأدلة لدعم تلك الاستنتاجات في تجربة معملية نموذجية، حيث يطلب علماء النفس من المشاركين مشاهدة مقاطع فيديو مذهلة للظواهر الطبيعية قبل إكمال الاستبيانات والمهام التي تقيس أي تحول في العقلية والسلوك.


ماذا يحدث بعد كسوف الشمس؟

أجريت دراسة عام 2018، بحثت في آثار الرهبة على التواضع، وطلب فريق البحث من نصف المشاركين مشاهدة مقطع فيديو قصير يتم تصغيره ببطء من الأرض إلى الكون الأوسع، وشاهد الباقون مقطعًا مريحًا يوضح كيفية بناء السياج.

وبعد ذلك، طُلب من كلا المجموعتين قضاء دقيقتين في الكتابة أولًا عن نقاط قوتهم، ثم نقاط ضعفهم، كما هو مفترض، وكان المشاركون الذين شاهدوا الفيديو الفضائي أكثر عرضة للشعور بالرهبة، وفي تصريحاتهم الشخصية، أبلغوا عن نقاط قوة أقل بكثير قبل وصف نقاط ضعفهم وهى علامة على التواضع.


وفي دراسة آخرى من نفس الورقة البحثية، طلب الباحثون من ثلث المشاركين أن يتذكروا وقتًا شعروا فيه بالرهبة، وتذكر ثلث آخر الوقت الذي كانوا فيه مستمتعين بشيء مضحك، بينما تذكر الباقون رحلة هادئة لشراء البقالة الخاصة بهم، ثم أجاب المشاركون على سلسلة من الأسئلة لتقييم مدى مساهمة العوامل المختلفة، على مقياس من 0 إلى 100%، في إنجازات حياتهم، وشملت هذه مواهبهم الخاصة أو القوى الخارجية مثل الحظ.

وقد تتوقع أن الشخص الذي يتمتع بقدر أكبر من التواضع من المرجح أن يتعرف على تلك القوى الخارجية- وهذا بالضبط ما اكتشفه الباحثون للمشاركين الذين تم إعدادهم للشعور بالرهبة.

ويقول ستيلر، الذي كان المؤلف الأول للدراسة: «هذا أمر منطقي إذا كانت الرهبة تقلل من أهميتك الذاتية وتركيزك على الذات، الأنا لدينا توجه تصوراتنا وصنع القرار، ولكن عندما تشعر بمشاعر متسامية مثل الرهبة، فإن ذلك يقلل من القوة التي تمتلكها عليك».

وأضاف ستيلر: «إلى جانب جعلنا أكثر تواضعًا فيما يتعلق بقدراتنا، فإن تقلص الأنا قد يساعدنا أيضًا على رؤية الآخرين في ضوء جديد»، متابعًا: «عندما أقلل تركيزي على نفسي، يمكن أن ينطمس الخط الفاصل بيني وبينك، ربما أعتبرنا جميعًا جزءًا من شبكة الإنسانية».


هل يؤثر كسوف الشمس على الحالة المزاجية؟

وبرغم من أن هذه التجارب مثيرة للاهتمام، فإنها قد لا تعكس بالضرورة ردود أفعال الناس العفوية تجاه الظواهر الطبيعية خارج المختبر، وهو التخوف الذي أزعج شون جولدي عندما بدأ دراسة الدكتوراه، حيث قال: «كنت أبحث عن طريقة لدراسة الأشخاص الذين كانوا يختبرون شيئًا بالغ الأهمية حقًا وقدم كسوف الشمس عام 2017 الإجابة«.

وأضاف: «يبدو أن المحاذاة النادرة للقمر والشمس- ما أدى إلى هالة مذهلة- من المرجح أن تثير مشاعر الرهبة، والأفضل من ذلك، أنه من المرجح جدًا أن يلهم هذا الحدث المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي،؛ ما قد يوفر فرصة مثالية لقياس الاستجابات الفورية للحدث».

ولجمع بياناته، لجأ جولدي إلى موقع التواصل الاجتماعي «إكس» المعروف سابقًا باسم تويتر، ومن خلال استخراج تفاصيل الموقع من الملفات الشخصية للمستخدمين، تمكن جولدي من التنبؤ بالمغردين الذين سيشهدون كسوف الشمس الكلي، ومن سيفوتهم المشهد الكامل، ثم قام بعد ذلك بإجراء التحليلات اللغوية للنص في المشاركات نفسها، على سبيل المثال، تم اعتبار كلمات مثل «مذهل» تمثل الرهبة، في حين أن الكلمات التي تستخدم لغة حذرة «ربما» تمثل التواضع.

وفي الوقت نفسه، تم ترميز المناصرة للمجتمع بكلمات مثل «الرعاية» أو «التطوع»، بالإضافة إلى عبارات الامتنان والحب.

وكان الأشخاص الذين في طريق كسوف الشمس أكثر عرضة بمقدار الضعف للتعبير عن الرهبة في تغريداتهم، وكما كان متوقعًا، ارتبط هذا بمزيد من التواضع ودعم المجتمع.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: كسوف الشمس الكسوف الكلي للشمس موعد كسوف الشمس كسوف الشمس في مصر کسوف الشمس هذا الحدث یمکن أن تأثیر ا کسوف ا

إقرأ أيضاً:

تعفن الدماغ: التفاهة الممرضة

يمثل الوصول إلى الأصدقاء هذه الأيام تحديا لا يستهان به، فهم لا يكتفون بوضع هواتفهم في وضع التركيز أو عدم الإزعاج، لكنهم أيضا يتعمدون ترك هواتفهم في المنزل والخروج للعمل حتى يحظوا بالتركيز الكامل. أعترف أنني من الذين يفعلون ذلك، فالرد الفوري والتواصل الدائم ومتابعة الأخبار تحول لسلوك شبه قهري. وبنهاية اليوم نُكافئ صبرنا على العزلة والانفصال بالاستلقاء، وتسليم عقولنا المرهقة، ونفوسنا المتلهفة لرحمة الإنترنت.

أعلنت دار نشر جامعة أكسفورد (Oxford University Press) مصطلح «تعفن الدماغ (Brain rot)» ليكون كلمة العام لـ 2024. ولأننا كائنات فضولية ارتأيتُ مع المحررة أن نفتش خلف هذا التعبير، الذي لا يبدو أن استخدامه في القنوات العربية يماثل زخمه عند مستخدمي الإنترنت المتحدثين بالإنجليزية، رغم أن الظاهرة قد تكون ذات صلة بالجمهور العربي بالقدر نفسه. ولأن فضولنا يصعب كبحه، رحتُ قبل كل شيء أُفتش عن تقليد «كلمة العام». تختار مؤسسات اللسانيات والقواميس كل عام الكلمة أو التعبير الذي يُقدرون أنه الأبرز (من حيث نمو استخدامه) خلال تلك المدة الزمنية. ومع أن مجمع اللغة العربية يُجيز من وقت لآخر استخدام بعض الكلمات المحدثة والمعربة، إلا أنه لا يختار كلمة للعام، التي يُمكن أن تمثل مؤشرا لقراءة هواجس واتجاهات مجموعة ما تتحدث لغة معينة.

ولأنني بصراحة كنت أتوقع أن أرى مفردات تخص الإبادة حاولت التفتيش في اختيارات المعاجم الأخرى. تبدو جمعية اللهجات الأمريكية «American Dialect Society» الأكثر تيقظا للقضايا السياسية. في 2001، اختارت الجمعية الـ«11 من سبتمبر» لتكون كلمة العام. وفي 2011 كانت «احتلوا (occupy)» في إشارة لحركة احتلوا، وأبرزها احتلوا وول ستريت. لكنها في 2023 اختارت كلمة «enshittification» التي يمكن ترجمتها إلى التخرية أي جعل الشيء آخر مما سبق. وهو وصف لعملية التدهور بجودة المنتج أو الخدمة، بعد أن تكون قد مرت بدورة حياة تبدأ بتوفير خدمة جيدة لاجتذاب المستخدمين والمستهلكين، وتنتهي بتقليل الجودة لخفض تكلفة الإنتاج بعد أن تصبح لديها قاعدة عملاء أولياء. لكنها لم تعلن حتى وقت كتابة هذا المقال عن كلمة عام 2024.

على عكس ما قد يوحي به العنوان المثير ولكن غير المهني للمادة التي نشرتها الجزيرة حول الموضوع، ففي ثقافة الإنترنت، لا يُستخدم «تعفن الدماغ» بمعناه الحرفي، مع أن الدماغ -كأي جزء في جسدنا- يُعدى ويلتهب ويتعفن بطبيعة الحال. لكنه يصور حالة نفسية وإدراكية. يُشير المصطلح حسب أكسفورد إلى: «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص، وخاصةً ما يُنظر إليه على أنه نتيجة الاستهلاك المفرط للمواد (خاصةً محتوى الإنترنت) التي تعتبر تافهة أو غير محفزة. وهو يُشير أيضا إلى شيء من المحتمل أن يؤدي لمثل هذا التدهور».

هذا التعريف -الذي تعتمده كل مادة تقريبا كُتبت بهذا الشأن- يحيلنا لمجموعة من الافتراضات. فهو يذكرنا بالحكمة القديمة التي تقول: إن الدماغ عضلة، تقوى بالاستخدام، وتذوي بالإهمال. يخبرنا علماء النمو وأطباء الأطفال أن الدماغ ينمو بالتعلم والتعرض للخبرات المتنوعة، وأن عدم التعرض لهذا يعيق التطور عند الأطفال.

يُمكن للبالغين أن يشحذوا قدراتهم العقلية عبر ممارسة الأنشطة التي تتطلب التفكير والتحليل. عدد لا حصر له من التطبيقات يقدم لنا اليوم وعودا لتنشيط الدماغ، وتمرين العقل، وتقوية الذاكرة، مستعيرة من المعجم الفسيولوجي هذه الاستعارات وما ماثلها.

يستخدم ناثان ج. روبينسون (Nathan J. Robinson) هذا المصطلح في أحد مقالاته، معلقا على تحويل السباق الانتخابي الأمريكي إلى مادة للترفيه، وتقديم المرشحين كشخصيات مشهورة (celebrities) بدل أن يعطى الاهتمام للبرامج الانتخابية ويسائل كفاءتهم كرؤساء للدولة الأكثر نفوذا على الكوكب. فيكتب -لا يمكن إخطاء نبرة الغضب في صوته-:

«أعترف بأني أكره هذه الأشياء. لا أطيقها. مجرد قراءتها تشعرني وكأن جزءًا من دماغي يتعفن. كما لو كنتُ أتلهى بـ«الخبز والسيرك» عما يهم فعلا. تشعرني أن علي أخذ السياسة مأخذ برامج التلفزيون، مع تجاهل أن لها عواقب فعلية على حياة البشر، التي يتم التعامل معها وكأنها تافهة وغير ذات صلة بالأمر».

وتعبير «الخبز والسيرك» أو «الخبز والألعاب» الذي ورد في إحدى القصائد الهزلية للشاعر الروماني جوفينال Juvenal، ينتقد سياسة الإطعام والترفيه التي تشغل الشعب عن الأمور العامة عبر الإلهاء المنظم. نعم. لستم مخطئين. هذه الوسيلة ليست بهذا القدم فحسب، بل أن ملاحظتها ونقدها هو أيضا ضارب في عمق التاريخ المخجل لإشغال الشعوب وإلهائها. وتحت هذا الضوء، يُمكن قراءة تعفن الدماغ باعتباره وباءً مصنعا طورته الحكومات.

لمستخدمي الشبكات الاجتماعية أنواع أخرى شبيهة من التعابير يشتكي فيها المتعرضون لشتى أنواع المحتوى من أوجاع وأعراض جسدية. مثل: صداع. تُكتب الألفات فيها بما يتناسب مع الصداع الذي يسببه المحتوى، لتكون أحيانا هكذا: صدااااااع، أو حتى أطول. وهي تأتي استجابة لموقف يفتقر للمنطق أو المبادئ الأخلاقية الأساسية أو الذوق والحس السليم، على نحو يصعب معه توجيه نقد محدد، ويسبب شعورا فوريا بالصداع، نتيجة عدم القدرة على التعامل معه لفرط «غبائه». كالاستجابة بـ«صداع» على تغريدة لإيلون ماسك يقول فيها: إن جهود إنهاء الاستعمار، ومقولات مثل «من النهر إلى البحر» تتضمن فعل إبادة بالضرورة. هذه الحالة، تشبه في جوانب عديدة الانفجار بكاءً عندما تغمر المرء مشاعر عارمة لا يمكنه استيعابها والتعامل معها بدرجة معقولة من الثبات العاطفي.

انعدام الحس السليم يُسبب الصداع، لكن الحس الزائد من العواطف يسبب الغثيان (لوعان)، خصوصا الوطنية منها، والمتعلقة بالحب، التسامح، الإيثار، وغيرها من الأمور الإيجابية المبالغ فيها لدرجة تدفع للتشكيك بصدقها.

التعفن له شروطه التي تخص مدى الاستهلاك، ونوعه. من حيث الكم، لا يتم بالضرورة الحديث عن الإدمان. رغم أن الإدمان هو الآخر أمر شائع. عادة ما يُستخدم مصطلح الإدمان في سياق الشبكات الاجتماعية بخفة، رغم أن ما لدينا من معرفة حول الأمر، لا تخبرنا ما إذا كان لإدمان التكنولوجيا الطبيعة نفسها التي للإدمان المادي على الكحول أو المخدرات على سبيل المثال. لا يعني هذا بأي حال من الأحوال التقليل من الأثر السلبي للاستخدام المفرط للشبكات الاجتماعية، ما يعنيه فقط هو مجرد التساؤل ما إذا كان هذا الأثر يستدعي تدخلا إكلينيكيا.

كما يُقال: فإن الوسيلة هي الرسالة، ونوع التكنولوجيا المستخدمة للإعلام تفرض نوع المحتوى الذي يُنتج. لمحتوى الشبكات الاجتماعية مجموعة من الخصائص. فهو يتصف بالقِصر، وبكونه جذاب، ولا يتطلب الكثير من الجهد الذهني. لكن أليست برامج التلفاز جذابة، وأي جهد تتطلبه مشاهدتها؟ لمحتوى الشبكات طبيعة خاصة؛ لأنه مخصص حسب المستخدم أولا، ولأنه -ثانيا- يخضع لعمل خوارزميات تُبقيك مشتبكا مع المحتوى، يُذكرنا هذا بالأبحاث العلمية للتبغ الهادفة لاختبار ما يجعلها أكثر إدمانية لمدخنيها. في ظل عدم وجود التنظيمات التي تُلزم شركات التقنية بالعمل النزيه، ومراعاة الصحة العقلية والنفسية للمستخدمين.

بينما يتم الحديث عن الإدمان في سياق دفعة الدوبامين في دماغك مع كل إشعار، والتلهف للمزيد منه، أيا كان رأينا في هذه المقاربة، وفي الحلول التي تُقترح للتطهر من سموم الشبكات الاجتماعية، يتم الحديث عن التعفن في ضوء آخر. أي في الأثر السلبي طويل الأمد على القدرات الذهنية، الذي لا يحله أي تطهير.

تُخبرنا الجارديان في مقال حول الموضوع نُشر في التاسع من ديسمبر نهاية العام الماضي، بأن الانتباه لهذه الظاهرة، وإن لم يُطلق عليها الاسم نفسه، جاء في دراسة استكشفت أثر الإيميل -وقد كان تقنية جديدة كليا وقتها- على وظائف الدماغ. خلصت الدراسة إلى أن نسبة الذكاء (الـ IQ) تنخفض بمعدل 10 نقاط في المتوسط عند التعرض لوابل متواصل من المعلومات، لما يسببه من حِمل إدراكي زائد (cognitive overload)، أي بقدر يتفوق على الأثر السلبي لتعاطي الحشيش على وظائف الدماغ. يشمل الأثر تقليص سعة الانتباه، وإضعاف الذاكرة، وتشويه العمليات الإدراكية، وتغيير هيكلية الدماغ، التي يُمكن أن يُدلل عليها ماديا -بالإضافة للاختبارات- بتقلص المادة الرمادية في الدماغ (grey matter).

لا أدري إن كانت أساليبنا في التعامل مع الأمر من الخروج بدون هاتف، إلى اقتناء هاتف غير ذكي (حيث يبدو أننا مجبرون على الاختيار بين أن نكون إما نحن أو هواتفنا أذكياء، لكن ليس كلينا)، أو حتى (وأراه كثيرا هذه الأيام) حذف الإنستجرام من الهاتف، والدخول مرة كل عدة أيام من المتصفح - أقول: إنني لا أدري إن كان هذا ما علينا التركيز عليه. الأمر أشبه بإجبارك على التعامل مع تضخم الأسعار بالعمل في وظيفتين، حيث تبقى المشكلة الأصلية قائمة. لكن هذا بالضبط ما يحدث طوال الوقت. يجد المرء نفسه مجبرا على إيجاد حلول فردية لمشاكل جمعية أو هيكلية. دعونا نفكر بالأمر أكثر، ودعونا نتحدث ونتحدث عنه.

نوف السعيدية كاتبة وباحثة عمانية في مجال فلسفة العلوم

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأردني: أحداث الضفة الغربية خطر على العالم كله
  • “كشف الأسرار”.. ترامب يعد بنشر ملفات الاغتيالات الكبرى
  • القادري لـ سانا: ندعو جميع الكوادر التعليمية إلى وضع أنفسهم تحت تصرف مديرياتهم الأصلية التي هم على ملاكها، كما يمكن للراغبين بالنقل تقديم طلباتهم عند فتح باب النقل قريباً، بما يضمن تنظيماً قانونياً وإحصائيات دقيقة
  • إقامة جبرية الحلقة 5.. هنا الزاهد تتسبب في فقدان خطيبها قدمه
  • تعفن الدماغ: التفاهة الممرضة
  • أيمكن للعلم أن يفسّر التأثير الترددي وعلاقته بالطاقة الكونية؟
  • ناسا تصل إلى أقرب نقطة من الشمس في تاريخ البشرية!
  • مبابي: التواضع سر النجاح في ريال مدريد
  • ثم لا ينصرون
  • محمد الشواف تميمة الحظ في دراما مصطفى شعبان برمضان 2025