الدلالات الخطيرة لوجود معارضين سعوديين في صنعاء
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
في خضم الأحداث المتلاحقة التي يغرق فيها اليمن وتتأرجح فيها خيارات الحرب والسلام مع الأولويات الأمريكية الكارثية، ثمة ما يتعين الإضاءة عليه، إنه النشاط اللافت لمعارض سعودي شيعي يدعى علي بن هاشم بن سلمان الحاجي، المنحدر من محافظة الإحساء في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية والذي استقر مؤخراً في صنعاء وبدأ بالترويج للمملكة "الإلهية" الحوثية في اليمن.
لا يؤشر وجود هذا المعارض في صنعاء إلى أن المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة شيعية متطرفة مرتبطة بإيران؛ قد تحولت إلى ملاذ للناشطين المرتبطين بالأجندة الإيرانية فحسب، ولكنه يشير إلى أن جماعة الحوثي تحولت أيضاً إلى بيدق منفلت يجري توظيفه من قبل طهران وحلفها الشيعي في المغامرات الخطرة جداً، ليقين لديها بأنها إنما تستقطع من رأس المال الجيوسياسي الأمريكي الذي يمثله الحوثيون، دونما خوف من فقدان النفوذ والسيطرة قياساً مثلاً بلبنان.
الظهور المتكرر لعلي الحاجي في صنعاء، التي لجأ إليها قادماً من لبنان، إثر إطلاقه تهديدات بنسف السفارة السعودية في بيروت، الهدف المباشر منه هو التأكيد بأن الدولة اللبنانية التي يهيمن عليها حزب الله لم تعد تحتضن هذا المعارض ولم يعد وجوده اختباراً لمدى امتثال الحكومة اللبنانية لمتطلبات الرضا السعودي عن بلد تتقاسمه طوائف متشاحنة، ويبدو في أمس الحاجة للدعم السعودي السياسي قبل المالي لكي يحافظ على استقراره الهش.
تعاني السعودية اليوم من ارتدادات الصفقة البائسة التي أبرمتها مع الحوثيين بضغط أمريكي كبير، وأدت إلى تمكين الحوثيين من مصادرة الصلاحيات السيادية للدولة اليمنية، وأهمها منح وثائق الهوية والسفر، فهذا المعارض يتباهى بحصوله على جواز سفر ينهي كافة القيود التي وضعت أمام مهمته السياسية المعارضة للحكم في المملكة.
وفي المقابل يواجه المئات من السياسيين المناهضين لجماعة الحوثي صعوبات في التنقل وفي العيش حتى في منافيهم، بفعل الضغط الذي يمارسه ما يسمى تحالف دعم الشرعية، بناء على نوايا واضحة لتجريد المشروع الوطني اليمني من أهدافه وطموحاته وثوابته، وإسكات كل صوت ينادي بإنهاء الحرب على قاعدة استعادة الدولة اليمنية والقضاء على مهدداتها.
لذلك يمكن القول إن وجود المعارض السعودي الشيعي علي هاشم الحاجي في صنعاء، يثمل أنموذجاً مصغراً للمنغصات الكثيرة والتهديدات العديدة، التي ستعاني منها السعودية في حال ذهبت إلى خطة سلام تثبِّتُ السلطة المنبوذة لجماعة الحوثي في صنعاء وتمنحها شرعية دولية، في ظل مؤشرات عن تحرك سعودي وشيك يرمي إلى تجديد التواصل المباشر مع الحوثيين بإرسال وفد إلى صنعاء رفقة الوسيط العماني، في أعقاب تصريحات عائمة للمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندر كينج، أكد فيها أن لا حل عسكري للأزمة اليمنية، رغم تأكيدات مماثلة بأن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر تعطل عملية السلام في اليمن.
اليمن في ظل سيطرة الحوثيين لن تكون بأي حال من الأحوال مثل لبنان في ظل هيمنة حزب الله الشيعي؛ الذي يحتكم رغم كل شيء؛ للتركيبة الطائفية المعقدة، ويضطر إلى الامتثال للتوافقات ومراعات مصالح المهيمنين الإقليميين على لبنان والمؤثرين في سياساته ومن بينهم السعودية.يقر هذا الطرح بالتأثير السعودي الفعال وغير القابل للرد في الأزمة اليمنية، خصوصاً من جانب التحالف الهش الذي تمثله السلطة الشرعية، بتركيبتها السياسية المتناقضة والمثيرة للشفقة، فالوضع المزري للسلطة للشرعية، للأسف، ُيُبقي الشعبَ اليمن تحت رحمة النوايا السعودية، التي يبدو أنها تراعي المصالح الذاتية، وتراعي بالقدر ذاته، التوازنات الدولية وتتصرف بحذر شديد تجاه الأولويات الأمريكية، وهي أولويات قاتلة بالنسبة للمشروع الوطني اليمني، بعد الانحياز المكشوف للدولة الامريكية؛ على تعدد إداراتها؛ إلى جانب حلفاء إيران في اليمن ومشروعهم السياسي الطائفي.
اليمن في ظل سيطرة الحوثيين لن تكون بأي حال من الأحوال مثل لبنان في ظل هيمنة حزب الله الشيعي؛ الذي يحتكم رغم كل شيء؛ للتركيبة الطائفية المعقدة، ويضطر إلى الامتثال للتوافقات ومراعات مصالح المهيمنين الإقليميين على لبنان والمؤثرين في سياساته ومن بينهم السعودية.
سيكون لدى جماعة الحوثي مساحة كافية لابتزاز الجار الشمالي، وتهديده وإبقائه تحت رحمة المزاج السياسي والطائفي للجماعة، وستعمل طهران ما بوسعها لتكريس سلطة ندية، مع قدرة على توظيف هذه الندية في كسر المقابل الإقليمي السعودي لها في المنطقة.
لهذا ستصبح صنعاء ملاذاً ليس فقط للمعارضين السياسيين من السعودية وغيرها من دول المنطقة، ولكن أيضاً ستتحول -ـ نرى اليوم ـ إلى غرفة عمليات متكاملة لإدارة مشهد الفوضى في المملكة والمضي في خطة تمكين الأقليات الشيعية في المنطقة، ومنحها عمقاً جغرافياً للتصرف والتأثير، وهو أمر لا يمكن التعاطي معه بتأثير حقيقي، إلا عبر القوة العسكرية أي أن تضطر السعودية إلى خوض جولة حرب جديدة مع طرف سيتمتع هذه المرة بخطوط إمداد مفتوحة مع العالم كله وليس فقط مع إيران.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن السعودية المعارضة السعودية اليمن معارضة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
الرجل الذي اشترى كل شيء.. hبن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي
نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا مطولا عن صندوق الاستثمارات العامة السعودية، وكيف استخدمه ولي العهد محمد بن سلمان لتعزيز سطوته على الدولة، بالإضافة للانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان التي رافقت إنشاءه.
وقالت المنظمة، إنه في غضون سنوات قليلة، تحول "صندوق الاستثمارات السعودي من صندوق
ثروة سيادي غامض ومدار بشكل محافظ إلى أحد أكبر الصناديق وأكثرها شراسة في العالم، حيث تقدر قيمته بأكثر من 925 مليار دولار.
وأضافت أن هذا الارتفاع الصاروخي الذي حققه الصندوق يعود إلى ولي العهد، ورئيس الوزراء، ورئيس الصندوق، والحاكم الفعلي والمستبد محمد بن سلمان، حيث عزز من خلال الصندوق تفرده بالقرار؛ إذ تكاد تنعدم القيود على تصرفه بثروة البلاد، التي من المفترض أن يستفيد منها الشعب السعودي بأكمله.
وأوضحت رايتس ووتش، أن ابن سلمان أشرف على أسوأ فترة لحقوق الإنسان في تاريخ البلاد، بعد أن شن قمعا واسعا وعنيفا على المجتمع المدني، والمعارضين والمحافظين الدينيين، ومنافسي النظام، ورجال الأعمال البارزين. ما منحه سلطة مطلقة على أجهزة الدولة ساعدته على إعادة هيكلة الصندوق.
وأشارت إلى أن الصندوق السيادي السعودي استفاد مباشرة من انتهاكات حقوقية مرتبطة برئيسه محمد بن سلمان، بما يشمل حملة مكافحة فساد عام 2017 تضمنت اعتقالات تعسفية، وانتهاكات بحق المحتجزين، وابتزاز ممتلكات النخبة السعودية.
وتحدثت المنظمة عن تسهيل الصندوق من خلال الشركات التي يملكها انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، حيث استقل المتورطون بالعملية طائرتين تعودان لشركة "سكاي برايم للخدمات الجوية" التي يمتلكها الصندوق السيادي السعودي.
كما ارتبطت انتهاكات حقوق الإنسان ببعض المشاريع التي يديرها الصندوق، وعلى رأسها مشروع مدينة "نيوم"، حيث طردت السلطات السعودية عشرات الأسر من قبيلة الحويطات التي تسكن قرب المشروع.
وأردفت بأن محمد بن سلمان، مدعوما بمجموعة صغيرة من النخبة السعودية غير الخاضعة للمحاسبة، يسيطر على الدعامات الأساسية لاقتصاد البلاد، موظفا المال العام لخدمة مصالحه على حساب الصالح العام بشكل تعسفي.
ولفتت المنظمة إلى أن استثمارات الصندوق تستخدم لغسيل الانتهاكات الحكومية السعودية، إذ يعمد الصندوق لجعل استثماراته في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيره قوة داعمة للسعودية تهدف لحشد دعم أجنبي غير ناقد لأجندة محمد بن سلمان، وإسكات المنتقدين لسياساته وسجل حقوق الإنسان في المملكة.
كما توفر استثمارات الصندوق في البلدان حوافز للسكون عن وصرف الاهتمام عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، ونشر روايات مزيفة عن الإصلاح، ودعم ابن سلمان، رغم مسؤوليته المباشرة عن تلك الانتهاكات.
وذكر التقرير أن الصندوق يلعب لعبة مزدوجة، فقد أظهرت وثائق محاكمات، أن الصندوق زعم أن استثماراته في الخارج تتعلق بالأمن القومي السعودي، لكن حيث ما كان ذلك ملائما سياسيا، يزعم حينها أن استثماراته تستند إلى المنطق الاقتصادي فقط.
وتحدثت هيومن رايتس ووتش، أن ابن سلمان يحاول تلميع صورته، وجذب المستثمرين الأجانب، عبر حفلات تستضيف كبار النجوم في العالم.
كما أشارت المنظمة إلى "الغسيل الرياضي" الذي يعمل على تلميع صورة الحكومة السعودية، عبر استضافة أحداث كبرى، في حين يتم صرف النظر عن الانتهاكات الحقوقية الكبيرة في السعودية.
وبحسب المنظمة، فإنه على الرغم من مزاعم الرياض دعم الاستثمار في الطاقة النظيفة، فإن الصندوق يعتمد بشكل كلي على الوقود الأحفوري.