طهران- أثار الهجوم الإسرائيلي، مطلع أبريل/نيسان الجاري، على القنصلية الإيرانية بالعاصمة السورية دمشق، تساؤلات عن ملكية أراضي البعثات الدبلوماسية، وحدود حصانتها الدبلوماسية، إلى جانب أسباب عدم استعجال طهران في الانتقام رغم الضغوط الشعبية المطالبة بالرد المباشر.

والاثنين الماضي، شنت إسرائيل غارة على قسم من مجمع سفارة إيران في دمشق وسوّته بالأرض، مما أدی إلی مقتل 7 ضباط في الحرس الثوري؛ بينهم قائد العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان العميد محمد رضا زاهدي، ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي.

وتناقلت وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية على لسان محللين ودبلوماسيين أن "الهجوم على قنصلية طهران في سوريا يعني استهداف الأراضي الإيرانية"، لكن دون التطرق إلى الأبعاد القانونية والسياسية لهذه المقولة. فماذا عن صحتها؟

دفاع مشروع

وتوجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى المحامي الدولي والخبير القانوني عبد الصمد خرمشاهي، الذي أكد أنه لا أساس لها في القانون الدولي ولا في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي أُقرت عام 1961 لتحديد الضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول.

وأوضح خرمشاهي أن المواد 22 و24 و30 من اتفاقية فيينا تؤكد حصانة وحرمة البعثات الدبلوماسية وتُلزم الدول المضيفة بضمان أمنها، لكن لا يعني ذلك تبعية أراضي المقرات الدبلوماسية للدول الموفدة.

واعتبر الهجوم على المقرات الدبلوماسية خطوة استفزازية ومخالفة للقوانين والأعراف الدولية، بيد أنها تبرر للدولة المستهدَفة "الدفاع المشروع عن مصالحها وإدانة الجهة المعتدية في الأوساط الدولية والأممية".

من ناحيته، يعقد جاويد قربان أوغلي الدبلوماسي الإيراني والسفير الأسبق في جنوب أفريقيا، مقاربة بين حصانة البعثات الدبلوماسية وأراضي الدول الموفدة.

وأوضح أن تأكيد حرمة البعثات الدبلوماسية واعتبارها -مجازا- بمثابة أراضي الدول الموفدة "يأتي لإبراز وضمان حق الدفاع المشروع للدولة المستهدَفة مقراتها الدبلوماسية في الخارج".

وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد أوغلي أن حرمة البعثات الدبلوماسية لا تقل أهمية عن حرمة أراضي الدول الموفدة، مستدركا أن حق الدفاع المشروع في مثل هذه القضايا لا يعني التعامل بالمثل، ولا بد من متابعته في الوهلة الأولى في الأوساط الدولية والأممية.

سياسة الغموض

وقد تكون الأعراف الدبلوماسية والدولية وضرورة متابعة الملف في المجاميع الأممية سببا يفسر عدم استعجال طهران في الرد رغم تأكيد السلطات الإيرانية أنها اتخذت قرارا بالانتقام قيدته "بالتوقيت الذي تحدده الجمهورية الإسلامية"، لكن للجنرال حسين علائي، مساعد وزير الدفاع الإيراني الأسبق، رأي آخر.

ولا يرى اللواء المتقاعد علائي، الذي سبق أن ترأس قيادة هيئة الأركان للحرس الثوري، ضرورة للالتزام بالأعراف الدولية في التعامل مع "كيان محتل لم يلتزم يوما بأي من الأعراف والقوانين الدولية والأممية، ولا يفرق بين العسكريين والمدنيين العزل، بل يساوي بين الثكنات العسكرية والمقرات الدبلوماسية والمستشفيات ودور العبادة".

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد علائي أن الانتقام الفوري قد يُريح بال "الكيان الصهيوني" في التوقيت الراهن، مؤكدا ضرورة انتهاج طهران سياسة الغموض في تحديد توقيت الثأر لضحايا قنصليتها وتسديد ضربة قاضية للاحتلال لم تكن في الحسبان.

وخلص إلى أن "الانتقام الإيراني لا بد أن يكون وفق خطة معدة بتأن تجعل إسرائيل تقف حتى ذلك الحين على رجل ونصف"، على حد تعبيره.

وأضاف أن الاحتلال سيعرف أن طهران وقوات الحرس الثوري وحركات المقاومة لن تُبقي أيا من خطواته الاستفزازية دون عقاب، مستدركا أنه يتعين على محور المقاومة تبنّي سياسة غامضة تبقي إسرائيل في حالة قلق مستمر بشأن الانتقام "القادم لا محالة".

من جانبه، يعتبر سفير طهران السابق في الأردن ولبنان أحمد دستمالجيان، الهجوم على قنصلية بلاده في حي المزة بدمشق "حادثا مفصليا سيخلف تداعيات بارزة في الإقليم وسيدشن مرحلة جديدة في المنطقة".

وأكد أن الانتقام "لا بد منه"، لكن لن تنجر طهران إلى ما يريده رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو باستدراج الجمهورية الإسلامية إلى حرب مباشرة تنقذه من مستنقع غزة وتمكنه من جعل طهران في مواجهة مباشرة مع حلفائه الغربيين.

رد مركّب

وفي تصريحه للجزيرة نت، رأى الدبلوماسي الإيراني السابق دستمالجيان أنه لا مجال للحديث عن الصبر الإستراتيجي بعد، وأن عدم الرد القاسي قد يحفز "العدو الصهيوني" باستهداف الأراضي الإيرانية بشكل مباشر.

وشدد على أن الأهداف التي سوّلت لنتنياهو تقويض قوة الردع الإيرانية من خلال استهداف قنصليتها في سوريا سوف ترتد عليه وتعود بنتائج عكسية.

وأوضح أن "مثل هذه الانتهاكات قد تجبر طهران على اتخاذ خطوات لتعزيز قوتها الردعية لم تفكر بها من قبل"، لكنه امتنع عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن طبيعة تلك الخطوات المقصودة.

وفي حين يعتقد دستمالجيان أن "الكيان الإسرائيلي قد تجاوز جميع الخطوط الحمر باستهدافه القنصلية الإيرانية في سوريا"، يؤكد أن رد بلاده سيكون مركبا وتكتيكيا لتلبية مطالب الرأي العام الداخلي لمحاسبة الجانب المعتدي، وإستراتيجيا سيعجّل من زوال الاحتلال، حسب كلامه.

وأضاف "إذا كانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحدها قادرة على الصمود بوجه الكيان المحتل وتحديه رغم تلقيه شتى أنواع المساعدات من الدول الغربية، فإن لإيران تحالفات إستراتيجية مع حركات مقاومة بعضها لم تكشف عنها بعد، بانتظار المعركة النهائية التي ستقضي على الاحتلال".

وخلص دستمالجيان إلى أن طهران تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية الهجوم على بعثتها الدبلوماسية بدمشق باستخدام طائرات "إف-35" الأميركية.

وتساءل "كيف يمكن لواشنطن أن تتهم إيران بالوقوف وراء الهجوم على قاعدة البرج 22 الأميركية بالأردن بسبب استخدام حركات المقاومة مسيرات يظن أنها إيرانية الصنع، وتحاول التملص من مسؤوليتها في الهجوم على القنصلية الإيرانية؟".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات البعثات الدبلوماسیة القنصلیة الإیرانیة الهجوم على للجزیرة نت فی سوریا طهران فی

إقرأ أيضاً:

الصين تفتح دائرة الانتقام في حرب الرسوم فما القصة؟

إجراءات ضد دول أخرى

حذرت بكين من أنها ستتخذ إجراءات انتقامية ضد الدول التي تتفاوض على صفقات تجارية مع الولايات المتحدة "على حساب مصالح الصين"، مما أدى إلى تأجيج التوترات العالمية مع مواجهة القوتين الاقتصاديتين العظميين في العالم بشأن الرسوم الجمركية.

اقرأ ايضاًأسعار العملات المشفرة مقابل الدولار

اذ دعت وزارة التجارة الصينية في بيان لها، الاثنين الماضي، ردا على تقارير تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخطط لاستخدام محادثات تجارية مع دول متعددة لمحاولة عزل الصين، هذه الدول إلى الانضمام إلى بكين "لمقاومة التنمر الأحادي الجانب".

وذكرت الوزارة أن "الصين تعارض بشدة أي طرف يتوصل إلى اتفاق على حساب مصالحها". وأضافت: "إذا حدث ذلك، فلن تقبله الصين أبدًا، وستتخذ إجراءات مضادة حازمة بالمثل".

كما تشير تقارير بريطانية إلى أن الصين أصبحت محور حرب ترامب التجارية بعد أن أوقف الرئيس الأميركي موجة من الرسوم الجمركية "المتبادلة" أحادية الجانب على معظم الدول (لمدة 90 يوماً)، لكنه أبقى على رسوم جمركية على السلع الصينية تصل إلى 145 بالمئة. 

فيما وردّت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125 بالمئة على السلع الأميركية.

"انتقام" صيني

يشير استاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الادريسي، في تصريحات خاصة إلى أنه في ظل التوترات المتزايدة بين بكين وواشنطن، خصوصاً في ملفات التجارة والتكنولوجيا والموقف من تايوان، بدأت الصين بالفعل اتخاذ خطوات عملية ذات طابع "انتقامي" تجاه الولايات المتحدة.

فرض قيود على الشركات الأميركية، بما في ذلك تشديد الرقابة على شركات التكنولوجيا، أو فرض غرامات وقيود على شركات مختلفة.

الحد من تصدير المعادن النادرة، حيث بدأت بكين بفرض قيود على تصدير مواد استراتيجية تدخل في الصناعات التكنولوجية والدفاعية، وهو سلاح تستخدمه في الرد على العقوبات الأميركية.

المناورة بملف تايوان كرسائل ضغط على واشنطن

رداً على سؤال بشأن كيف يؤثر هذا التصعيد على فرص التوصل لاتفاق، يقول الإدريسي إن الردود المتبادلة تعمّق فجوة الثقة وتُعقّد المفاوضات، منبهاً في الوقت نفسه إلى أن  التبادل التجاري بين البلدين ضخم، وكل طرف لا يريد حرباً اقتصادية شاملة، ما يعني أن باب الاتفاق لم يُغلق تماماً، لكن الوصول إليه أصبح أكثر صعوبة.

كما تبين ان إدارة ترامب تريد استخدام المحادثات بشأن التعريفات الجمركية المتبادلة مع أكثر من 70 دولة للضغط من أجل المساعدة في عزل بكين مقابل خفض الرسوم الأميركية والحواجز التجارية.

وفي حين قال التقرير إن الاستراتيجية الأميركية تهدف إلى الضغط على بكين لحملها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والتخلي عن موقفها المتحدي، فإن الصين لم تظهر سوى القليل من علامات التراجع .

كلمات دالة:الصينإدارة ترامبالرسوم الجمركيةالتوترات العالميةوزارة التجارة الصينيةالرسوم الأميركية

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

زين حجازي شابة صحفية انضمت مؤخراً لعائلة " موقع البوابة"..بكل إخلاص وحماس.. سأنقل لكم كل ما هو مهم وحصري, وبكل حب وشغف.، سأقدم لكم في رحلتي القادمة محتوى مبهر ..أتمنى أن ينال إعجابكم. الأحدثترند الكشف عن سبب وفاة صبحي عطري.. وهذا ما كشفه عن نفسه قبل رحيله الصين تفتح دائرة "الانتقام" في حرب الرسوم فما القصة؟ تحقيقات "فيفا" تهدد فينيسيوس جونيور بالإيقاف..وريال مدريد يترقب الشرع يتحدث عن أبرز 3 تحديات في المرحلة الانتقالية فرنسا تؤكد دعم الخطة العربية لإعمار غزة وخيار حل الدولتين Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • وسط ترقب دولي للنتائج.. تقدّم إيجابي في المحادثات النووية الإيرانية
  • الهوية العُمانية في الميادين الدبلوماسية
  • الصين تفتح دائرة الانتقام في حرب الرسوم فما القصة؟
  • خبراء عسكريون للجزيرة نت: هذه أهداف مصر من مناورتها الجوية مع الصين
  • الخارجية اللبنانية تستدعي سفير طهران لدي بيروت
  • الخارجية الإيرانية تطالب بضرورة رفع العقوبات المفروضة على طهران
  • دعوات لمظاهرة حاشدة يوم الجمعة المقبل لمحاصرة القنصلية الألمانية برام الله
  • خبراء يكشفون لـ«الأسبوع» مخاطر العملات المشفرة وأسباب صعودها ومستقبلها
  • الخارجية الإيرانية: رفع العقوبات عن طهران مطلب أساسي في محادثاتنا مع واشنطن
  • مفاوضات روما.. كيف تقرأ الأوساط الإيرانية التقدم في المباحثات النووية؟