بعد عصرها الذهبي في السبعينات.. السينما الجزائرية تسعى إلى انطلاقة جديدة
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
متابعة بتجــرد: تبحث السينما الجزائرية التي شهدت عصرها الذهبي في سبعينات القرن العشرين، ثم مرحلة من الانحدار في الثمانينات والتسعينات، عن انطلاقة جديدة، فيما تتسم مواقف السلطات بشأن مستقبل الفن السابع بالتفاوت والتقلّب.
بعد الاستقلال في عام 1962، كان عدد قاعات السينما في الجزائر يبلغ 450، لكنه بات يقتصر اليوم على بضع عشرات.
واعتباراً من الثمانينات، شهدت الجزائر الغنية بالنفط “اختفاء تدريجيا لقاعات السينما، وصناعتها، ومواهبها” بفعل عاملين هما “غياب الاستقرار السياسي” والأزمة الاقتصادية، وفق ما لاحظ المنتج والناقد السينمائي أحمد بجاوي، المعروف بـ”سيد السينما” في الجزائر.
وتفاقم هذا الانحدار خلال “العشرية السوداء” من الحرب الأهلية، مع رحيل الكثير من المهنيين العاملين في هذا المجال، وإغلاق المزيد من قاعات السينما التي وُصفت من بعض المتطرفين بأنها “أماكن للانحلال الخلقي”.
وذكّر بجاوي بأن “السينمائيين في الشتات، مثل ندير مخناش أو رشيد بوشارب، ملأوا الفراغ” خلال هذه المرحلة المظلمة “بإخراج أفلام عن الجزائر”.
في الآونة الأخيرة، أظهر الرئيس عبد المجيد تبون “إرادةً سياسية وإصراراً على دعم السينما”، بحسب بجاوي، من خلال استحداث “هيئة وطنية” في كانون الأول/ ديسمبر الفائت للإشراف على العمل السينمائي، وتشجيع النهوض به، تتمثل مهمتها في “تحفيز الإنتاج المحلي للأفلام وتعزيز المواهب المحلية”.
وعلى النقيض من ذلك، أقر المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، في الرابع من آذار/ مارس، قانونا يهدد بالسجن أي صاحب إنتاج سينمائي ينتهك الدين، أو تاريخ حرب الاستقلال، أو الأخلاق. وهو ما وصفته المخرجة صوفيا جاما بـ”قانون العار”.
وكتبت المخرجة عبر صفحتها على شبكة فيسبوك: “بالأمس الصحافة، واليوم السينما، وغدا الأدب، والرسم، وأي شكل من أشكال الإبداع والتعبير الذي لا يناسبهم، سيتم حظره”.
ومع أن الرئيس تبون أكّد منذ بداية ولايته في كانون الأول/ ديسمبر 2019 رغبته في “وضع صناعة السينما في قلب برنامجه”، من خلال إنشاء وزارة للصناعة السينماتوغرافية، وفق ما أشار إليه المخرج بشير درايس. صُرف النظر عن هذه الوزارة بعد عام واحد فحسب، بسبب النزاعات مع وزارة الثقافة.
وخير مثال على التوتر داخل السلطة بشأن الصناعة السينمائية، ما تعرّض له من عراقيل فيلم درايس عن العربي بن مهيدي، أحد أبطال حرب التحرير (1954-1962) الذي قتله الجيش الفرنسي. وقد بقي هذا العمل محظوراً لمدة ست سنوات قبل عرضه الأول في 4 آذار/ مارس في الجزائر.
بلد السينما
ودعا بجاوي إلى “المزيد من الحرية للسينمائيين”، مشيرا إلى أن “السينما الجزائرية غنية بمواهبها وفقيرة بمواردها”.
ورغم ظهور جيل جديد من السينمائيين، يضطر هؤلاء إلى بذل جهد كبير لإخراج فيلم، وأبلغ مثال على ذلك الصعوبات التي عاناها المخرج أمير بن صايفي (39 عاماً).
وقال صايفي: “لم أحصل على تمويل، إنه إنتاج من تمويلي. ثمة العديد من المحترفين الجزائريين الذين آمنوا بالمشروع وجميعهم منتجون لفيلمي”.
أما زميلته إيمان عيادي (34 سنة)، فوجدت تمويلا في فرنسا، لكنّ الفيلم “صُوّر في الجزائر بالعربية وبفنيين وممثلين جزائريين”.
لكن فؤاد تريفي، وهو مساعد مخرج وشريك مؤسس لأول وكالة لاختيار الممثلين في الجزائر، شدّد على أن الجزائر تظل “بلدا للسينما”.
ورأى أن “ثمة فعلا طاقة ورغبة. هناك جمهور، وهو ما نلمسه خلال المهرجانات”، إذ أن القاعات تكون ممتلئة عن بكرة أبيها.
واعتبر بشير درايس أن “النقص الحاد في قاعات العرض” يحول دون تطوّر القطاع ويجعله “مقتصراً على العروض الخاصة والانتشار المحدود جداً”، داعياً من هذا المنطلق إلى “الاستثمار في دور السينما المتعددة الصالات”.
وافتُتح أول مجمّع من هذا النوع في آب/ أغسطس 2023 بمدينة الشراقة في ضواحي العاصمة الجزائر، ضمن مركز “غاردن سيتي” التجاري، ويضم أربع صالات بمساحة 990 متراً مربعاً. وخلال ستة أشهر، حقق أرباحا بلغت 90 مليون دينار (أكثر من 670 ألف دولار)، وفقًا لمديره رياض آيت عودية.
وإذ أشارت مسؤولة التواصل ريم خالدي إلى أن “جمهوراً كبيراً حضر الافتتاح”، أبرزت أنها “أول دار سينما بهذا الحجم”، مؤكدة الالتزام بـ”تشجيع الأفلام الجزائرية” للنهوض بالسينما الوطنية.
main 2024-04-07 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: فی الجزائر
إقرأ أيضاً:
هكذا تسعى إسرائيل لتحقيق حلم القدس الكبرى
منذ احتلال شرقي مدينة القدس المحتلة عام 1967، سعت سلطات الاحتلال من خلال عدة قوانين وإجراءات على الأرض لتغيير الوضع الديمغرافي في المدينة المحتلة، ومن خلالها نجحت في رفع عدد المستوطنين في شرقي المدينة من صفر في ذلك العام إلى 230 ألفا حتى يومنا هذا، ويسعى الاحتلال لإضافة 150 ألفا آخرين من خلال تحقيق حلم "القدس الكبرى".
وفي الكنيست الإسرائيلي ناقشت اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية هذا الأسبوع، مشروع قانون لضم مستوطنات في محيط القدس إلى المدينة، ووفقا لما هو متّبع فإن هذه اللجنة يجب أن تصادق على مشروع القانون قبل أن يصوت عليه بالقراءة التمهيدية ثم بالقراءات الثلاث حتى يصبح قانونا نافذا.
ويدور الحديث -وفقا لخبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي- عن 3 كتل ضخمة وهي "غوش عتصيون" التي تضم 14 مستوطنة في الجنوب الغربي من القدس، وكتلة "معالي أدوميم" التي تضم 8 مستوطنات تمتد من شرقي القدس وحتى غور الأردن، بالإضافة لكتلة "جفعات زئيف" التي تضم 5 مستعمرات وتقع في الجزء الشمالي الغربي من القدس.
ويعيش في كتلة "غوش عتصيون" الاستيطانية نحو 80 ألف مستوطن، بالإضافة لـ50 ألفا آخرين في كتلة "معالي أدوميم"، و15 ألف مستوطن في كتلة "جفعات زئيف".
ومع ضم التكتلات الثلاث ستمتد "القدس الكبرى" على مساحة تزيد على 600 كيلومتر مربع بما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية، بينما تقوم القدس الآن على مساحة 126 كيلومترا مربعا بما يعادل 1.2 % من مساحة الضفة، بعدما كانت لا تتجاوز حدود المدينة إبّان الحكم الأردني 6.5 كيلومترات مربعة.
إعلانويريد الاحتلال من خلال هذا المشروع اقتلاع 150 ألف مقدسي ممن يتمتعون بحق الإقامة في المدينة لكنهم يعيشون خلف الجدار العازل، ويعمل على إحلال 150 ألف مستوطن مكانهم من أجل حسم كفة الديمغرافيا في المدينة لصالح اليهود بحيث تكون نسبتهم في المدينة 88% مقابل 12% فلسطينيين، وتبلغ نسبة العرب في المدينة المقدسة الآن 39% مقابل 61% يهود.
ورغم أن مشروع قانون مدينة "القدس الكبرى" لم يرَ النور بعد، إلا أن الاحتلال أسس وما زال يؤسس له على الأرض من خلال عمليات هدم متتالية في المناطق التي صودرت أراضيها لصالح إقامة طرق وأنفاق لربط هذه المستوطنات مع مركز مدينة القدس.
هدم وترحيل
ومن بين عمليات الهدم ذات الصلة بهذا المشروع تلك التي حدثت أمس الاثنين في شرقي بلدة العيساوية وشملت مزرعة للمواشي بمساحة 5 دونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع).
ومن بين المتضررين من عملية الهدم المقدسي مازن محيسن الذي قال في حديثه للجزيرة نت إن المنطقة المستهدفة بالهدم يطلق عليها أهالي البلدة اسم "روابي العيساوية" وتمتد حتى منطقة الخان الأحمر بين مدينتي القدس وأريحا.
وأضاف أن أهالي البلدة يستخدمون المنطقة للزراعة وتربية المواشي بسبب منعهم من البناء فيها، لكن الجرافات تلاحق كل المنشآت الحيوانية والزراعية وتدمرها بين الحين والآخر، ومن بينها المزرعة التي هُدمت أمس بعد إجبار أصحابها على إفراغ 3500 رأس من الماشية منها خلال وقت قصير.
وتعيل المزرعة وفقا لمحيسن 10 عائلات، ويؤكد هذا المقدسي الذي يقول إن الهدم ينفذ من أجل الانتقام والتخريب إذ لا تغادر الجرافات قبل أن تحدث أضرارا في كل الممتلكات وتجرف الأراضي بحيث تصبح غير صالحة للاستخدام.
استئصال الوجود الفلسطيني
وتقع هذه المزرعة وفقا للخبير التفكجي في منطقة مشروع "إي 1" (E1) الاستيطاني الذي صودر لصالحه 12 كيلومترا مربعا، وهو يقع ضمن "القدس الكبرى".
إعلانومشروع "إي 1″ اختصارا لـ"شرق واحد" ويقع على حدود البلدات المقدسية عناتا والعيساوية والزعيم والعيزرية وأبو ديس، والتي عزلها الاحتلال بالجدار عن المدينة.
وأضاف التفكجي أن "الجانب الإسرائيلي يعمل منذ فترة طويلة لتحقيق مشروع القدس الكبرى، ففتح أنفاقا واسعة أسفل مدينة بيت جالا لتسهيل ضم كتلة غوش عتصيون، وفي ذات الوقت فتح مجموعة من الأنفاق، وهناك أخرى قيد الإنشاء في المنطقة الشرقية من القدس وستربط مستعمرات معاليه أدوميم بالمدينة".
وختم خبير الخرائط والاستيطان حديثه للجزيرة نت بالقول إن الرؤيا الإسرائيلية الإستراتيجية تندرج ضمن إطارين الأول توصيل مدينة القدس لغور الأردن، وبالتالي قطع شمال الضفة الغربية ووسطها عن جنوبها، والثاني إطار ديمغرافي وجغرافي لفرض السيطرة الكاملة على المنطقة، وعدم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس.