متابعة بتجــرد: تبحث السينما الجزائرية التي شهدت عصرها الذهبي في سبعينات القرن العشرين، ثم مرحلة من الانحدار في الثمانينات والتسعينات، عن انطلاقة جديدة، فيما تتسم مواقف السلطات بشأن مستقبل الفن السابع بالتفاوت والتقلّب.

بعد الاستقلال في عام 1962، كان عدد قاعات السينما في الجزائر يبلغ 450، لكنه بات يقتصر اليوم على بضع عشرات.

وكان لديها متحف سينمائي مشهور، فيما كانت الأعمال التي تنتجها تتسم بالجودة العالية، توّجها في 1975 فوز محمد لخضر حمينة بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عن فيلمه “وقائع سنين الجمر”.

واعتباراً من الثمانينات، شهدت الجزائر الغنية بالنفط “اختفاء تدريجيا لقاعات السينما، وصناعتها، ومواهبها” بفعل عاملين هما “غياب الاستقرار السياسي” والأزمة الاقتصادية، وفق ما لاحظ المنتج والناقد السينمائي أحمد بجاوي، المعروف بـ”سيد السينما” في الجزائر.

وتفاقم هذا الانحدار خلال “العشرية السوداء” من الحرب الأهلية، مع رحيل الكثير من المهنيين العاملين في هذا المجال، وإغلاق المزيد من قاعات السينما التي وُصفت من بعض المتطرفين بأنها “أماكن للانحلال الخلقي”.

وذكّر بجاوي بأن “السينمائيين في الشتات، مثل ندير مخناش أو رشيد بوشارب، ملأوا الفراغ” خلال هذه المرحلة المظلمة “بإخراج أفلام عن الجزائر”.

في الآونة الأخيرة، أظهر الرئيس عبد المجيد تبون “إرادةً سياسية وإصراراً على دعم السينما”، بحسب بجاوي، من خلال استحداث “هيئة وطنية” في كانون الأول/ ديسمبر الفائت للإشراف على العمل السينمائي، وتشجيع النهوض به، تتمثل مهمتها في “تحفيز الإنتاج المحلي للأفلام وتعزيز المواهب المحلية”.

وعلى النقيض من ذلك، أقر المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، في الرابع من آذار/ مارس، قانونا يهدد بالسجن أي صاحب إنتاج سينمائي ينتهك الدين، أو تاريخ حرب الاستقلال، أو الأخلاق. وهو ما وصفته المخرجة صوفيا جاما بـ”قانون العار”.

وكتبت المخرجة عبر صفحتها على شبكة فيسبوك: “بالأمس الصحافة، واليوم السينما، وغدا الأدب، والرسم، وأي شكل من أشكال الإبداع والتعبير الذي لا يناسبهم، سيتم حظره”.

ومع أن الرئيس تبون أكّد منذ بداية ولايته في كانون الأول/ ديسمبر 2019 رغبته في “وضع صناعة السينما في قلب برنامجه”، من خلال إنشاء وزارة للصناعة السينماتوغرافية، وفق ما أشار إليه المخرج بشير درايس. صُرف النظر عن هذه الوزارة بعد عام واحد فحسب، بسبب النزاعات مع وزارة الثقافة.

وخير مثال على التوتر داخل السلطة بشأن الصناعة السينمائية، ما تعرّض له من عراقيل فيلم درايس عن العربي بن مهيدي، أحد أبطال حرب التحرير (1954-1962) الذي قتله الجيش الفرنسي. وقد بقي هذا العمل محظوراً لمدة ست سنوات قبل عرضه الأول في 4 آذار/ مارس في الجزائر.

بلد السينما

ودعا بجاوي إلى “المزيد من الحرية للسينمائيين”، مشيرا إلى أن “السينما الجزائرية غنية بمواهبها وفقيرة بمواردها”.

ورغم ظهور جيل جديد من السينمائيين، يضطر هؤلاء إلى بذل جهد كبير لإخراج فيلم، وأبلغ مثال على ذلك الصعوبات التي عاناها المخرج أمير بن صايفي (39 عاماً).

وقال صايفي: “لم أحصل على تمويل، إنه إنتاج من تمويلي. ثمة العديد من المحترفين الجزائريين الذين آمنوا بالمشروع وجميعهم منتجون لفيلمي”.

أما زميلته إيمان عيادي (34 سنة)، فوجدت تمويلا في فرنسا، لكنّ الفيلم “صُوّر في الجزائر بالعربية وبفنيين وممثلين جزائريين”.

لكن فؤاد تريفي، وهو مساعد مخرج وشريك مؤسس لأول وكالة لاختيار الممثلين في الجزائر، شدّد على أن الجزائر تظل “بلدا للسينما”.

ورأى أن “ثمة فعلا طاقة ورغبة. هناك جمهور، وهو ما نلمسه خلال المهرجانات”، إذ أن القاعات تكون ممتلئة عن بكرة أبيها.

واعتبر بشير درايس أن “النقص الحاد في قاعات العرض” يحول دون تطوّر القطاع ويجعله “مقتصراً على العروض الخاصة والانتشار المحدود جداً”، داعياً من هذا المنطلق إلى “الاستثمار في دور السينما المتعددة الصالات”.

وافتُتح أول مجمّع من هذا النوع في آب/ أغسطس 2023 بمدينة الشراقة في ضواحي العاصمة الجزائر، ضمن مركز “غاردن سيتي” التجاري، ويضم أربع صالات بمساحة 990 متراً مربعاً. وخلال ستة أشهر، حقق أرباحا بلغت 90 مليون دينار (أكثر من 670 ألف دولار)، وفقًا لمديره رياض آيت عودية.

وإذ أشارت مسؤولة التواصل ريم خالدي إلى أن “جمهوراً كبيراً حضر الافتتاح”، أبرزت أنها “أول دار سينما بهذا الحجم”، مؤكدة الالتزام بـ”تشجيع الأفلام الجزائرية” للنهوض بالسينما الوطنية.

main 2024-04-07 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: فی الجزائر

إقرأ أيضاً:

الجزائر تؤكد موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية خلال استقبال الشيخ عكرمة صبري

استقبل وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، صباح اليوم، بمقر الوزارة، فضيلة الشيخ عكرمة سعيد عبد الله صبري، خطيب المسجد الأقصى، والوفد المرافق له، في لقاء يعكس عمق العلاقات الأخوية بين الجزائر وفلسطين، ويؤكد التزام الجزائر الثابت بدعم القضية الفلسطينية.

وخلال اللقاء، وجه العيد ربيقة تحية إجلال وإكبار للشعب الفلسطيني على صموده البطولي أمام الاعتداءات المتكررة التي تستهدف مختلف فئاته، من أطفال ونساء وشيوخ. كما جدّد التأكيد على موقف الجزائر الثابت في دعم الشعوب المستعمَرة التي تكافح من أجل نيل حريتها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مشددًا على أن الجزائر، بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تدرك جيدًا ثمن الحرية، وستظل وفية لمبادئها المستمدة من قيم الثورة التحريرية.

وأضاف الوزير أن موقف الجزائر في دعم القضية الفلسطينية ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية، ويهدف إلى تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

من جهته، عبّر فضيلة الشيخ عكرمة صبري عن امتنانه العميق لجهود الجزائر في دعم القضية الفلسطينية، مشيدًا بمواقف الرئيس عبد المجيد تبون ومساندته المستمرة لنضال الشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه المشروعة.

يأتي هذا اللقاء ليؤكد مرة أخرى أن الجزائر تظل صوتًا قويًا ومدافعًا شرسًا عن القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تحظى بدعم رسمي وشعبي لا يتزعزع.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل محاكمة المتهمين بسرقة التابوت الذهبي للكاهن نجم عنخ وتهريبه
  • سعد الشهري: انطلاقة قوية مع الاتفاق والمهم هو الاستمرارية
  • الجزائر.. توقيف "كوكو القرش" بعد فيديو خادش للحياء
  • وزير الاستثمار: الحكومة تسعى إلى منح الفرصة للقطاع الخاص لقيادة التنمية الاقتصادية
  • الجزائر تؤكد موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية خلال استقبال الشيخ عكرمة صبري
  • ريتشارد غير يُكرَّم بجائزة غويا لمساهمته في السينما والعمل الإنساني!
  • تردد قناة الفجر الجزائرية 2025.. كيف يتم تنزيلها على نايل سات ؟
  • وزير الثقافة: نشر الوعي بمثابة الدرع الوحيد لمجابهة الأفكار السلبية
  • رابطة الكُتاب الأردنيين في يوبيلها الذهبي.. ذاكرة موشومة بالصبر وجمر الكلمات
  • انطلاقة بطولة الاتحاد السعودي للرياضة الجامعية للتايكوندو بجامعة تبوك