في أفريقيا.. استكشف التاريخ الروحي لشلال مقدسأُجريت فيه الطقوس قديمًا
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "لا يمكن لأحد أن يقول إنّ الرّب غير موجود عندما نرى العجائب التي صنعها الإله هنا".هكذا كان رد فعل سيباستياو جاسبار أجوستينيو عندما زار شلالات "كالاندولا" للمرة الأولى.
وخاض أجوستينيو، برفقة مجموعة من النساء من كنيسته، رحلة على متن حافلة لساعات لرؤية الشلالات فقط، والذي يُعد من أكبر الشلالات في إفريقيا، وكان الأمر يستحق عناء السفر.
وقال أجوستينيو: "لقد شاهدت شلالات كالاندولا على شاشة التلفزيون، ورأيت صورًا لشلالات كالاندولا، ولكن اليوم، عند رؤيتها شخصيًا، إنّ التأثير مختلف".
وتقع الشلالات على بُعد 400 كيلومتر تقريبًا شرق عاصمة أنغولا، لواندا، وفي مقاطعة مالانجي بالتحديد.
وتقليديًا، يُعتَبَر هذا المعلم الطبيعي مقدسًا، ويمكن للزوار الذين يستمتعون به بصفة شخصية أن يفهموا السبب.
تُعد شلالات "كالاندولا" في أنغولا من أكبر الشلالات في إفريقيا. Credit: Nick Migwi/CNNويصل الزوار إلى الشلالات عن طريق المشي عبر حقل منبسط من الحجارة الكبيرة المؤدية إلى الحافة العلوية للشلالات.
ومن هناك، يمكن الحصول على حس حقيقي لحجم وقوة شلالات "كالاندولا"، ويمتد عرضها إلى 400 متر، بينما تسقط المياه منها سقوط من ارتفاع 100 متر.
تاريخ روحي هذه الشلالات غير معروفة بشكلٍ كبير داخل البلاد وخارجها. Credit: Nick Migwi/CNNيُحيط هذا المعلم طبقة من الضباب البارد يقول السكان المحليون إنّه جزء من تاريخه الروحي.
وشرح مدير السياحة والثقافة في كالاندولا، نيلسون أندريه: "يقول المسنون إنّ شلالات كالاندولا كانت في الماضي مكانًا مقدسًا"، ومن ثم أضاف: "إنّه موقع أُجريت فيه الطقوس لتهدئة الآلهة، وطلب الرفاهية، والصحة، والرخاء للمجتمع بشكلٍ عام".
وللاستمتاع بتجربة الشلالات بشكلٍ كامل، يحتاج الزوار إلى خوض طريق صخري شديد الانحدار يأخذهم إلى الأسفل.
تقع الشلالات على بُعد 400 كيلومتر تقريبًا شرق عاصمة أنغولا، لواندا. Credit: Nick Migwi/CNNويستغرق المشي على طول جزء من نهر "لوكالا" الذي يغذي شلالات "كالاندولا" 30 دقيقة تقريبًا.
ويُكافأ الذين يكملون الرحلة بمشهدٍ خلاب من شأنه إبهار متابعيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كنز مخبأ قيل إنّ هذه الشلالات كانت مكانًا مقدسًا في الماضي. Credit: Nick Migwi/CNNوأكد بيدرو فرانسيسكو، وهو مرشد محلي يأخذ الأشخاص إلى أسفل الشلالات كل يوم: "كل من يأتي هنا يشعر بالشعور ذاته الذي أشعر به، لأنّ ما يظهره لنا هذا المشهد الطبيعي مذهل".
وتابع قائلاً: "يمكنك أن تأتي إلى هنا مع مشاكلك، وعندما تتوجّه للأسفل هنا، يعصف كل شيء. وستنسى كل المشاكل التي تعاني منها".
وتُعتبر شلالات "كالاندولا" كنزًا مخفيًا في أنغولا، ويعود ذلك جزئيًا إلى عدم الترويج لها بشكلٍ كبير كوجهةٍ سياحية، وبسبب موقعها أيضًا.
شَهِدت هذه الشلالات بعض الطقوس في الماضي. Credit: Nick Migwi/CNNولا يوجد سوى طريق رئيسي واحد يربط المنطقة بلواندا، وتمتلئ أجزاء كبيرة منه بالحُفَر، أو التلف، لذا فإنّ الوصول يتطلب رحلة طويلة ووعرة.
ورُغم عدم وجود مطاعم أو متاجر بالقرب من الشلالات حاليًا، ما يجعلها نقطة الجذب الوحيدة للزوار في المنطقة، إلا أنّ السلطات المحلية تريد تغيير ذلك.
ترحيب ودّي يخلق الرذاذ الناجم عن الشلالات والممزوج بأشعة الشمس قوس قزح ساحر يكاد يكون دائمًا خلال ساعات النهار. Credit: Nick Migwi/CNNيوجد فندق واحد في المكان، وهو عبارة عن مرفق متواضع للغاية للمبيت والإفطار، ولكن في موقعٍ شبه مثالي.
ويُدعى الفندق Pousada Quedas de Kalandula، وهو يقع على هضبة خضراء مورِقة وحده بجوار المياه المتساقطة.
ويمكن للضيوف المقيمين فيه رؤية الشلالات من شرفاتهم، والاستمتاع بوجبة الإفطار في الفناء الذي يوفر إطلالة خالية من العوائق.
كما أنّه يوفر فرصًا رائعة لالتقاط الصور.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أفريقيا أنغولا رحلات
إقرأ أيضاً:
65 عامًا على وضع حجر الأساس للسد العالي.. معجزة مصرية صنعت التاريخ
تحل اليوم ذكرى مرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس لبناء السد العالي، الذي يُعتبر أحد أعظم المشروعات القومية في تاريخ مصر الحديث.
ففي 9 يناير 1960، تم البدء في إنشاء هذا الصرح العملاق على يد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ليكون شاهدًا على إرادة المصريين في بناء مستقبلهم بأيديهم، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي.
يعتبر السد العالي من أعظم الإنجازات الهندسية في القرن العشرين، وركيزة أساسية في التنمية الزراعية والصناعية بمصر.
البداية.. مشروع تحدٍ وإصراربدأ التفكير في بناء السد العالي في خمسينيات القرن الماضي، كحل استراتيجي للتحكم في مياه نهر النيل، التي كانت تتسبب في فيضانات كارثية تهدد الأراضي الزراعية وتؤدي إلى خسائر فادحة.
كان الهدف من المشروع هو تحقيق الأمن المائي لمصر، وتخزين المياه اللازمة لري الأراضي الزراعية، إلى جانب توليد الكهرباء لدعم النهضة الصناعية.
في 9 يناير 1960، تم وضع حجر الأساس للمشروع بحضور الرئيس جمال عبد الناصر وكبار المسؤولين، ليبدأ العمل في تنفيذ المشروع بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي، الذي قدم الدعم الفني والمالي لإنجاز هذا الحلم الكبير.
لم يكن بناء السد العالي مجرد مشروع هندسي، بل كان تحديًا كبيرًا أمام مصر في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة.
الأزمة السياسية وتمويل المشروعواجه المشروع عرقلة كبيرة بعد انسحاب الولايات المتحدة والبنك الدولي من تمويله، مما دفع مصر إلى تأميم قناة السويس في عام 1956 لتوفير التمويل اللازم.
أثبتت هذه الخطوة جرأة القيادة المصرية، ووفرت موارد مالية كبيرة لبناء السد.
التحديات الهندسيةكان بناء السد العالي مشروعًا هندسيًا غير مسبوق، تطلب استخدام تقنيات متطورة وجلب خبراء من دول مختلفة.
بلغ طول السد حوالي 3.6 كيلومتر وارتفاعه 111 مترًا، وهو ما جعله أحد أكبر السدود في العالم في ذلك الوقت.
قوة السد العالي وأهميته الاستراتيجيةيعتبر السد العالي تحفة هندسية بكل المقاييس، إذ يتمتع بتصميم قوي يتيح له أداء وظائفه بكفاءة عالية منذ افتتاحه في عام 1971 وحتى اليوم. من أبرز مزاياه:
1. توليد الكهرباء:
يضم السد العالي محطة كهرومائية بقدرة إنتاجية تصل إلى 2.1 جيجاوات، ما ساهم بشكل كبير في توفير الطاقة الكهربائية لدعم التنمية الصناعية وتلبية احتياجات السكان.
2. التحكم في مياه النيل:
بفضل السد العالي، أصبحت مصر قادرة على التحكم في مياه النيل، وتخزين ما يصل إلى 162 مليار متر مكعب من المياه في بحيرة ناصر، أكبر بحيرة صناعية في العالم.
3. حماية الأراضي الزراعية:
ساهم السد في حماية الأراضي الزراعية من الفيضانات المدمرة التي كانت تحدث قبل إنشائه، وأدى إلى توفير المياه اللازمة لري ملايين الأفدنة طوال العام.
4. دعم التنمية الزراعية والصناعية:
أتاح السد العالي ري الأراضي الجديدة، مما ساعد في زيادة الإنتاج الزراعي، ودعم الصناعات المرتبطة بالزراعة مثل صناعة السكر.
السد العالي في مواجهة التحديات البيئية
رغم الفوائد الهائلة للسد العالي، إلا أنه واجه انتقادات بيئية بسبب التأثيرات الناتجة عن بناء بحيرة ناصر، التي أدت إلى تهجير آلاف السكان النوبيين من قراهم القديمة. كما تسببت البحيرة في تغير النظام البيئي للنيل، وهو ما استدعى تنفيذ برامج لتعويض السكان المتضررين، ومواجهة تحديات البيئة.
الإرث التاريخي للسد العالي
يظل السد العالي رمزًا للإرادة المصرية وقدرتها على تخطي الصعاب. فهو ليس مجرد مشروع هندسي، بل هو شهادة على التحدي والطموح في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وبعد مرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس، يبقى السد العالي أعجوبة هندسية قائمة، ومحورًا رئيسيًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمصر.
في ذكرى الاحتفال بمرور 65 عامًا على وضع حجر الأساس لهذا الصرح العظيم، يظل السد العالي شاهدًا على وحدة المصريين وإصرارهم على تحقيق الاستقلال والنهضة، واليوم يُعد نموذجًا يحتذى به في العمل الوطني، ومصدر فخر لكل مصري.
رحلة السد العالي ستظل دائمًا ملهمة لأجيال المستقبل، ومثالًا حيًا على قدرة الإنسان على تحويل الأحلام إلى واقع ملموس.