موسكو- باتت شركة "نوفاتيك" الروسية لإنتاج الغاز المسال أمام تحد خطير بعد الإعلان عن تجميد تنفيذ مشروع "الغاز الطبيعي المسال 2 في القطب الشمالي" الذي تشرف عليه، وسط مخاوف من أن يؤدي هذا القرار في وقت لاحق إلى وقف الإنتاج تماما لهذه السلعة الإستراتيجية.

بما لا تشتهي "الناقلات"

ووفقا لرويترز التي أوردت الخبر عن مصادر وصفتها بالمطلعة داخل الشركة، فقد جاء قرار تجميد الإنتاج في المشروع بسبب العقوبات ونقص الناقلات، مما يعطل عملية التوريد إلى أسواق الغاز الطبيعي المسال الآسيوية من خلال الطريق البحري الشمالي، والتي لا يمكن تأمينها إلا عبر ناقلات مخصصة للظروف الجليدية.

ولم تستجب "نوفاتيك" لطلب الجزيرة نت التعليق على صحة الخبر لجهة النفي أو التأكيد.

وقبل ذلك، كان من المخطط بناء 3 قطارات لتسييل الغاز بسعة 6.6 ملايين طن، لكن إنتاج الغاز في المشروع انخفض في فبراير/شباط من العام الحالي بشكل حاد بعد أن جمد المساهمين الأجانب المشاركة.

وتشارك مئات الشركات الروسية في إنتاج الخطوط التكنولوجية فضلا عن نحو 80 ألف فرصة عمل وفرها المشروع في مناطق عديدة في روسيا.

وأعلنت "نوفاتيك" في وقت سابق أنها ستمضي في تنفيذ المشروع على الرغم من العقوبات الأميركية التي فرضت عليها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبصرف النظر كذلك عن ارتفاع تكلفته إلى نحو 25 مليار دولار، بعد أن كانت تقدر بنحو 21.3 مليار دولار.

قرار تجميد الإنتاج في المشروع جاء بسبب العقوبات ونقص الناقلات (أسوشيتد برس) خلل في الحسابات

وترجع الزيادة الكبيرة في التكلفة لأسباب عدة، من أهمها الارتفاع الحاد في أسعار المعدات والحاجة إلى استبدال جزء منها، إذ كان يتعين على موردين غربيين توفيرها قبل سن العقوبات الأميركية على الشركة. لكن شركة بيكر هيوز الأميركية التي كانت مسؤولة عن ذلك تمكنت من تسليم 4 وحدات فقط.

كما أن التحول إلى محركات الأقراص الكهربائية في الخطين الثاني والثالث من المشروع وزيادة الاحتياجات من الكهرباء أسهم كذلك في زيادة التكلفة.

مشروع إستراتيجي

ومشروع القطب الشمالي للغاز الطبيعي المسال 2 يعتبر بمثابة محطة للغاز المسال تقع في شبه جزيرة غيدان شمال سيبيريا، ويشكل عنصرا أساسيا في إستراتيجية الطاقة الروسية، تعول عليه موسكو لمضاعفة عائداتها. كما أنه من الممكن أن يوفر في حال نجاحه حافزا لمزيد من الاستثمارات في مشاريع مماثلة، علاوة عن إبرازه للدور المتنامي للصين كمورد رئيسي للمعدات التكنولوجية لروسيا، وفي ذات الوقت كأكبر مشتر للغاز الطبيعي المسال منها.

و"نوفاتيك" هي أكبر منتج روسي للغاز الطبيعي المسال والسابع عالميا من حيث القدرة الإنتاجية، لكن مشروعها الطموح تأثر بعد أن جمد المساهمون الأجانب مشاركتهم فيه، مما أدى إلى انخفاض إنتاج الغاز بشكل حاد.

ووفق تقارير روسية، تعتبر إسبانيا أكبر جهة تقوم بعمليات إعادة تصدير الغاز الروسي إلى بلد ثالث. واستنادا إلى بيانات من الأقمار الصناعية لتتبع السفن، اشترت 4 شركات سويسرية وباعت أكثر من مليون طن من الغاز الطبيعي المسال الروسي في إسبانيا عام 2023.

خضوع المستثمرين الأجانب للضغوط الأميركية أثر على قدرة روسيا في مواجهة العقوبات (أسوشيتد برس) خسائر بدل الأرباح

ويعتقد المحلل الاقتصادي ألكسندر كيسلوف أن مشروع الغاز الطبيعي فوق الدائرة القطبية شكل "اختبارا حقيقيا" لقدرة روسيا على تجاوز العقوبات الغربية، لكن خضوع المستثمرين الأجانب للضغوط الأميركية أثر بشكل ملموس -لا يمكن نفيه- على نجاح إطلاقه.

وحسب رأيه، أصبحت الكرة الآن في ملعب الشركة "نوفاتيك" والحكومة الروسية على حد سواء للبحث عن موردين جدد لناقلات الغاز للمشروع لتأمين عمليات البيع والنقل، لكن هذه المهمة من المرجح أن تواجه صعوبات كبيرة، وتستغرق وقتا طويلا.

ويوضح كيسلوف هنا أن الحصول على ناقلات للغاز في الظروف "الجليدية" ليست أمرا يسيرا في هذه الظروف، فهي ليست مجرد حوض بمحرك، بل تقنية معقدة ومكلفة، نظرا للخصائص التقنية والميكانيكية التي يجب أن تتوفر فيها للعمل في ظروف الشمال الروسي القارص.

أبعد من مجرد عقوبات

ويؤكد المتحدث أنه كان لا بد للولايات المتحدة اتخاذ كل ما من شأنه من إجراءات لوقف إنتاج الغاز المسال في المشروع وخفض الإنتاج إلى الحد الأدنى، لأن من شأن ذلك إخراج روسيا من سوقها الرئيسية، وفي ذات الوقت وضع العالم أمام خيار التكيف مع الحقائق الجديدة في الاقتصاد العالمي الذي تريد واشنطن أن يخضع لها.

لكن الخبير الاقتصادي، فيكتور لاشون، يبدو أكثر تفاؤلا لجهة سرعة حل المشكلة، إذ يقول للجزيرة نت إنه رغم العقوبات المفروضة على مشروع القطب الشمالي للغاز الطبيعي المسال 2 وتبعاتها، فإنه إذا كان المنتج (الغاز) مطلوبا، فسيتم بيعه في نهاية المطاف حتى بوجود عراقيل.

ويتابع أن الولايات المتحدة تحاول تعزيز وجودها أكثر في سوق الغاز الطبيعي المسال وتنظر إلى مشروع القطب الشمالي للغاز الطبيعي المسال 2 كمنافس مباشر يهدد مصالحها.

حلول بديلة

وأعرب المتحدث عن اعتقاده أن "نوفاتيك" ستجد نوعا من الحلول البديلة للخروج من الموقف الحرج للتمكن من تصدير الغاز الطبيعي، مقدرا أن العقوبات الأميركية المفروضة منذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على "الغاز الطبيعي المسال-2 في القطب الشمالي" ستحرم روسيا من 3-4% من سوق الغاز الطبيعي المسال.

ومن هذه الحلول، تشكيل (أسطول ظل) من ناقلات النفط، لأن الحديث يدور عن عشرات الآلاف من السفن في العالم، في حين الوضع مع ناقلات الغاز أكثر تعقيدا إلى حد ما. ومن وجهة النظر هذه، قد تكون مقاطعة مورمانسك (شمال-غرب روسيا) هي المكان الأمثل البديل لبناء مصنع للغاز الطبيعي المسال، حيث لن تكون هناك حاجة إلى الناقلات الخاصة لنقل الغاز إلى وجهته التصديرية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الغاز الطبیعی المسال للغاز الطبیعی المسال الطبیعی المسال 2 القطب الشمالی إنتاج الغاز فی المشروع

إقرأ أيضاً:

روسيا تتصدر وهذا موقف العراق.. أكثر 10 دول حرقًا للغاز حول العالم

الاقتصاد نيوز - متابعة

تُظهر قائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم نجاحَ العراق والجزائر في تسجيل تراجع، لكنهما ما زالتا ضمن الدول المتصدرة، في حين كانت السعودية الأقل حرقًا في هذه القائمة، كما أنها ثاني أقل الدول المنتجة للنفط من حيث كثافة حرق الغاز لكل برميل، بعد النرويج.

وبحسب بيانات حديثة حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، ارتفع حرق الغاز عالميًا إلى 148 مليار متر مكعب في عام 2023، مقابل 139 مليار متر مكعب خلال 2022، أي بمقدار زيادة 9 مليارات متر مكعب.

وتسببت زيادة كمية حرق الغاز -حرق الغاز المصاحب لأنشطة استخراج النفط- العام الماضي في إضافة انبعاثات جديدة تُقدَّر بـ23 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

ويأتي 75% من إجمالي حرق الغاز عالميًا من الـ9 دول الأوائل في القائمة -أي باستثناء السعودية- تمثّل 46% من إنتاج النفط العالمي، في حين كان يمكن استعمال ذلك الغاز في تحسين وصول الطاقة بالدول الأكثر فقرًا عالميًا؛ إذ تكفي الكمية المحروقة لمضاعفة توليد الكهرباء في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

روسيا

ارتفعت كمية حرق الغاز في روسيا، خلال العام الماضي، بمقدار 2.9 مليار متر مكعب، لتظل على رأس قائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وسجّلت كمية حرق الغاز في روسيا نحو 28.4 مليار متر مكعب خلال عام 2023، مقابل 25.5 مليار متر مكعب في 2022، رغم تراجع إنتاج النفط في البلاد، وفق تقرير حديث صادر عن البنك الدولي.

وأرجع البنك الدولي ارتفاع كمية حرق الغاز في البلاد إلى إعطائها الأولوية لإنتاج النفط دون ضخ استثمارات لاستعادة واستعمال الغاز المصاحب، بالإضافة إلى تدهور حالة منشآت النفط والغاز لنقص المعدّات واضطراب سلاسل التوريد، بسبب الحرب القائمة مع أوكرانيا.

إيران

سجّلت إيران أكبر زيادة في كمية حرق الغاز عالميًا، خلال العام الماضي، بلغت 3.2 مليار متر مكعب، على أساس سنوي، لتحلّ في المركز الثاني بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وسجّلت كمية حرق الغاز في إيران العام الماضي نحو 20.4 مليار متر مكعب، مقابل 17.2 مليار متر مكعب في عام 2022، وسط ارتفاع إنتاج النفط بنسبة 10%.

وارتفعت كثافة حرق الغاز لبرميل النفط الخام الإيراني العام الماضي إلى 15.4 متر مكعب، مقابل 14.3 متر مكعب للبرميل في عام 2022، وهو أعلى رقم سجّلته البلاد منذ بدء تقديرات حرق الغاز المستندة إلى الأقمار الصناعية في عام 2012.

العراق

نجح العراق في خفض كمية حرق الغاز خلال 2023، بمقدار 200 مليون متر مكعب، ولكنه ظل بالمركز الثالث في قائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وتراجع حرق الغاز في العراق إلى 17.7 مليار متر مكعب خلال 2023، مقابل 17.9 مليار متر مكعب في عام 2022، وفق البيانات التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

ويسعى العراق إلى التوقف عن حرق الغاز بنهاية العقد الحالي من خلال مرحلتين، الأولى مدتها نحو 3 سنوات، والمرحلة الثانية 5 سنوات، واستعماله في زيادة إنتاجها من ذلك الوقود الأحفوري الذي يشكّل المزيج الرئيس لتوليد الكهرباء في البلاد.

وأشارت تصريحات حكومية العام الماضي (2023) إلى أن خسائر بغداد من عدم وقف حرق الغاز المصاحب لعمليات النفط وصلت إلى 12 مليار دولار سنويًا.

الولايات المتحدة

ارتفعت كمية حرق الغاز في الولايات المتحدة خلال 2023 على أساس سنوي بمقدار 1.6 مليار متر مكعب، لتحلّ في الترتيب الرابع بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وزادت كمية حرق الغاز في أميركا إلى 9.6 مليار متر مكعب خلال العام الماضي، مقابل 8 مليارات متر مكعب في العام السابق له، نتيجة ارتفاع إنتاج النفط بنسبة 9%.

ومع ارتفاع إنتاج النفط الأميركي، زادت كثافة حرق الغاز للبرميل إلى مترَين مكعبين في عام 2023، مقابل 1.8 مترًا مكعبًا للبرميل خلال 2022.

وكانت غالبية الزيادة في أحجام وكثافة حرق الغاز خلال العام الماضي، في مناطق النفط الصخري، خاصة حوض برميان وإيغل فورد.

فنزويلا

تراجعت كمية حرق الغاز في فنزويلا على أساس سنوي خلال العام الماضي بمقدار 300 مليون متر مكعب، وهو الانخفاض للعام الثالث على التوالي.

وانخفضت كمية حرق الغاز في البلاد إلى 8.3 مليار متر مكعب خلال 2023، مقابل 8.6 مليار متر مكعب في 2022، لتأتي خامسةً بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وجاء الانخفاض على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط في فنزويلا، لكن تقرير البنك الدولي دعا إلى تنفيذ تدابير لاستعادة واستعمال الغاز المصاحب، محذّرًا من أن ارتفاع إنتاج الخام سيؤدي في النهاية لزيادة حرق الغاز.

دول عربية أخرى ضمن القائمة

جاءت الجزائر في المركز السادس بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم، ونجحت في خفض كمية حرق الغاز خلال 2023 إلى 8.2 مليار متر مكعب، مقابل 8.6 مليار متر مكعب، أي بمقدار انخفاض 400 مليون متر مكعب.

وسابعًا، حلّت ليبيا في القائمة مع ارتفاع كمية حرق الغاز خلال العام الماضي إلى 6.8 مليار متر مكعب، مقابل 5.4 مليار متر مكعب خلال 2022.

وتلتها في الترتيب بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم دولة نيجيريا، بكمية حرق للغاز ارتفعت إلى 5.8 مليار متر مكعب في 2023، مقابل 5.3 مليار متر مكعب خلال العام السابق له.

وفي المركز التاسع جاءت المكسيك، بكمية حرق للغاز تراجعت إلى 5.5 مليار متر مكعب، مقابل 5.7 مليار متر مكعب في عام 2022.

بينما حلّت السعودية في المركز الأخير بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم، رغم ارتفاع كمية حرق الغاز العام الماضي إلى 2.5 مليار متر مكعب، مقابل 1.9 مليار متر مكعب في 2022.

وانخفضت كثافة حرق الغاز في السعودية 0.70 متر مكعب لكل برميل في عام 2023، لتكون أقل دول العالم المنتجة للنفط في كثافة الحرق بعد النرويج (0.19 متر مكعب لكل برميل).

ويُشار إلى أن السعودية تعمل على تطوير المرحلة الثالثة من مشروع توسعة شبكة الغاز الرئيسة، الذي يسهم في نقل الغاز المصاحب المنبعث خلال إنتاج النفط بدلًا من حرقه، ما يؤدي إلى إزالة 100 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وجعل المملكة ثاني أقل الدول عالميًا في كثافة الانبعاثات بأعمال استكشاف وإنتاج النفط.

مقالات مشابهة

  • أمر قضائي يعلق حظر تراخيص تصدير الغاز المسال في أميركا
  • وزارة البترول تعلن تراجع إنتاج مصر من الغاز| تفاصيل
  • روسيا تتصدر وهذا موقف العراق.. أكثر 10 دول حرقًا للغاز حول العالم
  • أزمة الكهرباء.. مصر تعلن استيراد كميات من الغاز وشركات أسمدة تلجأ للغاز الأميركي
  • البترول: خطة عاجلة لاستيراد شحنات من الغاز المسال والمازوت لتوليد الكهرباء (فيديو)
  • سفينة ضخمة تصل مصر للمساهمة في حل أزمة الكهرباء
  • الصين تسمح للمقيمين الدائمين بهونج كونج وماكاو بدخول البر الرئيسي
  • أدنوك للإمداد تتعاقد على بناء سفن غاز مسال بـ2.5 مليار دولار
  • الصين تكمل بناء أكبر قاعدة لتخزين الغاز الطبيعي المسال
  • الصين تكمل بناء أكبر قاعدة لتخزين الغاز الطبيعي المسال في البلاد