انحسار الكوميديا عن المائدة الرمضانية… غياب للنص أم توجه لشركات الإنتاج
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
دمشق-سانا
لطالما كانت الكوميديا التلفزيونية السورية الطبق الأهم على المائدة الرمضانية في الشاشات العربية، وكانت تسجل الحضور الأكبر عند الجمهور السوري والعربي والذي يفضل في شهر الصيام هذه الأعمال عما سواها، من خلال نجوم كبار وكتاب مبدعين حملوا هذه الكوميديا إلى الذرا مع أعمال خالدة من صح النوم إلى سلسلة مرايا وبقعة ضوء وغيرها.
ولكن اللافت أن أعمال الكوميديا السورية يشهد حضورها في الموسم الرمضاني تراجعاً متزايداً كل عام، ما شكل فراغاً لدى المشاهدين متسائلين ما هو سبب غيابها، هل هو قلة الكتاب وبالنتيجة غياب النص، أم ابتعاد نجوم الكوميديا الكبار، أم هو توجه شركات الإنتاج إلى أعمال (الأكشن) التي تعتبر الاكثر مشاهدة.
ولتحديد أسباب هذا الغياب استطلعت سانا مجموعة من آراء المعنيين بالموضوع ومن الجمهور، حيث أعاد أمين سر لجنة صناعة السينما والتلفزيون محمد رضا الحلبي، هذا الغياب لقلة كتاب النص الكوميدي بالدرجة الأولى، باعتباره يتطلب كتاباً من نوعية وذائقة خاصة، فالكتابة للكوميديا من أصعب أنواع الكتابة الدرامية، وتحتاج إلى كتاب متمرسين في هذا المجال، متأملاً أن يكون حضورها في المواسم القادمة أفضل.
الناقد نضال قوشحة الذي وصف الكوميديا بأحد أهم معالم الدراما السورية، رأى أن الاهتمام بها يكاد يختفي، حيث إن هذا هو الموسم الثالث الذي لم تظهر به الكوميديا بالشكل الذي كانت عليه سابقاً، مشيراً إلى أن غياب النص الكوميدي وكتابه أمر حقيقي، وأصبح هناك استسهال من البعض لكتابة هذه الأعمال، فيأتي ما يقدمونه “أقرب الى التفاهة” وهذا أمر غير مرغوب به أبداً.
وأعرب قوشحة عن أسفه لاستغناء الدراما السورية جزئياً عن الكوميديا، باعتبارها سمة أساسية من سماتها الرئيسية، وقدمت فيها نجوما لامعة إن كان على صعيد الكتابة أو التمثيل والإخراج، متمنيا عودة النشاط إلى هذا القالب الفني لأن الناس بحاجة إليه.
ورأى قوشحة أن الأزمات تخلق الكوميديا ويمكن استثمارها بصياغة أعمال تهم الجمهور وتستقطب اهتماماتهم، ما يشكل حافزاً للكتاب لأن يغرفوا أفكارهم من الواقع ويقدموا أعمالا تجذب الناس.
الكاتب والسيناريست قاسم الويس الذي قدم العديد من اللوحات الكوميدية، أعاد غياب الأعمال الكوميدية هذا العام لعدم رغبة شركات الإنتاج بها، بسبب التخوف من عدم تسويقها، لافتاً إلى أنه عندما تطلب هذه الشركات الكوميديا سوف نجد عشرات الأعمال ومن كتاب مهمين.
وتساءل الويس عن سبب ربط الكوميديا دائما بالنقد، في حين أنها يمكن أن تتطرق للكثير من القضايا، وتجلب البسمة للمواطن مثل كوميديا الموقف، ولا سيما أننا نملك كتابا كوميديين مهمين جدا، ولدينا في أرشيفنا الكثير من الأعمال الكوميدية التي ما زالت تشاهد حتى الآن، لافتا الى أن لديه عملين كوميديين جاهزين للتنفيذ، ولكن لم تتبانهما أي شركة إنتاج، لأن السائد حاليا والمطلوب أكثر هو الأعمال الاجتماعية التي تجلب مشاهدة أكبر.
الإعلامية المتخصصة بالشأن الفني آمنة الملحم وجدت أن الكوميديا من أخطر وأصعب أنواع الدراما، وليس من السهل جذب المشاهد وزرع البسمة على وجهه، وهي سلاح ذو حدين، فإما أن تنجح وإما أن تفشل وتمر دون أي التفات.
وتعيد الملحم غياب الكوميديا عن الدراما السورية لقلة عدد الكتاب الناجحين، وعدم وجود نص قوي تتكئ عليه في كثير من الأحيان، وخضوع العملية الإنتاجية للسوق والذي تهيمن عليه حاليا دراما البيئة الشامية وأعمال (الأكشن)، فأصبح الخوض في أعمال كوميدية برأيها مغامرة بالنسبة لشركات الإنتاج.
وتؤكد الملحم أن الكوميديا بحاجة لأن تكون مشروعاً حقيقياً يؤمن به كل صناعه من الإنتاج والإخراج والكاتب والفنان، كي يستطيع العبور للشاشات وقلب المشاهد، وبغياب حالة التبني الحقيقية فلا يمكن أن نشهد كوميديا ناجحة على الشاشات.
ومن الجمهور أبدى عيسى حسين وهو طالب دكتوراه عن حزنه لغياب الكوميديا عن أعمال هذه السنة، لأن الدراما الاجتماعية والبيئة الشامية لا يمكن أن تكون أبدا برأيه بديلا عن إسعاد الناس وإضحاكهم.
وتمنت حنين الطالب طالبة سنة أخيرة في كلية الإعلام ألا تتحكم شركات الإنتاج لوحدها بقرار وجود الكوميديا عن عدمه، لأنها فن سوري عريق وكان لها الفضل الأكبر في التعريف بالإبداع السوري عربياً.
شذى حمود وسامر الشغري
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الکومیدیا عن
إقرأ أيضاً:
كايروترونيكا 2025.. أعمال فنية رقمية من 23 دولة تضيء قلب القاهرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يواصل مهرجان كايروترونيكا 2025، فتح أبوابه للعالم، والذي تستمر فعالياته حتى 28 ابريل الجاري، جامعًا مجموعة غير مسبوقة من الفنانين، والفرق الفنية، والمخرجين من مختلف القارات، في احتفال بنسخته الرابعة.
تجاوز الطبيعة
تحت عنوان "تجاوز الطبيعة"، تستكشف هذه الدورة العلاقة المعقدة بين التكنولوجيا والبيئة والوعي البشري، ليس كمفاهيم نظرية، بل كوقائع نعيشها في حاضرنا المضطرب.
تضم هذه النسخة أكثر من 40 عملًا فنيًا مبتكرًا من 22 دولة عبر خمس قارات، مقدّمة رؤى فنية متعددة حول مستقبل الطبيعة، والهوية، والتكنولوجيا، والذاكرة.
تتنوع المشاركات بين تجارب تفاعلية، ومنصات واقع افتراضي، وأعمال مجسّمة، وسرديات بصرية تعكس انشغالات عالمية ومحلية في آن واحد.
الأعمال المشاركة من مصر
من مصر، يشارك عاصم هنداوي بعمله "سيميا حيلة لمراوغة القدر، وهو يستعرض فيلم "سيميا" تقاطع النبوءة القديمة والذكاء الاصطناعي، كاشفًا كيف يشكّل التنبؤ أداة للسيطرة وبناء العوالم في زمن الحوسبة والطاقة.، كما يقدم الفنانان سامح الطويل ورانيا جعفر مشروعًا مشتركًا بعنوان "وطن"، يستكشف المشروع سيولة الذاكرة والمنفى الثقافي عبر رحلة خيالية لآثار منفية، كاشفًا بنيات المعرفة وتاريخها داخل البنى الرقمية المعاصرة.. ويُعرض "مونولوج من التاسع " لأبوالقاسم سلامة، هو فيلم تجريبي يستعرض المراقبة والمقاومة في عالم ما بعد الحداثة، من منظور متسكع يواجه الخوف والرقابة بتوثيق شخصي وتعبير بصري نقدي، إلى جانب العمل البصري المؤثر. "ماذا يدور في بالك حين تفكر فيّ؟" للفنان يوسف منسي، يستعرض العمل علاقة عاطفية عن بُعد، حيث تكشف الرسائل المتبادلة هشاشة وحنين الحبيبين في ظل المسافة، يعكس تفاعلهم الرقمي عزلة جسدية وروابط غير مألوفة تولدها التكنولوجيا.
الأعمال المشاركة من الوطن العربي
من العالم العربي، يقدّم محمد الفرج من السعودية عملًا بصريًا شعريًا بعنوان "حرارة / في قلبي حرارة الشمس"، يوثّق العمل مشاهد من الأحساء بتقنية التصوير الحراري، مستعرضًا أثر الحرارة على الإنسان والطبيعة، ومتأمّلًا علاقتنا بالتكنولوجيا في عالم يزداد سخونة.بينما يعرض خالد بن عفيف من السعودية أيضًا تركيب فني بعنوان "أوافق"، يطرح العمل تساؤلات حول استسلامنا غير الواعي للمراقبة الرقمية، ويكشف زيف الشفافية في علاقتنا المتسارعة مع التكنولوجيا. ومن سوريا/كندا، تأتي جوى الخش بعمل "السماء السابعة" يُعيد إحياء آثار تدمر عبر بيئة رقمية وهولوجرامات، متأمّلًا في دور التكنولوجيا كأداة ترميم وسط دمار الحرب.
ومن تونس، يعرض هيثم زكرياء "أوبرا الحجر"، عمل فني يجمع بين الصوت والصورة والجغرافيا الشعرية، مستكشفًا حكايات وأساطير جبال الرديف في تونس عبر رواة محليين. أما الفنانة هيا الغانم من الكويت، فتقدّم عملًا بصريًا بعنوان "نوخذاوين طبّعوا مركب"، يستكشف العمل علاقة المجتمع الكويتي بالبحر عبر مزج الأرشيف المرئي بالمشهد المعاصر، ليُعيد سرد التاريخ بصيغة بصرية شاعرية.
الأعمال المشاركة من آسيا وأفريقيا وامريكا الجنوبية
من آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، يشارك الفنان الياباني كاتسوكي نوغامي بعمله "ذاكرة الجسد"، وهو تجربة واقع افتراضي يستحضر ذاكرة الجسد عبر الحركة والتقنيات الرقمية، مستكشفًا الهوية والذكريات بين الحقيقي والمولّد بالذكاء الاصطناعي. ومن الهند، يقدم الثنائي براتيوش بوشكار وريا راجيني (المعروفة باسم باريا) العمل الصوتي "بوليفونات دلهي"، يقدّم العمل تجربة سمعية تستكشف النغمات الخفيّة في مدينة دلهي، كاشفًا تعددية أصواتها وموسيقى الهامش المنسية.
ومن جنوب أفريقيا، يُعرض "دزاتا: معهد الوعي التكنولوجي"، وهو عمل تركيبي متعدد الوسائط من إنتاج مصنع لو-ديف السينمائي (فرانسوا نويتزه، إيمي لويز ويلسون) مع راسيل لونغواني يبتكر المشروع معهدًا وهميًا يوثّق الممارسات التكنولوجية الشعبية في أفريقيا، منبها أن العلم والابتكار جزء أصيل من تاريخ القارة.. أما من كولومبيا، فيأتي الفنان سانتياجو إسكوبار جاراميلو بعمله ليوثّق العمل مرونة المجتمعات الساحلية في مواجهة تهريب المخدرات والعنف، مستعرضًا تقاليدهم الغنية وتباينها مع تهديدات الواقع. يرصد المشروع التفاعلي صراع الصيادين بين الحفاظ على السلم والانجرار نحو عالم التهريب.
الأعمال التفاعلية
أما الأعمال التي تميّزت بتفاعلها المبتكر، فيأتي في مقدمتها مشروع "جمال الأوركيد" للفنان فولكان دينشر (النمسا/تركيا)، حيث تتحول زهرة الأوركيد إلى منحوتة حية تتصل بإنستغرام: كلما زاد التفاعل معها، زادت كمية المياه التي تتلقاها عبر نظام ذكي تلقائي. وتقدم الفنانة نوا يانزما من هولندا عملًا تفاعليًا بعنوان "باي كلاود"، و هو دعوة للتأمل في العدالة المناخية والنمو الاقتصادي. ومن إسبانيا والولايات المتحدة، تقدم باتريسيا إتشيفيريا ليراس تجربة واقع افتراضي بعنوان " تذكروا هذا المكان: ٣١°٢٠'٤٦'' شمالًا، ٣٤°٤٦'٤٦'' شرقا"، يُجسّد العمل نضال نساء فلسطينيات في حماية "المنزل الهش" رغم تهديدات الواقع. ويطرح الفنان السويسري مارك لي عملًا بعنوان "تطور تأملي"، يتخيل مستقبل الكائنات الحية في ظل تدخل التكنولوجيا. ويشارك فريق "أونيونلاب" من إسبانيا بعمل بصري بعنوان "الأثر"، أما الفنان التشيكي يستكشف العمل مستقبلًا ديستوبيًا تتواصل فيه البطاطس مع البشر عبر بيانات حيوية محوّلة إلى أصوات، في نقد للزراعة الصناعية وأثر الإنسان على الكوكب، يدعو العمل إلى تخيّل علاقات جديدة مع الطبيعة باستخدام التكنولوجيا بدلًا من تدميرها.