شيخ الأزهر يدعو أهل القبلة للاجتماع على مائدة حوار.. وتعليقات
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
وجه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، كلمة حول ملف فلسطين وواقع الأمتين العربية والإسلامية، خلال احتفال مصر بـ"ليلة القدر" صباح السبت، والذي حضره رئيس النظام عبدالفتاح السيسي.
الطيب، وبعد كلمة عامرة بانتقاد النظام العالمي بشأن ملف حرب الإبادة الدموية على 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وجه رسالة لعلماء الأمة من "السنة"، و"الشيعة"، و"الإباضية"، للاجتماع سويا وتعظيم نقاط الاتفاق، مؤكدا أن ذلك سيدفع قادة الأمة نحو الاتفاق ونبذ الشقاق.
وقال: "أختم برجاء إلى علماء الأمة بأن ينهضوا بغير إبطاء، في تحقيق وحدة علمائية تجمع رموز الإسلام من سنة، وشيعة، وإباضية، من كل أهل القبلة، يجتمعون بقلوبهم ومشاعرهم قبل علومهم".
شيخ الأزهر، دعا علماء الجبهات الثلاثة بأن "يأتوا على مائدة واحدة لوضع حدود فاصلة بين ما يجب الاتفاق عليه وبين ما يصح الاختلاف فيه، وبأن نقتدي في اختلافاتنا بالصحابة والتابعين".
وطالب بأن "نوصد الباب في وجه اختلافاتنا المعاصرة التي أورثتنا الكثير من الشقاق والنزاع والضغائن والأحقاد وجعلتنا لقمة سائغة للأعداء".
وختم بالقول: "وإني أعتقد أن اتفاق علماء الأمة سوف يُسفر اتفاق قادتها ويدفعهم لتحقيق المصالح القُطرية والمصلحة العربية والإسلامية".
و"الإباضية" مذهب عقائدي وسياسي وديني، يُنسب إلى عبد الله بن إباض، أحد سادات قبيلة تميم، والذي يُوصف بكتب الفرق والملل والنحل بأنه من رؤوس الخوارج، كما تُصنف الإباضية كامتداد لما كان عليه الخوارج، وهو ما ينفيه علماؤهم الآن، فيما يعد المذهب الرسمي بسلطنة عمان، وله حضور بالجزائر وليبيا، ومناطق بشمال أفريقيا.
ووفق ما هو متعارف عليه، فإن "الشيعة"، ثاني أكبر طائفة من المسلمين، فيما تمثل الشيعة الإثنا عشريّة الفرقة الأكثر عددا، وهناك فرق شيعية أخرى كالإسماعيلية والزيدية.
يعتقد الإثنا عشرية، أن الإمام علي بن أبي طالب، وأحد عشر إماما من ولده أئمة معصومون مفترضو الطاعة بالنص السماوي في الحديث النبوي، وأنهم المرجع الرئيس للمسلمين بعد وفاة نبي الإسلام.
وهو الرأي الذي يتناقض تماما مع وجهة نظر الإسلام السني، الذي يعتقد أتباعه أن النبي لم يعين خليفة قبل وفاته، ويعتبرون أبابكر الخليفة الشرعي الأول.
متحدثون لـ"عربي21"، أشاروا إلى الأهمية النظرية لدعوة شيخ الأزهر للسنة، والشيعة، والإباضية، للاتفاق ونبذ الخلاف، خاصة في توقيت هام تمر به الأمة العربية والإسلامية وتفجر القضية الفلسطينية، ووقوف جماعات شيعية في اليمن وإيران والعراق ولبنان إلى جانب المقاومة في غزة.
ولفتوا إلى الأثر السياسي المنشود على المستوى الإقليمي والدولي، وفي قضايا فلسطين، واليمن، والخليج، والعراق، مع إيران، لو نجحت دعوة شيخ الأزهر في التقريب بين السنة والشيعة بشكل خاص، لكنهم عمليا أكدوا أنه محال تطبيق تلك الدعوة، شارحين الأسباب في حديثهم.
"هكذا جاءت تجارب التاريخ"
وقال الأكاديمي الأزهري الدكتور محمد أحمد عزب، إن شيخ الأزهر، "في حديثه التوافقي الذي اعتادته الجماهير العربية، والذي يكشف في ذات الوقت وعيا كاملا لدى المؤسسة الدينية الأكبر والأهم في العالم الإسلامي، عندما دعا إلى ذاك لاجتماع توافقي.
عزب، وفي حديثه لـ "عربي21"، أشار إلى "التأثير الحقيقي الإيجابي لأي دعوة اجتماع وتلاق بين تيارات الأمة ومذاهبها المختلفة، وقيمة الاتحاد بين مكوناتها، وأهمية الدعوة التي تنطلق من مؤسسة عُرف عنها الاعتدال طول التاريخ والميل للقواسم المشتركة".
لكنه، لفت إلى أنه "من خلال التجارب التي كان يقوم بها أيضا علماء أزهريون؛ نجد أن رصيد الأمة من هذا التوافق لم يحدث قط طول التاريخ".
وتابع: "بل ظلت رايات الجهاد تخترق الآفاق تحت مظلة واحدة فقط، لا تتشارك فيها المذاهب، بل لا تزال الأمة تحمل شعورا سلبيا تجاه (ابن العلقمي) - وزير الخليفة العباسي المستعصم، الرافضي الذي رتبَ مع قائد المغول هولاكو قتل الخليفة واحتلال بغداد- ويضربون به المثل في كل خراب يحل بالأمة".
وقال الأكاديمي الأزهري، "من الناحية النظرية لا يوجد فرد يكره هذه المائدة التي تجمع الفرقاء، لكن من الناحية العملية فإن هذه الدعوة يصعب إن لم يكن من المحال تطبيقها وتفعيلها، اللهم إلا جلسات تصوير وموائد مستديرة، وأماني لن تجاوز القاعات التي ستعقد فيها، وتجارب التاريخ كفيلة بتأييد ذلك".
لكنه، وفي نهاية حديثه ثمن دعوة الشيخ الطيب، بقوله: "يبقى الأثر الطيب للدعوة، ومدى الاستعداد الذي تبديه المؤسسات الدينية في الالتقاء على كلمة سواء، ويبقى أن المؤسسة الأزهرية تحاول البحث في كل ما يمكن للتغلب على حالة الانهزام الحضاري والعسكري التي عمت ربوع الأمة".
"النداء الثاني"
ويعد هذا هو النداء الثاني من شيخ الأزهر في هذا الإطار، بعد دعوته في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، نداءا لعلماء المذهب الشيعي لعقد حوار (إسلامي- إسلامي) بهدف نبذ "الفتنة والنزاع الطائفي"، في وقت يشهد فيه إقليم الشرق الأوسط صراعا سياسيا بين إيران ذات الأغلبية الشيعية وبعض الدول العربية والخليجية، السنية.
الطيب، وفي ختام ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، في حضور بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، دعا إلى "المسارعة بعقد حوار (إسلامي إسلامي) جاد، من أجل إقرار الوحدة والتقارب والتعارف، تُنبذ فيه أسباب الفرقة والفتنة والنزاع الطائفي على وجه الخصوص".
"الطيب والخلافات العصرية"
وفي قراءته لنداء الطيب، الجديد، قال الكاتب والباحث المتخصص في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، إنه "على المستوى النظري لا يمكن أن نقلل من أهمية الدعوات الصادرة بين الحين والآخر من علماء المسلمين لعناصر الأمة للتوافق وتقريب وجهات النظر".
المحلل السياسي المصري، أضاف لـ"عربي21"، إنها "بلا شك تتسق مع المقاصد العليا والتوجيهات القرآنية للاعتصام بحبل الله عز وجل، لذا ليس لنا إلا أن نثمن دعوة شيخ الأزهر للعلماء من السنة والشيعة والإباضية للاجتماع وتعظيم نقاط الاتفاق".
ويرى أن "مثل هذا الاتفاق سينعكس بلا شك بشكل إيجابي على علاقة المسلمين بعضهم ببعض، ويوثق أشكال التنسيق والتعاون، ويبيض وجه المسلمين أمام الآخر الذي ما فتأ يستغل حالة النزاع الفكري والمذهبي لتشويه صورة الأمة ودينها".
ويعتقد الهتيمي، أن "أهم ما تضمنته دعوة شيخ الأزهر لتحقيق الاتفاق تركيزها على تجاوز الاختلافات العصرية، فهي من ناحية تغض الطرف عن الاختلافات التاريخية التي في اعتقادي يدرك شيخ الأزهر وغيره من العلماء أنها ستظل أبد الدهر".
وبين أنه "لا السنة ولا الشيعة ولا الأباضية سيتوافقون على القضايا الكلامية الخلافية التي تفجرت منذ نهايات القرن الأول للدعوة الإسلامية وخاضوا بسببها نزاعات عسكرية؛ فضلا عن عقد المئات من المناظرات الفكرية والعقلية التي لم تحسم أيا من الاختلافات".
ولفت الباحث المصري، من ناحية أخرى إلى أنها "تُلفت النظر إلى خطورة ما تعيشه الأمة من واقع مؤلم نتيجة تكالب الجميع عليها؛ ومن ثم فإنها تحاول أن تستحضر دور العلماء الحقيقي في تقوية الجبهة الداخلية وصد الاعتداءات، وهو دور غاب كثيرا بكل أسف".
"قليل من التفاؤل"
ويرى أنه "على الجانب العملي، وخاصة فيما يتعلق بأثرها على تطورات الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة لا يمكن لهذه الدعوة أن تمنحنا الكثير من التفاؤل لأسباب عديدة، أولها أن صوت العلماء ومعهم المؤسسات الدينية أصبح خافتا لا يكاد يُسمع بعد أن نجحت الكثير من الأنظمة السياسية تغييب الأصوات الحرة وإضعافها وتوريط الكثير من العلماء في صراعات واستقطابات داخلية "
وأضاف: "وعليه فليس من المنتظر أن تكون لبيانات ونداءت هؤلاء العلماء حتى لو توافقوا أي أثر حقيقي اللهم إلا إبراء الذمة".
ومن بين الأسباب أيضا وفق الهتيمي، أن "الكثير من الأنظمة السياسية يتعاطى مع قضايا المنطقة وفق حسابات قُطرية ضيقة لا يراعى فيها إلا المصالح الخاصة بالنظام أولا وبالقطر، ثانيا فضلا عن مراعاة علاقاته بالقوى الدولية التي تحرص هذه الأنظمة على استرضائها بأي طريقة".
ولفت إلى أن "منها كذلك أن بعض العلماء المحسوبين على مذهب بعينه حسموا موقفهم منذ البداية إزاء ما يحدث في الأرض المحتلة؛ وهو الموقف الذي جاء تابعا لمواقف الأنظمة السياسية التي ينتمون إليها".
ويعتقد في نهاية حديثه أن "هذا سيفرض بطبيعة الحال إطارا محددا على غيرهم عند النقاش حول ما يجب أن تفعله الأمة بشأن القضية، لا يمكن لهؤلاء أو هؤلاء الخروج عنه، ما يجعل التوافق على تحديد خطوات عملية أمرا صعبا للغاية".
"دعم فلسطين"
ومن بين ما قاله الإمام الأكبر خلال الاحتفال الذي شهده مركز المنارة للمؤتمرات بمنطقة التجمع الخامس شرق القاهرة، صباح السبت، إن عالمنا المعاصر فقد القيادة الرشيدة الحكيمة، واندفع بلا عقل ولا حكمة ولا قانون دولي.
وأضاف أن الأحداث القاسية التي نشهدها ونعيشها اليوم تثبت أنه تم هدم كل القيم بالكتب المنزلة، وأن العالم بات يندفع بلا كوابح إلى هاوية لم يعرف لها التاريخ مثيلا من قبل.
وأكد أن حالة التشتت والضعف التي أصابت أمتنا العربية أفقدتها توازنها وقدرتها على مواجهة أزماتها المتلاحقة، ومَن يتدبر الوضع العربي الحالي يصاب بألمٍ شديدٍ لما آل إليه حال عديدٍ من الدول العربية كفلسطين والسودان وليبيا والعراق وغيرهم من الدول.
وبين أن عالمنا العربي لن يستعيد قدرته على النهوض والتقدم ومواجهة أزماته إلا بتحقيق الوحدة العربية المنشودة، وتغليب المصلحة العربية المشتركة.
"الأحرى بالشيخ"
وعن تقديره للأثر السياسي المنشود على المستوى الإقليمي والدولي وفي قضايا فلسطين، واليمن والعراق والخليج مع إيران لو نجحت دعوة شيخ الأزهر في التقريب بين السنة والشيعة والإباضية، تحدث الخبير المصري في العلاقات الدولية الدكتور السيد أبوالخير، لـ"عربي21".
وقال: "بداية شيخ الأزهر يده ملوثة بدماء من قُتل من المصريين منذ منتصف العام 2013، حتى هذا التاريخ، لأن أيد الانقلاب العسكري حينها على الرئيس الراحل محمد مرسي".
ويرى الأكاديمي المصري، أنه "كان من الأحرى أن يطالب الشيخ الطيب، قائد الانقلاب بفتح معبر رفح للفلسطينيين والسماح بعبور المساعدات، وعدم الاشتراك في حصار غزة، ووقف التجسس لصالح الكيان المحتل".
لا يعتقد أبوالخير، أن "دعوة شيخ الأزهر ستجد صدى كبيرا، لأن الإباضية لا يشجعون الانخراط في مثل تلك الدعوات، لأنها فئة قليلة توجد باليمن وسلطنة عمان، وكذلك الشيعة لا يريدون كلاما بل يريدون مؤسسات تقام للتقريب".
ومع ذلك أعرب الأكاديمي المصري، عن أمنيته بأن "تنجح دعوة شيخ الأزهر، لأنها سيكون لها أثر كبير في استرداد كرامة الأمة وإعلاء الجهاد ونصرة شعب فلسطين واليمن، وتوحيد الأمة الإسلامية بعد فترة طويلة من الانقسام والتشرذم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية شيخ الأزهر فلسطين ليلة القدر غزة فلسطين غزة شيخ الأزهر ليلة القدر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دعوة شیخ الأزهر الکثیر من
إقرأ أيضاً:
ميقاتي تسلّم دعوة من الملك سلمان للمشاركة في القمة العربية - الإسلامية المشتركة في الرياض
تسلم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للمشاركة في القمة العربية-الإسلامية المشتركة التي ستعقد في الحادي عشر من تشرين الثاني الحالي في الرياض.
وقد تسلم رئيس الحكومة الدعوى من سفير المملكة لدى لبنان وليد البخاري:
ومما جاء في نص الدعوة:في ظل تفاقم الأزمة التي يشهدها اشقاؤنا في دولة فلسطين، واتساع رقعة الصراع لتشمل الجمهورية اللبنانية، وامتداد آثار الأزمة إلى دول المنطقة، وانطلاقا من الرغبة المشتركة بين المملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية والإسلامية الشقيقة في اتخاذ موقف حازم تجاه الجرائم الشنيعة ضد الشعب الفلسطيني الشقيق،والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للمقدسات الإسلامية في دولة فلسطين، والاعتداءات السافرة على الأراضي اللبنانية، فإن المملكة تعتزم استضافة قمة متابعة عربية وإسلامية مشتركة غير عادية في مدينة الرياض .
ويسرنا دعوة دولتكم الى المشاركة في هذه القمة، تأكيدا للتضامن العربي والإسلامي في سبيل وقف العدوان الإسرائيلي، والدفع باتجاه إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية ، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونحن على ثقة أن مشاركة دولتكم سيكون لها بالغ الأثر في انجاح القمة وتحقيق النتائج المأمولة منها .