عام من الحرب: أداء تقدم: النخبوي الأعور (2)
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
~~~~~~~~~~~~~~
جبير بولاد
.. عام من الحرب و الواقع السوداني يفرز أربعة مواقف و محاور جلّية جدا و لا يحتاج الحكم عليها الا الي صدق مع الذات و الاخرين و قلب و ذهن سليم.
أولي هذه المواقف هي اطراف الحرب و وقودها الذين احتكروا عنف الدولة و سلاحها(الجيش و و مليشيا الاسلامويين و ما تبقي من انتهازي مليشيات الحركات المسلحة ) و هولاء هم الذين الآن يتصارعون بشكل مباشر في الميدان و ضحاياهم هم المدنيين العُزل و الوطن و بنيته التحتية و كل حلم كان للنهضة و هذا الموقف بالذات و الذي تحول الي محور هو بأمتياز يصب في خانة أشواق الاسلامويين بالعودة للسلطة و مشاركتهم لها و هيهات.
.. الموقف و المحور الثاني هو ( الدعم السريع ) و الذي قاد هذه الحرب منذ يومها الأول بدعوي الوقوف مع خيار التحول المدني و الديمقراطي و محاربة فلول النظام الاسلاموي السابق و لكن كل الدلائل التي نتجت فيما بعد من سلوك أوضحت بجلاء أن ما يخرج من رحم الجيش ما هو إلا خبث و لن يصلحه لا الدهر و لا العطار و لكن علي أقل تقدير هو الطرف الوحيد الذي ظل يستجيب بأستمرار الي دعوات الجلوس و التفاوض لأنهاء الحرب و هذا موقف لا ينكره إلا مكابر و مخادع.
الموقف و المحور الثالث هم جوقة من النخبويين ( الاعوريون) اللذين رغم توفرهم علي الدرجات العلمية الرفيعة و قدر ليس سهل من المعرفة، إلا أنهم صاروا _ من عطب _ يرون بعين واحدة و يراهنون علي انتصار حزب الجيش بكل تناقضاته، لا بل يرون فيه المؤسسة الوطنية بكل تاريخه المُخزي و حروبه العديدة منذ الاستقلال ضد الشعوب السودانية و في الثلاثة عقود الاخيرة تحول هذا الجيش الي ذراع عسكري لحزب المؤتمر الوطني الأمني الاسلاموي و يأتمر قادته برؤيتهم و قليل من متاع عهد دّكه السودانيين بثورتهم العظيمة، ثورة ديسمبر و التي ما زالت في الافئدة ساخنة، طازجة و ما التفاعل مع ذكري 6 ابريل إلا حقيقة تؤكد هذه الجذوة المتقدة للثورة في نفوس السودانيين رغما عن جراح الحرب و الآمها.
.. .. اما المحور او الموقف الثالث فهو حجزه النخبويين( الاعوريون) الذي راهنوا علي الجيش و الهبوا بكتاباتهم و مواقفهم نيران الحرب المشتعلة و رموا رفاقهم القدامي بتهمة التخوين، و وضعوا تاريخهم علي المُحك و تجربتهم و حسنا فعلوا، ليميز السودانيين الخبيث من الطيب بعد طول تجربة من الضجيج و العمل البلا صالح و هولاء سنعود لهم لنكشف أسس المرض البنيوي في تكوينهم و نفسياتهم .
.. الموقف و المحور الرابع هو موقف الذين قالوا بجلاء منذ الطلقة الاولي( لا للحرب) و هذا الموقف بالرغم من ان أعدائه حاولوا ان يفرغوه من المضمون و الفكرة و القيمة الأخلاقية ، إلا انه دل علي رجاحة عقل و قراءة صحيحة للتاريخ و فضحت جهل ( الاعوريون) ، و اثبت هذا الموقف اليوم ( لا للحرب) انه كان و ما زال الموقف الاصوب لانه ببساطة يدعو للحياة و ليس لموتها، لأنه يعرف أن الصراع كله كان ضد الثورة السودانية العظيمة، لأنه كان يعرف أن كل حروب التاريخ آلت الي طاولة التفاوض، لأنه يعرف أن السودانيين عندما قرروا أن ينهضوا وقفت ضدهم كل قوي الشر المحلية و الخارجية، و الآن هذا الموقف يمثله كيان واسع _ في مرحلة النمو _ هو كيان تنسقية القوي الديمقراطية المدنية( تقدم) ، صحيح أن لهذا الكيان الواسع اشكالته و تناقضاته المرحلية عبر طيفه الواسع و ما صاحب ذلك من اخطاء فنية و هيكلية لن نسكت عن كشفها و سنقف لها بالمرصاد و لكن يكفي انه الكيان الاوحد المدني السوداني الذي قال : لا للحرب و جعل ايقاف الحرب و نهايتها برنامج عمل له، و الآن لا يوجد عدو للاسلامويين و الجيش و ( النخبويون الاعوريون) غير هذا الكيان المدني ، و يغيظهم كل يوم اي تمدد له او وقوف السودانيين معه، لأنه يمثل الأمل الاخير في ارض السودان اليباب.
.. نحن صراحة كمواطنين سودانيين نقف و نعمل مع اي جسم يدعو الي وحدة القوي المدنية السودانية و حتي لو اخطاءت( تقدم) فنحن الذين من حقنا محاكمتها و جلدها و لكن يبقي الإطار المدني هو حقنا الذي يمثل تطلعاتنا كسودانيين لأستكمال مشروع ثورتنا السودانية و شعارها في التحول المدني الديمقراطي .
.. نواصل
jebeerb@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذا الموقف
إقرأ أيضاً:
حكومة موازية في السودان… ما الموقف المصري؟
تشهد الساحة السودانية تصعيداً جديداً، يفاقم من أزمة الانقسام السياسي الداخلي، مع تحركات من قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة لإعلان تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، وذلك على وقع الحرب الداخلية الممتدة منذ نحو 22 شهراً.
ومع تنديد الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، بتلك الخطوة، والتحذيرات الأممية من تأثيرها على «تفاقم الأزمة الداخلية»، قال خبير ودبلوماسي سابق مصريان إن «القاهرة تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره السلطة الرسمية المعترف بها دولياً، ومن المستبعد اعترافها بأي (حكومة موازية)»، في حين «لم تعلق مصر رسمياً على هذه التحركات».
وتسببت الحرب الداخلية في السودان التي اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.
واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المدن الرئيسية التي كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.
وبدأت قوى سودانية في مشاورات التوقيع على «وثيقة إعلان سياسي، ودستور مؤقت للحكومة الموازية»، في العاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، بمشاركة ممثلين لـ«الدعم السريع»، وأحزاب مثل «الأمة، والاتحادي الديمقراطي (الأصل)»، وشخصيات سودانية، بينهم قائد «الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال» عبد العزيز الحلو، وعضوا «مجلس السيادة» السابقان الهادي إدريس، والطاهر حجر.
واستدعت «الخارجية السودانية» سفيرها لدى كينيا للتشاور، رداً على استضافة اجتماعات تشكيل «حكومة موازية»، ووعدت في إفادة، الخميس، باتخاذ «إجراءات لصون أمن السودان، وحماية سيادته ووحدة أراضيه». وسبق ذلك، إعلان «مجلس السيادة» السوداني، الأربعاء، «تشكيل حكومة انتقالية، يرأسها شخصية تكنوقراط، لا تنتمي لأي جهة سياسية».
وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليقات رسمية من الجهات المصرية المعنية، على تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، لكن لم يتسنَّ ذلك. في حين جاء أحدث مواقف القاهرة الداعمة للسودان، في بيان مصري - إسباني، الخميس، خلال ختام زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمدريد، أكد «ضرورة احترام وحدة وسلامة أراضي السودان، والحفاظ على مؤسساته الوطنية». وشدد البيان على «أهمية العمل على إطلاق عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة القوى السياسية والمدنية السودانية، دون إملاءات خارجية».
وبحسب عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فإن «مصر تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره النظام الرسمي الذي يمثل السودان دولياً»، مشيراً إلى أن «القاهرة تعترف بالحكومة السودانية، وتستقبل رئيس (مجلس السيادة) وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، باعتباره رئيس السلطة الحالية في السودان».
وترأس البرهان وفد السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويستبعد حليمة «اعتراف مصر بخطوة تشكيل (حكومة موازية)»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم عدم اكتمال تشكيل القوى والأطراف لتلك الحكومة، فإنه لا يوجد اعتراف دولي بها، سوى من بعض الأطراف الإقليمية، منها كينيا التي تستضيف اجتماعات صياغة الإعلان السياسي لها»، لافتاً إلى أن «القاهرة تدعم مؤسسات السودان الوطنية».
الدعم المصري للحكومة السودانية، أكده وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، مجدداً خلال محادثات مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في 14 فبراير (شباط) الجاري، وشدد على «موقف بلاده الداعم للسودان، ومؤسساته الوطنية، وبذلها كافة الجهود لتعزيز سيادته ووحدته وسلامة أراضيه»، حسب «الخارجية المصرية».
ويرى حليمة افتقاد «الحكومة الموازية» للتأثير والدعم السياسي والشعبي بالمقارنة بتفاعل السودانيين داخلياً وخارجياً مع انتصارات الجيش الأخيرة، وأكد أن «هناك إدانات ورفضاً من أحزاب وقوى سياسية سودانية لهذه الحكومة»، لكنه لم يقلل من خطورتها حال اكتمالها، قائلاً إن «إعلان سلطة موازية سيضر بوحدة السودان، ويزيد من حالة الانقسام الداخلي، ويفاقم من صراع السلطة والنفوذ بين الأطراف السياسية».
و«تتابع القاهرة مساعي تشكيل حكومة سودانية موازية، لحين بحث الموقف مع أقرب محادثات مع مسؤولي الحكومة الشرعية في السودان»، وفق قنصل مصر السابق لدى السودان، اللواء حاتم باشات، الذي أشار إلى أن «مصر لا تستطيع أن تعلن موقفاً بشأن هذه التحركات؛ لكونها شأناً سودانياً داخلياً»، كما أن «موقفها ثابت بشأن دعم المؤسسات السودانية».
ويربط باشات بين خطوة الإعلان عن تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وانتصارات الجيش السوداني الأخيرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تأثير الجيش بات أقوى ميدانياً، وفي طريقه للسيطرة الكاملة على الأراضي السودانية»، وعدّ ذلك التقدم «يدفع معارضين للبحث عن دور في السلطة، ما بعد انتهاء الحرب».
وحذرت الأمم المتحدة من إعلان «قوات الدعم السريع» تشكيل «حكومة موازية»، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الأربعاء، إن تلك الخطوة «تزيد الانقسام وتفاقم الأزمة في السودان».
وتتعارض خطوة تشكيل «حكومة موازية» مع مبادئ أساسية وثابتة في سياسة مصر الخارجية تجاه السودان، وفق الباحث السياسي السوداني المقيم في القاهرة، صلاح خليل، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تدفع نحو تدشين عملية سياسية شاملة، تشارك فيها الأطراف السودانية كافة، دون إملاءات خارجية».
ويرى خليل أن «تشكيل حكومة موازية يتعارض مع التحركات المصرية لحل الأزمة في السودان، ومنها استضافة مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، العام الماضي، لتوحيد جهودها، ووضع خريطة طريق لإنهاء الأزمة في البلاد ووقف الحرب الداخلية».
وجمعت القاهرة في يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، خلال مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاثة ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».
القاهرة : الشرق الأوسط: أحمد إمبابي