موقف اليمن سيظل ثابتاً ومشرفاً القضية الفلسطينية قضية مركزية لكل الأمة الإسلامية
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
تمثل القضية الفلسطينية القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية وجميع الشرفاء في العالم، وهي القضية التي وحدت العرب جميعا من المحيط إلى الخليج بل هي الجامعة لكل المسلمين، وليس العرب وحدهم على امتداد الكرة الأرضية منذ عقود من الزمان ، وهي القضية التي أحيت ببعدها الإسلامي ومركزيتها بين قضايا الأمة، الرباط الإسلامي الجامع بين أعضاء جسد الأمة الإسلامية… وكما جعل الإسلام المسجد الأقصى واحداً من المساجد التي لا تُشدُّ الرحال إلا إليها… فإن القضية الفلسطينية قد غدت محور القضايا الإسلامية التي تُشدُّ إليها رحال شعوب الأمة الإسلامية على امتداد أقطار وقارات عالم الإسلام، مغالبة بذلك معوّقات النزعات القطرية التي تغل أيدي الأمة عن الانتصار لهذه القضية المركزية.
تقرير / قاسم الشاوش
أعاد قضية فلسطين للصدارة
وما جرى في 7أكتوبر -معركة طوفان الأقصى- أعاد قضية فلسطين للصدارة عالمياً بقوة كبيرة، ولا يمكن تجاوزه بسهولة، وله تداعياته على مستوى العالم كله، وليس فقط على مستوى فلسطين وما حولها، وقد كشف بشكل جلي عن أمور عديدة: فالعالم الغربي المتشدق بقيم الحرية والديمقراطية يشجع آلة الإجرام الإسرائيلية، ويتعامى عن قتل الأطفال والنساء في غزة لاعتبارات عنصرية حاقدة ولمصالح استعمارية فجة، والإعلام العالمي الغربي يكذب ويشوه الحقائق دون خجل ليبرر إجرام الصهاينة وليصورهم على أنهم ضحايا إرهاب لهم الحق في محاربته، والحكومات العربية والإسلامية غائبة عن المشهد بما يشبه الموت، تكتفي بالتنديد الخافت، بينما الشعوب تغلي، ولم تستطع المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعاني منها هذه الشعوب أن تنسيهم قضيتهم المركزية التي أعادت لهم الأمل بنصر فات، ووضعتهم أمام حقائق كانوا يتجاهلونها أو يحاولون نسيانها.
موقف تاريخي مشرف
ونظرا لمكانة فلسطين يتوج اليمنيون موقفهم التاريخي المشرف في التضامن العملي مع الشعب والمقاومة الفلسطينية بزخم شعبي كبير يتصاعد في مختلف المحافظات الحرة التي تشهد جهودا واسعة لأنشطة التعبئة العامة لنصرة القضية المركزية للأمة.
لم يتناس اليمانيون جراحهم وما تركته تداعيات تسعة أعوام من العدوان السعودي الأمريكي على واقعهم المعيشي والإنساني، بل أدركوا أن المعركة هي ذاتها معركة الدفاع عن قضية أمة بأكملها، فكانوا في طليعة الثائرين المناصرين لإخوانهم الفلسطينيين معلنين الالتحام الجماهيري بمسيرات مليونية تواقة لتحرير الأرض من الاحتلال.
الموقف اليمني الاستثنائي، النابع من عمق القضية ومن قلب الهوية وواحدية المصير، لم يعد محصورا على بيانات التنديد والشجب، بل بدا أعمق وأشمل، ويتسع مداه يوما عن آخر، ويتجلى عمليا بخيار خوض معركة الأسناد وتوجيه الضربات لعمق كيان العدو والتصدي للسفن المتجهة للموانئ الاسرائيلية.
طوفان شعبي عارم تشهده جميع المحافظات بأكبر مسيرات التضامن منذ بدء العدوان الاسرائيلي الارهابي على قطاع غزة، يهتف بالنصرة والتأييد والدعوة لفتح الحدود إلى غزة، وإلى القدس، ليس لخوض معركة دفاع ومواجهة، بل لتحرير كامل الأراضي المحتلة في فلسطين.
الشعب المتصدر
ومن أهم أثار إحياء يوم القدس في اليمن، هو أن الشعب اليمني كان الشعب المتصدر لرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني وإفشال صفقة القرن، في وقت خنعت فيه كثير من الشعوب العربية ولم يكن لها موقف يذكر بعد دعوات قمة البحرين التي كانت تهدف لبيع فلسطين والقدس وللتطبيع مع الصهاينة. بمليونيات إحياء ليوم القدس صارخين بكل هيبة قولا وفعلا ” وبأنه لا بد من إزالة هذه الغدة السرطانية من جسد الأمة الإسلامية، وهي الكيان الغاصب، وتأتي خطابات السيد القائد في كل مناسبة وهو يذكر الأمة بأن فلسطين قضيتنا المركزية والأساسية ويعلن استعداده لإرسال مقاتلين إلى فلسطين إن تطلب الأمر وهو رجل الأقوال والأفعال ليتوج بذلك العلاقة التاريخية الوطيدة بين أنصار الرسالة المحمدية وبين أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين.
مكانة عظيمة
ومن هذا المنلطق لأرض فلسطين مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، فهي: أرض مقدسة ومباركة[2] بنص القرآن الكريم، وفيها المسجد الأقصى أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد بُنِي لله في الأرض، وثالث المساجد مكانة في الإسلام. وهي أرض الإسراء، فإليها أُسري بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهي أرض الأنبياء، فقد ولد في هذه الأرض وعاش عليها ودفن في ثراها الكثير من الأنبياء عليهم السلام الذين ذكروا في القرآن الكريم. وهي تعدّ في المنظور الإسلامي أرض المحشر والمنشر، وعقر دار الإسلام، والمقيم المحتسب فيها كالمجاهد في سبيل الله، ومركز الطائفة المنصورة الثابتة على الحق إلى يوم القيامة.
تظل قضية تحرير القدس قضية جامعة وموحدة لكل الأمة الإسلامية مهما كانت الصراعات الداخلية التي يزرعها اليهود بين أبناء هذه الأمة، وهي دعوة أطلقت بتاريخ عشرين رمضان عام 1399 هــــــ الموافق 15/ 8/1979م حاول من خلالها الإمام الخميني ومنذ إنشاء الكيان الإسرائيلي الغازي والغاصب، تنبيه العالم الإسلامي إلى خطورة ذلك الكيان، ليس على القدس وفلسطين التي احتلها فقط، بل على مجمل عالمنا العربي والإسلامي وهذا ماهو حاصل الآن حيث أن أطماع الصهاينة تزداد وتتوسع يوما بعد يوم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الشاعرة سميرة أبو غزالة.. 75 سنةً في النضال من أجل فلسطين
من نشاط الفتيات في التظاهر والرعاية والتمريض إلى جهود التأليف والتعليم والشعر إلى نضال المرأة الفلسطينية وروابطها إلى العمل السياسي والتنظيمي الثوري في القضية والكفاح الفلسطيني..
في الفقرة السابقة تلخيص مُكثّفٌ لحياتها، ففي هذه المساحة الفلسطينية الواسعة المذكورة أعلاه تحركت المناضلة والشاعرة والأديبة سميرة أبو غزالة من أجل فلسطين.
ترجمتها
وُلدت سميرة محمد زكي أبو غزالة عام 1928 في مدينة نابلس لعائلة نابلسية معروفة. ترعرعت وأنهت دراستها الابتدائية في مدينة الرملة، حيث كان يعمل والدها، وبدأت في مطلع الأربعينيات تتنسم مبادئ الحرية والوطنية والنضال ضد الاستعمار، وعايشت النضال الفلسطيني طفلةً تتحرك بين الفعاليات في المدينة. ثم انتقلت إلى القدس حيث تابعت دراستها في دار المعلمات هناك، وتخرّجت منها عام 1947.
وفي أثناء دراستها في القدس، شاركت مع زميلات لها في أعمال المقاومة الشعبية ضد القوات البريطانية والمجموعات الصهيونية، وشاركت في رشق الحجارة على الحافلات التي تذهب من القدس إلى يافا.
عادت إلى مدينة الرملة بعد تخرّجها، قضت سنة واحدة فيها، كانت سنة ملتهبة قبل وقوع النكبة، فشاركت متطوّعةً في جمع الحاجيات من الملابس والأطعمة لدعم المقاتلين الفلسطينيين، وتدربت مع رفيقاتها على السلاح، والتحقوا بالهلال الأحمر المصري في المدينة للمساهمة بِدَورهنَّ في المقاومة.
في عام النكبة، وكانت في العشرين من عمرها، لجأت سميرة أبو غزالة مع عائلتها من مدينة الرملة إلى مدينة نابلس، وافتتحت مع أختها نذيرة مدرسة في بيت عمها لأبناء الحي، وساهمت في إعالة الأسرة، حتى لحق بها أخواها بعد سقوط الرملة إلى نابلس مشياً على الأقدام. ثم اختيرت عام 1950 أمينة سرّ الهلال الأحمر الأردني في مدينة القدس.
انتقلت عام 1952 لدراسة التربية وعلم النفس في الجامعة الأميركية في بيروت وفق منحة دراسية توفرت لها، وهناك انخرطت في العمل السياسي، وتعرفت على حركة القوميين العرب، وتبنت أفكارهم وعملت معهم، وقادت حملة ضد الدعوة التي تلقتها طالبات الجامعة الأميركية لمقابلة جنود المارينز الأميركيين الذين كانوا يزورون الشواطئ اللبنانية، للترفيه عنهم؛ الأمر الذي أثار إدارة الجامعة ضدها.
وفي عام 1955 شاركت بمظاهرات بيروت ضد حلف بغداد، فقامت إدارة الجامعة الأمريكية بفصلها مع أربعة عشر طالباً وطالبة شاركوا في المظاهرات.. واختفت عن المشهد عشرة أيام حتى صدر قرار مصري بقبول المفصولين في بيروت في جامعات القاهرة. وحصلت على الإجازة في الأدب العربي من جامعة القاهرة عام 1956.
عادت شاعرتنا إلى فلسطين، لتدرّس في كلية المعلمات في رام الله مدة سنتين، عادت بعدها إلى القاهرة والتحقت بجامعتها، حيث نالت عام 1962 شهادة الماجستير في الأدب العربي وكانت رسالتها بعنوان "الشعر القومي بمصر والشام بين الحرب العالمية الأولى والثانية". وقد قرأت لها بحثاً متصلاً بموضوع رسالتها، في أرشيف مجلة الآداب البيروتية الشهيرة آنذاك بعنوان "فلسطين في الشعر العربي قبل النكبة".
اشتغلت أبو غزالة نحو عشرين سنةً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بالقاهرة، كما عملت أستاذة في الجامعة الأمريكية في القاهرة. وكانت من مؤسِّسات رابطة المرأة الفلسطينية بالقاهرة عام 1963، وأول سيدة بالمجلس الوطني الفلسطيني 1965، وعضو بالمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية 1985.
وحين أسست الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، أصبحت رابطة المرأة الفلسطينية فرعاً للاتحاد في القاهرة.
قّدمت أبو غزالة، طوال أربعين سنةً، برنامجاً إذاعياً باسم "فتاة فلسطين" في إذاعة فلسطين التي كانت تبث من القاهرة. كما كانت تكتب أسبوعياً في جريدة الدفاع الصادرة في القدس. وشاركت في عشرات المؤتمرات الفلسطينية والعربية والدولية.
تُوفيت سميرة أبو غزالة في مصر في 12 كانون الثاني/ يناير 2017، عن عمر يناهز 89 سنة قضت 75 سنةً منها في مختلف أنواع النضال الفلسطيني، ودفنت في إحدى مقابر القاهرة.
مؤلفاتها
صدر للشاعرة سميرة أبو غزالة عدة دواوين ومؤلفات منها:
ـ الشعر القومي بمصر والشام بين الحرب العالمية الأولى والثانية، رسالة ماجستير، 1962.
ـ مذكرات فتاة عربية، القاهرة، 1962.
ـ دراسات في الشعر القومي، القاهرة، 1965.
ـ نداء الأرض، شعر، القاهرة، 1989.
نماذج من شعرها
كبرياء الشرق
وتمَلْملت في صَدْرها آهٌ وفي قَلْبي جراح
وتأوّهت فرأيْت أفقاً مُكفهرّ الجَو مشْبوبَ الرّياحْ
والشّمسُ تعصفُ بالدُّجى والصَّمتُ يكتنفُ البطاحْ
والثورةُ الكُبْرى سَتَحيا في النفوسِ إلى الصَّباحْ
***
ألمٌ تَوارى حائراً مُترقْرقاً في ناظِريْها
في عُمقِهِ سِرٌّ دَفينٌ يجذبُ الرّوحَ إليها
أنا أُمّتي ملكٌ لها ما عشت، رهْنٌ في يَديها
***
هِي كِبْرياءُ الشّرقِ أدمى حِسَّها حَدّ الجنونْ
هي كبرياءُ العُربِ أشقَتْ روحَها هذي السِّنونْ
فَغدا بَنُوها تائهينَ مشرَّدينَ يعذَّبُونْ
في كلِّ مُنْعَرَجٍ أسى، وبكُلِّ مَنزلةٍ شُجونْ
***
ما عاد يُطربُنا الغناءُ ولا التّرنُّمُ بالوَتَر
ما عادَ في قلْبي سِوَى ذِكْرَى لماضٍ قد غَبَرْ
مُتَرفِّقاً أرنو له مُتلمِّساً ذاكَ الأثَرْ
أجْثو هُنا أَحْنو هُناكَ وقدْ تَكاثفت الغِبَر
غضبة ثائرة
أنا غضبةُ التاريخِ للآلامِ في أرضِ الكرامَه
في المسجدِ الأقصى وفي مهدِ المسيحِ وفي القيامَه
داسوا على حُرُماتِها واستمْرؤوا فيها الإقامَه
يا ويلَ أهلي يا لقومي أينَ للعُربِ السَّلامَه
وهمُ أضاعوا المُلتَقى وتَنازعوا فيها الزَّعامَه
ومشَوْا على أشلائِنا متمزّقِين بلا كرامَه
***
يا أُمّتي يا نبْضَ آلامِي وأحْلامي الفَتِيَّه
يا مِشعلاً قَهَرَ الظَّلام وفِي عُصورٍ برْبريّه
لنْ يرْجعَ الايمانُ إن لم تنْقِذوا حُرُماً سبيّه
لنْ تهدأَ الآلامُ إن ساومتُمُ صُلبَ القضيّه
أو شِئتُمُ إجهاضَها فَلَسوْفَ تغدونَ الضّحيَه
سنسيرُ نحنُ بدَرْبِنا مهما تعاظمتِ البليّه
*كاتب وشاعر فلسطيني