كيف أثرت سياسية أردوغان تجاه إسرائيل على نتائج الانتخابات المحلية؟
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
تحدث الكاتب التركي رجب سويلو عن انعكاسات استمرار العلاقات التجارية مع "إسرائيل" التي تشن حربا وحشية في قطاع غزة، على نتائج الانتخابات البلدية في تركيا،
وقال الكاتب، إنه "بينما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقوم بحملة انتخابية للترويج لمرشحي حزبه في الانتخابات المحلية في ولاية سكاريا المحافظة، مخاطبا الآلاف من الناس في تجمع حاشد، ظهرت لافتة في الحشد، مكتوب عليها: "إنهاء عار التجارة مع إسرائيل".
وأضاف الكاتب التركي في مقالة بموقع "ميدل ايست أي"، إنه "وعندما ركزت الكاميرات على اللافتة، سرعان ما أزالها الضباط من بين الجموع، وقاموا باصطحاب المتظاهرين الذين يحملوها خارج المظاهرة٬ ولم يعلق أردوغان على اللافتة، وليس من الواضح ما إذا كان قد رآها حتى".
ويؤكد: "بعد شهر فاز حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان برئاسة البلدية في سكاريا، ولكن حصته من الأصوات انخفضت بنسبة 18٪ مقارنة بالانتخابات البلدية لعام 2019. فقد فقدت ثلاث مناطق لصالح حزب إسلامي جديد قام بحملة مكثفة على قطع العلاقات مع إسرائيل بسبب حربها على غزة حزب الرفاه الجديد (YRP)".
ويذكر أن حزب العدالة والتنمية هزم في نهاية المطاف في أكبر خمس مدن في تركيا٬ وشهد انخفاضا كبيرا في الأصوات في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى تقدم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي بفارق بنقطتين مئويتين.
ولم يهمل الكاتب أن هناك إجماع على أن المشاكل الاقتصادية في البلاد، بما في ذلك انخفاض المعاشات التقاعدية والرواتب الحقيقية وسط التضخم الجامح، لعبت دورا رئيسيا في الهزيمة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية.
التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي
ويرى الكاتب: "أن استمرار تجارة تركيا مع إسرائيل لم تكن أكبر قضية دفعت الناخبين المحافظين إلى البقاء في المنزل أو تبديل الأحزاب، إلا أنه كان عاملا من بين عوامل أخرى، اعترف به حتى أردوغان خلال اجتماع حزبي في وقت سابق من هذا الأسبوع حول نتائج الانتخابات".
وفي حديثه عن أسوأ هزيمة انتخابية لحزب العدالة والتنمية منذ عام 2002، قال أردوغان: "لسوء الحظ، حتى في قضية مثل أزمة غزة، التي فعلنا كل ما في وسعنا ودفعنا الثمن، فشلنا في صد الهجمات السياسية وإقناع بعض الناس".
ويتساءل الكاتب بينما يرى أردوغان أن عددا من المحافظين لم يصوتوا لحزبه نتيجة عدم اتخاذ موقف أكثر حدة ضد إسرائيل٬ ألا أن وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتز قال "إنه يبدو أن الناخبين الأتراك يعاقبون أردوغان على مهاجمة إسرائيل".
ويؤكد الكاتب التركي:" منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر والحرب الإسرائيلية اللاحقة على غزة، التي يصفها أردوغان بالإبادة الجماعية، زادت تركيا تدريجيا من انتقادها لتل أبيب. حيث استدعت سفيرها للمشاورات، وعلقت محادثات الطاقة، ودعمت فلسطين على الساحة الدولية، من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى العواصم الغربية من خلال فريق الاتصال المعني بغزة. كما طرحت أنقرة فكرة نظام ضمان للعمل من أجل التوصل إلى حل الدولتين".
ويكمل قائلا:" في الأشهر الأولى من الصراع، في حين دعمت العواصم الغربية حرب إسرائيل على غزة، استخدم أردوغان برنامجه لفضح أعمال الإبادة الجماعية. فتركيا هي أيضا أكبر مانح إنساني لغزة، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، وفقا لبيانات الحكومة الإسرائيلية، في حين سافر العشرات من المرضى الفلسطينيين إلى تركيا من غزة لتلقي العلاج الطبي".
الرفاه يسحب البساط
ويقول الكاتب أن حزب العدالة والتنمية تجنبت المزيد من الخطوات العقابية، بحجة أنها لم تنجح في الماضي عندما واجهت أنقرة أزمات أخرى مع تل أبيب٬ على الرغم من أن التجارة الثنائية مع إسرائيل قد انخفضت بنسبة 33 ٪ منذ 7 أكتوبر، إلا أنها استمرت مع ذلك.
ويضيف الكاتب "فيما يتعلق بمسألة التجارة، لا تؤمن أنقرة بالمعاقبة الجماعية للمجتمع الإسرائيلي من خلال قطع العلاقات تماما، مما سيؤثر سلبا أيضا على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة٬ حتى بعد مذبحة مافي مرمرة عام 2010، لم تنهي تركيا علاقتها التجارية الثنائية مع إسرائيل".
ويذكر أن وزير التجارة التركي عمر بولات قال إنه منذ العدوان الإسرائيلي على غزة، "المؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة لا تتعامل أبدا مع إسرائيل".
وذكر الكاتب: "أن استطلاعا للرأي هذا الأسبوع أظهر أن استمرار تجارة أنقرة مع إسرائيل دفع بعض الناخبين المحافظين بشدة إلى أحضان حزب الرفاه من جديد، التي شنت حملة مكثفة حول هذا الموضوع، كما ركزت في خطابها على السياسة النقدية القائمة على الفائدة العالية والكلاب الضالة".
واختتم الكاتب مقالة بكلمة أردوغان التي قال فيها: "قد تحتاج الحكومة إلى ضبط سياستها تجاه إسرائيل، حيث يشتكي البعض أنها تسير بشكل خاطئ من قبل الجمهور الأوسع٬ وقد ينتج عن ذلك إعادة النظر في التجارة مع إسرائيل بشكل أوسع في الأسابيع القادمة، ورفض السلع التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إسرائيل غزة الانتخابات تركيا أردوغان إسرائيل تركيا أردوغان غزة الانتخابات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة مع إسرائیل على غزة
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: مثلث التوترات (إسرائيل - سوريا - تركيا)
الرسالة واضحة: إسرائيل لا تريد تركيا كجار في سوريا ما بعد الحرب
ما يحدث في سوريا ليس مجرد إعادة تشكيل للديناميكيات الداخلية للبلاد، بل يكشف عن صراع أعمق في الرؤى بين تركيا وإسرائيل، وجهات النظر متباعدة للغاية في تصورهما لمستقبل سوريا.
بينما تدعو إسرائيل إلى هيكل فيدرالي مجزأ يُعلي من شأن الأقليات مثل الأكراد والدروز، تدعم تركيا دولة سورية موحدة بحكومة مركزية قوية، قادرة على السعي لتحقيق أجندة شاملة لجميع مواطنيها.
فكرة دعم تركيا لسوريا موحدة تعدي الإجراءات الدبلوماسية الشكلية، بل يمثل ضرورة استراتيجية واضحة، فمع تبني الحكومة الانتقالية نهجًا أكثر شمولية تجاه الأقليات، رفضت إسرائيل هذه المبادرات إلى حد كبير، وصوّرت نفسها على أنها "الوصي الفعلي" على جماعات مثل الأكراد والدروز.
في ظل هذه الخلفية، تُمثل خطوات المصالحة الأخيرة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب والنظام السوري نقطة تحول مهمة، فرغم ترددها الظاهر، إلا أن هذه الخطوة كانت ضرورة استراتيجية لقوات سوريا الديمقراطية في ضوء الانسحاب الأمريكي من سوريا. والأهم من ذلك هو انحياز حزب العمال الكردستاني الواضح لدعوة أوجلان لنزع سلاحه، مما قد يُشير إلى بداية النهاية لصراع لطالما أثقل كاهل تركيا.
مع تزايد الاستقرار وتحسن المشهد الأمني، تهدف تركيا إلى تدريب جيش البلاد المُعاد هيكلته، مُشيرةً إلى موقف استباقي ضد أي عودة لداعش أو تهديدات مماثلة، لكن بالنسبة لإسرائيل، يُعد وجود تركيا الديناميكية والحازمة في الجوار تطورًا غير مرغوب فيه.
قد يُفسر هذا سبب استهداف الغارات الجوية الإسرائيلية - التي يُزعم أنها تستهدف بقايا ذخائر النظام - مؤخرًا للطرق والبنية التحتية بالقرب من قاعدة T4 الجوية، حيث تخطط تركيا لإقامة وجود عسكري.
مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تركيا أيضًا لا ترغب في رؤية إسرائيل المُزعزعة للاستقرار تُوسّع نطاق وجودها العسكري في المنطقة، لم يكن الاتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من مطار T4 عملًا إكراهيًا، بل كان نتاجًا لموافقة متبادلة بين أنقرة والإدارة السورية الجديدة.
بالنسبة لإسرائيل، لا يزال شعار "التهديد الأمني" المألوف يُشكّل درعًا مناسبًا لسياساتها التوسعية، فمن احتلالها طويل الأمد لمرتفعات الجولان إلى ضرباتها المتواصلة خارج الحدود، استخدمت إسرائيل لغة إدراك التهديد لتبرير الوضع الراهن الذي يُشبه بشكل متزايد تجاوزًا استراتيجيًا.
من جانبها، تبدو الولايات المتحدة حذرة من التصعيد، قبل توليه منصبه بوقت طويل، حذّر دونالد ترامب من توريط أمريكا في صراع آخر في الشرق الأوسط.
وقد تجلى هذا الحذر جليًا خلال اجتماع متوتر بشكل واضح مع نتنياهو في البيت الأبيض، وقد كشفت الأجواء التي تلت الاجتماع عن كل شيء: رئيس وزراء إسرائيلي كئيب، مُحبط من إحجام واشنطن عن إعطاء الضوء الأخضر لجبهة أخرى.
تُمثّل المحادثات الأخيرة بين المسؤولين الأتراك والإسرائيليين في أذربيجان خطوة دبلوماسية حاسمة - خطوة صُممت لتجنب صدام مباشر في سوريا، ويكمن في جوهر أي اختراق محتمل مبدأ بسيط: الاعتراف المتبادل بشرعية الإدارة السورية الجديدة وتخفيف العقوبات، فدون هذا الأساس، يبقى كل شيء مجرد هراء.
بالنسبة لأنقرة، الطريق إلى الأمام واضح.. فقد عززت بالفعل اعترافها الدبلوماسي، وبنت علاقات مؤسسية، وأقامت شراكة أمنية متجذرة في الاستقرار الإقليمي.
لا تحتاج تركيا إلى بذل المزيد من الجهد، فقد قامت بالفعل بالجزء الأكبر من العمل، ويبدو أن واشنطن توافق على ذلك، فقد أقرّ المسؤولون الأمريكيون صراحةً بأن أي خارطة طريق جادة بشأن سوريا تمر عبر أنقرة.
لا يزال الانزعاج قائمًا في واشنطن، وخاصةً بين صانعي السياسات في عهد ترامب، إزاء إدراج أفراد يصفونهم بـ "الجهاديين السابقين" في الحكومة الانتقالية السورية… لكن هذه التسميات تبدو جوفاء، وهي صادرة عن مؤسسة سياسية لطالما دعمت الإرهابيين والجهات الفاعلة العنيفة، بدءًا من عملاء مناهضي كاسترو وقوات الكونترا في نيكاراغوا، وصولًا إلى لوس بيبس في كولومبيا ووحدات حماية الشعب في سوريا.
ولا يمكن للخطاب أن يخفي نفاق الاستناد الانتقائي إلى المعايير الأخلاقية عندما يخدم ذلك المصالح الجيوسياسية.
في الوقت الحالي، تُقدم القنوات الدبلوماسية المفتوحة إشارة مُطمئنة: إن المواجهة العسكرية المباشرة بين تركيا وإسرائيل ليست وشيكة… لكن صمود هذا الضبط يعتمد على تل أبيب أكثر منه على أنقرة.
إذا كان من المُحتمل أن يُحوّل أي طرف الوضع نحو التصعيد، فهو "إسرائيل"، بتاريخها الحافل بالسياسات التوسعية والاستفزازات بدافع الاحتلال.
في غضون ذلك، ترسم تركيا مسارًا مختلفًا - مسارًا يهدف إلى الاستقرار ومكافحة الإرهاب وإعادة الاندماج الإقليمي، لكن خطوطها الحمراء واضحة، إذا بدأ عدم الاستقرار في سوريا بالتصاعد مرة أخرى، وخاصةً من قِبل جهات تُقوّض البنية الأمنية لتركيا، فلن تبقى أنقرة مكتوفة الأيدي.