وجد بحث جديد نشر في دورية "كوميونيكيشنز بيولوجي" (Communications Biology) أن استهلاك الإنسان يخلق أثرا أكبر بمقدار 300 مرة من أي شيء آخر عرفناه.

ويستخدم الإنسان نصف فرائسه فقط في الطعام، كما أنه يتسبب في خسائر فادحة للفقاريات في العالم ويستغل أكثر من ثلثها ويهدد وجود أكثر من 5 آلاف نوع من الكائنات الحية.

والمثير للدهشة أن جزءا كبيرا من تعدينا على الكائنات الحية الأخرى يكون بدافع إعجابنا بها أو رغبتنا في تملكها.

وفي بيان صحفي، نشر على الموقع الرسمي لجامعة دالهوسي (Dalhousie University) الكندية في 30 يونيو/حزيران الماضي، يوضح عالم البيئة البحرية بوريس وورم أن "الظاهرة الثقافية تدفع البشر إلى الاستغلال المفرط للأنواع البرية". وهو ما حدث في إندونيسيا، حيث ارتفع الطلب على البوم البري بعد أن ظهرت الحيوانات المفترسة المجنحة الرائعة بشكل بارز في سلسلة "هاري بوتر".

وأضاف وورم "لقد أدى ذلك إلى موجة من استغلال البوم البري للخدمة وزاد الطلب عليها بشكل كبير"، مشيرا إلى أن الشيء نفسه حدث مع أسماك الشعاب المرجانية بعد عرض فيلم "نيمو" (Nemo)، وقال "عندما نفتتن بهذه الأنواع فإننا نحبها إلى حد الموت أحيانا".

الطلب على البوم البري ارتفع في إندونيسيا بعد ظهوره في سلسلة هاري بوتر (غيتي) الافتراس وخلل النظم البيئية

وقد قام فريق دولي من العلماء من 14 مؤسسة بتحليل بيانات "استخدام" الإنسان لـ45 ألف نوع من الفقاريات، بما في ذلك الأسماك والثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات المعروفة. ووجد الفريق أن الحيوانات المفترسة الأخرى تقتل بشكل حصري من أجل الغذاء تقريبا، بينما "للحيوانات المفترسة البشرية" استخدامات أكثر تنوعا لأنواع فرائسها.

فإضافة إلى صناعة طعام الحيوانات الأليفة، أصبح استخدام الحيوانات في الأدوية والمنتجات الأخرى شائعا الآن لدرجة أنها تشكل خطرا حقيقيا على الأنواع المهددة بالانقراض في عديد من المناطق حول العالم.

وبغض النظر عن الأغراض المقصودة، فإن اختفاء هذه الحيوانات من البرية لا يقتصر على أن له تأثيرا مباشرا عن طريق إبعاد أنواع من الكائنات الحية عن دورة الحياة، ولكنها تسبب تغيرات سلوكية في أولئك الذين بقوا أيضا للعيش في بيئة من الخوف.

وعندما تعمل الحيوانات على تجنب الافتراس فإن ذلك يؤدي إلى ضغوط سلوكية وفسيولوجية ومعرفية يمكن أن تؤثر على بقاء الحيوان ونجاح تكاثره أيضا وتزداد تلك الضغوطات مع ازدياد الافتراس.

وتظهر الأبحاث السابقة أن الأنواع التي يصطادها الإنسان تظهر بعض أكثر التغيرات المفاجئة في السمات التي لوحظت على الإطلاق في التجمعات البرية، ويمكن أن يؤدي هذا إلى تغيير السمات الرئيسية التي توفر وظائف مهمة تدعم النظم البيئية بأكملها.

ويوضح روب كوك عالم البيئة من مركز المملكة المتحدة للبيئة والهيدرولوجيا أن الاختيار غير الطبيعي للحيوانات من قبل الكائنات البشرية المفترسة "قد يؤدي إلى مجموعة من التداعيات عبر النظم البيئية" وإلى "خسارة محتملة بدءا من أبوقير خوذة، مرورا بالحيوانات الضخمة مثل الكركدن الأسود، وصولا إلى الحيوانات المفترسة المهاجرة مثل أسماك القرش الكبيرة".

الاختيار غير الطبيعي للحيوانات قد يؤدي إلى مجموعة من التداعيات عبر النظم البيئية (غيتي) طيف كبير من الفرائس

ويقول وورم إن الإنسان كائن "مفترس غير عادي، وذلك لأن طيف الفرائس لدينا يقدر بحدود 15 ألف للفقاريات فقط، والذي يعبر عن العدد الإجمالي للأنواع التي نلاحقها، كما أننا نستخدم عديدا منها بطريقة غير مستدامة لدرجة تهدد بقاءها".

وأضاف أن "المكان المناسب للكائنات الحية يتمثل في مساحة التشغيل البيئية خاصتها التي تشمل البيئة التي تعيش بها وما تتغذى عليه، إضافة إلى الظروف التي تحتاجها للبقاء على قيد الحياة. والنقطة هنا هي أن البشر يستخدمون العديد والعديد من الأنواع أكثر من أي حيوان فقاري آخر. نحن أكثر الحيوانات المفترسة تأثيرا في العديد من النظم البيئية".

ووفق تقرير نشر في موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، فإن هذا التقييم الصارم لا يشمل حتى استغلالنا التاريخي للأنواع، أو الخسارة التي نتسبب بها عند تدمير الموائل والأنواع الغازية وتغير المناخ.

وتركز الورقة البحثية الجديدة على الفقاريات، لكن واقع الحال يظهر أن استغلالنا يمتد عبر معظم الكائنات الحية الأخرى، بما في ذلك العناكب والنباتات والفطريات التي تهددنا أحيانا بالتعرض لأمراض محتملة جديدة.

ويختتم الدكتور وورم قائلا بأن "ما فعلته هذه الورقة بالنسبة لي جعلني أفكر حقا في علاقتنا بالحياة البرية والطبيعة. والخبر السار هو أن البشرية تدرك الآن ميولنا المدمرة، وهناك محاولة حقيقية لاستخدام أفضل العلوم المتاحة لتصحيح الأمور، هنا في كندا وحول العالم. وهذا يجعلني متفائلا بمستقبل الحياة على الأرض".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النظم البیئیة أکثر من

إقرأ أيضاً:

المشروع خطوة مهمة لتنويع الغطاء النباتي في المنطقة .. أمير الرياض: مشروع زراعة أشجار العود والصندل يعزز الاستدامة البيئية

البلاد ــ الرياض
دشّن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، مشروع زراعة أشجار العود والصندل في المنطقة.
جاء ذلك خلال استقبال سموه في مكتبه بقصر الحكم أمس، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازان المهندس ظافر بن عايض الفهاد، وعددًا من منسوبي الهيئة.
وأكد سمو الأمير فيصل بن بندر، أن المشروع خطوة مهمة نحو تعزيز الاستدامة البيئية وتنويع الغطاء النباتي بمنطقة الرياض، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأعرب سموه عن أهمية دعم كل ما من شأنه تعزيز الاقتصاد المحلي، والعناية بالأشجار ذات الأهمية الاقتصادية العالية، والمحافظة على التنوع البيئي في المملكة.
وقام سمو الأمير فيصل بن بندر بزراعة أول شتلة من شجر الصندل في منطقة الرياض؛ إيذانًا ببدء المشروع، كما شاهد سموه عرضًا مرئيًا حول أعمال وإنجازات وشراكات هيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازان، ودورها في دراسة وتطوير الأصناف المتنوعة من الأشجار ذات الأهمية الاقتصادية العالية؛ مثل: البن والصندل، وإسهامتها الفاعلة في مبادرة السعودية الخضراء.
وفي ختام الاستقبال، تسلّم سموه هدية تذكارية تمثل مجموعة متنوعة من المنتجات الزراعية لمنطقة جازان.
حضر الاستقبال وكيل إمارة منطقة الرياض المساعد للشؤون التنموية المكلف المهندس سلمان الضلعان، ومدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة الدكتور علي بن محمد المنصور، ومدير عام الاستدامة البيئية بالهيئة الملكية لمدينة الرياض المدير التنفيذي للرياض الخضراء المهندس عبدالعزيز بن محمد المقبل.
يُذكر أن المشروع يهدف إلى زراعة أنواع متميزة من الأشجار ذات القيمة البيئية والاقتصادية، إضافة إلى دعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز الوعي بأهمية المحافظة على التنوع البيئي في المملكة.

مقالات مشابهة

  • قانون جديد يحظر حيازة الحيوانات الخطرة دون ترخيص ويلزم بالرعاية والتأمين
  • البيئة ترصد أنواعا نادرة من الحيوانات البرية في موائل جديدة بالداخلية
  • المنارات التي شيدها أول مايو: النقابة وإنسانيتنا الإسلاموعروبية
  • لجنة كفرحزير لرئيسي الجمهورية والحكومة: براثن المجزرة البيئية تتجدد اليوم
  • المشروع خطوة مهمة لتنويع الغطاء النباتي في المنطقة .. أمير الرياض: مشروع زراعة أشجار العود والصندل يعزز الاستدامة البيئية
  • دعمًا لجهود الاستدامة البيئية بعسير.. إطلاق مبادرة “البصمة الخضراء” لزراعة 8 آلاف شتلة محلية
  • الجرائم البيئية تحت المجهر في الإمارات
  • تحذيرات إسرائيلية من امتلاك مصر لسلاح مدمر
  • تعدين قاع البحر.. طموح ترامب يهدد أعمق النظم البيئية على الأرض
  • تأثير أشعة الشمس على الإنسان عبر المراحل العمرية