ألــوان| «حنظلة» ناجي العلي.. ضمير فلسطين الحاضر في الذاكرة
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
"حنظلة" ناجي العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني، الذي نما في المخيم ليصبح المشاغب بريشته أمام الاحتلال الصهيوني الغاشم، حيث دفع الثمن حياته كونه صوت وضمير فلسطين الحاضر فى الذاكرة حتى الآن.
من هو ناجي العلي؟
ولد ناجي العلي في قرية الشجرة قضاء الجليل عام ١٩٣٦، ومع حرب ١٩٤٨ أصبح ضمن شتات اللاجئين الفلسطينيين مع أسرته التي عاشت في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان.
ونما في المخيم وعيه السياسي، ونتيجة مشاركته في المظاهرات ونشاطه السياسي ألقي به في السجن في لبنان، وعلى جدران زنزانته تطورت موهبته في التعبير بالرسم، ثم التحق بمعهد الفنون اللبناني لفترة حتى لم يعد قادرا على تحمل المصروفات.
في عام ١٩٦١ نشر له الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني ثلاثة أعمال له في مجلة "الحرية" اليسارية الفلسطينية.
مسيرة "حنظلة"
في عام ١٩٦٣ انتقل إلى الكويت وظل يرسم لعدد من الصحف على مدى ١١ عامًا، وفي عام ١٩٦٩ ظهرت شخصيته الكايكاتورية الأشهر "حنظلة" للمرة الأولى، في عام ١٩٧٤ عاد إلى لبنان وشهد الحرب الأهلية والغزو الإسرائيلي عام ١٩٨٢.
عاد إلى الكويت للعمل في وظيفة دائمة في جريدة "القبس" الكويتية، وبعد مضايقات رقابية كثيرة انتقل إلى لندن ليرسم للطبعة الدولية من الصحيفة، في ٢٢ يوليو عام ١٩٨٧، وأطلقت النار عليه خارج مكاتب الصحيفة في لندن وتوفي بعدها بخمسة أسابيع، ولم تكشف ملابسات اغتياله حتى الآن.
كتاب "طفل فى فلسطين"
جمع ابن ناجي العلي بمشاركة مجموعة من أصدقائه، رسوم والده ناجي العلي فى كتاب تحت عنوان "طفل في فلسطين": رسوم ناجي العلي"، حيث صُنفت رسومه ضمن موضوعات شكلت أبواب الكتاب.
وعن الكتاب يقول رسام الكاريكاتير الأمريكي الشهير جو ساكو في المقدمة "كانت انتقاداته اللاذعة موحية سياسيا بشدة، إلا أن حنظلة هو الذي يعطيها بعدا شخصيا لدى قراء ناجي العلي".
ويعتبر جو ساكو أن لناجي العلي فضلا في تمكنه من إعداد كتابه الساخر "فلسطين" الذي نال عنه أرفع الجوائز، وهو عبارة عن تقارير صحفية بالرسوم الكرتونية عن الأوضاع في فلسطين المحتلة وإسرائيل.
ينقل الكتاب قول ناجي العلي عن التزامه في رسومه: "مهمتي أن أتحدث بصوت الناس، شعبي في المخيمات في مصر والجزائر، وباسم العرب البسطاء في المنطقة كلها والذين لا منافذ كثيرة لديهم للتعبير عن وجهة نظرهم".
يضم الكتاب مختارات من الرسوم عن قضيته الأساسية فلسطين، وعن حقوق الإنسان ـ ليس في فلسطين فحسب، بل في العالم العربي ـ وعن السلام والمقاومة وأمريكا والنفط وغيرها.
"حنظلة" فى السينما العربية
لم يتوقف الاهتمام بناجي العلي بين قطاع واسع من المثقفين والفنانين العرب، ولكن سجلت السينما العربية حياته في فيلم بطولة الفنان المصري الراحل نور الشريف.
هؤلاء قالوا عنه:
قال عن ناجي العلي الشاعر أحمد مطر:"من لم يمت بالسيف مات بطلقة..من عاش فينا عيشة الشرفاء".
أما الشاعر العراقي مظفر النواب فوصف العلي بهذة الكلمات:"ترسمُ صمتًا نظيفًا.. فإن المدينة تحتاج صمتًا نظيفًا.. وترسمُ نفسك مُتجهًا للجنوب.. البقاع.. العروبة.. كل فلسطين !!!
حنظلة الذى لا يموت
رغم مرور وقت طويل على رحيل ناجى العلى، إلا أنه لا تزال رسومه حاضرة في ذاكرة الكثيرين من قرائه العرب الذين طالعوها في الصحف والمجلات أثناء حياته أو عبر معارض كثيرة.
اغتيال "حنظلة"
لقي ناجى العلي مصرعه عن عمر يناهز ٥١ عامًا بعد أسابيع قليلة من إطلاق النار عليه في ٢٢ يوليو عام ١٩٨٧، وكان قد تلقى تهديدات بالقتل بسبب رسومه الكاريكاتيرية، وأطلقت النار عليه خارج مكاتب جريدة "القبس" الكويتية، في لندن، والتى كان يعمل بها، وتوفي بعدها بخمسة أسابيع.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ناجي العلي حنظلة فلسطين ناجی العلی فی عام
إقرأ أيضاً:
سيرة أمير العمرى المُدهشة (1-3)
أنا واحد مَمن يُفضلون قراءة التاريخ من مسارات مُغايرة للمسار السياسى التقليدي، لذا فإن كُتب السير الذاتية للمُثقفين تُعد فى رأيى رافدا مُهما وحياديا للاطلال على تاريخنا المُعاصر. ومما كان لافتا ومشوقا فى الأيام الأخيرة، تلك السيرة العجيبة للناقد السينمائى الكبير أمير العمري، والتى صدرت مؤخرا عن دار نظر للمعارف بالقاهرة وحملت عنوان « الحياة كما عشتها».
وأمير العمرى واحد من أفضل النقاد السينمائيين العرب، إذ قضى نحو خمسة عقود مُتنقلا بين مهرجانات السينما العالمية، مُحللا، ومفككا، ومُطلعا، ومتابعا لحركات الفن العالمية، مُتخذا من العاصمة البريطانية لندن مستقرا.
وقد عرفناه صحفيا عتيدا فى كبرى وسائل الإعلام بدءا من هيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سي» مرورا بالحياة اللندنية، والقدس العربي، وصحيفة العرب، وغيرها، فضلا عن رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى.
والمثير أن سيرته تتجاوز سيرة ناقد سينمائى لترصد تحولات كبرى فى عالم الصحافة والاعلام العربي، وتقدم حكايات مشوقة وحصرية عن شخصيات سياسية، وفنية، وإعلامية معروفة، تتسم بنبرة الصراحة التامة.
إن أول ما يلفت نظرنا فى حكاية الناقد المولود فى 1950 بمدينة المنصورة، هو ذلك التنوع العجيب الذى شكل شخصيته، بدءا من والده مهندس المساحة الوفدي، الذى تنقل من مدينة إلى مدينة ليتعرف على محيطات مجتمعية مختلفة، ودراسته العميقة للطب وتفوقه فيه ثم تعيينه طبيبا فى أقاصى الصعيد، وانتقاله لاحقا من قرية إلى قرية، وصولا إلى صداقاته وعلاقاته الوطيدة بالمثقفين والمبدعين ومجانين الكتابة فى مصر الستينات والسبعينات.
كانت المنصورة وقتها مميزة بوجود جالية أجنبية كبيرة يغلب عليها الطليان، الذين أسسوا دور سينما عديدة واهتموا بعرض أحدث الأفلام. وهُنا أحب الفتى الصغير، السينما وارتبط بها، وسعى للالتحاق بمعهد السينما بعد إتمامه الثانوية، لكن رضخ لرغبة والده وإلحاحه بدراسة الطب. كان يشعر بأنه يُسدد دينا لوالديه، وظل طوال سنوات الدراسة متعلقا بالسينما ومديرا لنادى ثقافى أسسه مع بعض الشباب لمتابعتها. وبعد أن جرب حظه فى العمل طبيبا فى أسيوط والقاهرة، ثم عمل طبيبا فى الجزائر بمدينة بسكرة، وجد أن مهنة الطب لا تُرضى طموحه، فغادرها تماما بعد وفاة والديه حيث رحلت أمه فى 1971، ووالده فى مطلع الثمانينات، وأنهى عمله بالجزائر وسافر إلى لندن ليبدأ حياة جديدة.
فى لندن كان هناك عالم جديد للصحافة والاعلام يتشكل مع تحولات السياسة العربية فى ذلك الوقت. كان ألمع عقول العالم العربى الفكرية يعملون فى صحف ممولة من العراق وليبيا والسعودية وغيرها، وتعرف أمير بكثير من النجوم اللامعين كان منهم عماد أديب، هالة سرحان، عمرو عبد السميع، أمجد ناصر، صبرى حافظ، عثمان عمير، منى غباشي، أحمد الهوني، مجدى نصيف، وجميل مروة، وغيرهم.
وهو يقدم لنا حكايات عجيبة جدا عن هؤلاء وغيرهم ممن شهد بداياتهم وهم مفلسون، حالمون، أنقياء، ثُم تحولوا فى زحام لندن وسحرها إلى ملوك وسماسرة ومليارديرات. يتذكر أمير جيدا وجه الشاب الطموح الذى طُرد من إحدى مجلات «الحياة اللندنية» لاتهامه بمخالفات مالية، ثُم رآه بعد سنوات معروفا بالملياردير إيهاب طلعت.
كما يتذكر كيف كان هناك صحفى فلسطينى متواضع الحال، ومتخصص فى الصحافة الرياضية واسمه عبد البارى عطوان، تعرض للبطالة فجأة بعد استغناء الشرق الأوسط عنه، وظل شهورا بلا عمل حتى عرف باعتزام منظمة التحرير الفلسطينية اصدار صحيفة فى لندن، فساق كل علاقاته توسطا ليتولى إدارتها. ثم يذكر كيف قرر الناشر الفلسطينى إقالة عبد البارى عطوان بسبب موقف الصحيفة المناصر لصدام حسين خلال احتلاله الكويت، لكن «عطوان» تمكن بفضل تهديد عدد من أنصاره بالانسحاب من العودة مرة أخرى، وظل فى موقعه حنى 2013.
وللحكايات بقية..
والله أعلم
[email protected]