حسين حمودة: بعض الكتابات التاريخية ساهمت في تحقيق الهوية
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
قال الدكتور حسين حمودة، أستاذ النقد الأدبي بكلية الاداب بجامعة القاهرة، إن هناك وجهات نظر في الكتابة الروائية التاريخية، من أجل تأكيد معني الهوية، وهو ما ظهر في العديد من الأعمال التي تقدم للجمهور خلال الفترة الحالية.
تصريح عاجل من حسين حمودة
وأوضح "حمودة" خلال حواره لبرنامج “الشاهد” مع الإعلامي الدكتور محمد الباز المذاع على قناة "إكسترا نيوز"، أنه يتم استحضار شخصية أو حدث معين بحيث يؤدي الهدف بشكل غير مباشر، منوها بأن الكاتب جمال الغيطاني، ومقاربته للتاريخ من خلال "الزيني بركات"، كان يحتمي بما يشبه إنتزاع للحرية.
وتابع :"أحيانا اللجوء للتاريخ في روايات أخري رغبة في استعادة قيم كانت موجودة في الفترة التاريخية ولم تكن موجودة بشكل واضح في زمن الكاتب أو المؤلف".
وأضاف حسين حمودة، أنه احيانا يوجد مبدعين مشغولين بفترات أهملها التاريخ، وأتذكر رواية للدكتور احمد جمال الدين موسي صدرت حديثًا، بعنوان "مصير خبيئة حارسة المعبد"، حيث أن الفكرة منها أن التاريخ لم يقف عند هذه الفترة وهي "الثروة المنديسية" وبالتالي هنا يعالج الكاتب هذه الفترة من خلال الرجوع لمصادر من إجل ترسيخ الدور المعرفي لتاريخ مصر.
ونوه، أن لدينا ثلاث حقائق، وهم التاريخية والذي يتمثل فيما ذكره التاريخ ومراجعه، ثم الحقيقة الروائية وهي التي تعتبر مسؤولية الكاتب نفسه، وحقيقة درامية والمسؤول عنها فريق عمل، فالحقيقة التاريخية هنا مرهونة بالمؤررخين الذين توقفوا عندها.
وتابع، أن الحقيقة التاريخية في الكثير من الأحيان محدودة بالمؤرخين الذين تناولوه، وبالتالي فالعمل الروائي يضم فريق عمل لديه إمكانيات أكبر لمقاربة التاريخ ليصبح عمل درامي جيد، من خلال الإنتقال بالعمل الروائي من كتابة إلى تجسيد درامي فعال يهتم بكل التفاصيل مثل المشاهد والملابس وحركات نجوم العمل الدرامي التاريخي.
تفاصيل برنامج الإخوان – الحشاشين
ويعد برنامج "الشاهد" الذى يقدمه محمد الباز، على شاشة "إكسترا نيوز"، أول تعاون إعلامي بين القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والدكتور محمد الباز، ويرأس تحرير البرنامج الكاتب الصحفي حازم عادل ويخرجه أحمد داغر، إعداد كل من هند مختار والبدري جلال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حسين حمودة الدكتور حسين حمودة الإعلامي الدكتور محمد الباز الكاتب جمال الغيطاني إنتاج الدراما حسین حمودة
إقرأ أيضاً:
أزمة العقل السياسي الليبي المعاصر.. التاريخ والجذور
التاريخ والجذور
يمكن أن يُؤرخ للعقل السياسي الليبي في التاريخ المعاصر مع قيام الدولة القرمانلية سنة 1711م على يد مؤسسها أحمد باشا القرمانلي، الذي ينحدر من أصول عثمانية (قرمان) – سلاح الفرسان اللقب الذي يعود إلى جده الثالث، الذي كان عاملاً كأحد جنود البحرية العثمانية.
عاش أحمد القرمانلي كضابط كبير في الحامية العثمانية، وكان يتصف بالقوة والشجاعة، ويتحلى بشخصية عسكرية قيادية تحظى باحترام القيادة العثمانية، مع الخشية منه من قِبل الضباط الكبار المتصارعين على السلطة في الولاية (ولاية طرابلس الغرب).
الصراع السياسي بين الباشوات العثمانيين في ولاية طرابلس
كان الصراع السياسي محتدمًا بين الباشوات العثمانيين في طرابلس، مما أدى إلى عدم استقرار سياسي أثر في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وانعكس على شعور السكان المحليين من تجار وشيوخ قبائل ووجهاء وعلماء الدين. جعلهم ذلك ينظرون إلى هذه الحالة من عدم الاستقرار بضرورة الدخول في هذا المعترك، والمشاركة بصورة أو بأخرى لتحسين الوضع السياسي في الولاية، لتسود حالة من الهدوء والاستقرار في بلاد تمر بحالة من الفوضى الكبيرة التي أثرت على الحياة العامة في كل مجالاتها.
فقام أهالي المنشية والساحل من الموالين لأحمد باشا بالدعوة به كحاكم للولاية، وساعدوه على محاصرة المدينة، التي كان له بداخلها مؤيدون ومناصرون مكّنوه من الدخول إلى قلعة المدينة، وعقدوا اجتماعًا للديوان وقرر الطرابلسيون عدم قبول الباشا الموفد من السلطان العثماني، وأبلغوه رغبتهم في تنصيب أحمد باشا ورفضهم لولاية خليل باشا عليهم.
وبهذا العمل السياسي الذي قام به أهالي طرابلس مع الديوان والأعيان، يُعدّ الخطوة السياسية الأولى في تاريخ الفكر والعمل السياسي في ليبيا الحديثة، وأول لبنات تكوين العقل السياسي الليبي. تمخض ذلك عن اختيار حاكم وفرضه على الحكومة المركزية في إسطنبول، التي استسلمت للأمر الواقع واضطرت في وقت لاحق إلى الاعتراف باختيار الساسة الليبيين لحاكم البلاد، وإن كان ذلك على غير رغبة منها.
وبذلك فرض الليبيون إرادتهم السياسية على السلطة العثمانية، وهو ما يُعدّ نجاحًا سياسيًا وتقدمًا كبيرًا بمعايير السياسة والسلطة في ذلك الوقت (1711م)، استمر حكم ولاية طرابلس الغرب وراثيًا في سلالة أحمد باشا إلى سنة (1835م)، بعودة الحكم العثماني المباشر للولاية.
الدستور العثماني ومجلس المبعوثان
بعد صدور الدستور العثماني سنة (1876م)، مُنحت طرابلس بموجبه حق التمثيل النيابي، الذي عُرف بمجلس المبعوثان. ونظرًا لضيق الوقت وعدم القدرة على إقامة الانتخابات، جرى تعيين نائبين عن طرابلس من الوالي ومجلس إدارة الولاية في الدورة الأولى، وفي الدورة الثانية سنة (1877م)، استبدل عضو وأُبقي على آخر في المجلس، وجرى الطعن في هذا الإجراء وقُبل الطعن من الأستانة، مع الموافقة على إجراء الانتخابات، التي أيدها المواطنون بعريضة موقعة من ألفي شخص تحت إشراف المجلس البلدي، ويعلق الكاتب الإيطالي إتوري روسي في كتابه ليبيا منذ الفتح العربي حتى سنة 1911: “وتستحق هذه الواقعة أن نقف عندها، لأنها تدل على الحرية التي كانت تُجرى بها الانتخابات”.
أول جمعية سياسية سرية
في أواخر العهد العثماني وقبيل الغزو الإيطالي لليبيا، ومع احتلال فرنسا لتونس، وشعور الشباب في ولاية طرابلس بالخطر، أنشأ مجموعة من الشباب يزيد عددهم عن عشرة من شرق الولاية وغربها (طرابلس وبرقة) جمعية سياسية سرية، تضمنت الجمعية برنامج عمل أُطلق عليه اسم “فوائد ونصائح”، شرح فيه أهداف الجمعية الوليدة، ومنها: إصلاح أوضاع الولاية من خلال إصلاح نظام التعليم، وتنبيه وتوعية أهالي الولاية بأخطار الاستعمار الأوروبي، وخاصة الأطماع الفرنسية والإيطالية في الاستيلاء على الولاية، ودعوة القبائل في ربوع الولاية إلى التصالح ونبذ الفرقة، وعدم الصدام مع الدولة العثمانية للاتحاد في مواجهة الخطر المحدق بالبلاد.
استخدم أعضاء الجمعية كل الوسائل المتاحة في ذلك الوقت من مساجد وصحافة وتجمعات ثقافية للتعريف بأهدافها ونشر الوعي لدى الأهالي، وهذا ما سهَّل على الحكومة اكتشاف نشاط الجمعية السياسي، واقتياد أعضائها إلى المحكمة بتهمة تشكيل “جمعية فساد في البلاد وتعريض نظامها للخطر”، وصُدرت في حقهم أحكام تتفاوت بين النفي من البلاد والسجن، وأُفرج عن بعضهم.
يُعدّ نشاط هذه الجمعية أول نشاط سياسي سلمي في تاريخ ليبيا الحديثة، وقد أخذ الطابع السري نتيجة لطبيعة النظام وما يفرضه من قيود على العمل السياسي، وما يتعرض له من يمارس العمل السياسي من سجن ونفي وتضييق، وهذا كان له أثر في تكوين العقل السياسي الليبي، سواء من الحكام أو من النخب الثقافية التي اعتنت بالسياسة وسعت للإصلاح والتغيير، وقد أصبح القمع والتضييق سمة بارزة للتعامل مع العقل السياسي الليبي، وهو المنهج الذي استمر بصورة متفاوتة نسبيًا وأثر في مسارات تطور العقل السياسي الليبي.
العمل السياسي ومقاومة الغزو الإيطالي
ظهرت بوادر العمل الذي تفتق عنه العقل السياسي الليبي الجمعي من خلال بروز قادة سياسيين في ولاية طرابلس، الذين تفطنوا مبكرًا للأطماع الإيطالية في طرابلس. تمثلت تلك الأطماع في التمهيد لغزوها مع بدايات العقد الأول من القرن العشرين، من خلال البعثات الاستكشافية والإرساليات الاستخباراتية تحت غطاء الجمعيات الاستكشافية، ومن خلال مشاريع اقتصادية، مثل فروع بنك روما في طرابلس وبنغازي.
كانت ردة فعل الساسة في ولاية طرابلس من خلال تقديم عرائض تحذير وتنبيه لوالي طرابلس العثماني، وعقد اجتماعات مكثفة في بعض المدن للتحذير من نشاط البنك ودوره في الاستحواذ على الأراضي.
كان البنك يقدم القروض بشروط مجحفة تؤدي إلى عجز المقترض المحلي عن السداد، فتقع الأرض المرهونة تحت ملكية البنك الإيطالي.
كما نشط الساسة الليبيون في مقاومة التغلغل الإيطالي من خلال الكتابة في الصحف المحلية والعربية للتحذير من مغبته، وإعداد المواطنين وإدارة الولاية للاستعداد لمقاومة الغزو العسكري الوشيك الذي كانت تُعد له الحكومة الإيطالية، والذي بدأ بإعلان الحرب على الدولة العثمانية في سبتمبر 1911، ثم غزو طرابلس في أكتوبر من العام نفسه.
تحول نمط العمل في العقل السياسي الليبي إلى مرحلة جديدة، تمثلت في مقاومة الاستعمار وفق سياسة الجمع بين خطين متوازيين ومتلازمين، هما: المقاومة العسكرية، والعمل السياسي المستفيد من نتائج العمل العسكري، خلال فترة الاحتلال الإيطالي التي امتدت من عام 1911 إلى فترة الحرب العالمية الثانية، وخروج الطليان من ليبيا، ودخول قوات الحلفاء عام 1942م برفقة جيش التحرير المصاحب لهم من أبناء المهجرين الليبيين في مصر، تحت قيادة الأمير محمد إدريس السنوسي
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.