«جامع طوكيو».. أيقونة يابانية
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
عبد الله أبو ضيف (القاهرة)
أخبار ذات صلة «ليالي مرسانا».. تكتسي بألوان البهجة «رمضان أمان».. حملة تطوّع تغرس قيَم العطاء الاتحاد الرمضاني تابع التغطية كاملةيقع جامع طوكيو في حي شيبويا الحيوي في العاصمة اليابانية بمبنى مهيب يلفت الأنظار بمعمار متميز ومآذن شامخة، ويجمع تصميمه بين الطراز العثماني القديم وجماليات الفن المعماري الياباني.
يعود تاريخ المسجد إلى عام 1938 بسواعد مجموعة من المهاجرين القادمين من مدينة كازان الروسية، وبمساعدة من اليابان وقتها. وكان المبنى من الأخشاب فقط على طريقة المنازل اليابانية التقليدية، لكنه لم يصمد أمام العوامل الطبيعية فهُدم عام 1986، وأعيد بناؤه مرة أخرى وافتتاحه عام 2000 على أيدي عدد من الحرفيين الأتراك الذين حضروا خصيصاً من أجل تلك المهمّة.
تبلغ مساحة المسجد 734 متراً ويتسع لـ2000 مصلٍ، ويتكون من سرداب و3 طوابق، وصالة للصلاة للرجال وأخرى السيدات في الطابق العلوي، أما المركز الثقافي فهو في الطابق الأرضي، ويتميز كل طابق بديكوراته الخاصة.
مزيج معماري
معمار المسجد الذي يسمى أيضاً بمسجد يويوغي يأخذ زائره في رحلة عبر الزمن بطراز معماري نادر، بمئذنة يصل ارتفاعها إلى 42 متراً، تتزين بزخارف فنية دقيقة مستوحاة من التاريخ العريق للعمارة الإسلامية، أما القبة الرئيسة فيبلغ قطرها 23 متراً، على قاعدة سداسية الشكل مزودة بأعمدة رخامية أنيقة، وتنتشر قباب أخرى أصغر حجماً على سطح المسجد. يُعتبر المسجد بفنونه وطرازه المعماري شبيهاً بالجامع الأزرق في تركيا، وكذلك بجامع محمد علي بالقاهرة، حتى إن أبواب المسجد والسلالم والأعمدة الخارجية كلها تحمل الطراز الموجود في المساجد التاريخية الشهيرة، وتتزين معالمه بالكلمات والجمل العربية.
تتكامل العمارة الداخلية لجامع طوكيو مع روعة بنائه الخارجي، فهناك نقوش ملونة تتمازج بين الإسلامية التراثية واليابانية العصرية تزين الجدران والسقف، وتمنح الشبابيك الصغيرة الملونة في جوانب القبة مشهداً جميلاً للمسجد.
زيارات
التاريخ العريق والمعمار الجميل يجذب الزوار إلى المسجد من مختلف أنحاء اليابان لمشاهدته والتعرف من قرب على تعاليم الإسلام، لذلك أصبح بمثابة منارة إسلامية تنقل عراقة التراث الإسلامي عبر الزخارف والمقتنيات والمعمار. ويقيم المركز الثقافي التابع للجامع عدة أنشطة تتنوع بين تعليم اللغة العربية وعلوم القرآن الكريم، إلى جانب مكتبة كبيرة مجهزة للطلاب الراغبين في التعرف على الثقافة العربية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: طوكيو اليابان رمضان الفن المعماري كازان روسيا
إقرأ أيضاً:
جامع بني أمية في دمشق.. بين هوية الماضي وتحولات الحاضر
لم يزل جامع بني أمية -المعروف بالجامع الأموي- وجهة لزائري دمشق من جميع المذاهب والطوائف، سواء كانت زياراتهم سياحية أم ترفيهية أم دينية. وبعد سقوط نظام الأسد، أصبح الجامع الأموي مهوى لأفئدة القادمين بعد طول غياب عن دمشق، وموئلا للقلوب المشتاقة، فيه يعلنون فرحهم، ومنه ينشرون صورهم.
لقد أصبح الجامع الأموي مكانا للذكرى التاريخية ومجسدا للتناقضات الأيديولوجية بين الماضي والحاضر، مما يحمل عدة دلالات، من أهمها أنه كان عنوانا بارزا على سطوة النظام وسيطرته وهيمنته، ورمزًا سلطويا وعلامة بارزة لأفعال النظام وأعوانه من "القوات الرديفة" كما يسميهم، وهي المليشيات العابرة للحدود التي كانت تمارس طقوسها في هذا الجامع الكبير، متسببة في كثر من الأحيان بتغيير الطابع الروحي لهذا الصرح الإسلامي العريق.
بين شهرين وهويتينوبعد الإطاحة بنظام الأسد، أصبح الجامع رمزا للتحرر والإرادة الشعبية، وعنوانا لسقوط هيمنة ذلك النظام واستعادة الإرادة الحرة. تنتشر منه الصور يمينا ويسارا لتطوف البلاد وتسرّ كل مشتاق للعودة إلى دياره.
وبالعودة إلى الوراء، أي إلى ما قبل شهرين فقط أو قبلها بقليل، كان جامع بني أمية ميدانًا لهوية دينية لا تعبر عن أبناء سوريا، ومكانًا يتسم بالانقسامات الطائفية والسياسية.
إعلانففي السنوات العشر الأخيرة، كان يمكنك أن تلحظ تحولا كبيرا في الجامع، إذ كانت تمارَس فيه طقوس عاشوراء ومواكب اللطم الحسينية وغيرها، وهو ما كان يعكس الهيمنة السياسية الإيرانية الطاغية على مشهد الجامع.
فعلاقة إيران بجامع بني أمية وبالمدينة أضحت علاقة سيطرة، وهو مشهد كان الثائرون ينقلون صوره من وراء الحدود، ويتحدثون عن وقوعه في الأسر، وعن استخدامه بطريقة غير إنسانية وغير أخلاقية للتعبير عن الهيمنة السياسية لاتجاه ديني محدد.
مشاهد من صحن الجامعأما بعد سقوط النظام بشهر واحد فقط، فإنك إن دخلت جامع بني أمية فستجد صحنه الذي يتسع لعشرات الآلاف يكاد يفيض بالزائرين، في رمزية عظيمة طال انتظارها للاحتشاد الشعبي بعد سنوات من القمع.
علم الثورة ترفعه فتاة صغيرة وسط ساحة الجامع وهي تلتقط صورة للتعبير عن الفرح والنصر معًا، معلنة بداية مرحلة جديدة من الأمل، ومقاتل يرتدي زيا عسكريا بلحية كثيفة يتجمع الناس حوله، يلقي موعظة في زاوية أخرى من الصحن عن مجريات المعركة و"ما تم من فتوح ربانية أجراها الله على أيدي المجاهدين".
جنود الثورة يصلون في ساحات المسجد الأموي في دمشق بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (شترستوك)ومجموعة مقاتلين بزي عسكري وجوههم تشير إلى أنهم من تركستان أو أوزبكستان أو غيرهما من الجمهوريات، يلعبون فيما بينهم ويضحكون فرحين، في صورة للتلاحم بين الشعوب المختلفة في سبيل هدف مشترك.
ومجموعة من العلماء القادمين من دول الخليج يتجولون في مكان آخر، في وقت يلفت فيه نظرك رجل تركي يستوقفك متحدثا بلهجة عربية مكسرة عن فرح تركيا وشعبها بالتحرير.
كل هذه الصور لم يكن لأي واحد من الثائرين أن يتخيل قبل شهر واحد فقط أنها ستكون هي الطابع الغالب على دمشق وجامعها الكبير، جامع بني أمية.
ملتقى التغييرجامع بني أمية اليوم شاهد حي على التغيرات السياسية والاجتماعية التي مرّت بها البلاد. فهو لا يمثل مركزًا لأداء العبادات فقط، بل هو مؤشر على حجم التغيرات التي تشهدها سوريا كلها في صورتها الشعبية وهويتها المعلنة.
إعلانكما بات الأموي مقصدا لبعض السائحين الذين حرصوا أن يعبّروا من قلبه عن مواقفهم تجاه بعض الحكومات والدول، وهو ما أثار حساسية عدد من الناشطين السوريين، فطالبوا بمنع اتخاذ ساحة جامع بني أمية منبرا للتعبير عن المواقف السياسية المناوئة للسلطات في الوطن العربي.
الجامع العريق أضحى بعد الإطاحة بالنظام القديم رمزا للقبول والتسامح بين مختلف الأطياف، فالجميع هنا -وإن كانوا يمارسون سياحة ثورية وإعلانًا عن النصر- يقدمون نموذجا للمواطن الذي يحرص على أن يكون المسجد للجميع: عربا وعجما، صغارا وكبارا، ومن مختلف التوجهات والتيارات، دون أن يقع في قبضة احتكار أحد.
إنه مكان يجسد المستقبل المشرق الذي ينتظر البلاد، فصحن الجامع، إذا دخلته وتجولت فيه نصف ساعة، تستطيع أن تتلمس به سوريا الجديدة التي تصوغها الأيام، وتخبئ في جعبتها الكثير لتقوله للشعب السوري.