نائب رئيس جامعة الأزهر: الزكاة تنشر روح الحب والود.. وبها يستقيم المجتمع
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
قال أ.د محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي،إن الإسلام فرض عبادات تنوعت ما بين العبادات القولية والبدنية والمالية، موضحا أن الزكاة عبادة مالية، وهي ركن من أركان الإسلام، فرضها الله- تعالى- في السنة الثانية من الهجرة النبوية المباركة، والمقصود منها تطهير نفس الإنسان المزكي من الشح الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " اتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم "، وحتى لا يكون المال في قلب الإنسان وفؤاده، من خلال أن يخرج منه مساعدة لإخوانه الفقراء والمساكين، كما أن الزكاة من شأنها أنها تنشر روح الحب والود بين أبناء المجتمع، فلا يحقد الفقير على الغني الذي امتلك المال، كما أن الغني من خلالها يمسح دموع المحتاجين ويعينهم، وبهذا يستقيم المجتمع بأكمله.
وأضاف نائب رئيس جامعة الأزهر، خلال حديثه اليوم بملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية، والذي عقده الجامع الأزهر تحت عنوان "فلسفة الزكاة في الإسلام"، أن من فلسفة الإسلام في الزكاة أنه يريد أن يخرج الفقير من فقره إلى أن يكون متملكا، وحتى لا يكون المال دولة بين الأغنياء فقط.
وأكد أن الاسلام ينظر إلى المال بوجه عام على أنه ملك لله عز وجل، وأن الإنسان مستخلف فقط عليه، ففي قوله- تعالى-: "وآتوهم من مال الله الذي آتاكم" وقوله: "وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه".
وبين أن الزكاة جعلت للفقير حقا في مال الغني، بمعنى أن الله تعالى أنزل المال بقدر ما يسع الناس جميعا، ولنعلم أنه إذا رأينا فقيرا جائعا، فلنعلم أن هناك غنيا بخيلا، ولم يجهد الفقراء إذا جاعوا أو عروا إلا بما يصنع به أغنياؤهم، قائلا " ألا وإن الله يحاسبهم حسابا شديدا ويعذبهم عذابا أليما".
من جهته، أكد أ.د أحمد حسين، العميد السابق لكلية الدعوة بجامعة الأزهر،أن الزكاة فريضة من فرائض الإسلام المحكمة، ولم تكن من مستحدثات الدين وإنما هي فريضة قديمة، حيث أن كل الأنبياء جاؤا بهذه الفرائض التي نؤديها من صلاة وزكاة وصيام وحج والتوحيد، حيث قال- تعالى-: "وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ"، وقال " وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا".
وأكد أن الزكاة هي البلسم الشافي الذي يشيع في جنبات المجتمع، فينزع ما في قلوب المعوذين والفقراء ما في أنفسهم على أهل السعة والأموال، وهي حق واجب جعله الله- عز وجل- للفقير في مال الغني، موضحا أن هذا الحق إنما كان تزكية وتطهيرا لنفس المزكي ولماله.
وبين الدكتور أحمد حسين، أن الزكاة في اللغة تعني النماء والطهارة ، مؤكدا أن الصدقة لا تنقص المال، بل تزيده وتزكيه، كما أنها تطهير لقلب ولنفس معطيها، حيث يقول تعالى "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا..".
وأوضح أن الزكاة واجبة على الأغنياء بشروطها، فهي في تعريفها الاصطلاحي " قدر معلوم من مال معلوم بشروط معلومة لطائفة معلومة" ، لافتا إلى أن الزكاة حينما يخرجها الغني فإنه لا يخرجها تفضلا منه، بل تحدث بنعمة الله تعالى، التي استخلفه الله عليها، فالكل ذاهب وتارك ما معه، قائلا "النفس السخية قريبة من الله، قربية من الجنة، بعيدة عن النار".
وأوضح العميد السابق لكلية الدعوة الإسلامية، أن هناك فرقا بين زكاة الأموال وزكاة الأبدان، حيث أن زكاة الأموال تجب على الغني الذي يمتلك نصابها، أما زكاة الأبدان، والتي هي زكاة الفطر، فهي تجب على الجميع، ذكرا كان او أنثى، حرا أو عبدا، فقيرا أو غنيا، صغيرا أو كبيرا.
ونوه بأن الحكمة في ذلك أن الله- عز وجل- أراد أن يشارك الجميع في تطهير النفوس وتزكية القلوب، فحتى الفقير يخرج زكاة واحدة لتعود عليه زكوات، لئلا يحرم نفسه من فضيلة الإعطاء والسخاء والجود، حتى يكون قريبا من الله وقريبا من الناس والجنة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود القيادة السياسية في رفض التهجير القسري لأهل غزة
أشاد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، بجهود القيادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وموقفه الثابت الرافض للتهجير القسري للأشقاء في قطاع غزة.
وثمن رئيس جامعة الأزهر، المواقف المضيئة لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تجاه قضايا الأمة، مؤكدًا أنَّ التاريخ سوف يسطرها بحروف من نور؛ جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الثاني لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات الذي يقام تحت عنوان: «البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية بين مشكلات الواقع وآفاق التطوير».
ونقل رئيس جامعة الأزهر، للحضور تحيات فضيلة الإمام الأكبر وصادق رجائه أن ينتهي المؤتمر بتوصيات علمية قيمة نافعة، مشيدًا باختيار الكلية لعنوان المؤتمر الذي تتبارى فيه العقول والأقلام، وهو «البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية».
وقال رئيس جامعة الأزهر: حسنٌ جدًا أن نجتمع هنا لنتحدث عن البحث العلمي الذي لا سبيل لرقيه وتقدمه ونهضته إلا بإنتاج المعرفة، والإضافة إليها، وألا نعيشَ عالة على ما تُنْتِجُهُ العقولُ الأخرى، مؤكدًا أنه إذا خَرَجْنَا من هذا المؤتمر بهذه التوصيةِ المهمةِ وهي (ضرورةُ إنتاج المعرفة)؛ فقد خَرَجْنا بيدٍ ملأى بالخير كله، مستدلًّا بحديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى».
وأشار إلى أننا فهمنا هذا الحديث على وجهٍ تحجرنا به واسعًا، وضيقنا به عموم الحديث الشريف، وذلك حين قصرنا فهمه على أن اليد العليا هي يد الغني التي تعطي الفقير شيئًا من الصدقة، ولو حملناه على العموم لكان سر نهضة الأمة؛ فاليد العليا في العلم خير من اليد السفلى في العلم، واليد العليا في العلم هي اليد التي تنتج العلم، واليد السفلى في العلم هي اليد التي تستورد العلم، واليد العليا هي اليد التي تملك القوة في الاقتصاد والزراعة والصناعة والغذاء والدواء والسلاح وفي كل مجالات الحياة.
وأشار رئيس الجامعة أنه إذا أردنا تطوير البحث العلمي والارتقاء به فعلينا أن نبحث عن الثغور التي ليس عليها مرابط، أي: عن الموضوعات الجديدة والرياض الأنف التي لم تحم حولها عقول الباحثين، وهذه كلمة نبيلة حفظتها عن شيخنا العلامة المغفور له الدكتور محمود توفيق محمد سعد.
وطالب رئيس الجامعة بالغوص في أعماق البحوث العلمية وعدم الاكتفاء بالوقوف على القشرة السطحية؛ لافتًا إلى أن الباحث الحقيقي لا يكون واقفًا عند الزَّبَد الطافي على سطح الماء؛ بل عليه أن يغوص في القاع بحثًا عن اللؤلؤ والمرجان والصدف الكريم.
وشدد رئيس الجامعة على أهمية الالتزام بأدب العلم وأخلاق المناظرة؛ بهدف الوصول إلى الحق والصواب، البعيد عن إثارة العوام وأشباه العوام، وإشعال نار تمتد لظاها لتأكل أمن الناس وراحتهم واستقرارهم، وتمتلىء ساحاتنا ثرثرة تضيع فيها الأوقات والأعمار؛ ويأكل فيها القوي الضعيف، ويشمت الغالب بالمغلوب، وتنقلب حياة الناس بين عشية وضحاها إلى حالة من البلبلة.
وبيَّن رئيس الجامعة أن العلم لا يؤخذ بكثرة الضجيج ولا بارتفاع الصوت ولا بكثرة الظهور، وإنما يؤخذ بطول المراجعة والمفاتشة والتحري والتثبت وحسن النظر والإنصات، حتى قال القاضي الباقلاني: إن العلم يحتاج إلى سكون طائر؛ يعني أن المسألة الدقيقة لو زقزق عصفور لطارت الفكرة وشردت وضاعت؛ ولذا كان أصحاب الفكر يستعينون بالظلام على صيد الخواطر وبنات الفكر المهذب حتى قال أبو تمام بيته المشهور:
خذها ابنة الفكر المهذب في الدجى والليل أسود حالك الجلباب
واستعرض رئيس الجامعة خطوات جامعة الأزهر الموفَّقَة؛ ومنها: إحياء مجالس العلم لتنشغل الأقسام العلمية في مجالسها بالعلم حتى يُسْمَعَ للعلم فيها دَوِيُّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فإن العلم يزكو بالمدارسة التي تفتح آفاقه وتَمُدُّ مَيدَانَه وتبعث في كل نفس منه خواطر صالحة لأن تستنبط من المعلوم مجهولًا، ولأن تُنْجِبَ من رَحِمِ الفكرة فكرةً جديدةً، ومن رحم المعرفة معرفة جديدة.
وقال رئيس الجامعة: إن العلماء الصادقين لا يحولهم عن العلم فقر ولا غنى ولا تقلب الدنيا بهم، ويحسن لأن نُذَكِّرَ في هذا السياق بالمناظرة التي دارت بين أبي الوليد الباجي شيخ فقهاء الأندلس وابن حزم كبير علمائها وفلاسفتها؛ فقد دامت المذاكرة بينهما ثلاثة أيام، وفي نهايتها قال أبو الوليد لابن حزم: اعذرني فقد طلبتُ العلم على مصابيح الشوارع، يريد أنه بلغ مبلغه من العلم مع فقره الشديد الذي حرمه من اتخاذ مصباح خاص به، فقال له ابن حزم: أنا أبلغ منك عذرًا؛ فقد طلبت العلم على قناديل الذهب والفضة، يريد أنه لم يصرفه ثراؤه العريض عن الإقبال على البحث والدرس حتى بلغ مبلغه من العلم.
كما ذكر رئيس الجامعة أنه كان من الخطوات الجادة في جامعة الأزهر تكوينُ مجموعاتٍ بحثية تقوم على بعض المشاريع العلمية الناهضة التي ترفع شأن الجامعة، ومما يدخل في هذه التجربة دخولًا أوَّليًّا تلك اللجنة المباركة التي تقوم على إصدار موسوعة جامعة الأزهر في الحديث النبوي الشريف، وهي لجنة من أكابر علماء الحديث ومن شباب علمائه في جامعة الأزهر، هدفها إخراج عشرة آلاف حديث صحيح متنًا وسندًا، وقد أنجزت حتى الآن ما يزيد عن سبعة آلاف حديث. وكذلك من العمل الموسوعي الذي تنهض به اللجان ولا ينهض به فرد واحد موسوعة «أسرار تنوع القراءات في القرآن الكريم» فقد نوقشت في كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر ما يقارب العشرين رسالة دكتوراه في هذا المشروع، والآن يجري تنقيحُ هذه الرسائلِ العشرين واختصارُها وتهذيبُها والعملُ على إخراجها؛ لتكون أول موسوعة تتناول جميع القراءات القرآنية بالتحليل الشامل.
وأكد رئيس الجامعة أن العالم الذي نعيش فيه اليوم لا مكان فيه لجاهل ولا لمتكاسل، ورحم الله أحمد شوقي أمير الشعراء حين نظر إلى أبي الهول وهو رابض في الجيزة الفيحاء فقال:
تَحَرَّكْ أبا الهول هذا الزمانُ
تَحَرَّكَ ما فيه حتى الحَجَر
ودلل رئيس الجامعة بوصف للشيخ محمد الغزالي -عليه رحمة الله- للأزهر الشريف قال فيه: «إن الأزهر الشريف مصنع الأدوية لعلل الأمة، فإذا غُشَّتِ الأدويةُ التي يُصْدِرُها المصنع، فإن العلل ستبقى مضاعفة»؛ ومن هنا فإن العناية بالأزهر الشريف تعد من باب العناية بالدِّين، وقد حَفِظْتُ عن شيخنا أبي موسى–أطال الله في العافية بقاءه– قوله لي مشافهة: «إن الإصلاح في الأزهر الشريف كالإصلاح في الحرم» هذا سمعته أذناي من شيخنا العلامة ووعاه قلبي.
وأوضح رئيس الجامعة أنه إذا أردنا أن نرتقي بالعلم فعلينا أن تقوم حياتنا العلمية على مبدأ الإنفاق من العلم وعدم كتمانه، فإن العلم يزكو بالنفقة "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
ومن أمثال العرب: «خير العلم ما حُوضِرَ به».
وختم رئيس الجامعة كلمته بتوجيه الشكر إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالسادات عميدها ووكيليها وأعضاء هيئة التدريس والإخوة الموظفين والعمال على مشاركتهم المستمرة في القوافل الإغاثية التي ترسلها جامعة الأزهر لأهلنا في غزة، لافتًا أنها أكبر كلية تسهم في هذه القوافل، سائلا المولى -عز وجل- النصر لإخواننا المسلمين في غزة، وأن يشفي صدورهم بهزيمة عدوهم، مؤكدًا أن العربي الصريح لا ينام على ذل، ولا ينام على ثأر، ومن أمثال العرب: «لا ينام إلا من اثَّأَر» أي: من أدرك ثأره.