الجزيرة:
2024-11-06@00:52:40 GMT

هل يمكن لداعش أن تنقذ إسرائيل؟

تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT

هل يمكن لداعش أن تنقذ إسرائيل؟

تعيش إسرائيل في نظر العالم أجمع حالة من الانحطاط الكامل بسبب الإبادة الجماعية التي تمارسها في غزة وجميع جرائمها الأخرى ضد الإنسانية. وتقديم الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر 2023 كذريعة لبربريتها الوحشية لا يقنع أحدا سواها. إذ لا يمكن لشيء أن يبرر قتلها الوحشي لما يقارب 50 ألف إنسان من أطفال وشيوخ ومدنيين ونساء وصحفيين وطواقم طبية ورجال دين.

ولم تؤد هذه الوحشية المستمرة منذ ستة أشهر إلا إلى استنزافٍ كاملٍ لرصيد الذرائع الوجودية التي بنتها إسرائيل حتى الآن على أدبيات الهولوكوست. وعلى عكس ما تريد، فإنه كلما طال أمد تلك الهجمات، تدعمت شرعية حماس ومصداقيتها، وزاد التعاطف العالمي تجاهها وتجاه الإسلام.

ولم تقض العملية الجارية فحسب على ذلك الربط اللئيم بين الإسلام والإرهاب الذي يمثل أهم مكونات الخطاب الإسرائيلي والأميركي والأوربي عن الإسلام والشرق الأوسط، بل إن الآية انقلبت، لتصبح قصص الوحشية والبربرية الحضارية لإسرائيل والغرب أكثر لفتا لانتباه العالم منذ السابع من أكتوبر الماضي، درجة أنها شكلت محتوى قصصيًا أكثر بكثير من ذلك الذي ألصقوه بالإسلام. أصبحت المقاومة التي تخوضها حماس مبررة ومثيرة للتعاطف، وأصبح حكم العصابات والإرهاب الذي تمارسه إسرائيل واضحًا للعيان. وغدا واضحا للجميع كيف تغض الولايات المتحدة وأوروبا النظر عن آلاف الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش في استوديوهات التصوير، بينما تنطلق آلة القتل الوحشي في مواجهة ملايين المسلمين باسم الولايات المتحدة أو إسرائيل في العراق وأفغانستان وسوريا.

نحن في نقطة لم تعد فيها حكايات "الإرهاب الإسلامي"، التي تُستخدم كذريعة للإمبريالية الغربية، صالحة أو موثوقة حتى لدى جمهورها الخاص. ويمكننا القول إن تلك السردية التي تربط الإسلام بالإرهاب لم تكن الوحيدة التي انهارت أمام الإبادة الجماعية في غزة المدعومة بلا حدود من الولايات المتحدة، بل وصلنا إلى نقطة استنفدت فيها كل السرديات الاستشراقية التي كانت توفر الأساس للإيديولوجية الإمبريالية لمدة ثلاثمائة سنة.

 

كما في جميع المشاهد السابقة، دخلت "داعش" إلى المسرح لتلعب دورا مفيدًا للولايات المتحدة وإسرائيل، لكن حساباتهم جانبها الصواب هذه المرة، لأنه حتى عروض الوحشية المسرحية التي تمارسها "داعش" لا تستطيع أن تغطي على الوحشية الحقيقية لإسرائيل. بل على العكس، يُنظر الآن إلى داعش باعتبارها رصيدا أسود في سجل هاتين الدولتين

"داعش" من جديد

عند هذه النقطة بالذات، بدا دخول الهجوم الإرهابي الذي وقع في أواخر مارس بأحد مراكز الترفيه الهامة في موسكو غريباً بشكل لافت. والأغرب أن تعلن الولايات المتحدة عن تلقيها معلومات استخباراتية منذ فترة بشأن هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش، الأمر الذي يضع نقاطا على الحروف حول جواب أسئلة من يفعل ماذا ولماذا.

عبر التأمل في نموذج "داعش" وحده، يمكننا ملاحظة كيف أصبحت فزاعة "الإرهاب الإسلامي" التي يسوقها الغرب وإسرائيل مفضوحة الكذب وظاهرة الهشاشة. هل هناك من لا يعرف بعد ما هي داعش؟ ومن صنعها؟ ومن يستفيد منها ويجني ثمار جهودها؟

نحن نذكر كيف دخلت الولايات المتحدة إلى سوريا تحت شعار القضاء على الرئيس بشار الأسد الذي يقتل شعبه، ولكنهم بعد أن دخلوا البلاد عبر ممر أمنه تحالف دولي عسكري، تحول هدفهم فجأة لتصبح محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم "داعش" هو القضية الأهم، ويموت مشروع القضاء على الأسد، بل وتستقر له الأمور.. بالنسبة للمعسكر الغربي كانت المعادلة واضحة في الواقع فرحيل الأسد وتسلم الشعب السوري للسلطة يشكل خطرا أمنيا على إسرائيل لا يمكن السماح به.

لقد عملت الولايات المتحدة الأميركية وداعش يدا بيد وبتنسيق كامل في القتال ضد الشعب السوري -ضحية الأسد- بدلا من أن يقاتلا الأسد نفسه، وعندما أصبح وجود مقاتلي داعش يزيد عن حاجة الساحة السورية، قامت الولايات المتحدة بنفسها بنقل أعضاء فرع "داعش" في خراسان بطائراتها إلى أفغانستان ليقوموا بقتال "طالبان"، عدو أميركا الأساسي، ولكن الأخيرة لم تكن لقمة سهلة البلع، ورغم ذلك، فلا زال أعضاء هذا التنظيم كامنين هناك في انتظار فرصة لتدمير الاستقرار والأمان الذي بدأت البلاد تعيشه مؤخرا.

هناك معلومات متواترة لا تترك مجالًا للشك عن العلاقة بين "داعش" والولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وسوريا. ورغم ذلك، لا تزال أميركا تحاول استخدام هذه الورقة المكشوفة في موسكو لحشد الناس ضد عدو وهمي.

قد تكون للحادثة الأخيرة علاقة بأوكرانيا كما يقال، ولكن ما الذي يمكن أن تكسبه الأخيرة من ذلك؟ أو قد يكون لها دور في رسم سياسات أمريكية جديدة تجاه الشرق الأوسط والدول الإسلامية. وكما نعلم، فقادة الدول الإسلامية يحبون تأكيد أكاذيب الولايات المتحدة أكثر من التحقق منها. ويبدو أن عمليات التشويه التي استخدمت وحشية داعش لتنال من الحركات الإسلامية الديمقراطية المعتدلة تسعد خاصةً قادة العالم العربي. فقد مكنتهم من الحفاظ على تعزيز أوضاعهم الاستبدادية ضد معارضيهم. ولا يبدو أنهم مهتمون حتى بالتفكير فيما إذا كانت الولايات المتحدة أو إسرائيل وراء "داعش" فعلًا. إنهم يعتبرون أي قصة ترويها الولايات المتحدة هي دعامة لوجودهم أيضًا.

لكن هذه المرة، في موسكو، كان فلاديمير بوتين هو المستهدف من القصة التي تُروى عبر داعش. وهو -على عكس القادة العرب- الشخص الذي يستحيل أن يخطئ في تحديد المنفذين والهدف الحقيقي.

بوتين، الذي أدرك من البداية كيف حاولت عملية قتل السفير الروسي في أنقرة قبل سنوات التلاعب بالأحداث، وقال وقتها إنه يرى بوضوح ما الذي يُراد فعله من خلال تلك الحادثة، يرى بوضوح الآن أيضًا كيف يُراد التلاعب بالأحداث، وإلى أي جهة يراد أن تدفع.

محاولة ضرب موسكو -عدو الولايات المتحدة- هذه الأيام عبر فزاعة الإرهاب الإسلامي، تهدف فيما تهدف إلى تشتيت الانتباه عن إسرائيل، التي تستحق بجدارة أن تتصدر قائمة الخزي والعار بتهم الإرهاب والعنف والوحشية والبربرية بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها أمام أعين العالم منذ 6 أشهر.

كما في جميع المشاهد السابقة، دخلت "داعش" إلى المسرح لتلعب دورا "مفيدًا" أو "يُتوقع أن يكون مفيدًا" لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل. تلك هي حساباتهم التي يجانبها الصواب هذه المرة، لأنه حتى عروض الوحشية المسرحية التي تمارسها "داعش" لا تستطيع أن تغطى على الوحشية الحقيقية لإسرائيل. بل على العكس، يُنظر الآن إلى وحشيتها باعتبارها رصيدا أسود في سجل هاتين الدولتين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الولایات المتحدة الذی ی

إقرأ أيضاً:

معلومات خطيرة عن "عماد أمهز" الذي نفذت إسرائيل عملية خاصة في لبنان لاعتقاله

اللبناني الذي اختطفته إسرائيل عماد أمهز (منصات تواصل)

ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن عماد أمهز الذي تم اعتقلته قوة إسرائيلية خاصة في عملية البترون في لبنان، هو "المرساة بين إيران وحزب الله"، مشيرة إلى أنه الرجل الذي هدد الأصول الاقتصادية البحرية لإسرائيل.

وقالت الصحيفة في تقرير: "تم اعتقال الضابط الكبير في الوحدة البحرية التابعة لحزب الله عماد أمهز ، في عملية خاصة للأسطول الثالث عشر في مدينة البترون، على بعد حوالي 40 كيلومترا شمال بيروت.

اقرأ أيضاً أمريكا تكشف عن سبب وصول القاذفة بي-52 إلى الشرق الأوسط.. حرب عالمية 3 نوفمبر، 2024 شاهد: صور الأقمار الصناعية تكشف عن أمر خطير تريد إسرائيل فعله بجنوب لبنان (صور) 3 نوفمبر، 2024

وزعمت، أنه أحد كبار المسؤولين الذين يمتلكون قيمة استخباراتية وعملياتية عالية بشكل خاص، وتم نقله إلى التحقيق في الوحدة 504 التابعة لجهاز "أمان"، المتخصصة في جمع المعلومات الاستخبارية البشرية عبر الحدود".

ولفتت إلى أن أمهز تلقى دورة ماجستير لمدة شهر في معهد بحري خاص غير تابع للأجهزة الأمنية اللبنانية، وأقام بمفرده في شقة مستأجرة في المدينة،

وبينت "معاريف" أن "الوحدة البحرية لحزب الله تُعد ذراعا استراتيجيا يهدد المصالح البحرية الإسرائيلية. والوحدة مجهزة بمجموعة متنوعة من الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ الساحلية والزوارق الحربية المسيرة، غواصات صغيرة وطوربيدات محسنة".

ووفق الصحيفة، فمنذ اكتشاف احتياطيات الغاز في البحر، أصبح المجال البحري رصيدا استراتيجيا، وحدد "حزب الله" المنصات كأهداف مشروعة وطور قدرات هجومية مخصصة ضدها، بما في ذلك الصواريخ المتقدمة والطائرات المسيرة.

وبينت أن "الوحدة البحرية لحزب الله شهدت تحولا في السنوات الأخيرة بفضل الدعم الإيراني الواسع النطاق الذي يقدمه الحرس الثوري بالتقنيات المتقدمة التدريب التي يجريها في كلا البلدين، ويشكل ميناء بيروت نقطة دخول مركزية بحسب الجيش الإسرائيلي، على الرغم من الإشراف الدولي عليه".

وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع أن يؤدي اعتقال أمهز إلى تعطيل أنشطة الوحدة البحرية التابعة للحزب بشكل كبير وتوفير معلومات استخباراتية حيوية. حسب مزاعم الصحيفة.

بواسطة مساحة نت ـ متابعة خاصة الوسومإسرائيل بيروت جنوب لبنان حزب الله عماد أمهز لبنانمساحة نت3 نوفمبر، 2024 فيسبوك ‫X لينكدإن ‏Tumblr بينتيريست ‏Reddit تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة اقرأ أيضاً تفاصيل الأحكام الجديدة على قادة الإخوان المسلمين في مصر4 مارس، 2024 وزارة الخارجية في صنعاء تكشف عن مستجدات هامة بشأن مرتبات الموظفين.. تفاصيل4 مايو، 2023 البنك المركزي الإسرائيلي يكشف عن تكلفة حرب غزة على الاحتلال.. رقم فلكي28 نوفمبر، 2023 عاجل: وزارة الدفاع الأمريكية تقول إن إيران تخطط لشن هجمات على البنى التحتية النفطية في السعودية.. تطورات خطيرة12 نوفمبر، 2022شاهد أيضاً إغلاق أخبار اليمن لن تصدق ما هي وظيفة الأحلام التي يبحث عنها الناس بمصر واليمن على جوجل؟ 24 مايو، 2023أخر الأخبار معلومات خطيرة عن "عماد أمهز" الذي نفذت إسرائيل عملية خاصة في لبنان لاعتقاله 3 نوفمبر، 2024 أمريكا تكشف عن سبب وصول القاذفة بي-52 إلى الشرق الأوسط.. حرب عالمية 3 نوفمبر، 2024 شاهد: صور الأقمار الصناعية تكشف عن أمر خطير تريد إسرائيل فعله بجنوب لبنان (صور) 3 نوفمبر، 2024الأكثر شعبية ورد الآن: انخفاض غير مسبوق للريال اليمني أمام الدولار والسعودي اليوم السبت 26 أكتوبر، 2024 استئناف سعودي للمفاوضات مع الحوثيين والمرتبات في المقدمة.. تفاصيل 29 أكتوبر، 2024التصنيفاتأخبار الخليجأخبار السعوديةأخبار اليمنأخرىتقنيةصحةفن ومشاهيرفيديومقالاتمنوعاتفيسبوك‫Xتيلقرامصفحاتأرشيفالأكثر مشاهدةالرئيسيةتواصل معناسياسة الخصوصيةعالممن نحن جميع الحقوق محفوظة 2024فيسبوك‫Xتيلقرام فيسبوك ‫X واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫Xتيلقرام إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • ما هي الولايات السبع المتأرجحة التي ستحدد الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
  • الثلاثاء الأميركي الكبير.. هل يمكن الرهان عليه لطيّ صفحة الحرب؟!
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. ما هي الولايات السبع المتأرجحة التي ستحدد الفائز؟
  • أخنوش يبرز بالأرقام نجاح حكومته في خفض المديونية التي تراكمت منذ الولايات السابقة
  • قبيل الانتخابات الأمريكية.. هل يمكن أن تغير النتيجةُ طبيعةَ الحرب على غزة؟
  • يونيسف: ما يحدث في قطاع غزة بحق الأطفال لا يمكن وصفه
  • يونيسف: ما يحدث في قطاع غزة بحق الأطفال لا يمكن وصفه والمجتمع الدولي يشاهد بصمت
  • إسرائيل تنفّذ وعيدها.. تل أبيب تنسحب رسميا من الاتفاق الذي يعترف بوكالة الأونروا
  • تقرير فرنسي: الولايات المتحدة تنفق 17 مليار دولار على إسرائيل و4.86 مليار على عدوان اليمن
  • معلومات خطيرة عن "عماد أمهز" الذي نفذت إسرائيل عملية خاصة في لبنان لاعتقاله