الجزيرة:
2024-07-02@11:20:41 GMT

هل يمكن لداعش أن تنقذ إسرائيل؟

تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT

هل يمكن لداعش أن تنقذ إسرائيل؟

تعيش إسرائيل في نظر العالم أجمع حالة من الانحطاط الكامل بسبب الإبادة الجماعية التي تمارسها في غزة وجميع جرائمها الأخرى ضد الإنسانية. وتقديم الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر 2023 كذريعة لبربريتها الوحشية لا يقنع أحدا سواها. إذ لا يمكن لشيء أن يبرر قتلها الوحشي لما يقارب 50 ألف إنسان من أطفال وشيوخ ومدنيين ونساء وصحفيين وطواقم طبية ورجال دين.

ولم تؤد هذه الوحشية المستمرة منذ ستة أشهر إلا إلى استنزافٍ كاملٍ لرصيد الذرائع الوجودية التي بنتها إسرائيل حتى الآن على أدبيات الهولوكوست. وعلى عكس ما تريد، فإنه كلما طال أمد تلك الهجمات، تدعمت شرعية حماس ومصداقيتها، وزاد التعاطف العالمي تجاهها وتجاه الإسلام.

ولم تقض العملية الجارية فحسب على ذلك الربط اللئيم بين الإسلام والإرهاب الذي يمثل أهم مكونات الخطاب الإسرائيلي والأميركي والأوربي عن الإسلام والشرق الأوسط، بل إن الآية انقلبت، لتصبح قصص الوحشية والبربرية الحضارية لإسرائيل والغرب أكثر لفتا لانتباه العالم منذ السابع من أكتوبر الماضي، درجة أنها شكلت محتوى قصصيًا أكثر بكثير من ذلك الذي ألصقوه بالإسلام. أصبحت المقاومة التي تخوضها حماس مبررة ومثيرة للتعاطف، وأصبح حكم العصابات والإرهاب الذي تمارسه إسرائيل واضحًا للعيان. وغدا واضحا للجميع كيف تغض الولايات المتحدة وأوروبا النظر عن آلاف الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش في استوديوهات التصوير، بينما تنطلق آلة القتل الوحشي في مواجهة ملايين المسلمين باسم الولايات المتحدة أو إسرائيل في العراق وأفغانستان وسوريا.

نحن في نقطة لم تعد فيها حكايات "الإرهاب الإسلامي"، التي تُستخدم كذريعة للإمبريالية الغربية، صالحة أو موثوقة حتى لدى جمهورها الخاص. ويمكننا القول إن تلك السردية التي تربط الإسلام بالإرهاب لم تكن الوحيدة التي انهارت أمام الإبادة الجماعية في غزة المدعومة بلا حدود من الولايات المتحدة، بل وصلنا إلى نقطة استنفدت فيها كل السرديات الاستشراقية التي كانت توفر الأساس للإيديولوجية الإمبريالية لمدة ثلاثمائة سنة.

 

كما في جميع المشاهد السابقة، دخلت "داعش" إلى المسرح لتلعب دورا مفيدًا للولايات المتحدة وإسرائيل، لكن حساباتهم جانبها الصواب هذه المرة، لأنه حتى عروض الوحشية المسرحية التي تمارسها "داعش" لا تستطيع أن تغطي على الوحشية الحقيقية لإسرائيل. بل على العكس، يُنظر الآن إلى داعش باعتبارها رصيدا أسود في سجل هاتين الدولتين

"داعش" من جديد

عند هذه النقطة بالذات، بدا دخول الهجوم الإرهابي الذي وقع في أواخر مارس بأحد مراكز الترفيه الهامة في موسكو غريباً بشكل لافت. والأغرب أن تعلن الولايات المتحدة عن تلقيها معلومات استخباراتية منذ فترة بشأن هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش، الأمر الذي يضع نقاطا على الحروف حول جواب أسئلة من يفعل ماذا ولماذا.

عبر التأمل في نموذج "داعش" وحده، يمكننا ملاحظة كيف أصبحت فزاعة "الإرهاب الإسلامي" التي يسوقها الغرب وإسرائيل مفضوحة الكذب وظاهرة الهشاشة. هل هناك من لا يعرف بعد ما هي داعش؟ ومن صنعها؟ ومن يستفيد منها ويجني ثمار جهودها؟

نحن نذكر كيف دخلت الولايات المتحدة إلى سوريا تحت شعار القضاء على الرئيس بشار الأسد الذي يقتل شعبه، ولكنهم بعد أن دخلوا البلاد عبر ممر أمنه تحالف دولي عسكري، تحول هدفهم فجأة لتصبح محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم "داعش" هو القضية الأهم، ويموت مشروع القضاء على الأسد، بل وتستقر له الأمور.. بالنسبة للمعسكر الغربي كانت المعادلة واضحة في الواقع فرحيل الأسد وتسلم الشعب السوري للسلطة يشكل خطرا أمنيا على إسرائيل لا يمكن السماح به.

لقد عملت الولايات المتحدة الأميركية وداعش يدا بيد وبتنسيق كامل في القتال ضد الشعب السوري -ضحية الأسد- بدلا من أن يقاتلا الأسد نفسه، وعندما أصبح وجود مقاتلي داعش يزيد عن حاجة الساحة السورية، قامت الولايات المتحدة بنفسها بنقل أعضاء فرع "داعش" في خراسان بطائراتها إلى أفغانستان ليقوموا بقتال "طالبان"، عدو أميركا الأساسي، ولكن الأخيرة لم تكن لقمة سهلة البلع، ورغم ذلك، فلا زال أعضاء هذا التنظيم كامنين هناك في انتظار فرصة لتدمير الاستقرار والأمان الذي بدأت البلاد تعيشه مؤخرا.

هناك معلومات متواترة لا تترك مجالًا للشك عن العلاقة بين "داعش" والولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وسوريا. ورغم ذلك، لا تزال أميركا تحاول استخدام هذه الورقة المكشوفة في موسكو لحشد الناس ضد عدو وهمي.

قد تكون للحادثة الأخيرة علاقة بأوكرانيا كما يقال، ولكن ما الذي يمكن أن تكسبه الأخيرة من ذلك؟ أو قد يكون لها دور في رسم سياسات أمريكية جديدة تجاه الشرق الأوسط والدول الإسلامية. وكما نعلم، فقادة الدول الإسلامية يحبون تأكيد أكاذيب الولايات المتحدة أكثر من التحقق منها. ويبدو أن عمليات التشويه التي استخدمت وحشية داعش لتنال من الحركات الإسلامية الديمقراطية المعتدلة تسعد خاصةً قادة العالم العربي. فقد مكنتهم من الحفاظ على تعزيز أوضاعهم الاستبدادية ضد معارضيهم. ولا يبدو أنهم مهتمون حتى بالتفكير فيما إذا كانت الولايات المتحدة أو إسرائيل وراء "داعش" فعلًا. إنهم يعتبرون أي قصة ترويها الولايات المتحدة هي دعامة لوجودهم أيضًا.

لكن هذه المرة، في موسكو، كان فلاديمير بوتين هو المستهدف من القصة التي تُروى عبر داعش. وهو -على عكس القادة العرب- الشخص الذي يستحيل أن يخطئ في تحديد المنفذين والهدف الحقيقي.

بوتين، الذي أدرك من البداية كيف حاولت عملية قتل السفير الروسي في أنقرة قبل سنوات التلاعب بالأحداث، وقال وقتها إنه يرى بوضوح ما الذي يُراد فعله من خلال تلك الحادثة، يرى بوضوح الآن أيضًا كيف يُراد التلاعب بالأحداث، وإلى أي جهة يراد أن تدفع.

محاولة ضرب موسكو -عدو الولايات المتحدة- هذه الأيام عبر فزاعة الإرهاب الإسلامي، تهدف فيما تهدف إلى تشتيت الانتباه عن إسرائيل، التي تستحق بجدارة أن تتصدر قائمة الخزي والعار بتهم الإرهاب والعنف والوحشية والبربرية بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها أمام أعين العالم منذ 6 أشهر.

كما في جميع المشاهد السابقة، دخلت "داعش" إلى المسرح لتلعب دورا "مفيدًا" أو "يُتوقع أن يكون مفيدًا" لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل. تلك هي حساباتهم التي يجانبها الصواب هذه المرة، لأنه حتى عروض الوحشية المسرحية التي تمارسها "داعش" لا تستطيع أن تغطى على الوحشية الحقيقية لإسرائيل. بل على العكس، يُنظر الآن إلى وحشيتها باعتبارها رصيدا أسود في سجل هاتين الدولتين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الولایات المتحدة الذی ی

إقرأ أيضاً:

حزب الله تلقى تحذيراً جديداً.. تقريرٌ يكشف مضمونه!

ذكرت وكالة "أسوشتييد برس" في تقرير لها، مساء اليوم السبت، أن الوسطاء الأمريكيين والأوروبين والعرب يضغطون لمنع تطور الإشتباكات عند الحدود بين إسرائيل ولبنان إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط كان العالم يخشاها منذ أشهر.

وتضاءلت الآمال في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الصراع الإسرائيلي مع حماس في غزة من شأنه أن يهدئ الهجمات التي يشنها حزب الله في لبنان وغيره من المجموعات المتحالفة مع إيران.   ووفقاً للوكالة، فإن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يوجهون تحذيرات إلى حزب الله بشأن مواجهة القوة العسكرية لإسرائيل ، كما يقول دبلوماسيون حاليون وسابقون.

ويحذر المسؤولون الحزب من أنه "لا ينبغي له أن يعتمد على قدرة الولايات المتحدة أو أي جهة أخرى لصد القادة الإسرائيليين إذا قرروا تنفيذ خطط قتالية جاهزة لشن هجوم على لبنان، كما أنه لا ينبغي لحزب الله أن يعتمد على قدرة مقاتليه على التعامل مع أي شيء قد يأتي بعد ذلك"، بحسب ما ذكرت "أسوشتييد برس".   وتابع التقرير: "على جانبي الحدود اللبنانية، يبدو أن الضربات المتصاعدة بين إسرائيل وحزب الله، أحد أفضل القوات المقاتلة تسليحاً في المنطقة، قد توقفت على الأقل خلال الأسبوع الماضي. وبينما لا تزال الضربات اليومية تقصف المنطقة الحدودية، فإن التحول الطفيف قدم الأمل في تخفيف المخاوف المباشرة، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى إرسال سفينة هجومية برمائية مع قوة استكشافية من مشاة البحرية للانضمام إلى السفن الحربية الأخرى في المنطقة على أمل ردع صراع أوسع نطاقاً".   يقول جيرالد فايرستاين، وهو دبلوماسي أميركي كبير سابق في الشرق الأوسط، إنه ليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل أو حزب الله قد قررا تقليص الهجمات لتجنب إشعال فتيل غزو إسرائيلي للبنان. وعلى الرغم من ثبات وتيرة الأعمال الحربية الأسبوع الماضي، "يبدو أن الإسرائيليين ما زالوا يرتبون أنفسهم على أمل اندلاع نوع من الصراع... صراع مختلف تماماً"، على حد قوله. كذلك، يلفت التقرير إلى أن إيران لا تظهر أي علامة على رغبتها في الحرب الآن، لكنها ترى أن حزب الله يمكن أن يجرها إليها.   ومؤخراً، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أمس الجمعة إنه إذا شرعت إسرائيل في "عدوان عسكري شامل" على لبنان "فسوف تندلع حرب إبادة".

وهنا، يقول فايرشتاين: "من الواضح أنه إذا بدا أن الأمور تتجه نحو الأسوأ بالنسبة للإسرائيليين، فإن الولايات المتحدة سوف تتدخل، ولا أعتقد أنهم سوف يرون أي بديل لذلك".

وقال الجنرال سي كيو براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إنه بينما ساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في إسقاط وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية في نيسان، فمن المحتمل ألا تقوم الولايات المتحدة بمساعدة الدفاع الإسرائيلي ضد أي هجمات أوسع نطاقاً لحزب الله .   كذلك، لفت بروان إلى أنه "من الصعب صد الصواريخ قصيرة المدى التي يطلقها حزب الله بشكل روتيني عبر الحدود".   وبحسب الوكالة، فإن الجيش الإسرائيلي منهك بعد حرب دامت تسعة أشهر تقريباً في غزة، ويمتلك حزب الله ترسانة تقدر بنحو 150 ألف صاروخ وقذيفة قادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل. وفي الوقت نفسه، تعهد زعماء إسرائيل بإطلاق مشاهد دمار على غرار ما حدث في غزة على لبنان إذا اندلعت حرب شاملة.

ولم ينجح كبير مستشاري البيت الأبيض، آموس هوكشتاين حتى الآن في إقناع "حزب الله" وإسرائيل بوقف الهجمات.

ويشارك في الوساطة أيضا الفرنسيون، الذين تربطهم علاقات بلبنان بوصفهم القوة الاستعمارية السابقة، وأوروبيون آخرون، إلى جانب القطريين والمصريين.   وألقى مسؤولون في البيت الأبيض باللوم على حزب الله في تصعيد التوترات، وقالوا إنه يدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، كما أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الإسرائيليين أن فتح جبهة ثانية ليس في مصلحتهم.   أحد المسؤولين الأميركيين تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، أعرب عن غضبه من موقف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي يقول إن إسرائيل ستشهد نهاية لهجمات حزب الله من خلال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة "حماس" في غزة.

لكن المسؤول أقر أيضًا بأن اتفاق وقف إطلاق النار بعيد المنال في غزة من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً في تهدئة التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. (أسوشييتد برس)

   

مقالات مشابهة

  • أمريكا وإسرائيل.. حكاية حبّ يجب أن تُروى.. في السياسة لا بدّ من الإيضاح
  • حرب ضروس قد تلتهم الشرق الأوسط
  • إيران: لا نريد حربًا إقليمية لكن ندعم حزب الله في حال التصعيد
  • أمريكا تكابر وتضحي باقتصادها للدفاع عن إسرائيل واستمرار جرائم الإبادة ضد الأبرياء في غزة: تأثير العمليات اليمنية يلقي بثقله على الاقتصاد ، والمستهلكين الأمريكيين
  • كالكاليست: هل يمكن لإسرائيل الاستغناء عن الأسلحة الأميركية؟
  • الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط
  • بمحافظتين تدمير عجلة ووكر لداعش الارهابي
  • علاقة زواج سيئة.. كيف يمكن للغرب التعامل مع التحالف الروسي الصيني؟
  • حزب الله تلقى تحذيراً جديداً.. تقريرٌ يكشف مضمونه!
  • مسؤول أمريكي: الولايات المتحدة اقترحت لغة جديدة بشأن مقترح الرهائن ووقف إطلاق النار بغزة