قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، إن العلماء عادة ما يعرضون لدراسة الحق في مقابل الباطل، من باب معرفة الضد بضده، أو النقيض بنقيضه، لما لذلك من عمق في حياة المسلم، على مستوى التفكير والعمل أيضا، لأننا الآن محاطون بالباطل من كل الجهات، موضحا أنه إذا كان الحق هو الموجود، فالباطل هو المعدوم، ولذلك الذين يتمسكون بالباطل يتمسكون بمعدوم، ويجرون وراء سراب، وقد عرفه علماء الشريعة بأنه هو القول أو العمل الذي لا ينعقد شرعا ولا تترتب عليه أثار شرعية، وقد جاء الحق ضد الباطل كما ورد في قوله تعالى «قل جاء الحق وزهق الباطل»، فالباطل لا يتسيد إلا حين يغيب الحق، وإذا ظهر الحق ينتهي الباطل تلقائيا.

يتركون الحديث عن إبادة شعب كامل وقتله في غزة

وأوضح شيخ الأزهر، في الحلقة السابعة والعشرين من برنامج «الإمام الطيب»، أن كثير من الناس يلبسون الحق بالباطل، بمعنى تزييف الحق وإظهار الباطل على أنه هو الحق، وخير مثال ما يحدث الآن من كبار السياسيين حينما يقولون أن من حق الكيان الصهيوني أن يدافع عن نفسه، وغيرها من المزاعم الباطلة، ويتركون الحديث عن إبادة شعب كامل وقتله في غزة، مضيفا أن ذلك يحدث في صورة اجتماعات متكررة، وتصويتات، ثم نرى الفيتو على الأرض وقلعة من السلاح تقف على الشواطئ، فكل هذا باطل، لكن له جنوده التي تدافع عنه، رغم معرفتهم أن هذا ليس بحق ولكن لا بد أن يقولو شيئا في تبرير ما يرتكبونه.

حق الله على العباد

وردا على سؤال «ما هو حق الله على عباده؟»، أكد شيخ الأزهر أن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أنهم إذا لقوه لا يشركون به شيئا، فحقهم عليه أن يدخلهم الجنة وألا يعذبهم، مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم، فيما ورد عن معاذ بن جبل، قال: كنتُ رديف النبيِّ ﷺ على حمارٍ فقال لي: يا معاذ، أتدري ما حقّ الله على العباد؟ وما حقّ العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنَّ حقَّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئًا، وحقَّ العباد على الله أن لا يُعذِّب مَن لا يُشرك به شيئًا، فحق العباد على الله أن لا يعذبهم إذا عبدوه.

وأوضح فضيلته أن العبادة هنا لا يقصد بها الصلاة والزكاة وغيرها فحسب، ولكنها بمفهومها الواسع، فالكثيرون يظنون أنهم إذا صاموا وزكوا وصلو قد أدوا حق الله تعالى، وبعد ذلك في معاملاتهم وأخلاقهم يخضعون للشيطان وحظوظ النفس، وعدم احترام الآخرين، مع أن هذه هي معاصي القلوب، وليست معاصي الجوارح، فمعاصي القلوب مثل الكره والبغضاء والحسد يترتب عليها في الحياة العملية نتائج ماسة بالآخرين، أما معاصي الجوارح فقاصرة على فاعلها فالدين هو المعاملة.

وأضاف شيخ الأزهر أن للمسلم على أخيه المسلم حقوق، أوضحها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه»، فمن حقه إذا مرض أن يعده، حيث ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! أما علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرض فلم تعده، ولو عدتَه لوجدتني عنده؟ وهو هنا ينصح المسلم أنه اذا مرض أخيه أن يعده.

واختتم فضيلته بأن دعاء «اللهم آرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه»، هو دعاء محوري في حياة المسلم وخاصة في أيامنا الحالية، ونحن نعلم ونصدق القرآن الكريم في قوله تعالى: «فماذا بعد الحق إلا الضلال»، ومن ثم على الإنسان أن يلتجئ إلى الله تعالى ليريه الحق حقا، لأنه لولا هذه المعونة الإلهية سيلتبس عليه الأمر، وبالتالي لا يعلم إذا كان ما يفعله حقا أم غير حق.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر الأزهر الشريف شيخ الأزهر فلسطين غزة الله على العباد العباد على الله شیخ الأزهر حق الله

إقرأ أيضاً:

الإفتاء تكشف حكم التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة

تُعد التهنئة بالعام الهجري الجديد تقليدًا مهمًا بين المسلمين، حيث يحتفلون ببداية سنة هجرية جديدة بتبادل التهاني والتبريكات بين الأهل والأصدقاء والزملاء، ويرمز اليوم إلى هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وهو حدث تاريخي عظيم في الإسلام.

السنة الهجرية الجديدة

وفي هذه المناسبة، أوضحت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، أن حكم التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة هو استحضار للعديد من المعاني التي يجوز شرعًا التهنئة عليها؛ ومنها: الامتثال للأمر القرآني بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعم وعبر وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، والهجرة يوم عظيم من أيام الله تعالى، ينبغي أن يتذكره ويسعد به البشر كلهم؛ لأن الهجرة كانت البداية الحقيقية لإرساء قوانين العدالة الاجتماعية، والمساواة بين البشر، وإقرار مبدأ المواطنة بين أبناء الوطن الواحد مع اختلاف العقائد، والتعايش والسلام ونبذ العنف.

الانتقال إلى المدينة والدعوة

وأشارت الإفتاء إلى أن تذكر نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة على مشركي مكة، بأن يسر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، مما كان سببًا لنصرة الإسلام وسيادته؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، وقد تقرر أن التهنئة إنما تكون بما هو محل للسرور، ولا شيء يسر به المسلم قدر سروره بيومِ نصرِ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

الرد على دعوى أن التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة

وأكدت دار الافتاء أن الادعاء بأن التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة لا تصح فهو مردود بأن التهنئة لا تقتصر على الأعياد، فهي مشروعة عند حدوث النعم، واندفاع النقم، ولا يخفى ما في بداية العام من تجدد نعمة الحياة على كل إنسان، ثم إن بداية العام تتكرر؛ فهي عيدٌ في المعنى.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء تكشف حكم التهنئة بالسنة الهجرية الجديدة
  • تأملات قرآنية
  • البحوث الإسلامية يطلق حملة توعوية موسعة بعنوان: "الهجرة إرادة وعمل"
  • كيفية تحصين النفس من الفتن؟.. «الإفتاء» تحدد 10 أمور مهمة
  • بعد الموافقة عليه.. ما أهداف دراسة تطبيق نظم الري الحديث؟
  • سالم الشحاطي.. هل اقترب الإفراج؟!
  • أبو ضفيرة: اختارني الله تعالى خليفة في الأرض فعلى البرهان وقيادات الدعم السريع مبايعتي وإيقاف الحرب
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024       
  • مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 3-7-2024 في المنيا
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 2-7-2024 في المنيا