الجزيرة:
2024-11-08@08:54:29 GMT

الثورة السورية وبناء التحالفات بعد 13 عامًا

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

الثورة السورية وبناء التحالفات بعد 13 عامًا

مرّت الثورة السورية بمرحلة تبدّل بالحلفاء، فالمتغيرات في مواقف الدول "الصديقة للشعب السوري"، حيث تبنّت الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية منذ بداية الثورة، دعمها السياسي والعسكري، ثم  وصل الأمر بعد مرور 13 عامًا على الثورة إلى اقتصار الدول الداعمة لها على قطر وتركيا، اللتين بدورهما مرتا بتقلبات كثيرة أثرت في دورهما على الساحة السورية، ابتداءً من تراجع الدعم الدولي للمعارضة السورية والذي تجسّد بشكل واضح في إنهاء الولايات المتحدة الأميركية برنامجَ تسليح المعارضة عام 2016، مرورًا بالأزمات الداخلية التي انعكست على دور الدوحة وأنقرة الخارجي عمومًا، حيث عاشت الأولى أزمة المقاطعة الرباعية من دول الجوار ومصر بين 2017 و2021، أما تركيا فقد انشغلت لفترة طويلة بمعالجة تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو 2016.

لا يخفى على جمهور الثورة السورية الدور المهم الذي اضطلع به الفاعلون الإقليميون، تحديدًا في مساندة المعارضة السورية بشقّيها: السياسي والعسكري، وعلى سبيل المثال، قطر التي قدمت دعمًا ماليًا كبيرًا لقطاعات مختلفة، على رأسها القطاع الإنساني والإغاثي، بالإضافة إلى تركيا صاحبة أطول حدود مشتركة مع سوريا، والتي وفرت الدعم السياسي للمعارضة السورية بحكم ثقلها وعلاقاتها مع مختلف الفاعلين الدوليين.

على الرغم من المتغيرات السياسية التي أرخت ظلالها على مواقف قطر وتركيا في الملفات الخارجية، والتي دفعتهما لتخفيف حدة الخطاب في بعض الأحيان تجاه النظام السوري، وعدم استخدام مصطلحات "رحيل الأسد" و "إسقاط النظام"، لكن يمكن القول إنهما حافظتا على سقف مقبول بالنسبة للشعب السوري والمعارضة السياسية والعسكرية، أدناه الدعوة إلى تفعيل العملية السياسية بموجب القرارات الأممية، وما تقتضيه من تغيير الدستور، وإجراء انتخابات ينتج عنها سلطة جديدة، بالتوازي مع استمرار الدعم المالي والسياسي من الجانبين.

إن أهمية الدول الإقليمية – وخاصة دول الجوار في حل الأزمات – لا تقل عن أهمية مواقف الفاعلين الدوليين الكبار، بل قد تساهم في الكثير من الأحيان بعض الدول الإقليمية في تشكيل مواقف الدول الكبرى حيال قضية ما، لما تمتلكه دول الإقليم من دبلوماسية وأوراق تفاوضية مؤثرة.

وفي الحالة السورية نلاحظ مع مرور الزمن أن الملف يتراجع في الكثير من المراحل على قائمة أولويات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا؛ نظرًا لتعدد ملفات الصراع، وسيولة الأحداث على الساحة الدولية، وهذا ما حصل بعد اندلاع الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة، حيث أصبحت ذات أولوية مرتفعة بالنسبة للغرب وروسيا على حدٍ سواء، وبالتالي أصاب الملف السوري حالة جمود، حيث تعمل الدول الإقليمية على تحريكه من خلال بعض الجهود والمبادرات.

تمتلك قطر قوة ناعمة ونهجًا دبلوماسيًا لا جدال فيه، وعلاقات إيجابية مع مختلف الأطراف الدوليين، وقد أظهرت الدوحة إمكاناتها الواضحة خلال وساطتها في أحداث غزة الأخيرة، بالمقابل تعتبر تركيا طرفًا مؤثرًا على السياسات الروسية والغربية في المنطقة، وقد برز هذا التأثير خلال الوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية، ومن هنا يمكن تقدير مدى أهمية حفاظ المعارضة السورية على العلاقات الإستراتيجية مع الجانبين؛ من أجل ضمان دعمهما في تحقيق انتقال سياسي في سوريا، وإعادة بناء ما خرّبته الحرب التي خاضها النظام السوري وداعموه ضد شعبه.

إن الملف السوري دائمًا ما يشهد تقلبات؛ بسبب تأثره بالمتغيرات الدولية، وبالتالي قد نجد في مرحلة ما توسعًا لدور الفاعلين الإقليميين، وخاصة قطر وتركيا في سياق تبادل الأدوار مع أطراف دولية وازنة لحسابات التوازنات الدولية، ولذا من المهم بالنسبة للمعارضة وقوى الثورة السورية بكافة مكوناتها الاستعداد لهذه المرحلة، والعمل على بناء علاقة صحية مع الحلفاء الحاليين وتوسيع دائرة التحالفات.

المطلوب اليوم هو التوازن في التعاطي من جانب المعارضة السورية، وجمهور الثورة، وإدراك أن التمسك بالأهداف والمطالبة المحقة، لا يتعارض مع تفهم مصالح الأطراف الدولية المساندة للمعارضة والشعب السوري، فسلوك الدول عمومًا مدفوع إما بمعالجة المخاوف أو تحصيل المصالح السياسية والاقتصادية، وبالتالي يجب عدم التعامل على أساس أن غير السوريين هم أصحاب القضية، وبالمقابل هناك ضرورة لخلق مهارات سياسية للتعامل مع الحلفاء تستهدف المحافظة على الحاليين، وتوسيع مروحة التحالفات على قاعدة المصالح المشتركة، وليس خسارة الموجودين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الثورة السوریة

إقرأ أيضاً:

رئيس الجمهورية يتلقى التهاني من الرئيس السوري 

بعث رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد، برسالة تهنئه لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بمناسبة سبعينية ثورة أول نوفمبر المظفرة.

وحسب بيان رئاسة الجهورية هنأ الرئيس السوري الشعب الجزائري الشقيق، متمنيا للجزائر دوام الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار.

كما أعرب عن تقديره العالي لما تتميز به العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين، مُعلنا  حرصه البالغ على أن يشهد العمل الثنائي والتنسيق المشترك، تطورا وتقدما مستمرين.

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: مصر من أولى الدول التي طبقت معايير منع ومكافحة العدوى
  • "أنا موهوب" مبادرة لاكتشاف وتنمية الموهوبين وبناء شخصية الأطفال وتحقيق العدالة الثقافية
  • رئيس الجمهورية يتلقى التهاني من الرئيس السوري 
  • المؤتمر: عودة ترامب قد تعيد صياغة التحالفات والأولويات في الشرق الأوسط
  • «القابضة للمياه» تستعرض خدماتها وبرامجها التدريبية في المنتدى الحضري العالمي
  • الأعلى للثقافة ينظم ندوة «تطوير التعليم وبناء الإنسان المصرى»
  • مواقف الحزب الشيوعي من التحالفات عبر تاريخه (1 – 15)
  • مروة عباس: IBM تؤكد التزامها بدعم رؤية مصر 2030 وبناء المهارات الوطنية
  • برلمانية: مصر من أوائل الدول التي تبنت الأجندة التنموية الحضرية الجديدة
  • الضويني: الأزهر يجدد الدعوة لقادة العالم للاتفاق على مبادئ عظمى تضمن التصدي للتحديات التي تفرضها الأزمات