اختبارات جينية تكشف عن وجود ذئب رمادي بمنطقة غير متوقعة بولاية ميشيجان
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
كشفت الاختبارات الجينية أن حيوانًا قُتل في عملية صيد قانونية بمقاطعة كالهون بولاية ميشيجان كان في الواقع ذئبًا رماديًا، حسبما أفاد مسؤولون حكوميون، لكن الخبراء لا يعرفون كيف وصل هذا الحيوان إلى هناك.
وتقع مقاطعة كالهون في النصف الجنوبي من شبه جزيرة ميشيجان السفلى، حيث لم يتم مشاهدة أي ذئاب رمادية (Canis lupus) هناك لأكثر من قرن.
ويسكن مجموعة من حوالي 630 ذئبًا رماديًا شبه الجزيرة العليا بالولاية، على بعد 250 ميلًا (400 كيلومتر)، وقد تم رصد بعض الذئاب أحيانًا في النصف الشمالي من شبه الجزيرة السفلى - على بعد حوالي 130 ميلًا (200 كيلومتر) من مقاطعة كالهون.
وقال بريان رويل، عالم الأحياء ومتخصص في الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة في إدارة الموارد الطبيعية بالولاية (DNR)، في بيان: "إن حالات عبور الذئاب لمسافات طويلة نادرة، لذلك يتم توثيقها، بما في ذلك علامات الذئاب في العقود الأخيرة في شبه جزيرة ميشيغان السفلى".
كانت آخر مشاهدة ذئب رمادي تم الإبلاغ عنها في شمال شبه الجزيرة السفلى عام 2014، عندما رصد علماء الأحياء من Little Traverse Bay Bands of Odawa Indians - التي يقع مقرها على بعد 220 ميلًا (350 كيلومترًا) شمال مقاطعة كالهون - ذئبًا على كاميرا درب أثناء مسح للنسر، بحسب البيان.
ومع ذلك، فإن وجود الذئاب الرمادية في أقصى الجنوب مثل مقاطعة كالهون أمر غير معتاد للغاية، وتقوم إدارة الموارد الطبيعية بالتحقيق في كيفية وسبب وحود الحيوان هناك.
وقتل الذئب الرمادي خلال عملية صيد قانونية في يناير، حيث قال صياد إنه أخطأ في الذئب على أنه ذئب كبير.
كان وزن الحيوان 84 رطلاً (38 كيلوجرامًا)، أي أربعة أضعاف وزن ذئب الغرب (Canis latrans) وضعف متوسط وزن الذئب الشرقي - وهو نوع هجين له أبوة ذئب وذئب استعمر مناطق من أمريكا الشمالية بعد إبادة الذئاب في أوائل القرن العشرين.
وقال خبراء إدارة الموارد الطبيعية إنه من غير المرجح أن يكون الذئب الرمادي ينتمي إلى مجموعة سكانية مستقرة في جنوب شبه الجزيرة السفلى ولا داعي للقلق بشأن وجود الذئب على نطاق أوسع في هذا الجزء من ميشيغان.
قال رويل: "هذه حالة غير عادية، وتقوم إدارة الموارد الطبيعية بالبحث بنشاط في الأمر لمعرفة المزيد عن أصل هذا الحيوان المعين".
كانت الذئاب تتجول في جميع أنحاء ميشيغان، لكن اضطهاد المستوطنين الأوروبيين ومكافأة تم تحديدها في عام 1838 دفع السكان إلى الخروج من شبه الجزيرة السفلى.
وهدد قطع الأشجار المكثف في أوائل القرن العشرين الذئاب المتبقية في شبه الجزيرة العليا، لكن السكان انتعشوا بعد أن ألغى المشرعون المكافأة في عام 1960، وكانت الحيوانات تحت حماية قانون الأنواع المهددة بالانقراض الفيدرالي منذ عام 1973.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إدارة الموارد الطبیعیة
إقرأ أيضاً:
حصن السنيسلة بولاية صور .. عبقرية المبنى المستدام وذكاء البنّائين القدامى
عندما دخلنا الحصن بصحبة المظلة الشمسية في الظهيرة الحارقة التي لا تشي بليل بارد في صور. بناء مربع وعلى كل واحدة من الزوايا الثلاث يستقر برج دائري وفي الرابعة برج مربع.
في البداية، أوحت لي الباحة الخارجية الواسعة لحصن السنيسلة بولاية صور أن الحصن ممتد لمسافات بعيدة، وتوقعت أن المدخل إليه أيضا بعيد. هذه المرة الأولى التي أدخل فيها حصنا بفناء واسع جدا، ويضم الكثير من مواقف السيارات، وظننت أنه يجب أن أتأهب للمشي لساعات طويلة، لكن ما أبحث عنه كان موجودا أمامي. مدخل حصن على هضبة صخرية ينام أمامه البحر وبينهما تلعب المدينة لعبة الحياة وتتنفس.
«الحصن يتنفس أيضا! أترين البقع على الجدران؟!» هذا أول ما قاله المهندس المعماري أحمد بن محفوظ العلوي المختص في الآثار بمديرية التراث في وزارة التراث والسياحة -الذي كان يقود الجولة-، ألن نبدأ بعمر الحصن على الأقل؟! قلت في نفسي: يقول لورانس فيشبورن في دوره الذي مثله في فيلم «باب القبو»: «المنهدسون المعماريون يكتشفون المشاكل أو يتسببون فيها»، لم يكن «الحصن يتنفس» وصفا مجازيا بل كان حقيقة، والبقع التي يخلّفها هذا التنفس هي «مشكلة» كما قال لي، وتعلمت فيما بعد كيف يمكن أن تُقرأ وتُفهم وتُحل، لأنه وبطريقة ما جعل للحصن عينين ولسانا وشفتين، ساردا قصة المواد الخام التي قام عليها بناء عمره أكثر من 300 عام في واحدة من أقدم الموانئ والمدن البحرية في العالم، وهذا ما يحدث عندما يتحدث عما يحب ويتقن «العمارة».
هندسة الحماية في العمارة التراثية: عبقرية الدفاع والهجوم
كانت الأسوار في الحصن عالية، فإذا كان طولك لا يتجاوز 160 سم، ستضطر إلى الوقوف على أطراف قدمك لتنظر خلف السور، أو من بين الشرفات المسننة كما تسمى، مشيرا إلى أنه ليس علوّا عشوائيا، بل يتجلى من خلال عبقرية التصميم الدفاعي كباقي الحصون والمباني التراثية في عُمان، التي صممت بعناية لتلائم القتال. وقال العلوي: «هذه الشرفات، التي تُشبه الأسنان، توفر حماية كبيرة للمدافعين، وتمنحهم القدرة على التصويب بسهولة. الفتحات المستطيلة والدائرية الموجودة في الجدران ليست مجرد فتحات للتهوية، بل صُممت خصيصًا لتكون صغيرة من الخارج وكبيرة من الداخل، مما يسمح بالتهوية والمراقبة الفعالة، مع تعزيز الدفاع ضد أي هجوم محتمل».
وعن فتحات مائلة تخترق السقف عند المدخل علمت فيما بعد أنها «مصبات الزيت» فكانت أدوات دفاعية حيوية تستخدم لصب المواد الساخنة على المهاجمين. وهذا ما أصر العلوي على تأكيده بقوله: «التفاصيل الصغيرة تعكس استراتيجية متكاملة في التصميم، حيث يتشابك الجانب الدفاعي مع الراحة التشغيلية للمدافعين».
تقنيات التسقيف والبناء: استغلال الموارد المحلية بذكاء
الأبواب في الحصن ضيقة، لم يكن ممكنا أن أدخل والمظلة مفتوحة، وإن كان كذلك فسيلزم أن أدخل قبلها. جمال السقف المعقد بجذوع سوداء جعلني أتساءل: من جاء أولا، فتحة الباب أم السقف؟
أعلمني العلوي أن تلك الجذوع هي أخشاب الكندل وجذوع النخيل التي اعتمد البناؤون القدامى عليها كمواد محلية لتستخدم في التسقيف، حيث يتم تقسيمها إلى قطع صغيرة، لتحديد أبعاد الغرف وفق أطوال هذه الجذوع، ويصل طول خشب الكندل إلى 3.8 متر، مما يجعل عرض الغرف لا يتجاوز 3.6 متر بعد تثبيت الجذوع داخل الجدران.
وأشار إلى أن شبكة التسقيف هذه تُعزز باستخدام طبقات متعددة من المواد الطبيعية لضمان تصريف المياه بكفاءة. وأيضا مثل الارتفاع في الأسوار هذه التقنيات ليست عشوائية، بل هي ثمرة خبرة طويلة تُراعي الظروف البيئية المحلية، مثل درجات الحرارة المرتفعة ومخاطر الأمطار وغيرها من العوامل الطبيعية.
الزوايا المصقولة وغير الحادة كانت سؤالا أيضا، فأوضح أنها صممت كذلك لتجنب الكسر، وهو تصميم يعكس براعة المهندسين القدامى في استخدام مواد البناء المتوفرة بحكمة على حد تعبيره. ولفت إلى أن بلاط الجدران صمم بأسلوب يُشبه «الكوب» لتوجيه مياه الأمطار إلى نقاط تصريف محددة تُعرف بـ«التقطير»، مما يمنع تآكل الجدران ويحميها من الرطوبة.
وأشار إلى أن المواد المستخدمة في البناء التراثي، مثل الطين والصاروج، هي مواد «حية» وتتنفس، مما يسمح للجدران بامتصاص الرطوبة وإطلاقها، وكل هذه الخصائص تحمي المباني من التآكل وتمنحها عمرًا أطول بسبب تكيفها مع البيئة المحيطة، على عكس المواد الحديثة مثل الإسمنت التي قد تؤدي إلى تدهور المباني التراثية إذا لم تُستخدم بحذر.
وقال: «الصاروج، على سبيل المثال، يحتاج إلى أن يُستخرج ويُستخدم من المنطقة نفسها التي يقع فيها الحصن أو القلعة لضمان التكيف مع البيئة. النماذج التجريبية في عمليات الترميم، مثل تلك التي نُفذت في حصن بركاء، أكدت أهمية استخدام مواد محلية لضمان نجاح الترميم واستدامة المباني».
وأضاف: «الهندسة المعمارية الحديثة يمكن أن تستفيد من دروس العمارة التقليدية في تصميم مبانٍ مستدامة تتكيف مع البيئة. فالمهندس المصري أحمد شكري، على سبيل المثال، نجح في تصميم منازل بسيطة تعتمد على التهوية الطبيعية دون الحاجة إلى أجهزة تكييف، من خلال أشكال هندسية خاصة للأسقف، وهكذا يعزز الربط بين الماضي والحاضر في العمارة الهوية المعمارية ويوجد تصاميم مستدامة تتماشى مع الموارد والمناخ المحلي. هذه التفاصيل الصغيرة، التي قد يغفلها البعض، تشكل الأساس لبناء مبانٍ تدوم لقرون، كما أثبتت التجربة في الحصون والمنازل التراثية في الخليج العربي».
النوافذ التراثية: تحكم ذكي بالتهوية والخصوصية
ندخل أحد الأبراج لنستظل من الحرارة المرتفعة، فتنساب النسمات بخفة من النوافذ التي يتسلل معها ضوء الشمس، وأنا ألتقط صورة للأشعة المتسللة، قال العلوي: إن النوافذ في المباني التراثية لم تكن مجرد فتحات للضوء، بل أدوات للتحكم في التهوية والخصوصية. وأنها غالبًا تتكون من أربعة أجزاء يمكن فتحها بشكل مستقل، مما يمنح سكان المنزل تحكمًا كاملًا في تدفق الهواء. وشرح: «في الصيف، تُفتح النوافذ المواجهة للرياح وتُغلق الأخرى لتجنب حرارة الشمس، بينما تُفتح النوافذ الجنوبية في الشتاء لاستقبال أشعة الشمس الدافئة، حتى ارتفاع النوافذ كان مدروسا، حيث تبدأ من مستوى القدم وتصل إلى مستوى الركبة، مما يسمح بتهوية مباشرة للجلوس الأرضي ويوفر الخصوصية دون كشف الأشخاص داخل الغرفة».
التفاعل مع المناخ: فهم حركة الشمس والرياح
لن تعمل النوافذ بشكل صحيح إن لم تُفهم حركة الشمس والرياح، وهذا ما يؤكده العلوي في أن العمارة التقليدية اعتمدت على دراسة حركة الشمس والرياح لتوزيع المرافق داخل المنزل. وأوضح: «في الخليج العربي، كانت الجهة الشمالية تُخصص للمداخل والمرافق المهمة لتجنب حرارة الصيف. أما الجدران الجنوبية فكانت تُستخدم للمطابخ والغرف والمخازن الأقل استخداما، نظرا لتعرضها المباشر للشمس».
وأضاف: «في الحصون، كانت الواجهات تُبنى باتجاه الشمال أو البحر للاستفادة من الرياح الباردة، مع إعطاء الظهر للجهات الحارة. الجدران السميكة، التي يتجاوز سمكها مترا في بعض الأحيان، كانت توفر عزلًا طبيعيًا للحرارة، مما يجعل المباني باردة في الصيف ودافئة في الشتاء، وهكذا تتنفس».