معضلة مراكز الفساد في الوزارات عقبة أمام الإصلاح في العراق
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
6 أبريل، 2024
بغداد/المسلة الحدث: في ظلّ سعي الحكومة العراقية الجديدة لتحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد، يبرز تصريح صادر عن سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، ليكشف عن تحدٍّ كبيرٍ يُواجه هذه المساعي، ألا وهو مراكز نفوذ الفساد المتغلغلة في بنية الدولة.
يُشير التصريح إلى حادثةٍ محددةٍ، حيث طلب أحد الوزراء معلوماتٍ عن مؤسسةٍ تابعةٍ لوزارته، لكنّه لم يتمكن من الحصول عليها.
ويرى فهمي أنّ هذه الحادثة تُسلط الضوء على وجود جهاتٍ متنفذةٍ تُسيطر على الوزارة وتمنع وصول المعلومات إلى الوزير نفسه .
ويُفسر ذلك بأنّ نظام المحاصصة الطائفية والقومية في العراق قد خلقَ بيئةً خصبةً لتكوّن هذه المراكز، حيثُ تُسيطر جهاتٌ سياسيةٌ على مؤسساتٍ حكوميةٍ وتستخدمها لتحقيق مصالحها الخاصة.
يُحذر فهمي من أنّ التغيير في قمة الهرم لا يكفي لوحده لتحقيق الإصلاح الجذري، فطالما ظلتْ هذه المراكزُ متواجدةً، ستبقى عائقًا أمامَ أيّ مساعيٍ للإصلاح ومكافحة الفساد.
ويُؤكّد على أنّ الشرط الضروريّ للإصلاح هو التصدي لجذر الخراب، أيّ نظام المحاصصة.
يُقدم تصريح فهمي تحليلًا هامًا للتحديات التي تواجهها الحكومة العراقية في مسيرتها الإصلاحية. ويُؤكّد على أنّ معالجة الفساد بشكلٍ جذريٍّ تتطلبُ تفكيكَ مراكز نفوذ الفساد المتغلغلة في بنية الدولة، وذلك من خلال التخلّص من نظام المحاصصة.
وظاهرة محاصصة الوزارات في العراق أصبحت من بين أبرز التحديات التي تواجه عملية الإصلاح السياسي والإداري في البلاد.
ويُفهم تحت محاصصة الوزارات الاتجاه إلى تعيين الوزراء وفقاً لانتماءاتهم السياسية دون النظر إلى الكفاءة والخبرة الفنية والإدارية. و ترتبط محاصصة الوزارات بتحولها إلى مصدر تمويل للأحزاب السياسية، حيث يتم توزيع الوظائف الحكومية بموجب التفاهمات السياسية بين الأحزاب، بدلاً من الاعتماد على المعايير الفنية والاحتياجات الوطنية.
ومن خلال محاصصة الوزارات، يُعطى الأولوية للانتماء السياسي عن الكفاءة، مما يؤدي إلى تعثر عملية الإدارة والتنمية في البلاد. فالوزراء الذين يتم تعيينهم بناءً على المحاصصة قد لا يكونون لديهم الخبرة أو المهارات اللازمة لتحقيق الأهداف المطلوبة للوزارة، مما يؤدي إلى إدارة غير فعالة وتبديد للموارد الوطنية.
علاوة على ذلك، تُستغل محاصصة الوزارات أحيانًا كأداة لتلميع صورة الجهة السياسية التي ينتمي إليها الوزير. فتُستخدم التعيينات السياسية في الوظائف الحكومية لتعزيز التواجد السياسي وتعزيز قاعدة الدعم للأحزاب، بدلاً من تحقيق الأهداف الحقيقية للخدمة العامة وتلبية احتياجات المواطنين.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
هل يعيد العراق خطأ السعودية في استنزاف المياه الجوفية بالصحراء؟
26 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: تهبط آبار الصحراء كل يومٍ عميقًا أكثر، بينما ترتفع سنابل القمح إلى السماء في صحراء النجف، وكأنها تُجاهد من أجل البقاء.
ويغيب عن الأفق القريب أي توازن بين ما يُستخرج من جوف الأرض وما يُمنح لها.
وتتسارع خطوات الدولة والفلاحين على حدّ سواء نحو التوسع في استخدام المياه الجوفية، دون أن تسبقها خطوات علمية تُحصي المتاح والممكن.
وتُربك هذه العجلة خبراء المناخ والمياه، الذين يُحذّرون من تكرار التجربة السعودية التي انتهت بنضوب أكثر من 80% من خزانها الجوفي بعد عقود قليلة من الزراعة المكثفة في التسعينيات.
وتُغري النجاحات المرحلية، كما حدث في موسم 2023-2024 حين تفوقت أرباح الصحراء على الأراضي الطينية بثمانية أضعاف، صناع القرار بتجاهل المحاذير البيئية. وتتحوّل التصريحات الرسمية إلى طمأنة إعلامية عن “الاكتفاء الذاتي” و”مردود اقتصادي كبير”، دون توضيح لتكلفة ذلك على المدى البعيد.
ويغيب التخطيط الدقيق رغم أن العراق لا يملك تقديرات حديثة لمخزونه الجوفي منذ سبعينات القرن الماضي. وتتعطل أجهزة الدولة عن إنتاج بيانات واقعية، بينما تستمر الآبار بالحفر العشوائي. ويزداد الحفر عمقًا، ليصل إلى 300 متر كما يوضح الخبير سامح المقدادي، فيما تتناقص فرص الاستدامة.
وتغري تقنيات الري الحديثة التي توفر المياه بنسبة تصل إلى 50% المزارعين، لكنها لا تكفي وحدها لحماية المخزون الجوفي. وتُركّز السياسات الزراعية على توسيع المساحات وإنتاج كميات أكبر، فيما تغيب الاستراتيجية الكبرى التي تُحدد ما هو مسموح وما هو محظور في زمن التغيّر المناخي.
وتتوسع المؤسسات الدينية مثل العتبة الحسينية في مشاريع الزراعة، وتعلن خططها لزيادة الرقعة الزراعية إلى 15 ألف دونم، في مشهد لا يبدو منسجمًا مع حديث المسؤولين عن ترشيد الحفر والمراقبة الصارمة فيما يزداد خطر استنزاف الخزانين الجوفيين “أم الرضمة” و”الدمام”، الممتدين من جنوب العراق حتى حدود السعودية والكويت، كما تغفل الإدارة الحالية أن هذا المورد المُشترك قد يتحول إلى بؤرة توتر إقليمي إذا نضب دون تنسيق مسبق، كما حدث في ملفات المياه السطحية مع دول الجوار.
وتُكرر أخطاء الماضي بثقة زائفة، وتُستنسخ تجارب الآخرين دون استخلاص دروسهم، فيما يتحوّل القمح من محصول “استراتيجي” إلى عبء استراتيجي، إذا أُنتج خارج المعايير البيئية والزمنية السليمة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts