حذرت باحثة أميركية من أن هجمات إسرائيل على أهداف إيرانية قد ترتد عليها وتعود بنتائج عكسية لا تقتصر عليها وحدها بل قد تطال المنطقة بأسرها.

وأضافت داليا داسا كاي -وهي باحثة أولى في مركز بيركل للعلاقات الدولية بجامعة كاليفورنيا- في مقال مطول لها بمجلة فورين أفيرز الأميركية أن إسرائيل باستهدافها مجمع السفارة الإيرانية في دمشق مطلع أبريل/نيسان الجاري، قد تجاوزت الحد المعقول، وهو ما قد يرقى إلى التعدي على الأراضي الإيرانية، كما تراه طهران وحكومات أخرى.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تحقيق مع وزير بريطاني سابق بسبب انتقاده لمؤيدين لإسرائيلlist 2 of 4ابتزاز وتهديدات.. واشنطن بوست: هكذا تجند روسيا الجواسيس الأوكرانيينlist 3 of 4الإندبندنت: نتنياهو يخسر الحرب على غزةlist 4 of 4"أوقفها يا جو".. نيويورك تايمز: زوجة بايدن تحثه على إنهاء الحرب على غزةend of list

وكانت إسرائيل قد شنت في الأول من أبريل/نيسان الجاري غارة على قسم من مجمع سفارة إيران في دمشق وسوّته بالأرض في إطار "حرب الظل" الدائرة بين البلدين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصا، أبرزهم قائد العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي، إضافة إلى 5 ضباط آخرين على الأقل في الحرس الثوري الإيراني.

ووفقا للمقال، فإن هجمات إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تأتي في وقت تعيش فيه المنطقة كلها في حالة من التوتر زاده حدة إقدام إسرائيل على اغتيال قادة في حزب الله اللبناني، واعتداءاتها على جنوب لبنان.

توترات

كما أن الحرب على غزة وتداعياتها دفعت جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن بدورها لمهاجمة سفن تجارية في عرض البحر الأحمر متوجهة إلى إسرائيل، مما أشعل فتيل مواجهات عسكرية مع القوات الأميركية والبريطانية.

 يضاف إلى ذلك مهاجمة "فصائل موالية لإيران مواقع للقوات الأميركية في سوريا والعراق".

وفي ما يشبه انتقادها للهجوم الإسرائيلي، ترى الباحثة في مقالها بمجلة فورين أفيرز الأميركية أن إيران قد تجاوزت حدا آخر بضربها المجمع الدبلوماسي، وربما يعكس قرارها استهداف مسؤولين كبار كانوا في ذلك الموقع قناعة حكومة تل أبيب بأن الوقت قد حان للقيام بعمل ضد أهداف عسكرية إيرانية أينما كانت، من غير أن تنال جزاء على فعلته.

ومن وجهة نظر إسرائيل، فإن إيران مكبلة بحيث لن تستطيع على الأرجح أن ترد بطرق قد تفضي إلى اندلاع حرب إقليمية يتعذر كبح جماحها. فإذا كان الأمر كذلك، فقد تنظر إسرائيل إلى حربها في قطاع غزة على أنها حراك عسكري يمتد ليشمل إيران وحلفاءها، بدلا عن حصر نطاقه.

وإذا كان هذا هو الحال، فمن المحتمل أن يكون الإسرائيليون -برأي كاي- يستهينون بتقلبات الأوضاع السائدة في المنطقة، وقد يتبين لهم أن الهجوم على المجمع الدبلوماسي نجم عن سوء تقدير ينذر بتبعات خطيرة، ليس على إسرائيل وحدها، بل على المنطقة برمتها أيضا.

نتنياهو يقامر

ومما لا شك فيه -يضيف المقال- أن الحرب المندلعة بين إسرائيل وحزب الله لم ترق بعد إلى حد الحرب الإقليمية، إلا أن أي تراجع في وتيرة العنف قد يكون مؤقتا، طالما أن سفك الدماء والكارثة الإنسانية في غزة لم تتوقف. ومن شأن الغارات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في وضع مشتعل كهذا، أن تفضي إلى نتائج عكسية.

ولقد كان بوسع إسرائيل تعديل حملتها العسكرية نظرا للتقلبات الإقليمية المتفاقمة، لا سيما في ظل رغبة الولايات المتحدة القوية في احتواء الحرب وتفادي مواجهة مباشرة مع إيران، وهو ما يفضله جيران إسرائيل العرب أيضا، كما تقول الباحثة الأميركية.

ولكن يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة حربه المصغرة آثروا انتهاج مسار مختلف، وزادوا وتيرة حملتهم العسكرية في المنطقة، فيما سبق أن أطلق عليه وزير التعليم السابق في إسرائيل، نفتالي بينيت، في عام 2018 "عقيدة الأخطبوط"، واعتبرت كاتبة المقال الحملة امتدادا منطقيا لهذا التوصيف.

وتعتقد إسرائيل -بحسب المقال- أنه يتحتم عليها مواجهة إيران مباشرة، بدلا عن ملاحقة وكلائها من الجماعات المسلحة التي تستخدمها طهران مخالب لها ضد أعدائها في كافة أرجاء المنطقة.

وتقول كاي إن هذا النهج يحظى بدعم قوي من الرأي العام ومختلف ألوان الطيف السياسي داخل إسرائيل.

وذكرت الكاتبة أن رواية شائعة داخل إسرائيل مفادها أن اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في غارة أميركية عام 2020 في العراق، كشف أن إيران "نمر من ورق" إذ كانت قد توعدت بالثأر من قتله، لكنها لم تفعل شيئا يُذكر.

وتضيف كاي في مقالها أن الإسرائيليين قد يرون أن هذه لحظة سانحة لإضعاف إيران ووكلائها في المنطقة أكثر، طالما أنهم يحظون بدعم كامل من واشنطن ويعتقدون بالفعل أن العالم كله ضدهم.

بيد أن الباحثة الأميركية تعتقد أن إسرائيل تخاطر بشدة عندما تفترض أنها لا تواجه عراقيل كثيرة في سعيها لإضعاف إيران ووكلائها، فقد تشعر إيران بضرورة الرد على إسرائيل مباشرة في وقت من الأوقات، ويبدو أنها تتعرض لضغوط متزايدة في الداخل للقيام بذلك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

صحيفة: حزب الله أخطأ في تقدير ضعف إسرائيل وقوة إيران

بعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر، ألقى حسن نصر الله، زعيم حزب الله، خطابا ناريا، وصف فيه إسرائيل بأنها "ضعيفة وأوهن من بيت العنكبوت"، معتبرا الحرب الحالية "حاسمة في التاريخ".

غير أن الأحداث تطورت بشكل دراماتيكي، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إذ أشهرا بعد ذلك، لقي نصر الله حتفه مع معظم قيادات حزبه الذي تعرض لضربات قاصمة كشفت عن اختراق استخباراتي إسرائيلي عميق لصفوفه.

واعتبرت الصحيفة الأميركية، أنه بأثر رجعي، تبيّن أن نصر الله وقع في خطأين استراتيجيين: أولهما الاستهانة الفادحة بإسرائيل، عدوته، وثانيهما المبالغة في تقدير قوة إيران وحلفائها في المنطقة.

وأوضحت الصحيفة، أن إيران أظهرت أن مفهوم "وحدة الجبهات" لديها هو طريق ذو اتجاه واحد، حيث تتوقع من حلفائها في المنطقة سفك دمائهم من أجل نظامها، ولكن دون أي مقابل منها.

وأشارت إلى أن الضربات القوية التي تلقاها حزب الله تشكل "تحديا استراتيجيا كبيرا لإيران"، موضحة أن طهران كانت تعتمد على الترسانة الصاروخية للحزب كورقة رادعة ضد أي هجوم إسرائيلي محتمل على منشآتها النووية.

وفي هذا السياق، يقول مايكل هوروفيتز، الخبير الاستخباراتي في شركة "لي بيك" الدولية للاستشارات: "إن إضعاف حزب الله يحدث تحولا جذريا في المنطقة. فالحزب ليس مجرد وكيل إيراني عادي، بل هو عنصر جوهري في استراتيجية إيران الدفاعية وأداتها الرئيسية لردع إسرائيل". 

ويضيف هوروفيتز: "هذا الوضع يضع إيران في مأزق حقيقي. فبينما أنشئ حزب الله أصلا لحماية إيران، تجد طهران نفسها الآن أمام معضلة الدفاع عن الحزب نفسه".

"نقطة تحول منتظرة"

على صعيد آخر، وفي حين أفادت الصحيفة بأن حزب الله كان "ضحية لغروره"، تشير إلى أن إسرائيل تخاطر الآن بالوقوع في فخ مماثل، خاصة إذا شنت غزوا بريا للبنان وحاولت إعادة رسم التركيبة السياسية اللبنانية، مشيرة إلى أن  غزوها للبنان عام 1982 أدى إلى ولادة حزب الله واحتلال طويل، انتهى بالانسحاب.

وعلى الرغم من وفاة نصر الله والعديد من القادة الكبار، تقول الصحيفة إن يزال حزب الله يحتفظ بآلاف المقاتلين المتمرسين وترسانة كبيرة يمكن استخدامها لإلحاق خسائر كبيرة على أرض معدة في معاقله في جنوب لبنان.

وحذرت كسينيا سفيتلوفا، وهي عضو سابق في الكنيست الإسرائيلي وزميلة أولى غير مقيمة في المجلس الأطلسي، قائلة: "حزب الله لا يستطيع الانتظار حتى تبدأ إسرائيل العمل على الأرض في جنوب لبنان لأن تلك اللحظة قد تصبح نقطة تحول  تتيح لهم النهوض من الرماد، واستعادة الدعم مرة أخرى من المجتمع اللبناني الأوسع".

وفي حين أن القادة الإسرائيليين يدركون مخاطر القتال البري، ويتذكرون خسائر حملة عام 2006،  فإن المشكلة السياسية هي أن هدف إسرائيل المعلن بعودة نحو 60 ألف إسرائيلي نزحوا بسبب هجمات حزب الله من المناطق على طول الحدود ، يصعب تحقيقه بالقوة الجوية وحدها.

اغتيال نصر الله.. بين تحركات حزب الله وإيران وخطط إسرائيل ذكرت هيئة الإذاعة البريطاني "بي بي سي"، أن اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يمثل تصعيداً خطيراً من شأنه دفع المنطقة، على الأرجح، خطوة إضافية نحو نزاع أشمل وأشد تدميرا.

وعلى الرغم من الضربات الأخيرة، يرفض حزب الله وقف إطلاق النار عبر الحدود دون موافقة إسرائيل أيضا على وقف إطلاق النار مع حماس في غزة. قال إيال زيسر، المتخصص في شؤون المنطقة ونائب رئيس جامعة تل أبيب: "لا يمكنهم القيام بذلك - سيكون هزيمة مذلة لهم".

من جانبه، يلفت المحلل السياسي المقيم في بيروت، كامل وزنة، قائلا، إن "قدرات المقاومة لا تزال سليمة على الرغم من النكسة التي تلقتها من الإسرائيليين. إذا لم يتوقف هذا الجنون، فقد تتعرض إسرائيل لهجوم مرتد قاس".

لكن "وول ستريت جورنال" تشير إلى أن ما فقده حزب الله بوضوح داخل لبنان هو هالة عدم القابلية للهزيمة التي سمحت له بالسيطرة على الدولة اللبنانية. كما يخاطر حزب الله الآن بمكانته مع قاعدته داخل الطائفة الشيعية اللبنانية، خاصة مع فرار سكان المناطق ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب ووادي البقاع من منازلهم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.

قال المحلل السياسي مايكل يونغ: "لقد ارتدت حرب حزب الله عليه، فقد دمرت أجزاء كبيرة من الجنوب، وأصبح مئات الآلاف من الشيعة على الطرقات أو في الأساس لاجئين في بلدهم. كيف يضمن حزب الله ولاء هؤلاء الناس بعد الآن؟".

وتابع أن "المشكلة الأخرى هي أنه محليا،  يبقى حزب الله معزولا عندما يتعلق الأمر بفتح جبهة ثانية مع إسرائيل"، موضحا أن "هناك الآن قدر معين من الشماتة فيما يحدث معه، لدى عدة أطراف بالمنطقة".

مقالات مشابهة

  • إيران: لسنا دولة حرب وتأخر الرد لا يعني تجاهل أعمال المعتدين
  • إيران: لسنا دولة حرب وصبرنا لحكمة وتأخر الرد لا يعني تجاهل أعمال المعتدين
  • صحيفة: حزب الله أخطأ في تقدير ضعف إسرائيل وقوة إيران
  • إيران: أمريكا تتحمل أيضاً مسؤولية مقتل نصر الله
  • باحثة من بيروت: بعد اغتيال نصر الله لبنان أمام مفترق طرق|فيديو
  • باحثة سياسية: لبنان أمام مفترق طرق بعد اغتيال حسن نصر الله
  • باحثة سياسية من بيروت: اغتيال حسن نصر الله نهاية الحرب بين حزب الله وإسرائيل
  • باحثة سياسية: اغتيال نصر الله نهاية للمعركة وقبول بالتسوية
  • باحثة سياسية من بيروت: «اغتيال نصر الله نهاية للمعركة وقبول بالتسوية»
  • لماذا تعتبر إيران الحرب ضد إسرائيل فخا؟