حوار مفتوح بين باحث ومُسرَّح
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
راشد بن حميد الراشدي
مع تزايد أعداد الباحثين عن عمل والمسرحين من أعمالهم ووصول أعدادهم إلى أرقام مرتفعة وخوضهم رحلة بحث عن عمل تستمر لسنوات، تخيلنا لقاءً مفتوحًا بين مُسرَّح وباحث عن عمل..
الباحث: مساء الخير أخي.
المُسرَّح: مساء النور.
الباحث: أراك حزيناً مهموماً شاحب الوجه.
المُسرَّح: نعم أخي هو كذلك، إذ فقدت عملي وسُرِّحت منذ فترة ومعي أسرة والتزامات بنكية وأقساط سيارة وبناء بيت ولا أدري كيف أوفي كل ذلك بدون عمل، والكل يُطالبني بحقوقه وليس باليد حيلة‼️
الباحث: وماذا فعلت لتُسرح من عملك‼️
المُسرَّح: لم أفعل شيئًا.
الباحث: وهل بسهولة يتم تسريحكم وهل هذه الشركات والمؤسسات مكتفية من المواطنين أم بها وافدون؟
المُسرَّح: الشركات والمؤسسات تعُج بآلاف الوافدين، والأدهى أن مديريها من الوافدين يضربون عرض الحائط بقرارات التعمين والتعيين في تلك الشركات والمؤسسات، رغم المشاريع الضخمة التي تُقدَّم لهم، إذ إن همَّهم الوحيد الربح وتوظيف أبناء جلدتهم والشواهد كثيرة من حولنا.
الباحث: وهل طرقت أبواب المسؤولين والبحث عن وظيفة أخرى؟
المُسرَّح: نعم طرقت أبواب المسؤولين مرات ومرات بلا فائدة تذكر، وبحثت عن وظيفة أعيش منها أنا وأسرتي، ولكن كل الأبواب مغلقة، وأنا الآن مهدد بالسجن، وعائلتي مهددة بالتشتت، وكل ذلك والمسؤولون إلى اليوم لا يعالجون القضية بينما تتزايد أعداد الباحثين والمُسرَّحين يومًا بعد آخر، بينما نرى العمالة الوافدة تتزايد في الوطن وتنافس المواطن وتخالف الأنظمة والقوانين.
الباحث: وما الحل من وجهة نظرك؟
المُسرَّح: الحل بسيط وسهل أولًا مراجعة القوانين والأسس التي بني عليها استجلاب الوافد من بلده وحصر الوظائف التي تحتاج إلى وافد، ومراجعة قوانين الاستثمار والتعمين التي لا تخدم أبناء الوطن، ثم إلزام جميع الشركات والمؤسسات بتطبيقها ومراقبتها مراقبة صارمة، بعيدًا عن أي تجاوزات أو محسوبية لأي مؤسسة وتعيين الشواغر من العُمانيين في تلك الوظائف، وأؤكد لك أنه لن يبق مُسرَّح أو باحث عن عمل، والوطن لن يبنيه سوى أبنائه، وسيعود الخير غدًا للوطن والمواطنين إذا تعاضدت الجهود نحو تحقيق الطموح بتغيير الأمور نحو الأفضل.
الباحث: وأنا إذن ماذا أقول أخي وقد تخرجت في أعرق الجامعات لأخدم وطني وقضيت سنوات من الجد والاجتهاد لاتخرج ولاصطدم بالواقع، وأسعى للبحث عن الوظيفة ولسنوات عديدة بدون أمل، بعد أن تبخر مع سنين البحث الطويلة، فمع ضعف الأجور وغيرها إلّا أنني حاولت الحصول على فرصة عمل بدون جدوى؛ فآلاف الباحثين يتنافسون على فرصة أو فرصتين في إعلان واحد، وقد عملت في أعمال بسيطة لأساعد أسرتي في المحلات وغيري من زملائي اضطرتهم الظروف للعمل على جوانب الطرقات لبيع أي شيء من خلال العربات المتنقلة والأكشاك.
المُسرَّح: أأنت خريج؟
الباحث: نعم خريج وبتفوق وجدارة عالية، ولكن هذه الظروف حكمت علي بالانتظار لسنوات لعل القادم أفضل، بينما آلاف الوافدين أراهم يمرون عليّ في سياراتهم الفارهة ويتمتعون بالوظائف عالية الرواتب ويديرون شركاتنا ومؤسساتنا، بينما أبناء الوطن من الباحثين يقبعون في بيوتهم، فمتى سيُكوِّن نفسه ويبني وطنه ويتزوج ويؤسس أسرة ويعيش حياةً كريمة.
المُسرَّح: لقد نال اليأس الكثير من الشباب وأدخلهم في حالات نفسية ودفعهم لارتكاب سلوكيات غير حميدة، وفي بعض حالات المسرحين تفككت الأسرة، وما يؤكد ذلك إعلان وزارة العمل عن وصول أعداد الباحثين عن عمل إلى 100 ألف مواطن، ما يعني أنه ربما في كل بيت عُماني باحث عن عمل.
الباحث: إذن ما الحل؟
المسرح: الحل هو ضرورة إدارة ملف التوظيف من أعلى الجهات المسؤولة في الدولة وأن لا يساوم أحد على أبناء الوطن ولا يقلل من شأنهم، فهم أعلى تعليمًا وكفاءة وخبرة، وسيثبتون ذلك إذا أتيحت لهم الفرص، والشباب العاملون اليوم من أبناء الوطن قد أثبتوا جدارتهم باقتدار، وأن الوطن ليس له إلّا سواعد أبنائه أولًا، فهُم الأولى بوطنهم وخيراته من الغريب، وبتكاتف الجهود ووجود عزيمة صادقة ومعالجة لجميع القوانين والأسس والنزول إلى مواقع العمل ستنكشف تفاصيل توظيف الوافدين في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، مع التركيز على الوظائف التي تحتاج إلى مخرجات مستقبلية كالطب وبعض التخصصات العلمية والتعليمية وغيرها.
إننا نؤكد ضرورة معالجة ملف التوظيف؛ فحوار الباحث والمُسرَّح هذا، نموذج من حوارات مفتوحة نلمسها وسط مجتمعنا، وقد تقطعت ببعضهم السبل في التوظيف والعيش الكريم، وعُمان غنية بخيراتها ومواردها وبقواها البشرية وهي تعيش في عهد متجدد العطاء ونهضة تنموية شاملة ورؤية مستقبلية ثاقبة، هدفها الأول المواطن ورفاهيته وعيشه الكريم، وأتمنى أن أرى أبناء هذا الوطن غير مُسرَّحين ولا باحثين عن عمل وأن تكون نسبة البطالة صفرًا بإذن الله.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وزرع زروع الخير في أرجائها.
وكل عام والجميع بخير، وعيدكم مبارك وسعيد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أحمد الأسد.. «قناوي» يحول شوارع قريته إلى متحف فني مفتوح
موهبة فريدة وذكريات ملهمة رافقت أحمد الأسد منذ طفولته، ليبدأ رحلته الفنية على جدران قنا الصغيرة، بدعم من والده الذي لم يبخل عليه بألوان الرسم.. وبين عالم السينما، والمسرح، وأروقة المدارس، اكتسب أحمد خبراتٍ صقلت موهبته، ليعود بعد سنوات ويؤسس مبادرة «فن حارة كورونا»، التي حولت جدران البيوت إلى لوحاتٍ فنيةٍ تُحاكي جمال التراث، وتُشعل شغف الشباب بالفن.
ويقول «الأسد»، إن والده كان يُخصص له بعض الجدران للرسم عليها، بعدما رأى موهبته وشغفه في الرسم على الجدران، ولم يبخل عليه بجلب الألوان من القاهرة.
العمل بالعديد من المجالات يُكسب الإنسان الكثير من الخبراتولفت إلى أنه عاش بالقاهرة 25 عامًا بعد الانتهاء من الثانوية العامة، بعد أن التحق بكلية التربية الفنية بالزمالك، وعمل في السينما والمسرح والديكورات، إذ أنها عملت على إكتسابه بعض الخبرات لاسيما بعد عمله كمعلم تربية فنية في المدارس، وذلك خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «صباح الخير يا مصر» المذاع عبر القناة الأولى والفضائية المصرية من تقديم الإعلاميين رجائي رمزي وجومانا ماهر.
عاد الأسد إلى محافظة قنا في 2020، ودشّن مبادرة «فن حارة كورونا»، ونجحت وانتشرت بشكل كبير، ومن هنا بدأ حبه للرسم على الجدران يزداد، وبدأت يتفق مع شيخ البلد لتجميع شباب القرى المجاورة لهم؛ للرسم على جدران المنازل.