بناء المستقبل.. أفضل استراتيجية للعلاقات الصينية الأمريكية
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
تشو شيوان **
أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء الماضي؛ حيث تبادلا وجهات النظر بشكل صريح ومُعمّق حول العلاقات بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وهذا الخبر يجذب أنظار وسائل الإعلام العالمية مرة أخرى، لأن تأثير هذا الأمر بالغ الأهمية على العالم بأكمله.
وفي البداية يجب أن أوضح نقطة مُهمة وهي أن تصور الحكومة الأمريكية للصين يرتكز على سوء فهم خطير، في حين أن الصين تتفهم الولايات المتحدة جيدًا، وصحيح أن التوترات تصاعدت في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالتصعيد الأمريكي المتزايد، إلّا أن الحكومة الصينية لا تزال تحترم الولايات المتحدة على الرغم من العيوب الواضحة في تعاملاتها مع الصين، وتحديدًا ميل واشنطن إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واستخدام القانون الدولي لتحقيق مكاسب خاصة، وهذا ما تعارضه الصين جملة وتفصيلًا.
وخلال الاتصال الهاتفي، شدد الرئيس شي، على أن قضية التصور الاستراتيجي جوهرية للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة مثل الزر الأول للقميص الذي يجب وضعه في مكانه الصحيح. لا نبالغ في القول إن العلاقات الصينية الأمريكية من أهم العلاقات الثنائية في العالم حاليا، حيث تعتبر الصين أكبر دولة نامية وثاني أكبر اقتصاد في العالم، أما الولايات المتحدة فهي أكبر دولة متقدمة وأكبر اقتصاد في العالم، وكلاهما من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإنَّ دولتين كبيرتين مثل الصين والولايات المتحدة يتعين ألا تقطعا علاقاتهما مع بعضهما البعض أو تديرا ظهريهما لبعضهما البعض، ناهيك عن الانزلاق في صراع أو مواجهة. وعلى أساس ذلك، يتعين على البلدين احترام بعضهما البعض، والتعايش في سلام، والسعي نحو تحقيق تعاون مربح للجانبين.
وخلال السنوات الأخيرة، واجهت العلاقات الصينية الأمريكية صعوبات خطيرة. وفي اعتقادي أن السبب الجذري هو أن بعض السياسيين في الولايات المتحدة يحملون عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية ويصرون على وضع الصين كمنافس إستراتيجي رئيسي والتحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية، مما يشوه فهمهم للصين بشكل خطير. فنشهد التوترات المستمرة بين البلدين، قد شهدنا الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، شهدنا فرض العقوبات الأمريكية على الشركات التكنولوجية العالية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والرقائق وأشباه الموصلات، وشهدنا الوضع المتوتر في مضيق تايوان، وشهدنا الوضع المتوتر في بحر الصين الجنوبي في حين الولايات المتحدة ليست طرفا في قضية بحر الصين الجنوبي، وينبغي ألا تتدخل في الشؤون بين الصين والفلبين، وأن الصين لديها إرادة وتصميم على نحو قوي لحماية سيادتها الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية وفيما يخص هونغ كونغ فإن الجانب الصيني أعلن بوضوح أن هونغ كونغ صينية وشؤون هونغ كونغ هي شؤون داخلية صينية بحتة وليس من حق الولايات المتحدة أن تتخذ أي موقف حيال ذلك، وكل هذه التحركات قد أدت إلى تأثيرات سلبية للعلاقات الثنائية.
كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن العلاقات الصينية الأمريكية يجب أن تستمر في المضي قدماً بطريقة مستقرة وسليمة ومستدامة، بدلا من العودة إلى الوراء. ويصادف هذا العام الذكرى الـ45 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة. وقبل 45 عاماً، أسس قادة الجيل الأكبر سنا في الصين والولايات المتحدة، برؤيتهم الاستراتيجية المتميزة وشجاعتهم السياسية غير العادية، مبدأ الصين الواحدة، مما فتحوا الباب الذي كان مغلقا لسنوات عديدة، وسمحوا للبلدين المنفصلين منذ فترة طويلة الدول الكبرى لبدء التبادلات الشاملة. على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية، تغلبت العلاقات الصينية الأمريكية على الصعوبات، وأزالت التدخلات، ومضت قدما. وقد وصل نطاق التعاون، وعمق المصالح المتشابكة، وحجم التأثير إلى مستويات غير.
سواء كان ذلك في المجالات التقليدية مثل الاقتصاد والتجارة والزراعة، أو في المجالات الناشئة مثل تغير المناخ والذكاء الاصطناعي، وسواء كان الأمر يتعلق بتعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي أو حل القضايا الساخنة الدولية والإقليمية، فإنَّ الصين والولايات المتحدة لديهما مصالح مشتركة وجهود مشتركة. وعلى أساس ذلك، يتعين على الولايات المتحدة العمل مع الصين في منتصف الطريق، وإرساء فهم استراتيجي صحيح، والتعامل مع القضايا الحساسة بشكل صحيح، والحفاظ على زخم استقرار العلاقات الصينية الأمريكية، واستكشاف الطريق الصحيح للتوافق بشكل فعَّال، وتعزيز التنمية المُستدامة والمستقرة والصحية للعلاقات الثنائية.
وقد قامت الصين دائمًا بتطوير العلاقات الصينية الأمريكية من خلال موقف يتسم بالمسؤولية تجاه التاريخ والشعب والعالم، وترغب الصين في العمل مع الولايات المتحدة لتعزيز التنمية المستقرة والصحية والمستدامة للعلاقات الصينية الأمريكية، والسعي وراء المزيد من الفوائد. وذلك من أجل شعبي البلدين، والمساهمة في المجتمع الدولي، وتوفير المزيد من المنافع العامة والعمل بشكل مشترك على بناء عالم ينعم بالسلام الدائم والأمن العالمي والرخاء المشترك والانفتاح والشمول والنظافة والجمال.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصين: سنواصل تعزيز العلاقات مع إيران تحت أي ظرف
23 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: صرح السفير الصيني في طهران زونغ بي وو، بأن بكين ملتزمة بتطوير تعاونها مع إيران بشكل راسخ.
وفي حوار مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء أكد السفير الصيني في طهران أن تعزيز الاقتصاد الصيني له أهمية كبيرة في تعزيز التعاون العملي بين البلدين، مشيرا إلى أن الشعب الإيراني يولي اهتمامًا كبيرًا للآفاق الاقتصادية للصين.
وأضاف أن الرئيس الصيني شي جين بينغ أشار خلال لقائه مع الرئيس الإيراني على هامش قمة “بريكس” هذا العام إلى أن إيران دولة ذات أهمية وتأثير إقليمي ودولي، وتعتبر صديقًا وشريكًا جيدًا للصين.
وأكد السفير أن الصين ستواصل تعزيز تعاونها الودي مع إيران، بغض النظر عن التغيرات التي قد تطرأ على الأوضاع الدولية أو الإقليمية.
,صرّح السفير الصيني بأن معرض الصين الدولي للواردات يُعتبر تعبيرًا مهمًا عن سياسة الانفتاح رفيعة المستوى التي تنتهجها الصين تجاه العالم. وأوضح أن هذا المعرض، الذي تم التخطيط له وترويجه من قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، هو أول معرض في العالم يركز على الواردات على المستوى الوطني. وأكد الرئيس الصيني أن تنظيم هذا المعرض يعكس قرارًا استراتيجيًا لتوسيع سياسة الانفتاح، وهو خطوة كبيرة نحو فتح السوق الصينية أمام العالم.
في نوفمبر هذا العام، أُقيمت الدورة السابعة للمعرض في مدينة شنغهاي بنجاح، ليواصل المعرض دوره كمنصة لمشاركة فوائد التنمية الصينية مع بقية العالم، رغم التحديات التي تفرضها الأفكار المناهضة للعولمة، الأحادية، والحماية الاقتصادية.
شارك في المعرض هذا العام 77 دولة ومنظمة دولية، بالإضافة إلى عارضين من 129 دولة ومنطقة، وبلغ حجم الصفقات التجارية المتفق عليها لمدة عام 80.01 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.0% مقارنة بالدورة السابقة.
إيران شريك رئيسي في المعرض
وأشار السفير إلى أن إيران تعد شريكًا مهمًا في مبادرة “الحزام والطريق”، وشاركت في المعرض على مدار سبع دورات متتالية، مما يبرز إمكانيات التعاون بين البلدين وثقة إيران في تطور السوق الصينية.
بلغت مساحة الأجنحة الإيرانية في المعرض 1492 مترًا مربعًا، منها 1360 مترًا مربعًا مخصصة للشركات و132 مترًا مربعًا لجناح وطني يمثل الشعب الإيراني. شاركت 24 شركة إيرانية قدمت منتجات متنوعة، شملت المنتجات الزراعية المتخصصة، الحرف اليدوية التقليدية، والمنتجات التقنية المتقدمة مثل البتروكيماويات، التكنولوجيا النانوية، والرعاية الطبية. وبرزت بعض الشركات الإيرانية كـ”عملاء دائمين” في المعرض.
فرصة لتعزيز التعاون الدولي
أضاف السفير أن الصين تتطلع إلى استخدام معرض الصين الدولي للواردات كمنصة لتعزيز التعاون مع دول العالم، بما في ذلك إيران، لتوسيع “سلة” سياسة الانفتاح، وزيادة فرص التعاون. الهدف هو أن تتشارك جميع الدول الفرص المتاحة في السوق الصينية الكبيرة، مما يسهم في تحسين حياة آلاف الأسر حول العالم.
وقال السفير الصيني، تتمتع الصين وإيران، باعتبارهما حضارتين قديمتين، بعلاقات وثيقة منذ العصور القديمة من خلال طريق الحرير. ومنذ إقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في عام 2016، واصل الطرفان تعميق تعاونهما العملي في مجالات مختلفة، بما في ذلك الاقتصادية والتجارية والتبادلات الشعبية، وحققا بشكل مستمر تقدمًا إيجابيًا.
الصين وإيران تتمتعان بعلاقات عميقة وآفاق مشرقة للتعاون العملي
شهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تطورًا مستمرًا، حيث حافظت الصين لعدة سنوات متتالية على مكانتها كأكبر شريك تجاري لإيران، كما تُعد السوق الأهم لصادرات السلع الإيرانية. وخلال السنوات الأخيرة، أدخلت إيران، كدولة زراعية وصناعية كبيرة في الشرق الأوسط، منتجات متخصصة مثل الحمضيات، الليمون الحلو، الفستق، السجاد، والحرف اليدوية إلى السوق الصينية تدريجيًا.
شهدت التبادلات بين الشعبين تطورًا متزايدًا. وفي هذا العام، نظم البلدان بشكل مشترك عددًا من الفعاليات الثقافية، مثل معرض “عظمة إيران القديمة – معرض الآثار التاريخية الإيرانية” في بكين، ومعرض “غيوم بلا نهاية على طريق الحرير – معرض الفن والثقافة الصينية”، وأسبوع الفيلم الصيني الذي عُقد في طهران. وقد جذبت هذه الفعاليات عددًا كبيرًا من الشعبين، مما ساهم بفعالية في تعزيز التفاهم المتبادل والصداقة بين البلدين.
الرؤية الاستراتيجية للعلاقات الثنائية
أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال لقائه بالرئيس الإيراني على هامش قمة دول بريكس هذا العام، إلى أن إيران دولة مهمة ذات تأثير إقليمي ودولي، وهي صديق وشريك جيد للصين. ومع تسارع التغيرات العميقة التي يشهدها العالم خلال القرن الأخير، تبرز الأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين الصين وإيران بشكل أكبر.
وبغض النظر عن التغيرات في الوضع الدولي والإقليمي، تواصل الصين بلا تردد تعزيز علاقاتها الودية مع إيران. وأعربت السفارة الصينية في إيران عن رغبتها في التعاون مع جميع شرائح المجتمع الإيراني لتنفيذ التوافقات المهمة التي تم التوصل إليها بين قادة البلدين، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإيران، بما يفتح آفاقًا جديدة ويحقق إنجازات جديدة بشكل مستمر.
ستواصل الصين الحفاظ على روح مبادرة الأمن العالمي ودعم دول الشرق الأوسط
فيما يتعلق بوضع الشرق الأوسط، أود أن أؤكد أن الصين ملتزمة دائمًا بالحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز التنمية والرفاهية في هذه المنطقة. في العام الماضي، سهّلت الصين المصالحة بين إيران والسعودية، مما أطلق موجة من التفاهم والمصالحة في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يُعد تجليًا واضحًا للسياسة الخارجية الصينية.
خلال العام الماضي، ومنذ تحقيق المصالحة التاريخية، استمرت العلاقات بين إيران والسعودية في التقدم الإيجابي. مؤخرًا، أجرى البلدان تفاعلات جيدة على جميع المستويات، مما عزز ليس فقط زخم المصالحة بين إيران والسعودية، بل ساهم أيضًا بشكل كبير في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين.
ستواصل الصين الحفاظ على روح مبادرة الأمن العالمي ودعم دول الشرق الأوسط في تعزيز استقلالها الاستراتيجي ووحدتها وتعاونها لحل القضايا الأمنية في المنطقة. كما ستعمل على بناء هيكل أمني جديد في الشرق الأوسط يتميز بالشراكة، والشمولية، والتعاون، والاستدامة، مما يُسهم بشكل أكبر في الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز الأمن والسلام طويل الأمد في المنطقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts