تنظيم نشاط الباعة المتجولين
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
خلفان الطوقي
لم أجد أحدًا يُطالب بوقف نشاط الباعة المتجولين كُليًا، لكن هناك مطالب مجتمعية بتنظيمه وتقنينه، وهناك أسباب عديدة ترى أنه حان الوقت لأن تُكمل الحكومة مساعيها، وضرورة تكرار ما تقوم به بلدية مسقط في بعض مناطق العاصمة؛ حيث خصصت مساحات مجهزة للباعة المتجولين، مثل ما هو حاصل في "قرية المشاوي في ولاية العامرات"، أو سوق السيب، وغيرها من المواقع، وأهمها مشروع الموالح الذي سوف يكون مجهزًا بعربات متطورة وأنيقة بها شوايات ومغاسل، وأماكن خاصة لتجهيز الأطمعة، وغيرها من خدمات وكهرباء وماء، وجلسات ومواقف وأماكن مخصصة لألعاب الأطفال، ومماشٍ ومساحات خضراء، ومداخل ومخارج سهلة، وقريبًا سوف يتم الإعلان عن مواقع في الخوير وبوشر والمعبيلة ومطرح وغيرها.
بكل تأكيد أن من يطالب بتنظيم نشاط "المطاعم المتنقلة"- إذا جاز التعبير- سواء الحكومة أو المجتمع، فله أسباب جوهرية وأهمها:
- المنافسة العادلة: فكثير من أصحاب المحلات المُستأجَرة يرون أنهم أمام منافسة غير عادلة مع أصحاب العربات؛ فهم يدفعون الإيجار والتراخيص ومصاريف الصيانة الدورية والضريبة والعمالة المُسجلة قانونيًا، والرسوم الحكومية للإيجار والكهرباء والماء وغيرها من المصاريف الثابتة.
- المنظر الجمالي (الحضاري): إذ إن انتشار هذه العربات أمام الأحياء السكنية والمساجد وفي الحواري يزيد من تشويه المنظر الحضاري والجمالي ويزيد التلوث لأي منطقة، وعدم تنظيم النشاط الآن قد يجعل الأمر مُعقدًا في المستقبل وخارج عن السيطرة، والضرر سيكون أعقد وأعمق للمجتمع مع مرور الأيام.
- الرقابة الصحية: وجود عدد من عربات البيع المتجولة في مكان واحد ومجهز يُسهِّل مهمة الرقابة الصحية حفاظًا على صحة المرتادين، فعلى سبيل المثال في حال- لا سمح الله- حالات تسمم، ستكون هناك مرجعية للمحاسبة؛ سواءً للموظف المختص أو العربة المخالفة للاشتراطات الصحية.
- المطالبات المجتمعية: تجد الأحاديث في المجالس تطالب بأن ترى عُمان أجمل وأرقى وأكثر تطورًا وخالية من التشوُّهات المُزعجة هنا وهناك، وعليه فإنه لن يتأتى ذلك إلا من خلال التنظيم، ومن ضمنها وأهمها نشاط الباعة المتجولين.
- الإشراف الحكومي: لا نقصد هنا الرقابة الصحية فقط، وإنما الرقابة العمالية والبيئية؛ فتراخيص هذه المهنة هي في الأصل للعُمانيين وباشتراطات مُعينة، ووجود هذه العربات في مواقع مُخصَّصة ومُعيّنة من جهات الاختصاص يسهل مهمة الإشراف عليهم، ومعرفة المطبق للمعايير المطلوبة، والمخالف منهم، ودعم المطبق، وملاحقة المخالف.
- العوامل البيئية: عدم الإشراف ووضع ضوابط من الجهات المختصة قد يُعرض المجتمع للخطر؛ فالعوامل البيئية مثل الغبار والشمس والرطوبة تعرض هذه المنتجات من لحوم أو فواكه أو خضراوات أو المشروبات الساخنة أو الباردة إلى تلف وتلوث، ومعالجة ذلك يكون بالقرارات الوقائية، بنقلهم إلى أماكن نظيفة وصحية آمنة.
- حركة السير: انتشار هذه العربات في الحواري وتطاير الأدخنة منها في الشوارع المكتظة يزيد من إعاقة حركة السير، مما يزيد من سخط الناس، عليه، فلابُد من تواجد هذه العربات في الأماكن المناسبة.
- القيمة المضافة: وجود ساحات مُنظَّمة ومُتطوِّرة ونظيفة مُجهّزة بما تم ذكره أعلاه، يجعلها قيمة مضافة للمواطنين والمقيمين والسياح ومتنفسًا للعوائل، إضافة إلى افتخار العاملين في هذه العربات بوجودهم في مكان راقٍ وجذاب.
- المنافسة والتكامل فيما بينهم: وجود هذه العربات في أماكن مُوحَّدة يجعلهم في منافسة بعضهم البعض بشكل مستمر لتقديم منتجات مختلفة وذات جودة عالية، وبأسعار تنافسية لصالح المستهلكين، ومن ناحية أخرى يشجعهم على التكامل فيما بينهم ليتمكنوا من جذب مزيدٍ من المستهلكين.
- دعم حكومي إضافي: بجانب تسويقهم لمنتجاتهم ومزاياهم التنافسية، فإن وجودهم في مكان واحد يُمكِّن كل الجهات الحكومية من دعمهم بتسهيل الإجراءات أو التسويق لهم، أو منحهم مزيدًا من الخدمات، خاصةً وأن هذا مطلب مجتمعي وتوجه حكومي، مع العلم بأن بلدية مسقط بالتعاون مع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومعهد متخصص يعكفون على إعداد برنامج تخصصي لتدريب هؤلاء الباعة لضمان اتباع أفضل الممارسات لسلامة الغذاء.
بالمختصر.. لا أحد ضد نشاط الباعة المتجولين؛ بل معهم، لكن الجميع مع التنظيم، حال تنظيم نشاط سيارات الأجرة أو نشاط تعليم السياقة؛ فالجميع يريد أن يرى عُمان أجمل وأرقى، واقتصادها صلب وأقوى، وشبابها في تقدم ورخاء، ويعيش نهضة مُتجددة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القمر ليس ميتا! .. دراسة تكشف عن نشاط جيولوجي حديث
الولايات المتحدة – يبدو القمر من وجهة نظرنا على الأرض جرما ميتا وخاليا من الحركة، لكن دراسة جديدة تشير إلى أنه كان نشطا جيولوجيا حتى وقت قريب نسبيا.
وقد اكتشف علماء الفلك أدلة على نشاط جيولوجي غريب حدث قبل 14 مليون سنة فقط على الجانب المظلم من القمر.
وعلى الرغم من أن هذا الرقم يبدو كبيرا، لكن بالنسبة للقمر الذي يبلغ عمره نحو 4.5 مليار سنة، فإن هذه الفترة تعد مجرد طرفة عين.
وفي بداياته، كان سطح القمر، الذي تشكل من حطام في مدار الأرض، يحتوي على محيط من الصهارة الساخنة. ثم، قبل نحو 3 مليارات سنة، بدأ سطح القمر يبرد، وانخفض النشاط البركاني بشكل كبير، وتصلبت الحمم البركانية على السطح، وظلت ثابتة لمليارات السنين، مع تغيرات طفيفة بسبب الاصطدامات العرضية.
وتقول جاكلين كلارك، عالمة الجيولوجيا من جامعة ماريلاند (UMD): “يعتقد العديد من العلماء أن معظم الحركات الجيولوجية للقمر حدثت قبل ملياري إلى ثلاثة مليارات سنة. لكننا نرى الآن أن هذه التضاريس التكتونية كانت نشطة خلال المليار سنة الماضية، وقد تكون ما تزال نشطة حتى اليوم. وتشكلت هذه التلال الصغيرة في المناطق المعروفة باسم ‘ماريا’ خلال الـ200 مليون سنة الماضية، وهي فترة تعتبر حديثة جدا بالنسبة لعمر القمر”.
وفي الواقع، ما تزال فكرة أن سطح القمر ما يزال نشطا جيولوجيا فرضية تحتاج إلى مزيد من الاختبارات، لكن هناك أدلة تشير إلى أن القمر كان في حركة أكثر حداثة مما كان يعتقد العلماء سابقا.
واستخدم باحثو جامعة ماريلاند تقنيات متطورة للرسم الخرائطي والنمذجة لاكتشاف 266 تلة صغيرة على الجانب البعيد من القمر لم تكن موثقة من قبل.
وهذه التلال، التي اكتشفتها كلارك وفريقها، تتمركز وتتقاطع مع عدة مناطق معروفة باسم “ماريا“، وهي بقع داكنة على سطح القمر سميت بهذا الاسم نسبة إلى الكلمة اللاتينية التي تعني “بحار”.
ومن الأرض، تبدو هذه المناطق كالمحيطات، لكنها في الواقع سهول واسعة من البازلت البركاني.
ويعتقد العلماء أن هذه المناطق تشكلت عندما تسببت اصطدامات الأجسام بسطح القمر في ذوبان واسع النطاق وتدفق الحمم البركانية التي ملأت الفوهات القديمة.
وقد تعرض الجانب البعيد من القمر لمزيد من هذه الاصطدامات مقارنة بالجانب القريب، لكن بعض الأدلة تشير إلى أنه برد بشكل أسرع. ومع ذلك، تشير النتائج الجديدة إلى أن هذا الاعتقاد قد لا يكون صحيحا.
وبحسب الدراسة، فإن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن بعض هذه التلال تشكلت فوق فوهات اصطدام حديثة جدا، أحدثها يعود إلى 14 مليون سنة فقط.
وتوضح كلارك: “بشكل أساسي، كلما زاد عدد الفوهات على سطح ما، كان عمره أكبر، لأن السطح يكون لديه وقت أطول لتراكم المزيد من الفوهات. بعد حساب الفوهات حول هذه التلال الصغيرة، ورؤية أن بعضها يقطع عبر فوهات موجودة مسبقا، نعتقد أن هذه التضاريس كانت نشطة تكتونيا خلال الـ160 مليون سنة الماضية.”
وتستند تقديرات كلارك وفريقها إلى حسابات غير دقيقة، لكنها تتوافق مع سمات أخرى حديثة العمر ناتجة عن انكماش القمر المستمر أثناء بروده.
نشرت الدراسة في مجلة The Planetary Science Journal.
المصدر: ساينس ألرت