ماذا يعني الفشل في إدارة السمعة؟!
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
السمعة الحسنة هي أحمل وأفضل ما يملكه الإنسان في هذه الحياة القصيرة، بل تعد رأس المال الحقيقي لمختلف المؤسسات والأجهزة الرسمية والخاصة؛ بداية بالحكومة التي تعتبر العقل المدبر لأمور الدولة والشأن العام للمجتمع، ومرورا بالوزارات والهيئات الحكومية التي تقدم خدماتها للمواطنين، وانتهاءً بالشركات والمؤسسات الخاصة التي تعتمد بالكامل في وجودها واستمراريتها على رضا عملائها عن منتجاتها وخدماتها المختلفة؛ ذلك لكونها من تصنع الصورة الذهنية الإيجابية لتلك الأجهزة والمؤسسات.
والسمعة هي إدارة معاصرة تعمل على الجمع بين تطوير هيكلة المؤسسة من الداخل، وتفعيل قنوات الاتصال باستخدام سياسات ممنهجة سليمة لا تخالف الواقع؛ بل تساعد على تعظيم دور صناع القرار الذين هم في الميدان ويتولون دفة العمل بهدف بناء مشاعر إيجابية لدى الجمهور المستفيد من خدماتها وذلك من خلال سياسة فتح الأبواب بين الأطراف ذات العلاقة. وبشكل عام، إدارة السمعة تنفذ عبر الخطوات الآتية:
إما أن ترسم الجهة أو المؤسسة صورتها الذهنية بنفسها وتتولى إدارتها وتقديمها للجمهور عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال مجموعة من المختصين في الإعلام والعلاقات العامة الذين يعتمدون بالدرجة الأولى على دراسة انطباعات الناس وآرائهم باستمرار؛ وبالطبع هذا هو المتبع في معظم دول العالم. وفي حالة تعذر القيام بذلك من قبل أصحاب العلاقة، سوف تبنى الصورة والانطباع العام للمؤسسة من قبل الآخرين كالخصوم- مثلًا- الذين قد يتحاملون عليها ويظلموها في حال كان أداؤها متميزًا أو جيدًا وحتى إن كان مقبولًا؛ فالسمعة الطيبة أصبحت اليوم عنوانًا بارزًا للفوز والنجاح في مختلف الميادين التي تتنافس في رحابها العقول المبدعة لتسجيل مزيد من الإنجازات في سماء التفوق والإبداع لحجز مكان متقدم بين الأمم.
ويمكن تعريف السمعة باعتبارها الانطباع العام عن الشخص أو المؤسسة، في نظر الآخرين، بينما إدارة السمعة بمعناها العام تشمل العديد من العناصر والمفاهيم؛ كالصورة الذهنية التي تراكمت في ذهن الفرد عبر مجموعة من الانطباعات؛ وكذلك هوية المؤسسة التي تشمل مختلف التصاميم والشعارات المرئية، والعلامة التجارية (Brand) والتي تظهر بها المؤسسة أمام الآخرين والتي تعني الشعار المعتمد، فيمكن هنا أن نفرق بين السمعة التي تنطلق من التجربة الحقيقية للاشخاص، بينما الصورة الذهنية المكملة والتي قد تكون مجرد توقعات ذهنية لم تنعكس عن تجارب وممارسات في الواقع الفعلي في عقول الناس.
لا شك أن بناء السمعة يحتاج إلى جهود جبارة من القائمين على المؤسسة أو الشركة وليس فقط وجود طاقم إعلامي يروج للمنتج أو الخدمة التي قد تكون غير مرضية وما دون المستوى من الجودة؛ سواء كان ذلك في الأسعار أو جودة الخدمة، كما هو الحال هنا في سلطنة عُمان أسلوب المقاطعة، والذي يتمثل في قيام المواطنين بمقاطعة شركات الاتصالات وكذلك الشركات الحكومية بين وقت وآخر؛ والتي تقدم خدمات الكهرباء والتي في واقع الأمر خسرت القلوب والعقول لكونها تبحث عن الربح فقط، ولكنها في نفس الوقت موجودة بقوة في المنصات ووسائل الإعلام من خلال الإعلانات التجارية التي لم تستقبل بالقبول الحسن من الرأي العام العُماني منذ سنوات طويلة.
ومن المُفارقات العجيبة أنَّ كبار المسؤولين في هذه الشركات يلتزموت الصمت ولا يستطيعون المواجهة والرد على امتعاض الناس وعدم رضاهم عن تلك الشركات. ولم تكن بعض الوزارات الخدمية أفضل حالًا من الشركات؛ إذ يتم تجاهل استفسارات الرأي العام المحلي وتظلماتهم من تلك الجهات الرسمية التي في الأساس وجدت لخدمة المواطنين والتعرف عن قرب على حاجاتهم الأساسية.
لا شك أنَّ إدارة السمعة تحتاج إلى تطبيق وتفعيل العديد من المعايير لكسب الزبائن ونجاح المؤسسة واستمراريتها في السوق؛ كالحوكمة المؤسسية، والمصداقية مع العملاء، وقبل ذلك كله بناء جسور الثقة بين الطرفين من خلال إنجاز العمل اليومي؛ والتسعيرة العادلة والمناسبة للبضاعة المقدمة للجمهور، فلا ينفع هنا الترويج لقيم غير دقيقة وليس مطبقة على أرض الواقع، وإن كانت مكتوبة بطريقة جذابة ومقنعة؛ مثل (رؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها)، ولكن عند الممارسة الفعلية نجدها عكس، ذلك فهي لا تطبق إلّا القليل من تلك الديباجات المكتوبة وتفضل مصلحتها على حساب المجتمع الذي يفترض أن يكون الرصيد الحقيقي لجميع العاملين والمكلفين بخدمة الناس.
صحيحٌ أن هناك بعض المؤسسات متميزة في إدائها، وكذلك تحقق جودة في منتجاتها وخدماتها المختلفة مع جمهورها، لكن عاجزة عن إبرازها للمجتمع، فهي تفتقد القدرة على بناء جسور التواصل وقنوات الاتصال مع عملائها، والتي يمكن تساعدها في بناء الميزة التنافسية التي لن تتحقق إلا من خلال إدارة السمعة المؤسسية التي بالفعل تحتاج إلى فريق إعلامي متخصص ينتج لها مضمون يعبر عن تلك النجاحات والإنجازات التي لم تر النور بعد.
يجب التأكيد هنا أن بناء السمعة الجيدة من أصعب الأعمال؛ فذلك يقوم على جهود جبارة ونوايا صادقة ومخلصة، لكونه يتطلب سنوات طويلة قد تمتد من خمس إلى عشر سنوات لكي يتم ترسيخ تلك المبادئ في اذهان الجمهور. وتشير الدراسات العلمية إلى أهمية السمعة في زيادة قيمة المؤسسة وتكوين الميزة التنافسية لها؛ إذ تشكل الأصول غير الملموسة المتمثلة بالسمعة الإيجابية أكثر من 80% من القيمة السوقية للمؤسسة. لكن في نفس الوقت يمكن خسارة ما تم بناؤه عبر الأعوام في ساعات معدود، وذلك بسبب قرارات غير صائبة تضُر بسمة بالمؤسسة والعاملين فيها بل وأيضًا بموقعها في السوق؛ وهنا اقتبس ما أشار إليه أحد رؤساء أمريكا المشهورين وهو بنجامين فرانكلين الذي قال "هناك حاجة إلى العديد من الأعمال الصالحة لكسب سمعة جيدة، لكن فعلًا سيئًا واحدًا يكفي لفقدانها".
وفي الختام.. نوجه دعوة عبر هذه النافذة لكل المنخرطين في الأعمال التجارية والحكومية بمختلف قطاعات العمل الخاص والعام في هذا البلد العزيز، إلى تجويد الأداء وتحسينه، وقبل ذلك دراسة الجمهور المستفيد، ثم العمل على إعادة وضع خارطة واضحة المعالم، وقائمة على منهجية جديدة تعتمد على الشفافية والصراحة وعدم التردد في إعطاء كل ذي حق حقه؛ وذلك من خلال فتح قنوات التواصل مع الجميع؛ فالسمعة الحسنة هي جواز سفر لكل مؤسسة تطمح لتحقيق النجاح وبناء الثقة المستدامة التي لا تُقدَّر بثمن فكسب القلوب عملة نادرة في هذا الزمن.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الاسمر: لدمج الرواتب التي تعطى كمساعدات في القطاع العام ضمن أساس الراتب
استقبل وزير العمل محمد حيدر صباح اليوم في مكتبه، وفداً من الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر وعرض معه القضايا المعيشية والنقابية.
بعد الإجتماع قال الأسمر:"تطرقنا في الحديث مع معالي الوزبر الى الواقع المعيشي الأليم الذي تعيشه الطبقة العمالية ، إن في القطاع الخاص أو في القطاع العام ، وضرورة أن يكون هناك زيادات في القطاعين العام والخاص ، ورفع الحد الأدنى للأجور ، ودمج الرواتب التي تعطى كمساعدات في القطاع العام ضمن أساس الراتب. كما تطرقنا الى وضع المتقاعدين الذين تركوا العمل بعد العام 2019 وقبضوا تعويضات لا تساوي شيئاً وضرورة تعويضهم ، ودمج كل اقتراحات القوانين التي تشير الى الموضوع المذكور واصدارها باسرع وقت ممكن حفاظاً على المتقاعدين من مدنيين وعسكريين ".
اضاف: "كما تطرقنا الى ضرورة تعديل قانون العمل ، الى العمالة الأجنبية، الى مجالس العمل التحكيمية ، الى المؤسسة الوطنية للاستخدام ، وضرورة اعادة تفعيل كل هذه الأمور . وقد لقينا كل تجاوب وتعاون من معالي الوزير، وسنستمر في اللقاءات كل فترة من أجل وضع هذه الأمور موضع التنفيذ".
كما استقبل الوزير حيدر وفداً من تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين، وجرى البحث في موضوع نظام التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة. مواضيع ذات صلة سلوم زار نقيب المهندسين: لاعطاء بدل اختصاص لموظفي القطاع العام Lebanon 24 سلوم زار نقيب المهندسين: لاعطاء بدل اختصاص لموظفي القطاع العام 14/03/2025 12:16:38 14/03/2025 12:16:38 Lebanon 24 Lebanon 24 الأمين العام لجمعية المصارف دعا الى الحفاظ على القطاع وحماية حقوق المودعين Lebanon 24 الأمين العام لجمعية المصارف دعا الى الحفاظ على القطاع وحماية حقوق المودعين 14/03/2025 12:16:38 14/03/2025 12:16:38 Lebanon 24 Lebanon 24 يحيى: لتفعيل الجباية وتحسين أوضاع رواتب القطاع العام والقوى الأمنية العسكرية لاسيما الجيش كما يجب إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإعادة الودائع Lebanon 24 يحيى: لتفعيل الجباية وتحسين أوضاع رواتب القطاع العام والقوى الأمنية العسكرية لاسيما الجيش كما يجب إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإعادة الودائع 14/03/2025 12:16:38 14/03/2025 12:16:38 Lebanon 24 Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي يعلن رصد إطلاق صاروخ من قطاع غزة وسقوطه داخل القطاع Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي يعلن رصد إطلاق صاروخ من قطاع غزة وسقوطه داخل القطاع 14/03/2025 12:16:38 14/03/2025 12:16:38 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان إقتصاد قد يعجبك أيضاً ميقاتي بعد لقاء موسع بدارته في طرابلس: بحثنا في الانعكاسات للاحداث بسوريا وكيفية استيعاب الموضوع Lebanon 24 ميقاتي بعد لقاء موسع بدارته في طرابلس: بحثنا في الانعكاسات للاحداث بسوريا وكيفية استيعاب الموضوع 06:07 | 2025-03-14 14/03/2025 06:07:01 Lebanon 24 Lebanon 24 تأجير الأرحام في لبنان ينتشر سرا.. تجارة تؤمن الملايين والسوق "يتوسع"! Lebanon 24 تأجير الأرحام في لبنان ينتشر سرا.. تجارة تؤمن الملايين والسوق "يتوسع"! 05:30 | 2025-03-14 14/03/2025 05:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 افرام: الإصلاحات يجب أن تُواكَب بقوانين بنيوية تشكّل الأساس للعملية الإصلاحية Lebanon 24 افرام: الإصلاحات يجب أن تُواكَب بقوانين بنيوية تشكّل الأساس للعملية الإصلاحية 06:14 | 2025-03-14 14/03/2025 06:14:30 Lebanon 24 Lebanon 24 مرقص بحث في الاوضاع مع السفير بخاري Lebanon 24 مرقص بحث في الاوضاع مع السفير بخاري 06:10 | 2025-03-14 14/03/2025 06:10:37 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الثقافة تفقد المواقع الأثرية في صور المتضررة من العدوان الإسرائيلي Lebanon 24 وزير الثقافة تفقد المواقع الأثرية في صور المتضررة من العدوان الإسرائيلي 06:06 | 2025-03-14 14/03/2025 06:06:51 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة حزن واسع.. وفاة تيكتوكر شهيرة بعد تعرّضها لضيق في التنفس! Lebanon 24 حزن واسع.. وفاة تيكتوكر شهيرة بعد تعرّضها لضيق في التنفس! 11:04 | 2025-03-13 13/03/2025 11:04:01 Lebanon 24 Lebanon 24 هذه السيرة الذاتية لقائد الجيش رودولف هيكل Lebanon 24 هذه السيرة الذاتية لقائد الجيش رودولف هيكل 08:03 | 2025-03-13 13/03/2025 08:03:32 Lebanon 24 Lebanon 24 قصة اغتيالات "قادة حزب الله".. رسائل نفسية وعسكرية Lebanon 24 قصة اغتيالات "قادة حزب الله".. رسائل نفسية وعسكرية 12:30 | 2025-03-13 13/03/2025 12:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مجلس الوزراء أقرّ التعيينات العسكريّة... إليكم مقررات الجلسة Lebanon 24 مجلس الوزراء أقرّ التعيينات العسكريّة... إليكم مقررات الجلسة 06:38 | 2025-03-13 13/03/2025 06:38:22 Lebanon 24 Lebanon 24 جنبلاط: لا أُريد أنّ يأتي هؤلاء في 16 آذار Lebanon 24 جنبلاط: لا أُريد أنّ يأتي هؤلاء في 16 آذار 10:25 | 2025-03-13 13/03/2025 10:25:17 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 06:07 | 2025-03-14 ميقاتي بعد لقاء موسع بدارته في طرابلس: بحثنا في الانعكاسات للاحداث بسوريا وكيفية استيعاب الموضوع 05:30 | 2025-03-14 تأجير الأرحام في لبنان ينتشر سرا.. تجارة تؤمن الملايين والسوق "يتوسع"! 06:14 | 2025-03-14 افرام: الإصلاحات يجب أن تُواكَب بقوانين بنيوية تشكّل الأساس للعملية الإصلاحية 06:10 | 2025-03-14 مرقص بحث في الاوضاع مع السفير بخاري 06:06 | 2025-03-14 وزير الثقافة تفقد المواقع الأثرية في صور المتضررة من العدوان الإسرائيلي 06:00 | 2025-03-14 من فيليب تقلا إلى رياض سلامة.. مَنْ سيكون الحاكم السادس لمصرف لبنان وما التحديات التي ستُواجهه؟ فيديو بث مباشر لحدث فلكي نادر.. إليكم مشاهد خسوف القمر Lebanon 24 بث مباشر لحدث فلكي نادر.. إليكم مشاهد خسوف القمر 04:22 | 2025-03-14 14/03/2025 12:16:38 Lebanon 24 Lebanon 24 "أحب شعبها".. ترامب يشرح "لماذا لا ينبغي لكندا أن تبقى دولة" (فيديو) Lebanon 24 "أحب شعبها".. ترامب يشرح "لماذا لا ينبغي لكندا أن تبقى دولة" (فيديو) 02:26 | 2025-03-14 14/03/2025 12:16:38 Lebanon 24 Lebanon 24 صور مذهلة ومثيرة.. اكتشاف كائنات بحرية غير معروفة في حملة استكشافية عالمية Lebanon 24 صور مذهلة ومثيرة.. اكتشاف كائنات بحرية غير معروفة في حملة استكشافية عالمية 05:00 | 2025-03-12 14/03/2025 12:16:38 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24