جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-16@21:51:13 GMT

ماذا يعني الفشل في إدارة السمعة؟!

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

ماذا يعني الفشل في إدارة السمعة؟!

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

السمعة الحسنة هي أحمل وأفضل ما يملكه الإنسان في هذه الحياة القصيرة، بل تعد رأس المال الحقيقي لمختلف المؤسسات والأجهزة الرسمية والخاصة؛ بداية بالحكومة التي تعتبر العقل المدبر لأمور الدولة والشأن العام للمجتمع، ومرورا بالوزارات والهيئات الحكومية التي تقدم خدماتها للمواطنين، وانتهاءً بالشركات والمؤسسات الخاصة التي تعتمد بالكامل في وجودها واستمراريتها على رضا عملائها عن منتجاتها وخدماتها المختلفة؛ ذلك لكونها من تصنع الصورة الذهنية الإيجابية لتلك الأجهزة والمؤسسات.

بل هي من ترسم انطباعات ومشاعر عامة عن كل مشروع أو منجز فهذه الصورة الذهنية سوف تتشكل لتكون سمعة الحكومة التي نفذت المشروع أو المنجز.

والسمعة هي إدارة معاصرة تعمل على الجمع بين تطوير هيكلة المؤسسة من الداخل، وتفعيل قنوات الاتصال باستخدام سياسات ممنهجة سليمة لا تخالف الواقع؛ بل تساعد على تعظيم دور صناع القرار الذين هم في الميدان ويتولون دفة العمل بهدف بناء مشاعر إيجابية لدى الجمهور المستفيد من خدماتها وذلك من خلال سياسة فتح الأبواب بين الأطراف ذات العلاقة. وبشكل عام، إدارة السمعة تنفذ عبر الخطوات الآتية:

إما أن ترسم الجهة أو المؤسسة صورتها الذهنية بنفسها وتتولى إدارتها وتقديمها للجمهور عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال مجموعة من المختصين في الإعلام والعلاقات العامة الذين يعتمدون بالدرجة الأولى على دراسة انطباعات الناس وآرائهم باستمرار؛ وبالطبع هذا هو المتبع في معظم دول العالم. وفي حالة تعذر القيام بذلك من قبل أصحاب العلاقة، سوف تبنى الصورة والانطباع العام للمؤسسة من قبل الآخرين كالخصوم- مثلًا- الذين قد يتحاملون عليها ويظلموها في حال كان أداؤها متميزًا أو جيدًا وحتى إن كان مقبولًا؛ فالسمعة الطيبة أصبحت اليوم عنوانًا بارزًا للفوز والنجاح في مختلف الميادين التي تتنافس في رحابها العقول المبدعة لتسجيل مزيد من الإنجازات في سماء التفوق والإبداع لحجز مكان متقدم بين الأمم.

ويمكن تعريف السمعة باعتبارها الانطباع العام عن الشخص أو المؤسسة، في نظر الآخرين، بينما إدارة السمعة بمعناها العام تشمل العديد من العناصر والمفاهيم؛ كالصورة الذهنية التي تراكمت في ذهن الفرد عبر مجموعة من الانطباعات؛ وكذلك هوية المؤسسة التي تشمل مختلف التصاميم والشعارات المرئية، والعلامة التجارية (Brand) والتي تظهر بها المؤسسة أمام الآخرين والتي تعني الشعار المعتمد، فيمكن هنا أن نفرق بين السمعة التي تنطلق من التجربة الحقيقية للاشخاص، بينما الصورة الذهنية المكملة والتي قد تكون مجرد توقعات ذهنية لم تنعكس عن تجارب وممارسات في الواقع الفعلي في عقول الناس.

لا شك أن بناء السمعة يحتاج إلى جهود جبارة من القائمين على المؤسسة أو الشركة وليس فقط وجود طاقم إعلامي يروج للمنتج أو الخدمة التي قد تكون غير مرضية وما دون المستوى من الجودة؛ سواء كان ذلك في الأسعار أو جودة الخدمة، كما هو الحال هنا في سلطنة عُمان أسلوب المقاطعة، والذي يتمثل في قيام المواطنين بمقاطعة شركات الاتصالات وكذلك الشركات الحكومية بين وقت وآخر؛ والتي تقدم خدمات الكهرباء والتي في واقع الأمر خسرت القلوب والعقول لكونها تبحث عن الربح فقط، ولكنها في نفس الوقت موجودة بقوة في المنصات ووسائل الإعلام من خلال الإعلانات التجارية التي لم تستقبل بالقبول الحسن من الرأي العام العُماني منذ سنوات طويلة.

ومن المُفارقات العجيبة أنَّ كبار المسؤولين في هذه الشركات يلتزموت الصمت ولا يستطيعون المواجهة والرد على امتعاض الناس وعدم رضاهم عن تلك الشركات. ولم تكن بعض الوزارات الخدمية أفضل حالًا من الشركات؛ إذ يتم تجاهل استفسارات الرأي العام المحلي وتظلماتهم من تلك الجهات الرسمية التي في الأساس وجدت لخدمة المواطنين والتعرف عن قرب على حاجاتهم الأساسية.

لا شك أنَّ إدارة السمعة تحتاج إلى تطبيق وتفعيل العديد من المعايير لكسب الزبائن ونجاح المؤسسة واستمراريتها في السوق؛ كالحوكمة المؤسسية، والمصداقية مع العملاء، وقبل ذلك كله بناء جسور الثقة بين الطرفين من خلال إنجاز العمل اليومي؛ والتسعيرة العادلة والمناسبة للبضاعة المقدمة للجمهور، فلا ينفع هنا الترويج لقيم غير دقيقة وليس مطبقة على أرض الواقع، وإن كانت مكتوبة بطريقة جذابة ومقنعة؛ مثل (رؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها)، ولكن عند الممارسة الفعلية نجدها عكس، ذلك فهي لا تطبق إلّا القليل من تلك الديباجات المكتوبة وتفضل مصلحتها على حساب المجتمع الذي يفترض أن يكون الرصيد الحقيقي لجميع العاملين والمكلفين بخدمة الناس.

صحيحٌ أن هناك بعض المؤسسات متميزة في إدائها، وكذلك تحقق جودة في منتجاتها وخدماتها المختلفة مع جمهورها، لكن عاجزة عن إبرازها للمجتمع، فهي تفتقد القدرة على بناء جسور التواصل وقنوات الاتصال مع عملائها، والتي يمكن تساعدها في بناء الميزة التنافسية التي لن تتحقق إلا من خلال إدارة السمعة المؤسسية التي بالفعل تحتاج إلى فريق إعلامي متخصص ينتج لها مضمون يعبر عن تلك النجاحات والإنجازات التي لم تر النور بعد.

يجب التأكيد هنا أن بناء السمعة الجيدة من أصعب الأعمال؛ فذلك يقوم على جهود جبارة ونوايا صادقة ومخلصة، لكونه يتطلب سنوات طويلة قد تمتد من خمس إلى عشر سنوات لكي يتم ترسيخ تلك المبادئ في اذهان الجمهور. وتشير الدراسات العلمية إلى أهمية السمعة في زيادة قيمة المؤسسة وتكوين الميزة التنافسية لها؛ إذ تشكل الأصول غير الملموسة المتمثلة بالسمعة الإيجابية أكثر من 80% من القيمة السوقية للمؤسسة. لكن في نفس الوقت يمكن خسارة ما تم بناؤه عبر الأعوام في ساعات معدود، وذلك بسبب قرارات غير صائبة تضُر بسمة بالمؤسسة والعاملين فيها بل وأيضًا بموقعها في السوق؛ وهنا اقتبس ما أشار إليه أحد رؤساء أمريكا المشهورين وهو بنجامين فرانكلين الذي قال "هناك حاجة إلى العديد من الأعمال الصالحة لكسب سمعة جيدة، لكن فعلًا سيئًا واحدًا يكفي لفقدانها".

وفي الختام.. نوجه دعوة عبر هذه النافذة لكل المنخرطين في الأعمال التجارية والحكومية بمختلف قطاعات العمل الخاص والعام في هذا البلد العزيز، إلى تجويد الأداء وتحسينه، وقبل ذلك دراسة الجمهور المستفيد، ثم العمل على إعادة وضع خارطة واضحة المعالم، وقائمة على منهجية جديدة تعتمد على الشفافية والصراحة وعدم التردد في إعطاء كل ذي حق حقه؛ وذلك من خلال فتح قنوات التواصل مع الجميع؛ فالسمعة الحسنة هي جواز سفر لكل مؤسسة تطمح لتحقيق النجاح وبناء الثقة المستدامة التي لا تُقدَّر بثمن فكسب القلوب عملة نادرة في هذا الزمن.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

يوما تاريخيا لنيقوسيا.. رئيس قبرص يزور مصر غدا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يزور الرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليدس القاهرة غدا الاثنين، بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور الدورة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة والذى  يقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية خلال الفترة من 17 إلى 19 فبراير الجاري، والذي ينطلق تحت شعار "بناء مستقبل آمن ومستدام للطاقة"

وقال الرئيس نيكوس خريستودوليدس إن يوم الاثنين سيكون يومًا تاريخيًا لجمهورية قبرص حيث سيتم التوقيع على اتفاقيتين مهمتين للغاية لأول مرة فيما يتعلق بتسويق الغاز الطبيعي في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.

وقال الرئيس القبرصى - فى تدوينة عبر حسابه على منصة "أكس"- "بناء على دعوة من الرئيس السيسي سأزور القاهرة فى 17 فبراير لحضور حفل توقيع اتفاقيتين مهمتين لتطوير موارد الغاز فى منطقة كرونوس وأفروديت فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص".

وأضاف الرئيس القبرصي: "خطوة أخرى فى تعزيز النمو فى منطقتنا".


وتحت رعاية وتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي تنظم وزارة البترول والثروة المعدنية فعاليات النسخة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة "إيجبس 2025"، خلال الفترة من 17 إلى 19 فبراير 2025 تحت شعار " بناء مستقبل آمن و مستدام للطاقة "  وذلك بحضور الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس بدعوة من الرئيس السيسي.

وسيتم توقيع اتفاقيات هامة لتعزيز التعاون الإقليمي بين البلدين في مجال الغاز الطبيعي في اطار الدور المحوري لمصر كمركز اقليمي للطاقة والتي تتيح الاستفادة من موارد الغاز القبرصي باستغلال البنية التحتية المصرية لإعادة تصديره من خلال مصر ، تحقيقا للمنفعة الاقتصادية للبلدين وشركاء الاستثمار من شركات الطاقة العالمية.

مقالات مشابهة

  • المؤسسة الاقتصادية اليمنية تستعد لإطلاق معارض رمضان بأسعار مخفضة في المحافظات المحررة
  • أبوبكر مروان: منتج إنقاص الوزن المغشوش سبب الفشل الكلوي لبعض المواطنين
  • الاحتلال يتسلم شحنة قنابل “إم كيه 84” التي أوقفتها إدارة بايدن
  • يوما تاريخيا لنيقوسيا.. رئيس قبرص يزور مصر غدا
  • التحاق أكثر من 63 ألف متدرب بالكليات التقنية والمعاهد خلال الفصل التدريبي الثاني
  • وزير «الكهرباء»: مشاريع مستقبلية لإنتاج 17.3 ألف ميغاواط.. منها 30% طاقة متجددة
  • محافظ بني سويف: إشادة بدور صناع الخير المتكامل مع جهود الدولة لتحقيق التنمية الشاملة
  • مع اقتراب رمضان.. أمين عام حضرموت يفتتح المعرض الدائم بالمؤسسة الاقتصادية في المكلا لتعزيز النشاط التجاري
  • "أوبن آيه آي» ترفض عرضا بقيمة 97.4 مليار دولار من إيلون ماسك لشرائها
  • 908 ملايين درهم أرباح «إمباور» خلال 2024