موقع النيلين:
2025-01-17@06:01:21 GMT

عزيمة وراء حجاب VEILITUDE

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT


مما روته المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم أنها كانت “تتقنع”، أي تغطي وجهها دون العينين، متي دخلت سوق الخرطوم في نحو 1952 لطباعة مجلة “صوت المرأة” بمطبعة الصحف الاستقلالية. وكتبتُ عن هذا في كتابي “فاطمة أحمد إبراهيم: عالم جميل” لبيان ضروب شقاء المرحومة في سبيل قضية المرأة، بل وحيلها. فلبست الحجاب لا صاغرة، بل لتقتحم وكر الذكورة من وراء حجاب.

ولم يفهم الجيل العاقب لفاطمة هذا المعنى عنها وظنوا تقشفها في اللبس رجعية أي فارقوا المعنى. وسَميتُ ارتداء فاطمة للقناع veiltude أي العزيمة من وراء حجاب. وشرحه في هذه الكلمة القديمة:

كنت اشاهد برنامجاً تلفزيونياً يعرض لمزاج النساء الأفريقيات الأمريكيات من وراء لبسهن قبعات كاسية للشعر ذات تصاميم مسرفة وألوان مؤنقة. وسمعت أحداهن تقول إنها حين تلبس قبعتها تشعر في قرارة نفسها بأنها سيدة حقاً. وسمي محرر البرنامج هذا المزاج من وراء القبعة ب”الهاتيتيود” HATITUDE. وهي كلمة مكونة من HAT أي قبعة وITUDE وهي المزاج والموقف والعزيمة. وعليه فنساء أمريكا الأفريقيات يلبسن القبعة علواً منهن في الإنسانية والوجاهة.

تساءلت بعد فراغي من مشاهدة ذلك البرنامج إن كان يصح القول إن انتشار الحجاب بين النساء المسلمات الطوعي في زماننا مما يمكن تسميته بال VEILITUDE من “فيل” وهو الحجاب و”تيود” وهو العزيمة. أي أنه حالة ذهنية ووجدانية ثورية تجيش في نفوس المسلمات وتدفعهن لطلب المساواة والزمالة والاحترام من وراء حجاب.

وكنت قد قرأت مقالة للمرحوم الدكتور إدوارد سعيد أورد فيها كلمة سمعها من أحد المصريين خلال زيارته لمصر. فقال المصري إن الحجاب شكل من اشكال التعبير الذاتي الذكي في زمن بائس. وواضح أنه قد ترك هنا جانباً مسألة منشأ الحجاب في المفهوم الرجالي للحشمة. ومثل نظرة المصري المار ذكرها تقربنا من دراسة علم سياسة الأزياء. وهو علم يحلل دلالات الهندام المعين بالنظر الي الوقائع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتعينة في ثقافة وزمان ومكان ما.

وقد استمعت الي باحثة مسلمة من دولة النيجر تحلل دلالات حجاب النساء في بلدها على خلفية تطورات احتلت فيها النساء غير قليل من مراكز الصدارة في سوق العمل. وأوضحت الباحثة كيف أرادت المرأة من هؤلاء النساء اكتساب الاحترام الواجب لمن في مركزها بمحو جسدها كامرأة. وهو الجسد الذي يتهافت عليه الرجال في بيئة العمل التي لا تحرسها قوانين للأمن الجنسي. وكان الحجاب هو البديل عن هذه القوانين.

ولم أجد في علم سياسة الأزياء مثلاً بليغاً عليها مثل ما قرأته عن الحركة الزباستية. وهي الحركة الثورية المكسيكية المسلحة التي ظَاهرها أهل الدار الأصلاء المسميين بالهنود الحمر. وتريد الحركة إخراجهم من استضعافهم التاريخي تحت ذُرية الغزاة الأسبان الذين جاؤوا إلى الأراضي الجديدة في القرن الخامس عشر. وقد افتتن اليسار بقائد الحركة الكوماندور ماركوس، أستاذ الفلسفة، الذي يرتدي قناعاً لا يظهر من وجهه سوي العينيين والكدوس. ونقلت الصحافة منذ سنتين تقريباً خروج ماركوس وجماعة ملثمة من أنصاره في موكب من غابتهم البعيدة الي العاصمة مكسيكو سيتي. وقد قطع الموكب ألفي ميل واجتاز 12 ولاية على طريق قصدوا ان يكون متعرجاً لكي يقف أكثر الناس على أوجاع الهنود الحمر، وعلى تصميمهم لإنهاء غلبهم التاريخي. واستقبل مائة ألف مكسيكي المظاهرة في العاصمة المكسيكية.
وجدت بين ثنايا تغطية الصحافة لهذه المظاهرة إشارات الي الوجه والقناع واللثام غاية في الدلالة. فقال مسؤول مكسيكي ممن فاوضوا الثوار أن المكسيك بلد معطون في الاستبداد حتى اضطر الثوريون فيه دائماً لإخفاء هويتهم حتى لا يظهروا ويفشلوا. أما الكوماندور ماركوس فقال إنهم لم يرغبوا أصلاً في أن يتلثموا غير أن الهنود الحمر شعب من غير وجه وقد حمل السلاح لفرض إرادته.

وبمرور الوقت أصبح اللثام رمزاً لحالة “الغياب التاريخية” للهنود الحمر من ساحة السياسة المكسيكية. وأضاف ماركوس مخاطباً الدولة التي قبلت التفاوض معه: “لقد أجبرتمونا على ارتداء القناع غير اننا اجبرناكم على الاستماع إلى مظالمنا بقوة غيابنا من وراء قناع. ولعل أبلغ ما قرأت عن سياسة اللثام المكسيكي قول امرأة عن الكوماندور ماركس: “إنه يرتدي كل وجوهنا لأنه وجهه قد ضاع منه وراء قناع”.

لقد وجدت في عبارة المرأة الأخيرة ما خطر لي عن حجاب المرأة المسلمة الطوعي. وتلك التي في الشادور خاصة. فأنا ادير وجهي بعيداً عن لابسات الشادور، متي اعترضن سبيلي، خجلاً. فأنا وهن نغيب معاً متي تقاطعت طرقنا. وقياساً بقول المرأة المكسيكية الهندية الحمراء فالمسلمة المحجبة ترتدي كل وجوهنا لأنها فقدت وجهها من وراء حجاب.

ربما لم يكن الحجاب مجرد عنوان لاضطهاد المرأة كما في تنظير اليسار الشائع. إنه بالأحرى VEILITUDE. وهذا وصف يشمل أكثر من مجرد الاضطهاد. إنه الاضطهاد ومقاومته في وقت معاً.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مهلة أخيرة أمام برشلونة لحسم موقفه من ضم ماركوس راشفورد

تم منح برشلونة أكثر من 24 ساعة لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يريد التعاقد مع ماركوس راشفورد لاعب مانشستر يونايتد أم لا، وفقًا لما كشفته تقارير صحفية.

صرح مهاجم مانشستر يونايتد الشهر الماضي أنه مستعد لـ "تحدٍ جديد"، مما دفع مجموعة من الأندية إلى تسجيل اهتمامها. لم يلعب راشفورد، 27 عامًا، مع يونايتد منذ 14 ديسمبر، حيث تركه المدير الجديد روبن أموريم خارج تشكيلة يوم المباراة لستة من آخر سبع مباريات.

يُنظر إلى ميلان حاليًا على أنه المتصدر بعد إجراء محادثات مع ممثلي راشفورد في إيطاليا الأسبوع الماضي. من المقرر أيضًا أن يتخلص عملاق الدوري الإيطالي من المهاجم نوح أوكافور إلى آر بي لايبزيج، مما يحرر مساحة في فريقهم.

لكن برشلونة قد يكون على وشك الدخول في منافشات لضم اللاعب. أخبر المدير هانسي فليك رؤساءه أنه يريد التعاقد مع راشفورد من أجل تعزيز خط هجومه.

وزعمت صحيفة سبورت الكتالونية، أن فليك أراد التعاقد مع الدولي الإنجليزي أثناء وجوده في بايرن ميونخ، على الرغم من وجود مخاوف من أنه قد لا يحصل على رغبته مرة أخرى. وأشار رؤساء برشلونة إلى عدم اتساق راشفورد وما إذا كان مناسبًا لهجومهم.

يمتلك برشلونة بالفعل عددًا من المهاجمين على الأطراف، بما في ذلك لامين يامال ورافينيا وفيران توريس وأنسو فاتي. يمكن لراشفورد أيضًا اللعب في الوسط، على الرغم من أن توريس والشاب باو فيكتور تقاسما دور نائب روبرت ليفاندوفسكي حتى الآن هذا الموسم.

ونظرًا لأن مجلس إدارة برشلونة غير حاسم، يريد راشفورد معرفة نواياهم بحلول يوم الأربعاء 15 يناير. لن تُغلق نافذة الانتقالات حتى 3 فبراير، لكن راشفورد ومانشستر يونايتد حريصان على التوصل إلى حل بشأن مستقبله غير المؤكد في أقرب وقت ممكن.

إحدى القضايا التي يتعين على برشلونة التعامل معها هي أنه من أجل تسجيل أي لاعب جديد في فريقهم، سيحتاجون إلى التخلص من شخص ما. ارتبط المدافع رونالد أراوخو بشكل كبير بالانتقال إلى يوفنتوس، على الرغم من أن إصابة زميله في مركز قلب الدفاع إنيجو مارتينيز قد تفسد خططه للرحيل.

إذا انتهى الأمر بانتقال راشفورد على سبيل الإعارة، فقد يعزز ذلك من فرص برشلونة في التكيف مع سقف رواتب الدوري الإسباني. قدم مدرب يونايتد روبن أموريم تحديثًا عن موقف اللاعب البالغ من العمر 27 عامًا بعد استبعاده من التشكيلة مرة أخرى لرحلة يوم الأحد لمواجهة آرسنال في كأس الاتحاد الإنجليزي.

عندما سُئل بعد المباراة عما إذا كان راشفورد قد لعب مباراته الأخيرة مع يونايتد، أجاب أموريم: "لا أعرف. لا أعرف، سنرى. إنه لاعب في مانشستر يونايتد.سنرى. عليه أن يعمل. عليه أن يمثل هذا النادي، وهو يحب هذا النادي، لكن عليّ اتخاذ الخيارات. [لقد] تحدثت بالفعل عن كيفية اتخاذي للخيارات. لذا فهذا هو الأمر".

مقالات مشابهة

  • جامعة أسيوط تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة من الدبلومة المهنية لطب الجنين
  • غاراتٌ أمام عزيمة لمواجهة التحديات
  • «حلب» تناقش مع المستشارة السياسية البريطانية سبل تعزيز تمكين المرأة في الانتخابات
  • السيّدة ميّ ميقاتي التقت عقيلة ملك البحرين وشاركت في المنتدى والمعرض الاقتصادي العالمي للمرأة
  • المفوضية تبحث مع بريطانيا سبل «تمكين المرأة» في الانتخابات
  • احترس من الذهاب إلى سوريا.. هناك رجلٌ لا يصافح النساء!
  • الأمم المتحدة و" أنتي الأهم " ينظمان مؤتمر لحماية النساء
  • «تمكين المرأة»: مواجهة العنف ضد النساء في العالم العربي
  • رابطة حقوقية تندد باستمرار المماطلة بملف المختطفين وتطالب بالإفراج عنهم
  • مهلة أخيرة أمام برشلونة لحسم موقفه من ضم ماركوس راشفورد