الأمهات النازحات بدارفور وحكايات الأمل في عيد الفطر
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
الفاشر- في ظل ظروفهن المأساوية لا تحلم فاطمة أبكر بشراء فستان جديد أو دمية أو قلادة ملونة لتزيين عنق طفلتها خلال عيد الفطر، بل يكمن حلمها الأكبر في توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالها الستة من المياه والغذاء حتى تسد بها رمقهم.
وفي حديثها للجزيرة نت، عبرت فاطمة (35 عاما) عن واقعها الصعب قائلة "تلك هي الحقيقة التي نعيشها هنا، ليس لدينا وقت للحلم بأشياء تافهة مثل الفساتين الجديدة أو زينة أطفالنا في عيد الفطر، كل ما نحتاجه هو الغذاء والماء للبقاء على قيد الحياة في ظل هذه الظروف الصعبة".
وأضافت "رغم قسوة الحياة نسعى لإدخال البهجة على قلوب الأطفال بالكلمة الطيبة، لكنني غير قادرة على توفير الملابس والهدايا".
وتشارك فاطمة حلمها مع أكثر من 500 امرأة ورجل يعيشون في أحد مراكز إيواء النازحين بمدينة الفاشر إحدى مدن إقليم دارفور في غرب السودان، حيث يواجه هؤلاء الأشخاص ظروفا إنسانية صعبة ومعقدة للغاية، نظرا للنزوح بسبب الحرب الدائرة حاليا في البلاد وفقر المجتمعات المحيطة بهم.
فمنذ 15 أبريل/نيسان من العام الماضي يشهد إقليم دارفور وغيره من المناطق في السودان صراعا مسلحا عنيفا، مما أسفر عن مصرع وجرح العديد من الأشخاص وفرار الملايين إلى بعض المناطق ودول الجوار، حيث يعيش هؤلاء الأشخاص -من بينهم الأمهات النازحات- ظروفا صعبة وتحديات كبيرة، ورغم ذلك يحاولون البقاء على قيد الحياة ويجتهدون لتوفير الفرحة لأطفالهم.
يحل عيد الفطر هذا العام في ظل ظروف صعبة ومحفوفة بالتحديات يواجهها سكان دارفور في ظل استمرار الحرب، ورغم ذلك يظهر تصميم قوي وإرادة صلبة لدى الكثير من الأسر والأفراد بخلق فرحة العيد لأطفالهم، حيث تزدحم الأسواق بالمواطنين وتتزين بمختلف أنواع البضائع والمنتجات، ويتوافد إليها المواطنون لشراء مستلزمات العيد والهدايا لأطفالهم.
التقت الجزيرة نت بالنازحة (أم التيمان آدم) في أحد أسواق مدينة الفاشر، وقالت إنه "يجب على الناس أن يتكيفوا ويتعايشوا مع ظروف الحرب، وأن يجعلوا الأمل يسود في قلوبهم ويحاولوا إسعاد أطفالهم خلال فترة العيد".
وأضافت "هناك العديد من الأشياء التي يمكننا القيام بها لجعل العيد مميزا لأطفالنا حتى وسط هذه الظروف الصعبة، يمكننا توفير الطعام اللذيذ وإعداد وجبات خاصة للاحتفال بالعيد، كما يمكننا أيضا تزيين أماكن السكن وإضاءتها بألوان مشرقة، وتعليق الزينة التي يحبها الأطفال".
وتابعت "أعظم هدية يمكننا أن نقدمها لأطفالنا في العيد هي المحبة والرعاية العاطفية، فلنقدم الحنان والابتسامة لهم، فهذه الأشياء لا تقيّم بالمال، ولكنها تعني الكثير بالنسبة لهم".
وتحدثت الطفلة ليلى صالح (14عاما) -التي تقيم في أحد مراكز الإيواء بمدينة الفاشر- للجزيرة نت عن حلمها، وقالت "أتمنى أن أستيقظ مبكرا في أول أيام العيد وأرتدي ثوبا جديدا وأتجول مع صديقاتي بفرحة وحماس كبيرين".
وأضافت "أتمنى أيضا أن يكون هذا العيد خاليا من العنف والاعتداءات، وأن يكون فرصة لمشاركة الهدايا مع الأطفال الآخرين، أريد رؤية البسمة على وجوه الأصدقاء عندما يرتدون أجمل الملابس ويحتفلون بالعيد".
بدورها، تقول مستشارة المرأة في شمال دارفور أميمة آدم للجزيرة نت إن عيد الفطر هذا العام يحمل معاني خاصة للأمهات النازحات في دارفور.
وأكدت أنه "على الرغم من ظروف الحرب القاسية التي تواجهها الأمهات فإنهن يسعين جاهدات لإدخال الفرحة على أطفالهن"، موضحة أن الصمود والتضحية اللذين تبديهما الأمهات النازحات في دارفور هذه الأيام يعكسان قوتهن وإرادتهن في تقديم الفرحة لأطفالهن والحفاظ على روح المجتمع والأسرة.
وأعربت المستشارة عن إعجابها وتقديرها بالأمهات اللواتي يبذلن قصارى جهدهن لتوفير بعض البهجة لأطفالهن، وقالت "رغم الحرب المستمرة وما تعانيه المرأة بدارفور فإنها تسعى لإسعاد الأطفال بشراء الهدايا البسيطة، مما يعكس رغبتهن بإدخال البهجة على قلوبهم"، وشددت على كافة الجهات بضرورة تمكين المراة ومساعدتها في مختلف المجالات.
ووفقا للخبير في علم الاجتماع الدكتور محمد حامد، فإن الحرب أحدثت تغييرات كبيرة في حياة المرأة بدارفور.
وأشار حامد إلى أهمية دعم الأمهات النازحات وتوفير فرص تدريب مناسبة لهن، إلى جانب تمكينهن من تلبية احتياجات عائلاتهن وتحسين وضعهن المعيشي.
ولفت إلى أهمية توفير فرص التعليم للأمهات لاكتساب المعرفة والمهارات الضرورية، وقال "يجب أن تتاح لهن فرص للتعبير عن احتياجاتهن من خلال وسائل الإعلام وغيرها من المنتديات المختلفة، وأن يتم الاستماع إلى أصواتهن في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهن وتلفت إلى معاناتهن، بما في ذلك التشرد وفقدان الأمن وتفكك الأسر وتدهور الظروف المعيشية".
كما عدد الناشط محمد آدم التحديات الكبيرة التي تواجهها الأمهات النازحات في دارفور، من نقص المياه والغذاء والرعاية الصحية والتعليم، وتأثير ذلك على حياة أطفالهن، وقال للجزيرة نت "ذلك يجعل من الصعب على الأمهات تلبية احتياجاتهن الأساسية وتأمين حياة كريمة لأطفالهن".
ولفت إلى الجهود المبذولة من قبل السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية، وقال "لا تزال هناك حاجة ملحة لزيادة الجهود والدعم للتعامل مع هذه التحديات، وتحقيق تحسينات حقيقية في حياة الأمهات النازحات وأطفالهن بدارفور".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات للجزیرة نت عید الفطر
إقرأ أيضاً:
الفاشر.. اشتباكات عنيفة بين الجيش و”الدعم السريع” وتوقف مطابخ خيرية
الفاشر: اندلعت الاثنين، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد، توقف على إثرها عدد من المطابخ الخيرية عن تقديم وجبات الطعام داخل المدينة، وقالت “الفرقة السادسة مشاة” بالفاشر التابعة للجيش السوداني في بيان مقتضب، إن قواتها “تخوض معركة عنيفة في المدينة بثبات وشجاعة وتتقدم في جميع المحاور”.
من جانبها، قالت “تنسيقية مقاومة الفاشر” (لجنة شعبية)، إن “معارك شرسة متواصلة تدور في مدينة الفاشر اليوم الاثنين بالأسلحة الثقيلة والخفيفة”.
وأردفت في بيان: “نأسف أن ننقل إليكم هذا الخبر الثقيل على قلوبنا جميعا، إذ أعلنت عدة تكايا (مطابخ خيرية) ومراكز لتقديم الوجبات في مدينة الفاشر توقفها عن العمل مؤقتاً إلى حين هدوء الأوضاع، نتيجة للواقع القاسي الذي تعيشه المدينة هذه الأيام”.
وأوضحت أنه “مع اشتداد القصف العنيف والمتعمد، أصبح تحضير وجبة ساخنة مخاطرة بحياة الطهاة والمتطوعين”.
َوتقدم “التكايا” بدعم خيري، وجبات الطعام لعشرات الآلاف من السكان والنازحين في الفاشر، جراء الحرب والحصار الذي تفرضه “الدعم السريع” على المدينة منذ أكثر من عام، وفق مراسل الأناضول.
ومنذ 10 مايو/ أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين قوات الجيش و”الدعم السريع” رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وفي السياق، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، عن نزوح أكثر من 406 آلاف شخص من مخيم زمزم للنازحين بالفاشر.
وقالت المنظمة في بيان: “نزح حوالي 406.265 شخص، أي 81.252 أسرة خلال يومي 13 و14 أبريل/ نيسان الجاري”.
وأشارت إلى أنها سجلت حتى أمس الأحد، حركة نزوح من مخيم زمزم إلى 19 منطقة في ولايات شمال ووسط وشرق وجنوب دارفور.
وبعد هجوم متواصل لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم استمر عدة أيام، أعلنت تلك القوات السيطرة على المخيم في 13 أبريل الجاري، بعد اشتباكات مع الجيش والقوات المساندة له، ما أدى إلى سقوط 400 قتيل ونزوح عشرات الآلاف، وفق الأمم المتحدة.
ويخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
ومنذ أسابيع و بوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتمددت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد “الدعم السريع” تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور.
(الأناضول)