سرايا - لأوّل مرّةٍ في تاريخ الدولة العبريّة، التي أقامها الاستعمار بتواطؤٍ مع الرجعيّة العربيّة، لأوّل مرّةٍ بدأت تُسمَع في "تل أبيب" تحذيراتٍ وتنبيهاتٍ ناجمةٍ ونابِعةٍ عن قلقٍ وتوجّسٍ كبيرين من اقتراب نهاية (إسرائيل)، واللافِت أنّ الحديث عن زوال كيان الاحتلال لا يجري في الغرف المُغلقة أوْ في النقاشات التي تدور بعيدًا عن الإعلام، إنمّا على الملأ، الأمر الذي يُدلِّل أنّ وراء الأكمة ما وراءها، وأنّ هذا النقاش بات يُسيطِر على الأجندة الصهيونيّة بشكلٍ كاملٍ وبمُوازاة ذلك، غدا يقُضّ مضاجع الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا، ويؤرّقهم كثيرًا.




وفي هذا السياق، فإنّ اللواء الإسرائيليّ المُتقاعد، يتسحاق بريك، تحوّل قبل وخلال السابع من أكتوبر وحتى اليوم، إلى ما يُسّمى في دولة الاحتلال، “نبيّ الغضب”، إذْ أنّ تحذيراته قبل نكسة (إسرائيل) من قبل حركة حماس في أكتوبر الماضي، لم تؤخذ على محمل الجدّ من قبل صُنّاع القرار السياسيّ والأمنيّ في "تل أبيب"، وعلى الرغم من الهزيمة النكراء التي لحقت بــ (إسرائيل)، ما زال بريك يُحذِّر من أنّ القادم أعظم بالنسبة للدولة العبريّة، ويُشدّدّ على أنّ خراب الهيكل الثالث، وهو مصطلحٌ توراتيٌّ إسرائيليٌّ يُستخدم للتدليل على زوال الكيان، بات أقرب من أيّ وقتٍ مضى.


ورأى اللواء بريك، أنّ “دولة (إسرائيل) تتفكك في جميع المجالات: الأمن، والاقتصاد، والمجتمع، والتعليم، والطب، وعلاقاتها الدولية، وتتحول إلى (زومبي)، أيْ لإنسانٍ من دون روح، غير متعاطفة، وتتصرّف بشكلٍ أوتوماتيكيٍّ، ووحده وقف الحرب في غزة الآن، يمكن أنْ يوقف تدهور الدولة”، على حدّ تعبيره.


وتابع في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة: “يجب علينا أخذ مهلة، وإعادة الرهائن، وتجهيز الجيش للحرب الإقليميّة الكبيرة التي تُعتبر تهديدًا وجوديًا حقيقيًا لبقائنا على هذه الأرض. الجيش والجبهة الداخلية غير جاهزَين بتاتًا، ولذا يجب إعادة ترميم الاقتصاد الإسرائيليّ وعلاقاتنا الدولية، وإعادة النازحين إلى منازلهم، وإعادة التكاتف في المجتمع، وإنقاذ الدولة من الانهيار”.


وأوضح الجنرال المتقاعد في مقاله، الذي نقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، أنّ “استمرار القتال الذي فقد هدفه منذ وقتٍ في قطاع غزة، هو الطريق الأفضل لضمان استمرار تفكُّك الدولة. يجب ترك الأوهام، والمصالح الضيقة، والسياسات الصغيرة، و”الإيغو” (الأنا) الكبيرة، وأيضًا الخلافات الداخلية، بدلاً من اللجوء إلى الحوار، وعلينا جميعًا أنْ نقوم وننقذ دولتنا من دمارها لأنّنا لا نملك دولة أُخرى، وهذا لا يزال ممكنًا”، كما قال.


ومضى قائلاً: “يتعيّن علينا الحفاظ على إنجازاتنا العسكريّة حتى الآن في قطاع غزة، لن نحقق أفضل منها، العكس هو الصحيح، كلّما استمر القتال في غزة، كلّما غرقنا بشكلٍ أعمقٍ. تفكيك الكتائب الأربع المتبقية في رفح و(تفكيك حماس كليًا) هما الكذبة الأكبر في تاريخ حروب (إسرائيل)، والتي يبيعنا إيّاها المستويان السياسيّ والعسكريّ”، على حدّ وصفه.


وأوضح اللواء بريك أنّه “للأسف، أغلبية الجمهور تقع في هذه المصيدة، وتُصدِّق هذه الأكاذيب التي يتّم نشرها لكسب الوقت من أجل البقاء السياسيّ والعسكريّ، والتمسك بما هو موجود أطول وقت ممكن، ومؤخرًا فقط، أعلن الأمريكيون أنّ خطة دخول الجيش إلى مخيمات رفح غير لائقة، وستؤدي إلى أكبرٍ مجاعةٍ في القرن، لذلك، لن يوافقوا على الدخول”، طبقًا لأقواله.


واختتم اللواء المتقاعد مقالته بالقول: “الآن، نحن على حافة الهاوية، وإذا بقينا واقفين من دون أيّ فعلٍ وصدّقنا الأكاذيب التي تبثها قياداتنا، فلن تقوم لنا قائمة، ولن يكون أمامنا طريق عودة، وسنخسر الدولة 2000 سنة أُخرى. كما أشرت سابقًا، قرار واحد من دون حساباتٍ من نتنياهو، أوْ وزير الأمن غالانط وقائد الجيش، هرتسي هليفي، سيشعل الشرق الأوسط، لأنّني لا أعتمد على رأي هؤلاء الثلاثة، ولديّ شعور بأنّهم اتخذوا هذا القرار، نحن بين يدي أشخاص غير عقلانيين، دفعوا (إسرائيل) إلى ما جرى في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الفائت، ويمكن أنْ يدفعوها إلى خراب الهيكل الثالث، (وهو مصطلح توراتي يُستخدم للتدليل على زوال الكيان)، هذه المجموعة تلعب بالنار على حساب مواطني دولة (إسرائيل)”، على حدّ تعبير اللواء بريك.


أمّا الجنرال في الاحتياط، تسفيكا فوغل، القائد الأسبق للمنطقة الجنوبيّة في الجيش الإسرائيليّ، فكان قال إنّ “الوضع الأمنيّ الذي تعيشه (إسرائيل) يُعتبر الأكثر إذلالاً لها منذ حرب أكتوبر 1973، (إسرائيل) حاربت ثلاث دولٍ عربيّةٍ في حرب 1967، هزمناها جميعًا، سحقناها، لكننّا اليوم لا نستطيع حسم المعركة مع حماس”.


وفي الختام وجب علينا أنْ نأخذ على محملٍ من الجدّ سيناريو نهاية (إسرائيل)، الذي ساقه سفير "تل أبيب" الأسبق بواشنطن، مايكل أورن، مؤكّدًا أنّه تمّت مناقشته في جلستين اثنتين للمجلس الوزاريّ الأمنيّ والسياسيّ المُصغَّر (الكابينيت) بـ "تل أبيب".

رأي اليوم
إقرأ أيضاً : رئيس أركان الجيش الإيراني: عُمر (إسرائيل) انتهى إقرأ أيضاً : رئيسة دولة تمثل أمام النيابة العامة بسبب "فضيحة ساعات"إقرأ أيضاً : مراسل "اسرائيلي": الأيام القادمة ستكشف كذبنا .. تفاصيل


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الدولة الاحتلال غزة الدولة الدولة اليوم اليوم الدولة غزة الاحتلال رئيس تل أبیب

إقرأ أيضاً:

تحالف لصد إسرائيل.. لماذا الآن؟

أظهرت الحرب في غزة أننا – بمفردنا – غير قادرين على منع قتل إخواننا المسلمين أمام أعيننا، وتدمير أوطانهم. والآن؛ هناك هجوم عنيف ستشنه إسرائيل على دولة مسلمة أخرى، وهي لبنان، وأعتقد أن العالم الإسلامي سيكتفي بمشاهدة تحول تلك الأراضي إلى خراب وموت الآلاف من الناس.

وماذا بعد؟

لدى إسرائيل رؤية مستقبلية؛ حيث تسعى للاستيلاء على أراضي "أرض الميعاد"، وإقامة دولة إسرائيل الكبرى. فهم يتملكهم حلم الدولة المثالية، وأعتقد أن العديد من المسلمين، لا يعتقدون بإمكانية تحقق هذه الدولة. ولكن الصهاينة يعملون بدأب لتكون واقعًا.

قبل الحرب العالمية الأولى؛ لم يكن أحد يعتقد بأن حلم ثيودور هرتزل في إقامة كيان إسرائيلي على أراضي الدولة العثمانية يمكن تحقيقه، لكنهم حققوه في ذلك الوقت، والآن يسعون لتحقيق حلم "أرض الميعاد".

إذا استمر العالم الإسلامي في هذا التشتت والتشظي وضعف المواقف تجاه ما يجري على مسرح الأحداث في عالمنا الإسلامي، فسنرى على الأرجح تمدد إسرائيل في المنطقة، ولن يكون هناك من رادع أمام هذه الرغبات الجامحة. لكن قضيتنا ليست رؤية إسرائيل للمستقبل، بل ما هي خطط العالم الإسلامي للمستقبل. هل لدى الدول الإسلامية في المنطقة خطة لمواجهة توسع إسرائيل وعدوانها؟ أو هل لديها رؤية مشتركة للمستقبل؟

إذا نظرنا من نافذة الواقعية السياسية، عندما نرى حال وسياسات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الـ57، يعتقد الجميع أنه من المستحيل وضع هدف مشترك. كيف يمكن لعشرات الدول التي تعادي بعضها بعضًا وتتنازع فيما بينها أن تتفق على رؤية مشتركة، أليس كذلك؟

حلف دفاعي

في مثل هذه الحالة، دائمًا ما أذكر تأسيس الاتحاد الأوروبي كمثال. فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا خاضت حروبًا فيما بينها، لكنها بدأت العمل على الوحدة فور انتهاء الحرب العالمية الثانية. كيف تمكنت من الاتحاد بعد حرب تسببت في مقتل ما يقرب من 70 مليون شخص؟

اليابان والولايات المتحدة خاضتا أكثر الحروب دموية ولكنهما تحالفتا ضد الصين.

أليس الناتو منظمة مشابهة؟ تركيا واليونان لا تتفقان أبدًا، لكنهما تتعاونان في مجال الدفاع.

إذًا، لماذا لا تتّحد الدول الإسلامية على الأقل في الحد الأدنى من القواسم المشتركة؟ على سبيل المثال، ضد السياسات العدوانية والتوسعية لإسرائيل.

إن حلم "أرض الميعاد" لا يشمل فقط الأراضي الفلسطينية، بل يعتبر أراضي لبنان وسوريا والأردن وتركيا والعراق والسعودية ومصر وإيران أيضًا ضمن الأراضي المستهدفة.

إذا كان الناتو قد تأسس لمواجهة خطر روسيا، فلماذا لا تستطيع الدول الإسلامية إنشاء حلف دفاعي لمواجهة خطر إسرائيل؟ السبب يكمن في ضعف الإرادة لدى الأنظمة الرسمية، فمعظم هذه الأنظمة تعيش في انفصال عن شعوبها، ولا تفكر في الأخطار التي تحيط بعالمنا الإسلامي وسبل مواجهتها.

لكن، إذا أجريت أي استطلاع رأي عام في أي بلد، فستجد أن الشعوب المسلمة ترغب في الوحدة، والتحرك المشترك، والتوحد ضد عدوان إسرائيل.

حتى احتلال غزة والمجازر التي ارتكبت لم تجعل هذه الأنظمة تستيقظ، ولا أعتقد أن أي شيء آخر يمكنه ذلك؛ لذا يمكننا أن نفقد الأمل في أي تحرك يسهم في وقف الإبادة التي يتعرض لها سكان القطاع.

أملي يكمن في الشباب المسلم، فهم يرون الأخطاء المتراكمة أمام أعينهم، وأنا واثق بأنهم في المستقبل لن يرتكبوا هذه الأخطاء، ولكنهم سيتبنّون رؤية جديدة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • حين يتصادم المشروع الوطني مع الاستعماري
  • احتلال مصر.. لماذا نجح البريطانيون فيما أخفق فيه الفرنسيون؟
  • “سي إن إن”: لماذا ستكون الحرب بين حزب الله و”إسرائيل” أكثر خطورة من السابق؟
  • باحث: نتنياهو تحول من عبقري إسرائيل إلى عبء على الدولة
  • تحالف لصد إسرائيل.. لماذا الآن؟
  • وزير إسرائيلي: على الكابينيت أن يتخذ قرارا بفصل غزة عن مصر
  • صحيفة إسرائيلية: نتنياهو لديه موقف جديد بشأن الدولة الفلسطينية
  • نفتالي بينيت للإسرائيليين: لا تغادروا البلاد وتذكروا أنه بعد 3 سنوات من المحرقة أسسنا دولة إسرائيل
  • المعارك العسكرية هي الحلقة الأخيرة من حلقات الحرب
  • لماذا تريد إسرائيل عدم استقرار الوضع الشرق الأوسط؟.. خبير يوضح