وضعت إيران جميع قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى وسط حالة ترقب ومخاوف أميركية من أن يكون الرد الإيراني على هجوم القنصلية الإيرانية في دمشق الأسبوع المقبل، وفقاً لـ"سي أن أن".

وذكرت شبكة "سي بي إس" الأميركية أن الولايات المتحدة "جمعت معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران تخطط لهجوم يتضمن إطلاق مجموعة من طائرات من طراز "شاهد" المتفجرة دون طيار، وصواريخ كروز".

ونقلت الشبكة عن مسؤولين أميركيين، من دون الكشف عن هويتهم، قولهم إنهم لا يعرفون توقيت وهدف الرد الإيراني المتوقع، لكن الشبكة الإخبارية الأميركية قالت إنه "من المتوقع أن يأتي قبل انتهاء شهر رمضان".

وتعقيبا على تقرير بثته شبكة "سي إن إن" الأميركية أفاد باحتمال وقوع هجوم في الأيام القليلة المقبلة، قال المسؤول الأميركي: "نحن بالتأكيد في حالة يقظة عالية".

صراع أوسع تعيش الولايات المتحدة وإسرائيل في حالة تأهب قصوى وتستعدان لهجوم إيراني محتمل يستهدف أصولا إسرائيلية أو أميركية في المنطقة ردا على قصف إسرائيلي على السفارة الإيرانية في سوريا.

وتواجه إيران معضلة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على سفارتها في سوريا، وهي كيفية الرد دون إشعال فتيل صراع أوسع يقول محللو شؤون الشرق الأوسط إن طهران لا ترغب فيه على ما يبدو.

وقالت إيران إنها طلبت من الولايات المتحدة "التنحي جانبا" بينما تستعد البلاد للرد على الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في سوريا، في حين حذر حزب الله، إسرائيل من استعدادها للحرب.

وفي رسالة مكتوبة إلى واشنطن، حذرت إيران الولايات المتحدة من الانجرار إلى فخ نتنياهو، حسب ما كتب محمد جمشيدي، نائب رئيس مكتب الرئيس الإيراني للشؤون السياسية، على موقع X، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. يجب على الولايات المتحدة أن "تتنحى جانبا حتى لا تتعرض للضرب".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز"، الجمعة، عن مسؤولين إيرانيين أن إيران اتخذت قرارا بمهاجمة إسرائيل بشكل مباشر، في خطوة تهدف إلى خلق الردع.

الثأر في العمق الإسرائيلي بدورها، تناولت صحيفة "خراسان" الإيرانية نوعية ومستوى الرد على إسرائيل، ونقلت عن "قناة "الأخبار السورية" من أن هذا الهجوم يجب أن يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويجب أن يتسبب في خسائر وأضرار فادحة، ويجب أن يكون مرئيا ومسموعا حتى يتمكن الجميع من رؤيته.

وأضافت أن الهدف منه "ليعرف الجميع أن قوة "الحرب" لهذا الكيان (إسرائيل) هي فقط في نطاق عمليات القتل في قطاع غزة، ولم يعد لديه أي قوة". وأضافت أن الرد يجب أن "يكون بطريقة تعرف فيه (إسرائيل) أنه إذا أرادت أن تقوم بعمل جديد فإنه سوف يكلفها أضعافا مضاعفة".

تدمير محطات الطاقة وكتبت القناة على تليغرام: "إن الاقتراح الملموس في هذا الصدد هو تدمير محطات الطاقة الثلاث (إسرائيل) بالإضافة إلى 22 محطة نقل طاقة تابعة لهذا الكيان، وهذا يعني القيام بتدميرها بالكامل أي بنسبة 100%، بحيث لا يستطيع أحد إعادة بنائه أو استبداله لمدة عامين تقريبا، ولا تملك أي من دول الجوار القدرة على توفير احتياجات هذا النظام من الطاقة، وسيكون لهذه القضية آثار هائلة وطويلة الأمد على هذا الكيان، وستتسبب في نزوح جماعي للمستوطنين من فلسطين المحتلة".

وجاء هجوم يوم الاثنين الذي أسفر عن مقتل قائدين وخمسة مستشارين عسكريين إيرانيين في مجمع السفارة الإيرانية في دمشق، في الوقت الذي تسرّع فيه إسرائيل حملة طويلة الأمد على إيران والجماعات المسلحة المتحالفة معها. وتعهد الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي بالثأر.

خيارات مؤلمة ولدى طهران خيارات، إذ يمكنها إطلاق العنان للجماعات المتحالفة معها لشن عمليات على القوات الأميركية، أو استخدامها لشن ضربات على إسرائيل مباشرة، أو تكثيف برنامجها النووي الذي تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ فترة طويلة إلى كبح جماحه.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم يراقبون الوضع عن كثب لمعرفة ما إذا كانت الجماعات المتحالفة مع إيران ستهاجم القوات الأميركية المتمركزة في العراق وسوريا، مثلما حدث في الماضي، ردا على الهجوم الإسرائيلي الذي وقع يوم الاثنين.

وتوقفت مثل هذه الهجمات الإيرانية في فبراير شباط بعد أن ردت واشنطن على مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن بعشرات الضربات الجوية على أهداف في سوريا والعراق مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وفصائل مدعومة منه.

وقال المسؤولون الأميركيون إنهم لم يحصلوا بعد على معلومات استخباراتية تشير إلى أن الجماعات المتحالفة مع إيران تتطلع إلى مهاجمة القوات الأميركية في أعقاب هجوم يوم الاثنين، والذي قالت وسائل إعلام إيرانية إنه أسفر عن مقتل أعضاء في الحرس الثوري الإيراني من بينهم القائد الكبير محمد رضا زاهدي.

وحذرت الولايات المتحدة طهران صراحة من مهاجمة قواتها.

تجنب حرب شاملة قال مصدر يتابع القضية عن كثب لرويترز إن إيران تواجه من جديد إشكالية الرغبة في الرد لردع إسرائيل عن شن مزيد من تلك الهجمات بينما تريد أيضا تجنب حرب شاملة.

وأضاف "إذا لم يردوا في تلك الحالة فستكون حقا علامة على أن ردعهم نمر من ورق"، قائلا إن إيران قد تهاجم سفارات لإسرائيل أو منشآت يهودية في الخارج.

وقال مسؤول أميركي إنه بالنظر إلى حجم الضربة الإسرائيلية قد تضطر إيران للرد بمهاجمة مصالح إسرائيلية أكثر من ميلها للنيل من قوات أميركية.

ويقول إليوت أبرامز خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية أميركية، "لديهم (الإيرانيون) العديد من السبل الأخرى للرد... على سبيل المثال من خلال محاولة تفجير سفارة إسرائيلية".

كما يمكن أن ترد إيران بتسريع وتيرة تطوير برنامجها النووي الذي كثفت العمل عليه منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، وهو اتفاق يهدف لتقييد قدرات طهران النووية مقابل منافع اقتصادية.

ولا يتوقع جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (سي إس آي إس) في واشنطن ردا إيرانيا ضخما على الهجوم على سفارتها.

وقال "اهتمام إيران بتلقين درس لإسرائيل أقل من اهتمامها بإظهار عدم ضعفها أمام حلفائها في الشرق الأوسط

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

بزشكيان و"الوجه الحقيقي".. هل تحاصره توقيعات بخط يده؟

بينما ينظر العالم بترقب إلى الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان إذا كان سيتمكن من إخراج إيران من عزلتها الدولية وتنفيذ وعوده الإصلاحية داخليا، تتزايد الأسئلة حول توجهاته الحقيقية وتأثيرها على مستقبل البلاد.

ففي انتصار حاسم وسط توترات داخلية ودولية متصاعدة، فاز مرشح الإصلاحيين مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، متغلباً على منافسه المتشدد سعيد جليلي.

وأراد بزشكيان أن يبعث برسالة هامة عبر اختيار مرقد "الإمام الخميني"، ليكون أول منصة لأول خطاب له في السلطة، حيث وفرت وكالة الأنباء الإيرانية الحكومية الجهد على المحللين بالتأكيد على أن الذهاب للمرقد كان "لتجديد الولاء والعهد مع مبادئ مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران".

وشكر بزشكيان "القائدَ المفدى للبلاد" (خامنئي) مضيفا أنه "لولا حكمته لم نكن نستطيع أن نصل لهذه الفرصة" مضيفا أن إيران في مواجهة امتحان كبير من التحديات والصعاب "لتحقيق حياة كريمة للشعب الإيراني".

وخلال حملته، دعا بزشكيان إلى تحسين العلاقات بين إيران والدول الغربية وعلى رأسها أميركا على أساس الأركان الثلاثة المتمثلة بـ"العزة والحكمة والمصلحة"، كما أصدر وعودا بإعادة النظر إلى قوانين الحجاب وبعض القيود الاجتماعية.

وقال بزشكيان خلال خطاب النصر إنه سيفي بالوعود التي قطعها، كما كتب بزشكيان على منصة إكس: "لقد انتهت الانتخابات، وهذه مجرد بداية لمصيرنا المشترك. إن الطريق الصعب الذي أمامنا لن يكون سلسًا إلا برفقتكم وتعاطفكم وثقتكم، أمد يدي إليكم، وأقسم بشرفي أنني لن أترككم وحدكم في هذا الطريق، فلا تتركوني وحدي".

ومن جهة عليا، أصدر خامنئي الزعيم الذي يمسك فعليا بالسلطة، نصيحة للرئيس الجديد بـ"مواصلة مسيرة الشهيد رئيسي، والاستفادة إلى أقصى حد من مقدرات البلاد الكثيرة، وخاصة الموارد البشرية الشابة والثورية والمخلصة، من أجل رفاهية الشعب وتقدم البلاد".

ما فعله النائب وما سيفعله الرئيس

بحسب محسن مهيمني، الصحفي في شبكة إيران إنترناشونال المعارضة، فإن قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أقره البرلمان قبل 14 عاما، وينص على فرض غرامات مالية ونفي وسجن المواطنين، عند مقاومة ومواجهة تدخل رجال الأمن في طريقة لباس المرأة وظهورها في المجتمع، لم يقترحه الأصوليون أو سعيد جليلي، وإنما "النائب عن تبريز مسعود بزشكيان".

 بتوقيع بزشكيان

ووافق البرلمان الإيراني على هذا المقترح في يونيو عام 2010، وهي خطة وقّع عليها بزشكيان مع 102 من أعضاء البرلمان الآخرين، بحسب مهيمني.

وتدعو هذه الخطة إلى التذكير الشفهي والكتابي وتقديم الشكاوى إلى السلطات الحكومية بشأن القضايا المثيرة للجدل، مثل: "الحياء العام" و"الأمن الاجتماعي" و"القيم والحدود الإسلامية" باعتبارها "واجب الجميع"، وفي المرحلة التالية يضطلع النظام بتطبيقها بمفرده.

وينص مقترح القانون، الذي وافق عليه بزشكيان، على السماح بالحكم على المواطنين بالغرامات المالية والسجن والنفي، و"هو السبب الرئيس لحرب الشوارع ضد النساء في إيران"، بحسب مهيمني.

وأضاف مهيمني:"على الرغم من دوره في إقرار مثل هذا القانون، فإن مسعود بزشكيان ظهر في المناظرات الانتخابية الرئاسية كأنه مناصر للمرأة وضد فرض الحجاب، ويحاول استقطاب المحتجين من خلال اختيار عبارات تبدو أنها ضد شرطة الأخلاق ودورها، لكن مضمون عباراته يحمل إنكار حرية المرأة وحقها في الملبس، وهو يسير يدًا بيد مع النظام في هذا الاتجاه، بأن عدم ارتداء الحجاب أمر غير مرغوب فيه، والفرق الوحيد هو أنه يناقش طريقة فرضه".

واعتبر مهيمني أن "بزشكيان ليس مع حرية لباس المرأة، كما يحاول أنصاره ومؤيدوه الإصلاحيون تقديمه والترويج له، كما أنه ليس ضد دورية شرطة الأخلاق، ولكن المشكلة، كما يؤكد هو نفسه، هي أن خطة نور لقوات الشرطة كان ينبغي تنفيذها بشكل تجريبي في مدينة أو محافظة".

قانون تعزيز الحرس الثوري الإيراني

وبحسب مهيمني، يكشف توقيع آخر لـ "بزشكيان" في البرلمان الإيراني عن موقفه من الركائز الأساسية للسلطة، "فعندما صنفت الحكومة الأميركية الحرس الثوري، منظمة إرهابية، في عام 2019، ألزم بزشكيان، بصفته نائبًا في البرلمان، النظام الإيراني باتخاذ إجراءات في إقرار ما يُسمى تعزيز موقع الحرس الثوري الإيراني ضد الولايات المتحدة، مما أدى إلى مزيد من تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة".

ونشرت وسائل الإعلام صورة بزشكيان وهو يرتدي زي الحرس الثوري الإيراني في قاعة البرلمان مع نواب إصلاحيين آخرين عام 2019، وهو الإجراء الذي تم اتخاذه بعد أن تم تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية من قِبل إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.

ولا يخفي بزشكيان دعمه المطلق للحرس الثوري الإيراني، وقال في مناظرات الانتخابات الرئاسية، إنه يعتبر صواريخ الحرس الثوري الإيراني وطائراته المُسيّرة "مصدر فخر".

لكن القضية بحسب مهيمني "أصبحت متناقضة عندما وعد، بصفته ناقدًا ومحتجًا على الوضع الحالي للبلاد، والذي يلعب فيه الحرس الثوري الإيراني دورًا كبيرًا بالطبع، بتغيير هذه الأوضاع الراهنة".

قانون دعم "اقتصاد المقاومة"

وفي المجال الاقتصادي، وقع بزشكيان عام 2017 على قانون لدعم "اقتصاد المقاومة"، وهو بحسب مهيمني يشير إلى أن الرئيس الجديد لم يكن في موقع المعارض للنظام بل كان "دائمًا عاملًا مساهمًا في دفع سياسات النظام، ودبلوماسية التوتر".

بزشكيان والخروج من العباءة

وربما سيحاول بزشكيان بحكم مسؤوليته كرئيس ممثل للناخبين الذين انتخبوه على أساس وعوده "الإصلاحية" أن يحاول التخلص من الماضي والتعامل بما يقتضيه منصبه الجديد، لكن إلى أي مدى يستطيع أن يخرج من عباءة المرشد.

أمام هذا المشهد، يتساءل الكثيرون عن إمكانية تحقيق بزشكيان للوعود والتي تبدو في مسار أكثر اعتدالا من الخط الذي وضعه المرشد علي خامنئي.

ويقول ديفيد سانغر، المحلل السياسي والأمني لدى شبكة سي إن إن: "هذا ممكن، لكنني أعتقد أنه سيكون صعباً".

وحصل بزشكيان على دعم مثير للاهتمام من بعض المسؤولين الحكوميين السابقين الذين شاركوا في التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015، بما في ذلك وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف الذي كان أحد مهندسي الاتفاق.

وأشار سانغر إلى أن هذا الدعم يعكس رغبة الناخبين في إنهاء العزلة.

لكن..

رغم هذا الدعم، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان للرئيس الإيراني السلطة الكافية لتنفيذ تغييرات جذرية.

وأشار سانغر إلى أن الحكومة الإيرانية، التي تقيد الانتخابات ولا تقرر نتيجتها بشكل مباشر، قد سمحت لبزشكيان بالفوز لتهدئة الغضب الشعبي المتزايد ضد الحكومة الحالية.

واعتبر سانغر أن "المنافس السابق لبزشكيان، السيد جليلي، الذي كان مفاوضًا نوويًا سابقًا، كان من المتشددين الحقيقيين، وهذا يبرز التحديات التي ستواجه بزشكيان في سعيه لتغيير مسار السياسة الإيرانية والتعامل مع القوى المحافظة التي تعارض التغيير".

مقالات مشابهة

  • بعد فوز بزشكيان.. حديث أمريكي عن المفاوضات النووية مع إيران
  • بعد فوز بزشكيان.. ما فرص استئناف المفاوضات النووية مع إيران؟
  • الخارجية الإيرانية تكشف عن مفاوضات سرية مع أمريكا بوساطة عمانية .. تفاصيلها في الوقت المناسب
  • الرئيس الإيراني لـ الأمين العام لحزب الله": دعم إيران ضد إسرائيل سيستمر بقوة
  • العراق يسترد 181 قطعة أثرية من أميركا
  • هل تتغير السياسة الإقليمية لإيران مع فوز بزشكيان بالرئاسة؟
  • "بيريل" يجبر شركات الطيران الأميركية على إلغاء 1300 رحلة
  • هل ينهار الدولار في 2024؟
  • بزشكيان و"الوجه الحقيقي".. هل تحاصره توقيعات بخط يده؟
  • إسرائيل تعلق على فوز مسعود بزشكيان برئاسة إيران