رباح الصادق
١) المعركة الاسفيرية بين صديقتي الحبيبتين رشا عوض وعفراء فتح الرحمن مؤسفة جداً فكلتاهما إعلاميتان شقتا طريقهما بكدح أسطوري دفاعاً عن رؤاهما بشجاعة لا مثيل لها. تعرفت على الاولى في رحاب مكتب الامام الصادق المهدي الخاص ثم تشعبت دروب المحبة والزمالة، ولاقيت الثانية في 'قطية الامام' قلت لها الامام قال لي: صادقي عفراء فقالت لي انه نصحها بذات النصيحة، وكأنه ادرك أن قلبينا عند بعضهما.
٢) لفك الاشتباك أقول: اتفهم انزعاج رشا من طرق عفراء لسؤال التمويل حينما تستضيف القوى السياسية الديمقراطية بينما لا تجعل الامر في ملفات مواجهة الإسلامويين فللوهلة الاولى يتوقع الانسان قبقبة الجميع بذات الطريقة. خاصة واولئك القوم سار ت بفسادهم الركبان. فكانما هو صك براءة للذئب وتجريم للحمل!
٣) وحينما انظر لدفوعات عفراء أعود إلى منصتها كاعلامية تكيف السؤال على الحالة، فلا احد يتساءل عن مصادر دخل الذين امتصوا في كليبتوقراطيتهم ١٦٩ مليار دولار وصار الأمر مفضوحا وقد كونت له لجنة ازالة التمكين فلم تقبض سوى حوالي ملياري دولار وظلت بقية الأموال مهربة قصية ولم يتم تتبعها كما يجب حتى قام انقلاب ٢٥ اكتوبر المشؤوم فألغى قرارات لجنة ازالة التمكين القاصرة ذاتها وكأنك يا أب زيد ما غزيت.. الاسئلة المحرجة لأمثال امين حسن عمر الان هي دورهم في الحرب وفي استمرارها وعدم الاكتراث بما يحدث للبلاد والعباد بسببها، وكما قالت عفراء فإنها كانت تعلن عن كل حلقة وتستمطر اسئلة جمهورها وتلقيها في وجه ضيفها، فكان تركيز الجمهور لكل ضيف يختلف عن الآخر بحسب اكبر جرم منسوب اليه في مخيلة ذلك الجمهور.
٤) بقية القوى ممن لاحقتهم الإنقاذ وافقرتهم وإحالتهم للصالح العام وحاربتهم في أرزاقهم صاروا مظنة الوقوع فريسة للذئب الداخلي والخارجي الذي يتصيد منهم المستطاع, ومسالة المال السياسي صارت تهمة متبادلة بين الجميع تقريباً، ومعلوم أن حالة (كشكش تسد) كانت احد ملامح افساد الإنقاذ ونخبتها السياسية والعسكرية وقد شهدنا التهم التي طالت قادة قواتها المسلحة، وهو الأمر الذي برعت فيه على نحو خاص قواتها للدعم السريع فكانت (الحوار الغلب شيخه) وقد شهدت حوارا في احد قروبات الصحفيين يحرج فيه صحفي في مكتب قائد قوات الدعم السريع صحفي آخر يقف مساندا للجيش بقوله: هل تنكر انك كنت تأتي لمكتبنا وتستلم ظروفا؟ فالأمر صار يدار بالمكشوف وبلا حياء.. وصارت التهم تتقاذف بين الفريقين كما في كرة السلة! والمعلوم أن النخبة السياسية غير الانقاذية مفقرة وهدف لذلك التقذير، للأسف ومع أن كثيرين جدا صمدوا في وجه ترغيب الداخل والخارج إلا أن . السؤال ظل مطروحا لدينا بسبب ما تعرضنا له من تنكيل، وما يشيعونه عن الكثيرين بالحق وبالباطل ، وغير مطروح لديهم بسبب ما سرقوا حتى الثمالة وصار معلوما بلا سؤال.
٥) وبرغم صحة فسادهم وسرقتهم وكليبتوقراطية دولتهم إلا أن أعظم جرائمهم تتوارى خلفها حقائق السرقة. فقد ازهقوا روح الديمقراطية وانقلبوا على الشرعية وارتكبوا مجازر وابادات جماعية وتسببوا في انقسام البلاد إلى آخر الموبقات التي ارتكبها نظامهم' حتى كانت إدانة البشير بالاموال التي وجدت في حوزته كأنها مزحة سخيفة؛ وأن تقاضي شخصا قتل أمك او أباك لأنه سرق سيارتك!
٦) المطالبة بالمساواة في التهمة هنا تأتي لصالح امين حسن عمر!
٧) القياس احد ركنين رئيسيين في الفقه الصوري وهو محطم مرونة فقه التنزيل ومكبل عقول الامة خاصة لدى أهل السنة والجماعة، والقياس واحد من اهم منافذ القصور في تفكيرنا السياسي لانه لا تكون حادثة كحادثة تماما، ولتكييف حالات القياس ولاستخدامه ينبغي ان تراعى أركانه، والقياس في حالة امين يسقط، فأنت قد تسأل من تثار في وجهه تهما غير محققة لينفي ويوضح، لكنك لن تسأل من قبض بالثابتة وصدرت في حقه احكام خاصة وعفراء ذاتها قبقبت امين ذاته حول الأمر حينما كان محل تساؤل.
٨) أتمنى أن يفك هذا الاشتباك بدون رمي للتهم أو عجز عن الوصول إلى فهم مشترك. فهاتان السيدتان قدمتا الكثير كل في مجالها، رشا في مجال الدفع الديمقراطي والحق النسوي والمطالبة بالحريات، وعفراء في مجال إغناء المعرفة بالوطن ورموزه، وفي مجال الأدب والشعر والفن عموما بحيث تصلح كل واحدة منهما أيقونة في مجالها.. لا أن تحتربا حول قياس بلا أساس.
وليبق ما بيننا
نقلا عن صفحة رباح الصادق على الفيس بوك
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الأحزاب السياسية ودعم الدولة
تشهد البلاد فى السنوات الأخيرة جهودًا متسارعة لتعزيز بنيتها السياسية واستقرارها الداخلى، من خلال دفع عجلة الإصلاحات السياسية وتفعيل دور الأحزاب كفاعل رئيسى فى المشهد العام.. ومع الإعلان عن تدشين حزب جديد تحت اسم "الجبهة الوطنية"، تُفتح آفاق جديدة للنقاش حول دور الأحزاب السياسية فى دعم الدولة المصرية، وزيادة الوعى بالمخاطر التى تواجهها، والتصدى للتحديات التى تُحاك ضدها.
الأحزاب السياسية ليست مجرد كيانات تعمل لتحقيق أهداف حزبية ضيقة، بل هى جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطى للدولة، وشريك أساسى فى تعزيز الاستقرار السياسى والاجتماعى فى البلاد، حيث تلعب الأحزاب دورًا محوريًّا فى دعم جهود الدولة، لا سيما فى ظل الظروف الإقليمية والدولية المعقدة، ومن هنا تمثل الأحزاب قناة للتواصل بين الدولة والمواطن، حيث تعبر عن احتياجات الشارع وتترجمها إلى سياسات ومبادرات، هذا الدور يصبح أكثر أهمية فى مواجهة التحديات، مثل التصدى للمخاطر السياسية التى تهدد استقرار الدولة، سواء كانت داخلية أو خارجية.
ويأتى تدشين حزب «الجبهة الوطنية» كإضافة نوعية للمشهد الحزبى فى مصر، ويطرح تساؤلات حول رؤيته وبرامجه لدعم الدولة والمواطن، فى الوقت الذى تواجه فيه الدولة المصرية تحديات غير مسبوقة على مختلف الأصعدة، تتطلب وجود منظومة حزبية واعية وفعالة، خاصة أن تعزيز الوعى بالمخاطر المحيطة بالدولة لا يقتصر على الجهات الرسمية، بل هو دور مشترك بين الإعلام، الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدنى.
وأرى أيضًا أن الحملات الإعلامية المنظمة بالتعاون مع الأحزاب تُعد أداة فعالة لتوضيح خطورة المؤامرات الخارجية التى تسعى لزعزعة الأمن القومى المصرى. كذلك، تلعب الأحزاب دورًا فى مواجهة الشائعات المغرضة التى تُبث على وسائل التواصل الاجتماعى، من خلال توجيه خطاب واعٍ ومبنى على الحقائق.
إن التحديات التى تواجهها مصر اليوم تتطلب أحزابًا قوية تدرك أهمية الاصطفاف الوطنى، ومن هنا فإن على الأحزاب السياسية وفى مقدمتها «الجبهة الوطنية» أن تضع رؤية استراتيجية لمواجهة هذه المخاطر من خلال تعزيز الوحدة الوطنية والتركيز على الملفات التى تجمع ولا تفرق، والعمل على تقوية النسيج الوطنى بين مختلف فئات المجتمع، بجانب تقديم مبادرات وحلول لمشكلات المواطنين تسهم فى تخفيف العبء عن الدولة، وايضًا توحيد الجهود بينها وبين الحكومة والمؤسسات الأمنية لضمان التصدى الفاعل لأى تهديدات داخلية أو خارجية.
والخلاصة.. إن تدشين حزب الجبهة الوطنية يُعد خطوة مهمة نحو إثراء الحياة السياسية فى مصر، بشرط أن يلتزم الحزب برؤية وطنية شاملة تضع مصلحة الوطن فوق أى اعتبار، فى الوقت الذى بات فيه دعم الدولة المصرية ليس خيارًا بل هو واجب وطنى على كل الأحزاب السياسية من أجل الحفاظ على استقرار البلاد وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.