محمد إبراهيم نقد (١٩٣٠-٢٠١٢): قنديل سماوي
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
من أدق ما وُصف به الراحل محمد إبراهيم نقد أنه راهب سياسي. وتنبع قيمة هذا الوصف من أنه يوطن الفقيد في الجيل اليساري الأربعيني. وهو جيل "مفطوط" في التأرخة للفكر السوداني. فمؤرخو الفكر ينطون من جيل الثلاثينات، جيل الهوية، إلى جيل الستينات، جيل الهوية الآخر. وجيل الأربعينات أخطر وأنفذ.
وفر جسد نقد المسجى الآن، وجسد التجاني قبله، للسودانيين أن يقرأوا كتاب ذلك الجيل بما لم توفره مذكراتهم الغائبة إلا التي لكامل محجوب وعلي محمد بشير ومصطفى السيد. ولا حملت فدائيتهم للناس أدوات الفن والتسجيل التي يبرع فيها الشيوعيون غالباً. ووجد الناس على بينة الجسد المسجى في الشيوعيين ما عرفوه عنهم من وطنية في قرارة أنفسهم وأنكروه لجاجة بالخوض في "عمالتهم" و"غربة" أو استيراد فكرهم. واللجاج حبله قصير. فجسد نقد المسجى يشع الآن كالقناديل السماوية على خلفية ظلام مطبق لاقتصاد للباطل: " لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ" استعبد فيه "القرش" من ولدتهم أمهاتهم أحراراً. ولا مهرب من هذه القراءة المنصفة الآن لنص جسد نقد والناس يرونه يترك الفانية ولم يعلق به منها شيء بينما يتفانى فيها القوم: يتطاول المعمار ويشحُب الوجدان. وجعل سادة هذا الاقتصاد منها حقاً "داراً للخنا والتبذل" في قول عبد الله الطيب.
الجسد نص قح في معنى أنه سيد الأدلة في القضية. وسبق لي في هذا السياق أن عرضت جسد المرحوم محمود محمد طه كمحكمة لقتلته. فليس منهم من ترهبن رهبنته في طلب الحق وجهر بما عرف منه. وتدلى جسده من المشنقة كالمانجو لمعة ونضجاً فأخذى مغتاليه إلى يوم الدين. كذلك ينصب جسد نقد (الذي لم يدخل غمده بعد) مجتمع اقتصاد الباطل في محكمة. فيرى سادة هذا الاقتصاد بأم عينهم جسداً، رقيق خيط شلة، احتسب (في عبارة موفقة لمحمد عبد الماجد) عمره للكادحين. لم يضق بعقيدته ٦٠ عاماً حسوما بينما يخلع آخرون عقائدهم عند كل بارقة.
بزهادة نقد المبدئية والتزامه المستضعفين لعقود استطالت صاهل أقانيم الصوفية العتيقة:
دنيا يملكها من لا يملكها
أغنى أهليها الفقراء
طبت حياً وميتاً يا رفيق.
"من كتابي القادم وعنوانه مؤقتاً "فانوس البندر: الماركسية السودانية"
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
اليوم.. مجلس الأمن يعقد جلسة حول القضية الفلسطينية
يعقد مجلس الأمن الدولي، مساء هذا اليوم الإثنين، جلسته الشهرية حول الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين، تتبعها جلسة مشاورات مغلقة.
ويستمع الأعضاء إلى إحاطة من المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند. حول الوضع السياسي والانساني في فلسطين المحتلة.
وكانت الولايات المتحدة، استخدمت الأربعاء الماضي، حق النقض “الفيتو” ضد قرار في المجلس. يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور