شيخ الأزهر: التعامل العربي مع قضية فلسطين والقدس الشريف لا يعكس حجم نعم الله على هذه الأمة
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
أكد الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن حالة التنازع والتفرق التي درج عليها أبناء أمتنا العربية منذ أمد بعيد، قد أصابت الجميع بما يشبه حالة «فقدان التوازن» وهو يتصدى لعظائم الأمور، وأعجزته عن مواجهة أزماتهم المتلاحقة مواجهة دقيقة، ومن يدقق النظر في خارطة وطننا العربي والإسلامي؛ يأسى كثيرا وطويلا، لما آل إليه الحال في فلسطين، وغيرها من دول عزيزة على قلوبنا، وسرعان ما يخلص إلى يقين لا يقبل النقيض، هو: أننا لن نستعيد قدرتنا على النهوض والتقدم ومواجهة أزماتنا مواجهة مسؤولة، وتجاوزها إلا بتحقيق وحدة العرب، وتطبيق سياسة التكامل الاقتصادي، وتغليب المصالح العامة، والاتفاق على رؤى مستقبلية، وخطط مشتركة مدروسة وقابلة للتنفيذ.
ودعا شيخ الأزهر خلال كلمته اليوم السبت باحتفالية ليلة القدر بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إلى ضرورة التنبه إلى مستوى التعامل العربي تجاه ما يحدث في فلسطين، وقال إن «تعاملنا مع قضية فلسطين والقدس الشريف لا يعكس حجم ما أنعم الله به علينا من ثروات بشرية وطبيعية هائلة، ومن طاقات جبارة لا تنفذ، ومن عقول خلاقة في كل ميادين الحياة المعاصرة: العلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقبل كل ذلك: من إيمان راسخ بالله تعالى وثقة لا تهتز في رحمته بالضعفاء والمستضعفين.. وأنه بالمرصاد للجبارين والمتكبرين، وأنه ليس بغافل عنهم، وأنه يمهلهم ويمد لهم حتى إذا ما أخذهم فإنه لا يفلتهم.
وقال فضيلة الإمام الأكبر إنَّ ما تعج به منطقتنا اليوم من مآس وآلام وأحزان ومشاعر سوداء-يجب أن يمثل نقطة تحول حاسم بين عهد عربي مضى، وعهد جديد تأخذ فيه الأمة العربية والإسلامية بأسباب القوة والمنعة المدعومة بالإيمان بالله تعالى، وبقيم الإسلام والأديان الإلهية؛ كي تستحق مكانتها اللائقة بتاريخها وحضارتها، مشيرًا إلى أنَّ الخطوة الأولى الصحيحة على هذا الطريق هي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 46]، ومعنى: (فَتَفْشَلُوا) أي: «تَجْبُنوا»، ومعنى: (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي: «تخورَ قُواكم وتَذْهبَ دُولكم، وتَبيدَ حضاراتكم».
وخلال كلمته، دعا شيخ الأزهر علماء الأمة إلى النهوض -في غير إبطاء- لتحقيق وحدة علمائية تجمع رموز الإسلام من سنة وشيعة وإباضية وغيرهم ممن هم من أهل القبلة، يجتمعون بقلوبهم ومشاعرهم -قبل عقولهم وعلومهم- على مائدة واحدة؛ لوضع حدود فاصلة بين ما يجب الاتفاق عليه وما يصح الاختلاف فيه، وأن نقتدي في اختلافاتنا باختلاف الصحابة والتابعين، ذلكم الاختلاف الذي أثرى العلوم الإسلامية، وحولها إلى معين لا ينضب من اليسر واللطف والرحمة، وأن نوصد الباب في وجه اختلافاتنا المعاصرة، التي أورثتنا الكثير من الشقاق والنزاع والضغائن والأحقاد، وقدمتنا لقمة سائغة للأعداء والمتربصين.
واختتم شيخ الأزهر كلمته بالتأكيد على ثقته بأن اتفاق علماء الأمة سوف يثمر بالضرورة اتفاق قادتها، وسوف يدفعهم إلى تحقيق المصالح القطرية في إطار المصلحة العربية والإسلامية، وهم قادرون على ذلك بفضل الله تعالى وعونه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شيخ الأزهر الإمام الاكبر ليلة القدر الرئيس عبد الفتاح السيسي شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
كيف ترد بذكاء؟
جابر حسين العُماني **
jaber.alomani14@gmail.com
يعد فن الرد من المهارات التربوية الأساسية التي ينبغي على الآباء والأمهات الاهتمام بتعليمها لأبنائهم، وذلك لتهيئتهم على التواصل المباشر مع الآخرين بما يتوافق مع شخصياتهم، وسمو أخلاقهم، ومكانتهم الاجتماعية في الأسرة والمجتمع، وفن الرد هو مهارة تحتاج إلى سرعة البديهة والذكاء عند إطلاق الرد، كما تحتاج إلى القدرة الكافية على اختيار أفضل الكلمات المناسبة وأعذبها.
هناك العديد من الأساليب التي من الممكن تعلمها، وهي في حد ذاتها تساعد على تحسين الرد وتقديمه للآخرين بأجمل حلة وصورة، بلا تلعثم أو تردد أو خجل، فما هي الأساليب النافعة والفعالة لتحسين مهارة فن الرد؟
أولًا: كن مستمعا جيدًا قبل اتخاذ قرار الرد، وذلك يتطلب منك فهم من يتحدث معك، وهو أسلوب يساعدك كثيرًا على إبراز وتقديم أفضل الردود بذكاء ودقة وفطنة. ثانيًا: عليك بالانتظار قليلًا قبل إطلاق الكلام، وبعبارة أخرى، حاول أن تتجنب التسرع في الرد على حديث الآخرين، خذ وقتا قصيرًا جدا للتفكير في نوعية الرد المؤثر والمقنع والحكيم الذي ينبغي عليك أن تقدمه مع من يتحدثون معك. ثالثًا: اختر كلماتك التي تريد إطلاقها للآخرين بعناية فائقة، وجعلها لطيفة وجميلة ومريحة وحفظها جيدًا حتى تستطيع تقديم رد واضح للجميع ومقبول ومؤثر وملفت بلا تعقيد أو تصعيب. رابعًا: تحكّم بنبرة صوتك أثناء الرد، فلا تجعلها عالية فتؤذي، ولا خافتة فلا تُسمع، بل اجعلها لطيفة مسموعة مفهومة بشكل لائق تعكس من خلالها مدى أخلاقك وذوقك الرفيع. خامسًا: كن دبلوماسيا في ردك فأنت بحاجة ماسة أحيانا إلى تجاهل الرد والاكتفاء بالصمت لتفادي التصعيد والمواجهة، خصوصا مع من يمارسون الاستفزاز، والصمت يكون في كثير من الأحيان من أفضل الردود وأحسنها وهو في حد ذاته انتصار، قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الفرقان: 63). وقال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ كٰانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَاَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". سادسًا: إذا كان من يتحدث معك يستخدم أسلوبا معينا خاصا به فينصح في كثير من الأحيان بالرد بنفس الأسلوب، على أن يكون الرد مبنيا على اللياقة اللغوية، والقوة التعبيرية بما يتناسب مع المقام. سابعًا: إذا كنت تريد أن يكون ردك أكثر إقناعا وحكمة ودراية عليك باستخدام الأمثلة والحجج والبراهين التي من خلالها تدعم موقفك وكلامك مع الآخرين. قال تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:111]. ثامنًا: ركز على عنصر الابتسامة والبشاشة، أصحبهما معك في كل ردودك مع الآخرين، وذلك لأهميتهما في إبداء الرد الأجمل والأفضل، وهما في حد ذاتهما يلعبان دورا هاما في تخفيف حدة الحوار وتقريب وجهات النظر مع الآخرين، كما يجعلان الآخرين يتقبلون كلامك وحوارك بأريحية دون أي تكلف. تاسعًا: توظيف لغة الجسد أثناء الرد فلغة الإشارة الجسدية وتعبير الوجه والإيماءات لها دورها الفاعل في إعطاء الرد رونقه الأجمل والأفضل. عاشرًا: الثقة بالنفس أثناء الرد، ويتجلى ذلك في عدم التسرع بالرد إلا بعد التأكد من المعلومات التي يراد طرحها وتوضيحها للجميع.أخيرًا.. على الإنسان أن يدرك أن الله تعالى أعطاه لسانا ناطقا وميزه به من بين مخلوقاته بهدف تشكيل الكلمات الطيبة والعذبة التي من خلالها يستطيع إثبات إنسانيته وشخصيته وأخلاقه وقيمه ومبادئه لذا عليه ألا يتحدث به إلا بما يرضي الله تعالى لا ما يرضي به شيطانه، وقد قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب: "تَكَلّمُوا تُعْرَفُوا، فَإنّ المَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ".
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
رابط مختصر