لندن- يواجه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ضغوطا كبيرة من كل الاتجاهات لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وذلك بعد الصدمة التي خلّفها مقتل 3 مواطنين بريطانيين، كانوا يعملون مع مؤسسة "المطبخ العالمي" في قطاع غزة، على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أقر بمسؤوليته عن الحادثة.

ولم يبالغ الصحفي البريطاني الشهير جيمس أبراين (James O’brien) عندما قال، في إذاعة "إل بي سي" (LBC)، إنه تفاجأ من السرعة والقوة التي تغيّر بها الموقف الأكاديمي والشعبي تجاه إسرائيل من الدعم إلى الانتقاد.

هذا هو المزاج العام البريطاني الناقم على السلوك الإسرائيلي، الذي أصبح يحاصر رئيس الوزراء البريطاني من كل مكان، وذلك بسبب مماطلته في الإعلان عن رأي المستشار القانوني للحكومة حول ما إذا كانت إسرائيل تنتهك القانون الدولي.

وتحدثت تسريبات صحفية بريطانية عدة عن أن رأي المستشار القانوني كان إقرار انتهاك الاحتلال القانون الدولي، ما يعني أن المملكة المتحدة بدورها تنتهك القانون الدولي عندما تواصل تزويد تل أبيب بالأسلحة، وهو ما يدفع سوناك لعدم نشر هذا الرأي القانوني.

الجميع غاضب

كان أقوى تعبير عن الغضب البريطاني من ممارسات الاحتلال هو ما عبّرت عنه رسالة وقعها أكثر من 600 قاضٍ ومحامٍ وخبير في القانون الدولي، يطالبون فيها سوناك بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، محذرين من مغبة جر المملكة المتحدة إلى المحاكم الدولية بسبب إصرارها على تزويد الاحتلال بالأسلحة.

ونبّهت الرسالة، التي وقّع عليها قضاة سابقون في المحكمة العليا، من أن تجاهل بريطانيا لقرار المحكمة الدولية باحتمال حدوث تطهير عرقي في غزة سيضع المسؤولين البريطانيين أمام خطر الملاحقات القانونية، حتى وإن باتوا خارج مناصب المسؤولية.

وتزامنت هذه الرسالة مع استطلاع للرأي أجراه موقع "يو غوف" (You Gov) البريطاني، الذي أظهر أن 56% من البريطانيين المشاركين في الاستطلاع يؤيدون وقف تصدير بلادهم للأسلحة إلى إسرائيل، مقابل تأييد 17% لاستمرار التصدير، كما قال 59% إن إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان في غزة، مقابل رفض 12% لهذه الفكرة.

كما وجّه مسؤولون كبار في وزارة التجارة الدولية رسالة إلى مسؤوليهم الحكوميين، يعلنون فيها أنهم قد يرفضون التأشير على أي صفقات أسلحة لإسرائيل حتى يعرفوا رأي المستشار القانوني للحكومة من الأمر، مؤكدين أنهم يخشون مخالفة القانون الدولي في حال استمروا في الموافقة على عمليات إرسال الأسلحة لإسرائيل.

ورغم عدم إعلان حزب العمال المعارض موقفا صريحا يطالب فيه بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، فإنهم يطالبون بنشر رأي المستشار القانوني للحكومة في هذا الملف، والذي تتفق كل التسريبات أنه خلص لكون إسرائيل تنتهك القانون الدولي، ومن جهته أعلن عمدة لندن صادق خان (القيادي في حزب العمال) صراحة أنه يؤيد مطالب وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل.

مؤيدة للقضية الفلسطينية تشارك في مظاهرة "يوم العمل من أجل فلسطين" بلندن (الفرنسية) كسر الصمت

يعد الصحفي البريطاني والمحلل السياسي بيتر أوبورن (Peter Oborne) أن حدة الغضب السياسي في بريطانيا بعد مقتل عمال الإغاثة "كسرت صمتا استمر لما يزيد عن 6 أشهر من عملية القتل المتواصلة للفلسطينيين في غزة".

وأكد الصحفي البريطاني، في حديث للجزيرة نت، "وجود مخاوف حقيقية لدى السلطات البريطانية وحكومة سوناك، التي أيدت بشكل مطلق العملية العسكرية الإسرائيلية، من تورطها بشكل قانوني وسياسي في تهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد أهالي القطاع".

واعتبر أوبورن أن الضغط بشأن وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل لا يعود لأشهر وإنما لسنوات، من قِبل جمعيات حقوقية ونواب برلمانيين، "ولكن أصواتهم لم يكن لها صدى سياسي، لكن خلال الأشهر الماضية تواجه حكومة سوناك ضغطا حقيقيا وضعها في موقف محرج، رغم قرارها مواصلة دعم الإسرائيليين".

ويرى المتحدث ذاته أنه بات واضحا للأغلبية في بريطانيا أن "هذه العملية العسكرية الإسرائيلية بدون أفق، وهي عملية عشوائية تستهدف المدنيين"، مواصلا أن "ما تقوم به إسرائيل بدأ يثقل كاهل حلفاءها، وهناك تحول ملموس حتى في تعاطي وسائل الإعلام البريطانية مع ما يجري، فوسائل الإعلام نفسها كانت متورطة في التحريض على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، لكن يبدو أن الجميع ينعرج الآن ويحاول أخذ مسافة مما يحدث".

فقدان الدعم والشرعية

يتوقع الخبير في العلاقات الدولية كريس داويل أن تشكّل حادثة مقتل 3 مواطنين بريطانيين على يد قوات الاحتلال نقطة تحول كبيرة في التعامل مع ملف تسليح إسرائيل، "رغم أن الحكومة البريطانية لا تريد فرض أي قيود على تصدير الأسلحة على إسرائيل، ولا تريد طرح هذا الملف للنقاش"، حسب وصفه.

وأكد الخبير البريطاني أن "الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للمدنيين ولعمال المنظمات الإغاثية جعل إمكانية مواصلة تسليح إسرائيل وإمدادها بالعتاد العسكري غير ممكن، دون أن يثير هذه المرة انتقادات ورفض كتلة سياسية وقانونية كبيرة، والتي بدأت ترفع صوتها رفضا لاستمرار هذا الوضع"، مضيفا أن "النقاش في بريطانيا أصبح ناقدا للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، وحتى شرعية هذه الحرب أصبحت محط تساؤل".

وعبّر داويل عن قناعته بأن "خطر اتهام الحكومة البريطانية -في حال واصلت إرسال الأسلحة لإسرائيل- بالتواطؤ قانونيا في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية سيكون نقطة تحول في العلاقات الإسرائيلية البريطانية".

وأضاف أنه "سيكون من الصعب أن تحافظ حكومة المحافظين على درجة الدعم والتأييد نفسها للإسرائيليين في عمليتهم المتواصلة ضد الفلسطينيين، خصوصا إذا أصر الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية في رفح، وما يتوقع أن يرافق ذلك من استهداف للمدنيين والبنى التحتية، ما سيجعل مواصلة تسليح إسرائيل من قِبل بريطانيا أمرا مرفوضا، وسيتصاعد الضغط بشكل أكبر على حكومة سوناك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات تصدیر الأسلحة لإسرائیل القانون الدولی فی غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تحذر مواطنيها من هجمات تخطط لها الجهة التي قتلت الحاخام بالإمارات

حذرت السلطات الأمنية الإسرائيلية، السبت، من أن "البنية التحتية الإرهابية التي قتلت الحاخام تسفي كوغن.. تقوم بالتخطيط لعمليات إرهابية أخرى" تستهدف مواطنيها في جنوب شرق آسيا، وخصوصا تايلاند.

وأوصى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في بيان، المواطنين الموجودين في جنوب شرق آسيا حاليا، بعدم الذهاب إلى الأماكن التي يمكن تعريفها على أنها وجهات خاصة لليهود والإسرائيليين، والحفاظ على اليقظة المتزايدة في الأماكن العامة، من بينها المطاعم والفنادق وغيرها.

وطالب أيضا الإسرائيليين بالتعاون مع قوات الأمن المحلية واتباع التعليمات وإبلاغ الشرطة المحلية في حال تعرضهم لعمليات إرهابية، وتجنب نشر تفاصيل تحركاتهم ورحلاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بجانب عدم مشاركة تفاصيل عبر الإنترنت أو خلال محادثات حول الخدمة في الجيش أو الأجهزة الأمنية.

وأكد مجلس الأمن القومي أن العمل جار مع "جميع الشركاء المعنيين لإزالة التهديد".

وكان المجلس قد رفع درجة تحذير السفر إلى تايلاند إلى المستوى الثاني، وفيه يجب على المسافرين اتخاذ تدابير احترازية قوية، لكنه لا يُعتبر دعوة لتجنب السفر أو الدعوة للمغادرة.

الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف "قتلة الحاخام اليهودي" جاءت رسالة الشكر من مدير الاتصالات الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإماراتية عبر منشور على منصة إكس.

وتعد تايلاند وجهة سياحية بارزة لكثير من الإسرائيليين.

وألقت الإمارات القبض على 3 متهمين بارتكاب جريمة قتل كوغان، الذي وصل جثمانه إلى إسرائيل وأقيمت جنازته بحضور حشد كبير من المتدينين الإسرائيليين، الإثنين.

وكشفت السلطات الإماراتية، هوية المشتبه بارتكابهم الجريمة، ويحملون الجنسية الأوزبكية، وهم أولمبي توهيروفيتش (28) عاما، ومحمود جون عبد الرحيم (28) عاما، وعزيز بيك كاملوفيتش (33) عاما.

جثمان الحاخام كوغان في إسرائيل.. والإمارات تنشر صور المتهمين بعد ساعات من الإعلان عن توقيف ثلاثة أشخص مشتبه بهم في قضية مقتل الحاخام اليهودي، تسفي كوغن، في الإمارات، وصل جثمانه أخيرا إلى إسرائيل، الاثنين.

وكانت منظمة "حباد" (Chabad) اليهودية قد قالت إن الحاخام الذي لقي مصرعه عن 28 عاماً، كان مبعوثها في دولة الإمارات، وأقام في العاصمة أبوظبي.

وعمل كوغان، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والمولدوفية، لعدة سنوات جنبا إلى جنب مع الحاخام ليفي دوشمان، كبير الحاخامات في الإمارات، ومبعوثين آخرين من "حباد"، في تأسيس وتوسيع الحياة اليهودية داخل الإمارات.

مقالات مشابهة

  • الصين تحظر تصدير مواد للصناعات العسكرية إلى أميركا
  • الصين تحظر تصدير مواد تكنولوجية للولايات المتحدة.. تصعيد جديد
  • سيناتور ديمقراطي يطالب بوقف تصدير الأسلحة للاحتلال وفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين
  • لا مكان آمن بغزة.. مصر تجدد مطالبتها لإسرائيل باحترام القانون الدولي
  • سيناتور أمريكي يدعو إلى تجميد تصدير الأسلحة الهجومية لإسرائيل
  • فلسطينيو بريطانيا: على حكومة ستارمر التوقف عن إنكار الإبادة في فلسطين
  • الدبيبة يبحث مع سفير بريطانيا إعادة فتح القسم القنصلي البريطاني في ليبيا
  • صحف عالمية: إسرائيل تبدو منقلبة على مواطنيها وفوضى سوريا تهديد لها
  • إسرائيل تحذر مواطنيها من هجمات تخطط لها الجهة التي قتلت الحاخام بالإمارات
  • إسرائيل تحذر مواطنيها من هجمات تستهدفهم في دولة آسيوية