بعد مقتل 3 من مواطنيها بغزة.. هل تحظر بريطانيا تصدير الأسلحة لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
لندن- يواجه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ضغوطا كبيرة من كل الاتجاهات لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وذلك بعد الصدمة التي خلّفها مقتل 3 مواطنين بريطانيين، كانوا يعملون مع مؤسسة "المطبخ العالمي" في قطاع غزة، على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أقر بمسؤوليته عن الحادثة.
ولم يبالغ الصحفي البريطاني الشهير جيمس أبراين (James O’brien) عندما قال، في إذاعة "إل بي سي" (LBC)، إنه تفاجأ من السرعة والقوة التي تغيّر بها الموقف الأكاديمي والشعبي تجاه إسرائيل من الدعم إلى الانتقاد.
هذا هو المزاج العام البريطاني الناقم على السلوك الإسرائيلي، الذي أصبح يحاصر رئيس الوزراء البريطاني من كل مكان، وذلك بسبب مماطلته في الإعلان عن رأي المستشار القانوني للحكومة حول ما إذا كانت إسرائيل تنتهك القانون الدولي.
وتحدثت تسريبات صحفية بريطانية عدة عن أن رأي المستشار القانوني كان إقرار انتهاك الاحتلال القانون الدولي، ما يعني أن المملكة المتحدة بدورها تنتهك القانون الدولي عندما تواصل تزويد تل أبيب بالأسلحة، وهو ما يدفع سوناك لعدم نشر هذا الرأي القانوني.
الجميع غاضبكان أقوى تعبير عن الغضب البريطاني من ممارسات الاحتلال هو ما عبّرت عنه رسالة وقعها أكثر من 600 قاضٍ ومحامٍ وخبير في القانون الدولي، يطالبون فيها سوناك بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، محذرين من مغبة جر المملكة المتحدة إلى المحاكم الدولية بسبب إصرارها على تزويد الاحتلال بالأسلحة.
ونبّهت الرسالة، التي وقّع عليها قضاة سابقون في المحكمة العليا، من أن تجاهل بريطانيا لقرار المحكمة الدولية باحتمال حدوث تطهير عرقي في غزة سيضع المسؤولين البريطانيين أمام خطر الملاحقات القانونية، حتى وإن باتوا خارج مناصب المسؤولية.
وتزامنت هذه الرسالة مع استطلاع للرأي أجراه موقع "يو غوف" (You Gov) البريطاني، الذي أظهر أن 56% من البريطانيين المشاركين في الاستطلاع يؤيدون وقف تصدير بلادهم للأسلحة إلى إسرائيل، مقابل تأييد 17% لاستمرار التصدير، كما قال 59% إن إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان في غزة، مقابل رفض 12% لهذه الفكرة.
كما وجّه مسؤولون كبار في وزارة التجارة الدولية رسالة إلى مسؤوليهم الحكوميين، يعلنون فيها أنهم قد يرفضون التأشير على أي صفقات أسلحة لإسرائيل حتى يعرفوا رأي المستشار القانوني للحكومة من الأمر، مؤكدين أنهم يخشون مخالفة القانون الدولي في حال استمروا في الموافقة على عمليات إرسال الأسلحة لإسرائيل.
ورغم عدم إعلان حزب العمال المعارض موقفا صريحا يطالب فيه بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، فإنهم يطالبون بنشر رأي المستشار القانوني للحكومة في هذا الملف، والذي تتفق كل التسريبات أنه خلص لكون إسرائيل تنتهك القانون الدولي، ومن جهته أعلن عمدة لندن صادق خان (القيادي في حزب العمال) صراحة أنه يؤيد مطالب وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل.
يعد الصحفي البريطاني والمحلل السياسي بيتر أوبورن (Peter Oborne) أن حدة الغضب السياسي في بريطانيا بعد مقتل عمال الإغاثة "كسرت صمتا استمر لما يزيد عن 6 أشهر من عملية القتل المتواصلة للفلسطينيين في غزة".
وأكد الصحفي البريطاني، في حديث للجزيرة نت، "وجود مخاوف حقيقية لدى السلطات البريطانية وحكومة سوناك، التي أيدت بشكل مطلق العملية العسكرية الإسرائيلية، من تورطها بشكل قانوني وسياسي في تهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد أهالي القطاع".
واعتبر أوبورن أن الضغط بشأن وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل لا يعود لأشهر وإنما لسنوات، من قِبل جمعيات حقوقية ونواب برلمانيين، "ولكن أصواتهم لم يكن لها صدى سياسي، لكن خلال الأشهر الماضية تواجه حكومة سوناك ضغطا حقيقيا وضعها في موقف محرج، رغم قرارها مواصلة دعم الإسرائيليين".
ويرى المتحدث ذاته أنه بات واضحا للأغلبية في بريطانيا أن "هذه العملية العسكرية الإسرائيلية بدون أفق، وهي عملية عشوائية تستهدف المدنيين"، مواصلا أن "ما تقوم به إسرائيل بدأ يثقل كاهل حلفاءها، وهناك تحول ملموس حتى في تعاطي وسائل الإعلام البريطانية مع ما يجري، فوسائل الإعلام نفسها كانت متورطة في التحريض على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، لكن يبدو أن الجميع ينعرج الآن ويحاول أخذ مسافة مما يحدث".
فقدان الدعم والشرعية
يتوقع الخبير في العلاقات الدولية كريس داويل أن تشكّل حادثة مقتل 3 مواطنين بريطانيين على يد قوات الاحتلال نقطة تحول كبيرة في التعامل مع ملف تسليح إسرائيل، "رغم أن الحكومة البريطانية لا تريد فرض أي قيود على تصدير الأسلحة على إسرائيل، ولا تريد طرح هذا الملف للنقاش"، حسب وصفه.
وأكد الخبير البريطاني أن "الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للمدنيين ولعمال المنظمات الإغاثية جعل إمكانية مواصلة تسليح إسرائيل وإمدادها بالعتاد العسكري غير ممكن، دون أن يثير هذه المرة انتقادات ورفض كتلة سياسية وقانونية كبيرة، والتي بدأت ترفع صوتها رفضا لاستمرار هذا الوضع"، مضيفا أن "النقاش في بريطانيا أصبح ناقدا للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، وحتى شرعية هذه الحرب أصبحت محط تساؤل".
وعبّر داويل عن قناعته بأن "خطر اتهام الحكومة البريطانية -في حال واصلت إرسال الأسلحة لإسرائيل- بالتواطؤ قانونيا في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية سيكون نقطة تحول في العلاقات الإسرائيلية البريطانية".
وأضاف أنه "سيكون من الصعب أن تحافظ حكومة المحافظين على درجة الدعم والتأييد نفسها للإسرائيليين في عمليتهم المتواصلة ضد الفلسطينيين، خصوصا إذا أصر الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية في رفح، وما يتوقع أن يرافق ذلك من استهداف للمدنيين والبنى التحتية، ما سيجعل مواصلة تسليح إسرائيل من قِبل بريطانيا أمرا مرفوضا، وسيتصاعد الضغط بشكل أكبر على حكومة سوناك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات تصدیر الأسلحة لإسرائیل القانون الدولی فی غزة
إقرأ أيضاً:
الموقف اليمني .. موقف قانوني بنص القانون الدولي والمعاهدات الدولية
انطلاقا من موقف دولة جنوب إفريقيا في الدعوى التي قدمتها ضد الكيان المجرم أمام محكمة الجنايات الدولية الذي أثمر في 20 مايو من العام الماضي بطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكابهما جرائم حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان بحق أبناء غزة وفق ما تبين للمحكمة وثبت لها من واقع الدعوى المنظورة أمامها، وأصدرت مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت وأصبحت قراراتها ملزمة التنفيذ من قبل أي دولة من الدول الأعضاء يصل إليها المجرمان الصهيونيان حيث تصبح تلك الدولة بموجب عضويتها في الجنائية الدولية، وبموجب توقيعها على معاهدة وقف ومعاقبة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية ملزمة قانونيا وإنسانيا باعتقالهما وتسليمهما فورا إلى مقر المحكمة في لاهاي الهولندية، ومع ذلك لم تتحرك أي دولة وصل إليها المجرم نتنياهو أو غالانت لأداء هذه المسؤولية القانونية والإنسانية، ورغم أن ذلك أصبح واجبا قانونيا عليها ومسؤولية إنسانية تقع على عاتقها، وهو ما دفع دولة المجر مؤخراً إلى إعلان انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية بالتزامن مع وصول المجرم «نتن ياهو» إلى بودابست لتتنصل عن تنفيذ قرار المحكمة.
مجلس الأمن الدولي أيضا هو الآخر معنى بتنفيذ قرار الجنائية الدولية، إلا أنه لم يحرك ساكنا حتى اليوم ولم يصدر عنه حتى مجرد قرار صوري لإثبات عدم تواطؤه وتماهيه مع جرائم حرب الإبادة الصهيونية بحق الفلسطينيين.
وهنا لنا أن نتساءل ماذا لو أن الدول العربية انضمت إلى جانب دولة جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل وأعلنت مطالبتها الجادة بمعاقبة مجرمي الحرب وظلت متمسكة بموقفها بثبات حتى اليوم؟《وهذا هو أهون موقف يمكن أن تقوم به 》هل كانت تتجرأ إسرائيل على نقض اتفاق وقف الحرب مع حماس والعودة بوتيرة أشد وأطغى لارتكاب مجازر الإبادة التي تمارسها اليوم؟
وهل كانت المجر ستستقبل المجرم نتنياهو كما فعلت مؤخراً في ظل موقف عربي قوي أو تعلن انسحابها ؟
إن الإجابة عن التساؤلين السابقين تؤكد أن التخاذل والتواطئ العربي هو العامل المشجع والمحفز الأقوى للكيان الصهيوني المجرم على استمراره في ارتكاب جرائم الإبادة بحق إخواننا الفلسطينيين سعيا لتصفية القضية الفلسطينية.
وفي ظل هذا التواطؤ العربي والخذلان المقصود الذي يعد إعلان تخلٍ واضحاً عن قضية الأمة الأولى، اندفع العدو الصهيوني إلى تصعيد غير مسبوق ضد إخواننا في غزة والضفة، الأمر الذي دفع قيادتنا الشجاعة لتتحرك وتعطي ٤ أيام مهلة للكيان المجرم لفتح المعابر ووقف التصعيد، بعدها قررت استئناف التصعيد ضده لعدم فتحه المنافذ في المهلة بقرار حظر مرور السفن الإسرائيلية وباستئناف عملياتها العسكرية في استهداف العدو في الأراضي المحتلة مساندة لغزة ودفاعا عن القضية الفلسطينية ومن باب الأداء لواجبها الديني والإنساني والأخلاقي بالدرجة الأولى، وتنفيذا لما نص عليه الفقه الدولي، الذي أجاز استخدام القوة من جانب إحدى المنظمات الدولية للأمم المتحدة أو أي دولة من أجل حماية حقوق الإنسان لأي شعب أو أقلية تتعرض لجرائم الإبادة العرقية من قبل قوة متجبرة أو جيش متوحش، وهذا الموقف هو ما يجب أن تقوم به كل دول العالم ضد العدو الصهيوني طبقا لعضويتها في الجنائية الدولية وطبقا لتوقيعها على اتفاقية منع ومعاقبة مرتكب جريمة الإبادة الجماعية وميثاق روما كونهما معاهدتين دوليتين وكل الدول ملزمة باحترامهما وتنفيذهما.
وهو ما يؤكد أن موقف اليمن موقف قانوني أقره القانون الدولي وأن العدوان الأمريكي على اليمن هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وخرق للدستور الأمريكي بالاعتداء على سيادة دولة مستقلة وعلى شعبها ومن أجل ماذا؟ من أجل منعها عن القيام بمسؤوليتها الإنسانية التي أوجبها القانون الدولي والمعاهدات الدولية لحماية حقوق الإنسان ووقفها عن أداء تلك المسؤولية التي هي مسؤولية المجتمع الدولي كله، وبهدف مساندة العدو الصهيوني ودعمه في مواصلة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني جهارا نهارا أمام العالم بكل الوسائل بالنار والحصار وكأنها تريد أن تثبت للعالم أنها -أي أمريكا وإسرائيل- فوق القانون الدولي ولا قانون عليهما وكل من يعيب عليهما ذلك أو يعترض على جرائمهما وإرهابهما اتهمتاه بالإرهاب ومعاداة السامية.