موقع النيلين:
2025-02-23@02:52:06 GMT

الليبرالي المحلي: ساذج ممتلئ بالكراهية

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT


“في هذا السياق سيفشل الليبرالي عن فهم ما يحدث حقا، يحول رغائبه وانطباعاته الساذجة لقوانين وقواعد، ويظن أن الصراع هو صراع (محلي/محلي) بين المحافظين والليبراليين الإسلاميين والعلمانيين، لكن الصراع في جوهره هو صراع حول الواجب التاريخي اللازم، هل ننهض بثقافتنا وتراثنا ونُفعل ديناميكيات التطور فيهما؟ أم ننهض بالتقليد الأعمى للغرب؟ هل ذلك الطريق ممكن أصلا؟ من هنا تنشأ التصورات المتعارضة.

تكتسب هذه المرحلة التاريخية توترها في ظل شروط حداثية تشمل الجميع، ومن هنا تحديدا تنبعث فاعلية الفكر الإسلامي وحاملوه عبر الأجيال والمراحل، وهذه الفاعلية التاريخية هي المحرك العميق للمجتمع المسلم ككل، وليست لتنظيم محدد أو لتمظهر سياسي تاريخي لها.

إن سبر أغوار هذا التوتر التاريخي في شخصية الأفراد لا يكشفه علم النفس فقط، بل قد تكشفه الرواية والفن، وقد كشفته شخصية (مصطفى سعيد) في رواية الطيب صالح موسم الهجرة للشمال. شخصية مصطفى سعيد تعبر عن حقبة أقدم قليلا عما نعيشه اليوم، فإذا كان مصطفى سعيد ممتلئا بهواجس وجودية نابعة عن اللقاء والصدام بين الغرب والشرق في مرحلته المبكرة، إلا أننا نشهد مرحلة (أبناء مصطفى سعيد) أولئك الذين يتحركون من هواجس وجودية مغايرة، فالاستغراب بمعنى الانغماس في الغرب لم يعد ممكنا، بل صار مُعمما عولميا على الجميع، لكنه مصحوب كذلك بالحرمان كالثمرة المحرمة، ومن يخرجون في الشوارع اليوم هم ضحايا هذه (الثمرة المحرمة) وهم الراغبون في حياة لا تُنال، تلك الحياة التي تكون دومًا في مكان آخر هو مخيالهم عن الغرب. إن هذه الحالة كافية ليستيقظ جيل أبناء مصطفى سعيد، لا من أجل الانتقام المعذب كما فعل أبوهم بل من أجل التغيير.

رياحُ التغيير تبدأ حين يخرج جيل (أبناء مصطفى سعيد) فيجد نفسه في مدينة سودانية بائسة في العاصمة أو الولايات. يركب المواصلات شاعرا بغربة رهيبة مِن هؤلاء البشر حوله ومن مجتمعه. ابن مصطفى سعيد قد يكون (راستا مان) يحسب نفسه (فنانا معذبا) وسط عالم لا يقدر الفن، أو يحسب نفسه (ثائرا متمردا) مقابل مجتمع لا يعرف الثورة، في الحقيقة ابن مصطفى سعيد يبدأ كضحية، صورة كليشيه عن أبيه وعن عصره، ابن ستملأ روحه بداية التفاهة، ويكون عقله على درجة كبيرة من السذاجة ونفسه محطمة وشخصيته على درجة كبيرة من الهشاشة. وهذه الحالة قد يشرحها علم الاجتماع لكن مستواها الوجودي العميق يكشفه أيضا الروائي والفنان الحقيقي، لكن ابن مصطفى سعيد سيستيقظ ويدرك ويفهم واجبه وفاعليته التاريخية وسيمتلئ قلبه بروح جديدة وهذا تحديدا ما يزعج الليبرالي المحلي.
الفاعلية التاريخية لجيل (أبناء مصطفى سعيد) لها ارتباط عميق بالإسلام، وهي استجابة إيجابية للحالة الثقافية والنفسية والحضارية، هي (العودة المُظفرة للذات). وهذه العودة ستمنح الذات طموحها وأفقها وشجاعتها وتماسكها، وهي الشرط الأساس لبدء تعاطي إيجابي مع الغرب والحضارة، إن الفاعلية الإسلامية هنا انفتاح نحو أفق حضاري وتاريخي جديد وهي تعلم مستمر وتطور جدلي مع الواقع المعقد والأشد تعقيدا من البدايات. هي تطلع وتبصر وإلهام بالغد والمستقبل لكنها لن تُترجم واقعيا إلا بإكمال العلم والعمل بالإدارك العميق للواقع الملموس وبهياكل الاقتصاد والرأسمالية ومؤثرات العصر، هذه الفاعلية بنت للتاريخ وتتحرك بخط مستمر عبر الأجيال لتكشف نفسها على مستوى السودان القطر وما بعده. وإذا انحطت فهي تنحط مع المجتمع، وإذا نهضت فإنها تنهض به ومعه.

الليبرالي المحلي دوما يكتفي بالانطباعات السخيفة الفوقية من خلال فكرة خاطئة عن التغيير. السياسي العادي لا يفهم هذه الأمور أبدا، أشخاص مثل القحاتة مثلا لا يشغلون أنفسهم بهذه الأفكار والهموم أصلا، الليبرالي المحلي ساذج والسياسي العادي سلطوي محدود الأفق، وكل تلك الظواهر انعكاس لأزمة المجتمع وانحطاطه وبطريقة ما هي تجلي لحالة الهزيمة الحضارية والركود الفكري تلك التي وصفها المفكر مالك نبي وسماها القابلية للاستعمار”

هشام عثمان الشواني

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

تهريب الغاز المحلي إلى دول الجوار: تجارة غير مشروعة تفاقم معاناة المواطنين

يمانيون../
في ظل أزمة الغاز الخانقة التي تعصف بمناطق سيطرة المرتزقة، كشفت تقارير صحفية حديثة عن عمليات تهريب واسعة النطاق لمخزون الغاز الاستراتيجي المحلي إلى دول الجوار، وفي مقدمتها الصومال وجيبوتي. هذه الممارسات تزيد من تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين، الذين باتوا يعانون من شح الإمدادات وارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

بحسب المصادر الإعلامية، تتم عمليات التهريب عبر البحر إلى الأسواق الخارجية، في تجارة غير مشروعة تُدِرُّ أرباحًا هائلة للتجار والمهربين من المرتزقة، بينما يعاني المواطنون داخل البلاد من صعوبة الحصول على أسطوانة غاز واحدة إلا بأسعار باهظة تثقل كاهلهم.

طرق التهريب وآلياته
تتم عمليات التهريب عبر مسارين رئيسيين:

المسار الأول: يمتد من منطقة باب المندب إلى جيبوتي، حيث تُنقل كميات كبيرة من الغاز عبر سفن صغيرة متخصصة.
المسار الثاني: ينطلق من منطقة نشطون في محافظة المهرة باتجاه السواحل الصومالية، معتمدًا على أساليب مماثلة في نقل الشحنات المهربة.
تشير التقارير إلى أن بعض النافذين والتجار يستغلون حالة الانفلات الأمني وغياب الرقابة، مما يسمح بمرور هذه الشحنات إلى الخارج دون أدنى قيود أو إجراءات رقابية حقيقية.

انعكاسات التهريب على السوق المحلية
عمليات التهريب هذه تؤدي إلى نقص كميات الغاز المتوفرة في الأسواق المحلية، مما يساهم في ارتفاع أسعاره بشكل كبير. يجد المواطن نفسه أمام تحدٍ كبير لتأمين احتياجاته الأساسية من الغاز المنزلي، بينما يُفترض أن المخزون المهرب كان من شأنه تغطية احتياجات العديد من المحافظات اليمنية.

يرى مراقبون أن هذه العمليات تعكس حجم الفساد والانفلات الأمني في المناطق المحتلة، حيث أصبحت ساحةً مفتوحة للتهريب بجميع أنواعه، بدءًا من النفط والغاز وصولًا إلى السلع والمواد الأساسية.

الفساد والانفلات الأمني يغذيان التهريب
تعكس هذه التجارة غير المشروعة غياب سلطة القانون وضعف الإجراءات الرقابية في المناطق المحتلة. باتت هذه المناطق تُستغل كمنصات للتهريب، في وقت يعاني فيه الاقتصاد المحلي من ضغوط شديدة، ويتحمل المواطن وحده تبعات هذه الأزمة التي أرهقت كاهله.

المجتمع المحلي يطالب بوضع حد لهذا الفساد المستشري ومحاسبة المتورطين في عمليات التهريب، وإعادة توجيه المخزون الغازي لخدمة المواطن اليمني الذي يعاني من تبعات الحصار والأزمة الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • الغرب وروسيا.. إلى أين تتجه السياسة الخارجية للشرع؟
  • فرج عبدالله: تمكين القطاع الخاص لزيادة الناتج المحلي أولوية لدى الدولة
  • قصة المعلم الإسباني الذي وقع في حب السعودية .. فيديو
  • وزير الدفاع الروسي يهدد الغرب باللحظة الحاسمة للمواجهة
  • عمليات تهريب واسعة لمخزون الغاز المحلي إلى دول الجوار
  • تهريب الغاز المحلي إلى دول الجوار: تجارة غير مشروعة تفاقم معاناة المواطنين
  • دورينا يضبط إيقاعه على الثانية والنصف بـ«توقيت النخبة»
  • مجلس القطيف المحلي يستعرض إنجازات خطط "الرياضة" و"التنمية"
  • منافذ تهريب مخزون الغاز المحلي إلى دول الجوار
  • الدونية التاريخية