موقع النيلين:
2025-04-25@21:42:02 GMT

الليبرالي المحلي: ساذج ممتلئ بالكراهية

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT


“في هذا السياق سيفشل الليبرالي عن فهم ما يحدث حقا، يحول رغائبه وانطباعاته الساذجة لقوانين وقواعد، ويظن أن الصراع هو صراع (محلي/محلي) بين المحافظين والليبراليين الإسلاميين والعلمانيين، لكن الصراع في جوهره هو صراع حول الواجب التاريخي اللازم، هل ننهض بثقافتنا وتراثنا ونُفعل ديناميكيات التطور فيهما؟ أم ننهض بالتقليد الأعمى للغرب؟ هل ذلك الطريق ممكن أصلا؟ من هنا تنشأ التصورات المتعارضة.

تكتسب هذه المرحلة التاريخية توترها في ظل شروط حداثية تشمل الجميع، ومن هنا تحديدا تنبعث فاعلية الفكر الإسلامي وحاملوه عبر الأجيال والمراحل، وهذه الفاعلية التاريخية هي المحرك العميق للمجتمع المسلم ككل، وليست لتنظيم محدد أو لتمظهر سياسي تاريخي لها.

إن سبر أغوار هذا التوتر التاريخي في شخصية الأفراد لا يكشفه علم النفس فقط، بل قد تكشفه الرواية والفن، وقد كشفته شخصية (مصطفى سعيد) في رواية الطيب صالح موسم الهجرة للشمال. شخصية مصطفى سعيد تعبر عن حقبة أقدم قليلا عما نعيشه اليوم، فإذا كان مصطفى سعيد ممتلئا بهواجس وجودية نابعة عن اللقاء والصدام بين الغرب والشرق في مرحلته المبكرة، إلا أننا نشهد مرحلة (أبناء مصطفى سعيد) أولئك الذين يتحركون من هواجس وجودية مغايرة، فالاستغراب بمعنى الانغماس في الغرب لم يعد ممكنا، بل صار مُعمما عولميا على الجميع، لكنه مصحوب كذلك بالحرمان كالثمرة المحرمة، ومن يخرجون في الشوارع اليوم هم ضحايا هذه (الثمرة المحرمة) وهم الراغبون في حياة لا تُنال، تلك الحياة التي تكون دومًا في مكان آخر هو مخيالهم عن الغرب. إن هذه الحالة كافية ليستيقظ جيل أبناء مصطفى سعيد، لا من أجل الانتقام المعذب كما فعل أبوهم بل من أجل التغيير.

رياحُ التغيير تبدأ حين يخرج جيل (أبناء مصطفى سعيد) فيجد نفسه في مدينة سودانية بائسة في العاصمة أو الولايات. يركب المواصلات شاعرا بغربة رهيبة مِن هؤلاء البشر حوله ومن مجتمعه. ابن مصطفى سعيد قد يكون (راستا مان) يحسب نفسه (فنانا معذبا) وسط عالم لا يقدر الفن، أو يحسب نفسه (ثائرا متمردا) مقابل مجتمع لا يعرف الثورة، في الحقيقة ابن مصطفى سعيد يبدأ كضحية، صورة كليشيه عن أبيه وعن عصره، ابن ستملأ روحه بداية التفاهة، ويكون عقله على درجة كبيرة من السذاجة ونفسه محطمة وشخصيته على درجة كبيرة من الهشاشة. وهذه الحالة قد يشرحها علم الاجتماع لكن مستواها الوجودي العميق يكشفه أيضا الروائي والفنان الحقيقي، لكن ابن مصطفى سعيد سيستيقظ ويدرك ويفهم واجبه وفاعليته التاريخية وسيمتلئ قلبه بروح جديدة وهذا تحديدا ما يزعج الليبرالي المحلي.
الفاعلية التاريخية لجيل (أبناء مصطفى سعيد) لها ارتباط عميق بالإسلام، وهي استجابة إيجابية للحالة الثقافية والنفسية والحضارية، هي (العودة المُظفرة للذات). وهذه العودة ستمنح الذات طموحها وأفقها وشجاعتها وتماسكها، وهي الشرط الأساس لبدء تعاطي إيجابي مع الغرب والحضارة، إن الفاعلية الإسلامية هنا انفتاح نحو أفق حضاري وتاريخي جديد وهي تعلم مستمر وتطور جدلي مع الواقع المعقد والأشد تعقيدا من البدايات. هي تطلع وتبصر وإلهام بالغد والمستقبل لكنها لن تُترجم واقعيا إلا بإكمال العلم والعمل بالإدارك العميق للواقع الملموس وبهياكل الاقتصاد والرأسمالية ومؤثرات العصر، هذه الفاعلية بنت للتاريخ وتتحرك بخط مستمر عبر الأجيال لتكشف نفسها على مستوى السودان القطر وما بعده. وإذا انحطت فهي تنحط مع المجتمع، وإذا نهضت فإنها تنهض به ومعه.

الليبرالي المحلي دوما يكتفي بالانطباعات السخيفة الفوقية من خلال فكرة خاطئة عن التغيير. السياسي العادي لا يفهم هذه الأمور أبدا، أشخاص مثل القحاتة مثلا لا يشغلون أنفسهم بهذه الأفكار والهموم أصلا، الليبرالي المحلي ساذج والسياسي العادي سلطوي محدود الأفق، وكل تلك الظواهر انعكاس لأزمة المجتمع وانحطاطه وبطريقة ما هي تجلي لحالة الهزيمة الحضارية والركود الفكري تلك التي وصفها المفكر مالك نبي وسماها القابلية للاستعمار”

هشام عثمان الشواني

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

اعتداء جديد يطال موقعاً أثرياً شرق مدينة ظفار التاريخية في إب

تعرض موقع أثري شرق مدينة ظفار التاريخية بمحافظة إب (وسط اليمن)، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، لاعتداء من قبل مجهولين، في ظل تصاعد وتيرة العبث والنهب الذي يستهدف المواقع التاريخية في المحافظة خلال السنوات الأخيرة.

وذكرت مصادر محلية أن مجهولين نفذوا عمليات حفر في محيط مبنى أثري شُيّد من الحجر ويضم نقوشاً تاريخية نادرة، وذلك في منطقة "ذي الصولع" بعزلة كحلان، مديرية الرضمة شمال شرق المحافظة.

ويحتوي الموقع، وفقاً للمصادر، على نقش مسندي شهير يُعرف بـ"نقش عمدن بين يهقبض"، والذي يُنسب لملك سبأ وذو ريدان، ويُعد من الشواهد الأثرية المهمة المرتبطة بتاريخ مملكة حِمْيَر، ويقع شرق مدينة ظفار، العاصمة التاريخية للمملكة.

وتشهد محافظة إب، ولا سيما منطقتي ظفار والعود، موجة اعتداءات ممنهجة على مواقعها الأثرية، في ظل اتهامات متكررة لعصابات يشتبه بارتباطها بقيادات في جماعة الحوثي، تتورط في الاتجار غير المشروع بالآثار اليمنية وتهريبها إلى الخارج.

مقالات مشابهة

  • أمير هشام : خروج الأهلي سيناريو باين من بدري بسبب مدرب ساذج
  • مصطفى بكري يشارك في مصالحة بين أبناء العمومة بقرية القلعة ويعقد جلسات استماع لاحتواء الأزمة في قنا
  • قبل الجنازة التاريخية.. هل يشارك البابا تواضروس في جنازة البابا فرنسيس؟
  • سعيد يوسف : ليت البخت لو مرة مال أسوأ أغنية لعايض.. فيديو
  • داعيا إلى الاصطفاف خلف القائد.. «مصطفى بكري» يكشف أبعاد المؤامرة على مصر
  • القبض على لص سرق محلا ببور سعيد
  • دير البلح - استشهاد الصحفي سعيد أبو حسنين وزوجته وطفلته
  • الغارديان: قيس سعيد يقوض إنجازات الديمقراطية التونسية بمساعدة من الغرب
  • اعتداء جديد يطال موقعاً أثرياً شرق مدينة ظفار التاريخية في إب
  • الذهب يخسر 209 دولارات منذ تسجيل قمته التاريخية