هل تستطيع جيوش أوروبا ضمان أمنها بعيدا عن الناتو وأميركا؟
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
باريس- لم تغِب فكرة إنشاء جيش أوروبي أو "خطة بليفين" منذ اقتراحها لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي من قبل رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك رينيه بليفين، لكن هذا المشروع لم يكتمل بسبب رفض الجمعية الوطنية الفرنسية التصديق عليه.
وبعد أكثر من نصف قرن، سقطت الدول الأوروبية في حالة من الرضا عن النفس والكسل العسكري بعد الحرب الباردة، معتبرة أنه إذا تعرضت لأي هجوم ستهرع الولايات المتحدة لمساعدتها.
لكن تهديد الرئيس الأميركي السابق والمرشح الأوفر حظا بالفوز، دونالد ترامب، بعدم الدفاع عن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال رئاسته إذا تقاعست الدول الأعضاء عن الوفاء بالتزاماتها المالية، أرغم الأوروبيين على البحث عن أجوبة لتساؤلات عديدة، من أهمها هل الجيوش الأوروبية مستعدة وقادرة على الدفاع عن نفسها وبمفردها؟
وبعد سنوات من التراخي في الإنفاق الدفاعي، أتى نداء استيقاظ مفاجئ من روسيا في حرب لا تزال تدور رحاها حتى اليوم في أوكرانيا، ومهدت الطريق أمام واقع جديد تواجهه القارة الأوروبية، أوروبا لم تعد آمنة.
وتقول مسؤولة أبحاث السياسة الخارجية والأمن والدفاع في مركز "ويلفريد مارتنز" للدراسات الأوروبية، إيونيلا ماريا سيولان، إنه على مدى العقود الثلاثة الماضية سادت عقلية "جزيرة السلام" في أوروبا حيث لا توجد تهديدات تقليدية خطيرة لأمنها.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن الحرب الأوكرانية أثبتت أهمية الصناعة الدفاعية والإنتاج السريع للأسلحة المطلوبة بشدة في ساحة المعركة مثل الذخيرة، "إلا أن الصناعة الأوروبية في هذا المجال متخلفة عن الركب. وبالإضافة إلى بطء وتيرة المشتريات الدفاعية، لا تزال هناك فجوات في القدرات الإستراتيجية (النقل الجوي، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والاتصالات والتنسيق)".
ومن الناحية النظرية، تبدو فكرة توحيد القوى جذابة، إذ سيسهم وجود مؤسسة عسكرية مشتركة في خلق اقتصادات ضخمة ويزيل أوجه القصور البيروقراطية، فضلا عن فرض نوع من المصداقية في الردع والفعالية في ساحة المعركة.
لكن مدير مركز دراسات السياسة الأوروبية "سي إي بي إس" (CEPS) دانييل غروس يقرأ المشهد بشكل مغاير، إذ يعتبر أن حلف شمال الأطلسي كان لا يتعدى كونه "منظمة بالية" وعفا عليها الزمن، لأن الاختلافات بين أعضائه اقتصرت على الإجراءات والسياسات المشتركة قبل أن تأتي الحرب الأوكرانية، وتنفض الغبار عنه أخيرا ليقوم بدوره الدفاعي الأساسي.
وحول الخلافات بين بعض الدول الأوروبية، أكد غروس للجزيرة نت أن هذا الأمر لم يضعف اتحادها حتى الآن، ولم يبعدها عن الخطة والمسار المشترك لتقديم الدعم لكييف، لافتا إلى أن "التهديد الروسي مشكلة عسكرية، ولن يتم التغلب عليها سياسيا".
معادلة مستحيلة
وفي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن الإنفاق العسكري لدول الناتو، أوضحت المسؤولة في المركز البلجيكي أن الناتج المحلي الإجمالي للدول الأوروبية في الحلف يكاد يعادل مجتمعا الولايات المتحدة، وأنه للدفاع عن القارة الأوروبية في هذا العالم غير الآمن، سيتعين على القيادة السياسية استثمار أكثر من 2% للدفاع.
وشددت سيولان على أن وصف الجيوش الأوروبية بأنها "بدون قيمة" في غياب الناتو يبالغ في تبسيط المشهد المعقد للأمن الأوروبي، لأن الحلف يشكل عنصرا حيويا في البنية الأمنية الأوروبية، ولا شك في أن غيابه سيخلف تأثيرا كبيرا على الدفاع والأمن الأوروبيين"، مشيرة إلى أن تعزيز الردع الأوروبي سيعزز بدوره الركيزة الأوروبية للحلف ضد أي هجوم روسي محتمل، خاصة وأن 23 عضوا (من أصل 32) من الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لمؤشر "باور إندكس"، تمتلك روسيا أقوى الجيوش في أوروبا في تصنيف عام 2023، تليها المملكة المتحدة كثاني أقوى جيش أوروبي، ثم فرنسا وإيطاليا.
من جانبه، يرى مدير مركز دراسات السياسة الأوروبية أن الاعتماد على الولايات المتحدة في مسائل الدفاع يمثل الحمض النووي لأوروبا "لأن هذه القارة لم تولد للدفاع عن نفسها، بل لمنع الحرب بين دولها وحل النزاعات بين حكوماتها".
وتابع "يمكن للدول الأوروبية ضمان أمنها في حالة واحدة فقط، وهي عندما تصبح وحيدة وبدون مساعدة طوال 4 سنوات من رئاسة ترامب لأن ذلك سيمنحها الوقت الكافي لبناء دفاع أوروبي موثوق".
وبعد أن كان الاهتمام العالمي منصبا على تفاصيل عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس ضد إسرائيل وتبعاتها، عادت الحرب الأوكرانية مرة أخرى إلى الواجهة.
ويقرأ غروس، الذي شغل منصب المستشار الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، هذا التحول بفهم القادة الأوروبيين أن فوز كييف سيحدد مستقبل القارة بأكملها لأن "أمن أوروبا مرهون بأمن أوكرانيا". كما وصف ما يحدث في الشرق الأوسط بـ"الدراما الإنسانية والسياسية" التي لم تلعب فيها أوروبا إلا دورا ثانويا وبتأثير ضئيل جدا، في إشارة واضحة إلى مدى أهمية أوكرانيا بالنسبة لها، على حد قوله.
وفي هذا السياق، تقول المسؤولة في مركز "ويلفريد مارتنز" للدراسات الأوروبية "يجب اليوم تجهيز أنفسنا لعصر تسوده المنافسة الجيوسياسية الشرسة"، مؤكدة أن روسيا "تشكل التهديد الرئيسي لأمن القارة الأوروبية (ليس فقط على جناحها الشرقي في أوكرانيا، بل في جوارها الجنوبي، وفي منطقة القطب الشمالي أيضا)، فضلا عن إمكانية تشكيل التعاون الروسي الصيني المتنامي المخاطر على أسلوب الحياة الأوروبي".
ويبدو جليا أن الانتخابات الأميركية المقبلة تشغل الرأي العام الغربي بشكل متزايد، لأنها ستكون حاسمة في الحفاظ على تمسك الغرب ووحدته في دعم أوكرانيا وسيجعل فعالية الجيوش الأوروبية أمام امتحان صعب.
ولهذا تعتبر سيولان أن "العقلية الأوروبية التقليدية التي تزعم أن الولايات المتحدة توفر المظلة الأمنية للقارة لم تعد تشكل أي ضمانة، وحتى في أفضل السيناريوهات، فلا يمكن لواشنطن أن تكون حامية العالم بأسره نظرا للمشهد الجيوسياسي: الحرب في الشرق الأوسط، وتصاعد التوترات بين البيت الأبيض وطهران، والضغوط المتزايدة على ضفتي الأطلسي بين الصين وتايوان".
وبالتالي، أصبحت مساهمة الأوروبيين بالمزيد من الموارد لتعزيز جيوشهم وقدراتهم الأمنية والدفاعية أمرا بالغ الأهمية، فضلا عن التفكير بجدية في تطوير سياسة دفاعية قوية للاتحاد الأوروبي قادرة على تعزيز الركيزة الأوروبية التي يقوم عليها حلف شمال الأطلسي، وفق المتحدثة.
أما بالنسبة للمراقب الألماني غروس، فيجد أن بناء الدول الأوروبية لدفاعاتها الخاصة بعيدا عن أميركا لن يتم إلا إذا تولى ترامب الرئاسة مجددا وأجبرهم على ذلك، مضيفا "أنا مقتنع تماما بأنه إذا تعرضت ألمانيا للهجوم، فلن تحرك الولايات المتحدة ساكنا في عهده".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الولایات المتحدة الحرب الأوکرانیة الأوروبیة فی
إقرأ أيضاً:
أوروبا ومخاطر الحرب المستعرة ضد المهاجرين
غداة انتخابه مستشارا لألمانيا، اعترف فريديريش ميرتس، في كلمته أمام البرلمان الألماني "البوندستاغ"، بأن بلاده لن يمكنها الصمود ليوم واحد في غياب المهاجرين الذين يعود لهم الفضل في تماسك المؤسسات الاقتصادية والصحية. لكنه تراجع خطوة إلى الوراء عقب مفاوضات تكوين الائتلاف الحكومي وتبنى مع حلفائه حزمة من القيود ضد المهاجرين وطالبي اللجوء.
وعلى مدى الأشهر الأولى لعام 2025 انتشرت حمى سياسات الترحيل، سواء في ألمانيا أو إيطاليا وفرنسا، وحتى دول العبور -التي تمثل الوجهة الأولى لحركة الهجرة في البحر المتوسط- لم تتخلف بدورها عن ركب الحملة المضادة للهجرة.
وفي شمال أفريقيا التي ينظَر لها كحدود متقدمة للاتحاد الأوروبي، تقوم السلطات الأمنية في ليبيا وتونس والجزائر بردّ المهاجرين على أعقابهم وسط البحر المتوسط حتى لا يصلوا إلى الحدود الأوروبية، وهو الطريق المصنف كأخطر مسار بحري على حياة المهاجرين.
وفي مشاهد يومية متكررة، يواصل خفر السواحل الليبي منع إبحار قوارب المهاجرين، وسط شكاوى حقوقية دولية من عمليات اختطاف منظمة لمهاجرين كرهائن.
وتشن تونس حملة أمنية لتفكيك خيام عشوائية تؤوي أكثر من 10 آلاف مهاجر في المناطق الريفية المحيطة بصفاقس على الساحل الشرقي، بينما رحّلت الجزائر في أبريل/نيسان وحده قرابة 5 آلاف مهاجر عبر الصحراء الى الحدود مع النيجر.
يشير آخر تحديث لبيانات منصة برنامج "مهاجرون مفقودون"، التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، إلى وفاة وفقدان 490 مهاجرا في البحر الأبيض المتوسط العام الجاري حتى يوم 26 أبريل/نيسان، من بينهم 307 ضحايا في وسط البحر المتوسط.
إعلانلا تتوقف المأساة عند موت ضحايا "الحدود القاتلة"، على حد وصف المنظمات المدافعة عن حرية التنقل في حوض المتوسط، بل تشمل أيضا من قضوا سنوات طويلة من حياتهم داخل الاتحاد الأوروبي.
وقد حصلت الجزيرة نت على شهادات لمرحّلين من مركز "تراباني" جنوب إيطاليا توثق عمليات تعذيب ممنهجة، وجاء في شهادة المرحل التونسي وِسام، بعد إقامة استمرت لنحو 15 عاما، أن المرحلين المستعصين يخضعون إلى التخدير لتسهل السيطرة عليهم بجانب الضرب والرش بالمياه في مركز الترحيل، الذي شهد محاولات انتحار لموقوفين احتجاجا على قرارات الترحيل.
لا يخفي وسام -الذي ترك ابنة له في إيطاليا- صدمته مما شاهده من ممارسات في مركز "تراباني"، ومع ذلك، يعيش في تونس حالة إحباط شديدة حيث سيضطر للبدء من الصفر.
وعلى العكس من ذلك، اختار الشاب نبيل ترول، الذي التقته الجزيرة نت بضواحي العاصمة تونس، مسارا قضائيا لطلب العودة إلى ألمانيا بعد ترحيله رغم زواجه من ألمانية وإنجابه لطفلين.
ويشير العضو في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والخبير في قضايا الهجرة، رمضان بن عمر، للجزيرة نت إلى أن الاتحاد الأوروبي يتّبع سياسات تصدير الحدود وإعادة القبول كحل للتخلص من مهاجرين قضوا سنوات طويلة من حياتهم في فضاء "شنغن"، دون الاكتراث بالتداعيات غير الإنسانية.
ويضيف بن عمر أن المرحلين يفتقدون دائما إلى الدعم القانوني الكافي الذي يسمح لهم بالطعن في قرارات الترحيل.
ووفق بيانات نشرها البرلمان الألماني (بوندستاغ)، رحّلت ألمانيا منذ عام 2018 أكثر من 1780 مهاجرا تونسيا عبر 74 رحلة. وهذا العام تنطلق رحلة منتظمة كل شهر من المطارات الألمانية نحو تونس تقل ما بين 20 و30 مهاجرا، وينسحب الأمر نفسه على دول أخرى مثل العراق وأفغانستان.
وقد بلغ إجمالي من تم ترحيلهم من ألمانيا في عام 2024 أكثر من 20 ألفا، مقابل ما يفوق 21 ألفا تم ترحيلهم من فرنسا، ما يمثل زيادة بنسبة 27% عن العام الذي سبقه، وفقا لبوندستاغ.
إعلان كلفة الأبواب المغلقةتقع دول الاتحاد الأوروبي تحت ضغط معالجة مشكلة الشيخوخة الديمغرافية ونقص العمالة الهيكلية، لكن هذه الضغوط تصطدم بأولوية السيطرة على تدفقات الهجرة غير النظامية التي تسهر على تنفيذها الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) منذ عام 2004 تحت ضغط قطاعات من الرأي العام ومن اليمين المتطرف، الذي يعتبر الهجرة تهديدا لمجتمعه وما تبقى من إنجازات دولة الرفاهية.
لكن سياسة الأبواب المغلقة كانت لها كلفة مباشرة، ففي عام 2024 أحصى الاتحاد الأوروبي نقصا في العمالة في نحو 40 مهنة، مشيرا إلى نقصٍ كذلك يناهز الثلثين لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة.
مع ذلك، غض قادة دول التكتل الطرف عن تلك البيانات وفضّلوا ركوب الموجة وفرض المزيد من القيود على حركة الهجرة، في ذروة تفشي خطاب اليمين المتطرف الذي رافق الانتخابات البرلمانية الأوروبية.
وترجع الخبيرة في قضايا الهجرة بمجلس العلاقات الخارجية التابع للاتحاد الأوروبي، كيلي بيتيليو، أسباب هذه الموجة المتزامنة إلى خلفيات سياسية ترتبط أساسا بصعود اليمين المتطرف في أرجاء أوروبا.
وتوضح بيتيليو ذلك في حديثها للجزيرة نت قائلة إن "الحكومات تحاول مواجهة اهتمام الناخبين المتزايد بأجندات هذه الأحزاب، بإعلان مواقف أكثر صرامة تجاه أزمة الهجرة، وإظهار قدرتها على التشدد في التعامل مع هذا الملف بهدف طمأنة الناخبين".
وتتابع كيلي بيتيليو في تعليقها للجزيرة نت: "حاولتْ دول الاتحاد الأوروبي معالجة هذا الأمر من خلال قمع هؤلاء الأشخاص وإظهار قدرتها على ترتيب أمورها الداخلية. لكن من جهة أخرى، هذه السياسة -أي حملات الترحيل- لا يمكن اعتبارها إستراتيجية إزاء معالجة نقص العمالة الموجود بالفعل في العديد من الدول الأوروبية".
تحولات ديمغرافية في الأفقفي الأثناء، أقرت الحكومة اليمينية في إيطاليا -الدولة الأوروبية الأكثر عرضة لتدفقات الهجرة عبر البحر المتوسط- بحاجة البلاد إلى قرابة 833 ألف عامل بين عامي 2023 و2025، لسد النقص في 37 مهنة من بينها بشكل خاص قطاعات الصحة والتمريض والرعاية الصحية.
إعلانكما تشير تقديرات صادرة عن "المعهد الألماني للتنمية والاستدامة"، إلى حاجة إيطاليا لـ280 ألف عامل أجنبي سنويا حتى عام 2050 لتلبية النقص في العمالة في قطاعات الزراعة والسياحة بجانب الرعاية الصحية.
أما بالنسبة لألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، فالوضع أكثر تعقيدا، حيث ذكرت الوكالة الاتحادية للعمل، أن البلاد بحاجة لنحو 400 ألف مهاجر سنويا في ظل المخاطر المتزايدة للانكماش السكاني.
وتوقعت دائرة الإحصاء المركزية الألمانية تراجع عدد سكان ألمانيا إلى أقل من 70 مليون نسمة عام 2060 إذا ما استمر التراجع الحاد لأعداد المواليد مقابل الزيادة الملحوظة للوفيات.
ويترافق ذلك مع تقديرات بتراجع أعداد السكان من الفئة العمرية بين 20 و64 عاما، التي تمثل الفئة القادرة على العمل، من حوالي 50 مليون نسمة حاليا إلى ما بين 34 مليون نسمة و38 مليون نسمة.
ويعتقد مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في نيويورك، بار ليليرت، في تعليقه على نتائج تقرير صندوق النقد الدولي لـ"آفاق الاقتصاد العالمي عام 2025" أنه يتعين على الحكومات الراغبة في وضع سياسات هجرة فعالة أن تراعي الروابط بين التنقل والتنمية، محذرا من التحولات الديموغرافية الجذرية المتوقعة في العقود المقبلة، والتي قال إنها ستتطلب إستراتيجيات استباقية لسوق العمل.
ووفق الخبير، ستستحوذ 26 دولة فقط معظمها في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، خلال العقود القادمة، على نحو 90% من النمو السكاني في العالم، بينما ستشهد 76 دولة، من بينها أغلب الدول الأوروبية، انخفاضا في عدد السكان.
الهجرة حل وليست مشكلةعلى عكس السياسات الأوروبية المضيّقة على حركة الهجرة، تعرّف منظمة الأمم المتحدة الهجرة كجزء من الحل عندما يتعلق الأمر بتعزيز نتائج التنمية المستدامة للجميع، وهي ترى ارتباطا وثيقا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 بحركة الهجرة في العالم اعتمادا على عدة اعتبارات وحقائق موضوعية من بينها:
إعلان أن المهاجرين يتكيفون مع أسواق العمل المتغيرة وطرق العمل الجديدة. وينعكس ذلك إيجابيا على الاتجاهات الديموغرافية داخل المناطق وعبرها. أن مسارات الهجرة المنتظمة التي تتم إدارتها بشكل جيد من شأنها أن تزيد من التمويلات الموجهة للتنمية من خلال التحويلات المالية ورأس مال الشتات. أن إعادة التوطين ولم الشمل والنقل تؤدي إلى نتائج إيجابية للأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية.بحسب آخر تحديث لبيانات المنظمة الدولية للهجرة صدر في شهر مارس/آذار، يبلغ تعداد المهاجرين في العالم 304 ملايين يلعبون دورا محوريا في تعزيز اقتصادات دول المقصد. في المقابل، يكشف الوجه القاتم لحركة الهجرة عن وفاة وفقدان أثر 8.7 ملايين شخص عبر مسارات الهجرة الدولية بسبب ما يعرف بـ"الحدود القاتلة".
ويوضح تقرير صندوق النقد الدولي في فصله الثالث، حول الآثار العالمية لسياسات الهجرة واللاجئين، كيف يمكن للتنقلات السكانية، عند إدارتها بشكل جيد، أن تعزز الاقتصادات وتدعم المجتمعات المضيفة.
وأكدت سيفانكا دانابالا، مديرة مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في نيويورك، هذا المنحى عند تقديمها نتائج التقرير في منتصف أبريل/نيسان. وترى دانابالا أنه مع وضع السياسات المناسبة، يمكن للاجئين، في الواقع، المساهمة في الاقتصاد عبر تعزيز سوق العمل وزيادة الإيرادات الضريبية وبالتالي دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ويشير التقرير في استنتاجاته إلى أنه في حين قد تواجه دول المقصد ضغوطا قصيرة الأجل على الخدمات العامة، فإن المكاسب طويلة الأجل -التي تشمل توسيع سوق العمل وزيادة الإيرادات الضريبية- يمكن أن تفوق بكثير التكاليف الأولية إذا ما تمت إدارة السياسات بفعالية.