منير أديب يكتب: ماذا بعد مقتل الرجل الثاني في هيئة تحرير الشام؟
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
لا شك أنّ مقتل ميسر بن علي عبد الله الجبوري والملقب بأبو ماريا القحطاني، سوف ينعكس على وضع هيئة تحرير الشام العسكري، والتي تُسيطر على محافظة إدلب السورية، فضلًا على أنها تقود المشهد الجهادي الحالي في سوريا، بعد سقوط داعش في العام 2019.
هناك أزمات داخل هيئة تحرير الشام وانقسامات ربما تُهدد بقاء الهيئة أو على الأقل تُوثر على وجودها العسكري؛ وهو ما دفع أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، لإلقاء القبض على الرجل الثاني في الهيئة وأحد أهم المقربين له والمرشح لخلافته، أبو ماريا القحطاني، والذي بقى في السجن مدة 7 أشهر ولم يخرج منه إلا قبل 28 يوما من مقتله.
التهمة التي وجهت إلى القحطاني هي العمالة للخارج أو التعاون مع التحالف الدولي؛ هذه التهمة قد تكون تهمة فضفاضة ولكن تم تبرئة الرجل أو خرج بضغوط من سجنه، بعد أنّ نظمت عددًا من المظاهرات التي طالبت بالإفراج عنه، خرج الرجل بدعوى ثبوت براءته من التهمة ولكن تم التخلص منه قبل أقل من شهر على خروجه من السجن.
فهناك احتمالات أنه قتل من قبل رجال أبو محمد الجولاني بتهمة الخيانة، خاصة وأنّ الرجل يُزاحم الجولاني ويُنافسه على حكم المحافظة السورية وقيادة المجموعات الجهادية فيها، فضلًا عن شعبيته الجارفة، وهو ما أزعج الجولاني، وقد يكون الدافع وراء مقتله، لو ثبت ذلك.
السيناريو الثاني، أنّ تكون داعش هي مَن قتلته، وبظل احتمالًا ضعيفًا، فالتنظيم لم يُعلن مسؤوليته حتى كتابة هذه السطور، بما يُعني أنه لم يكن المدبر لهذه العملية، وهناك احتمال آخر، أنّ تكون داعش هي مَن نفذت العملية ولكن ترفض إعلان المسؤولية حتى يظل الجولاني متهمًا بمقتله، فيُعزز ذلك فرص الانقسام داخل الهيئة.
لا يوجد مستقبل لهيئة تحرير الشام ولا لتنظيم داعش داخل إدلب والمناطق المحيطة بها، صحيح هذه التنظيمات يتم دعمها دوليًا، وهناك مصالح سياسية تدفع دول بعينها لدعم هذه المجموعات المتطرفة، لكن الظروف السياسية تتغير وتتبدل، وهو ما يُوثر على قوة الهيئة والتنظيمات التي تنطوي تحت لوائها.
سقطت داعش في العام 2019 كما أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 22 مارس من هذا العام، ولكن هذا السقوط كان يُعني هزيمة محدودة للتنظيم أو لعلها هزيمة التنظيم على الأرض، بينما التنظيم ما زال يُحلق بخلاياه في بقعة جغرافية أكبر مما كان يُقيم دولته فيها في العام 2014، وهنا يبدو تقصير المجتمع الدولي.
من الأخطاء الشنيعة التي وقع فيها المجتمع الدولي وتحديدًا واشنطن أنها أنشأت تحالفًا دوليًا في العام 2014، كانت مهمته القضاء على داعش في الرقة والموصل، وهذا التحالف لم يكن معنيًا بالقضاء على باقي التنظيمات المتطرفة في باقي المحافظات السورية أو العرقية، والإعلان عن سقوط داعش قبل 5 سنوات كان بمثابة نجاح للتحالف، أو إنّ شئنا أنّ نقول إنه بمثابة تحقيق الهدف المنشود والمرتبط بالقضاء على داعش وليس هيئة تحرير الشام ولا باقي المجموعات المتطرفة.
تم القضاء على داعش جزئيًا بينما بقت جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام؛ وهذه مفارقة عجيبة تتعلق بازدواجية المواجهة التي تتبناها واشنطن، وبالتالي هذا الوضع يُسهم في انتشار جماعات العنف والتطرف؛ فهذه التنظيمات لا بد أن يتم مواجهتها بشكل منظم واستراتيجي، صحيح قد يكون بينها خلافات وصراع ومنافسة، ولكنها تدعم بعضها البعض لتحقيق مشروعها في السيطرة والتمكين.
وضع هيئة تحرير الشام الداخلي قد يصب في صالح تنظيم داعش، فالهيئة المنافس الوحيد والشرس لتنظيم داعش في سوريا، ولذلك أي ضعف يمر به التنظيم قد يصب في خانة داعش، إن لم تكن هناك خطة مواجهة منظمة ومدروسة، وهو يُوكد ما ذهبنا إليه من أن هذه التنظيمات متصلة في مصالحها ومواجهتها لا بد أن يكون وفق استراتيجية شاملة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني جبهة النصرة داعش سوريا هیئة تحریر الشام فی العام داعش فی
إقرأ أيضاً:
لوموند: معارك طاحنة على الحدود اللبنانية السورية بسبب معابر التهريب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تشهد الأسابيع الأخيرة تصعيدًا حادًا في الاشتباكات بين حزب الله وهيئة تحرير الشام، للسيطرة على ستة معابر غير شرعية بين سوريا ولبنان. تُستخدم هذه المعابر بشكل رئيسي لتهريب الوقود والسلع الأساسية والأسلحة، مما يجعلها نقطة صراع استراتيجي رئيسية بين الفصيلين.
وبحسب صحيفة “لو موند” الفرنسية، فإن المعابر الستة المتنازع عليها ليست نقاط حدودية رسمية، بل هي طرق تهريب غير قانونية تمتد عبر الجبال الوعرة بين لبنان وسوريا. تُعد هذه المعابر بمثابة خطوط إمداد حيوية لكلا الطرفين.
وبالنسبة لحزب الله، فإنه هذه المعابر كان يستخدمها لنقل الأسلحة والذخيرة، وكانت نقطة دخول لدعم نظام الأسد، أما بالنسبة لهيئة تحرير الشام، فكانت تعتمد عليها في تهريب الوقود والسلع الأساسية إلى مناطقها في شمال سوريا، التي كانت تعاني من نقص حاد بسبب الحصار والعقوبات.
وبحسب تقارير محلية، فقد شهدت الأيام القليلة الماضية معارك ضارية بين مقاتلي حزب الله ومسلحي هيئة تحرير الشام، ولا سيما في التضاريس الجبلية التي تجعل الصراع أطول أمدًا وأكثر صعوبة. وتشير المصادر إلى أن هيئة تحرير الشام تحاول استعادة السيطرة على العديد من المعابر التي خسرتها لصالح حزب الله في السنوات الأخيرة.
ووفقا للصحيفة الفرنسية، فإن القتال من أجل السيطرة على هذه المعابر غير الشرعية يتجاوز النزاع المحلي، ويحمل عواقب أوسع كبيرة، بما في ذلك، زيادة التوترات بين لبنان وسوريا، حيث أن استمرار الاشتباكات قد يؤدي إلى جر فصائل أخرى من داخل لبنان.
إلى جانب ذلك، فإن القتال يفاقم الأزمة الإنسانية في شمال سوريا، حيث تعتمد العديد من المناطق على هذه الطرق غير الرسمية للحصول على الإمدادات الأساسية، كما يثير مخاوف دولية بشأن استخدام هذه المعابر لتهريب الأسلحة والمقاتلين، مما قد يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
وتسألت الصحيفة، هل ستستمر الاشتباكات حتى يضمن أحد الطرفين السيطرة الكاملة؟ أم أن الضغط الإقليمي والدولي سيدفع نحو حل لمنع المزيد من التصعيد؟
واختتمت الصحيفة بالقول إنه في الوقت الحالي، لا تظهر المعركة على المعابر الستة غير الشرعية أي بوادر لانحسار، حيث يعتبرها كلا الفصيلين بمثابة أصول استراتيجية حيوية لقوتهما العسكرية والاقتصادية. ويشير الصراع المستمر إلى احتمال وقوع المزيد من المواجهات في المستقبل القريب.