عربي21:
2025-02-23@15:07:25 GMT

إيران ومأزق الرد على إسرائيل

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

لا يخرج اغتيال لضباط إيرانيين بينهم قياديين اثنين من الحرس الثوري (محمد رضا زاهدي، محمد هادي حاجي رحيمي) وخمسة ضباط مرافقين، عن سياق العمليات العسكرية التي اعتمدتها إسرائيل في استهداف شخصيات إيرانية أمنية وعسكرية، خصوصا في الأراضي السورية (أواخر 2023، اغتالت إسرائيل القيادي في "فيلق القدس" رضي موسوي ونحو عشرة ضباط إيرانيين في سورية).



وبهذا المعنى، لا يمكن النظر إلى العملية العسكرية الإسرائيلية التي وقعت في الأول من إبريل الجاري بدمشق، على أنها تطورا نوعيا ضمن سيرورة الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية غير المباشرة، فقد اغتالت إسرائيل شخصيات قيادية إيرانية عديدة، وكان على رأسها قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" الذراع العسكري لـ "الحرس الجمهوري الإيراني".

لكن إذا نظرنا إلى المكان المستهدف، فإن زاوية النظر تختلف جذريا، ذلك أن إسرائيل لأول مرة منذ بدئها عملية "المعركة بين الحروب" تستهدف مقرا إيرانيا دبلوماسيا رسميا (مقر القنصلية الإيرانية ومنزل السفير الإيراني في حي المزة بدمشق).

صحيح أن إسرائيل نفذت عمليات عسكرية وأمنية داخل الأراضي الإيرانية (استهداف منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم عام 2021، الهجوم على شبكة نقل الغاز الإيرانية عام 2021)، لكنها لم تعترف أنها هي التي قامت بها.

من المبكر الإجابة عن سؤال ما إذا كانت العملية تشكل تغيرا في الاستراتيجية الإسرائيلية، بحيث تصبح الأماكن الدبلوماسية هدفا إلى جانب المقرات الأمنية والعسكرية؟

الإجابة على هذا السؤال الرئيس مرتبطة بالإجابة على أسئلة أخرى، تبدو في الظاهر هينة، لكن في جوهرها صعبة جدا: أليس في مقدور إسرائيل انتظار الضباط الإيرانيين الخروج من مبنى القنصلية ومنزل السفير كي تنفذ عملية الاغتيال؟ أما أن ضيق الأبنية فيما بينها واكتظاظ الشوارع بالمدنيين يصعب تنفيذ مثل هكذا عملية خارج المبنى المستهدف؟ هل استغلت إسرائيل تجمع هذا العدد الكبير من الضباط الإيرانيين في مبنى واحد وإن كان دبلوماسيا، وتبريرها فذ لك أن المقر الدبلوماسي أصبح مكانا للخطط العسكرية والأمنية، وبالتالي يندرج ضمن المجالين الأخيرين؟ أم أن إسرائيل استغلت حالة "الصبر الاستراتيجي" التي تتبعها إيران منذ السابع من أكتوبر الماضي، للحيلولة دون وقوع حرب إقليمية تكون لبنان ساحتها الرئيسية؟ وأخيرا، هل كان استهداف المقر الدبلوماسي مقصود من قبل إسرائيل، كرسالة لأصحاب العمائم والنظام السوري على السواء، أن ثمة تغير في الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه إيران؟

عتبر الأراضي السورية ساحة مفتوحة للصراع وتسهل على جميع الأطراف استهداف أعدائها فيها، وهذه أصبحت مشكلة كبيرة لإيران، وليست كذلك لإسرائيل، لأنها غير متواجدة في الأراضي السورية، ما يعني أن أي عملية عسكرية إيرانية ضد إسرائيل، إما أن تحدث داخل حدودها أو في أراض أجنبية، وفي كلتا الحالتين المسألة صعبة جدا ومعقدة.قد تكون أسباب استهداف المقر الدبلوماسي أسباب إجرائية ترتبط بطبيعة العملية وتعقيداتها لجهة المكان، أو متعلقة بفرصة تواجد هذا العدد الكبير من الضباط كما أسلفنا؟ وقد تكون بالمقابل، عملية مقصودة لسببين:

الأول، محاولة إسرائيلية لجر إيران إلى تصعيد أكبر من التصعيد القائم في الجنوب اللبناني، لأن هذا الأمر يتيح لنتنياهو توسيع الحرب، الأمر الذي يغطي على مأزقه الداخلي في غزة، ويمنحه فرصة لتحشيد المجتمع الإسرائيلي بكل تنوعاته وراءه.

الثاني، يندرج ضم سياق الرد والرد المضاد، إذ جاءت عملية دمشق بعد ساعات من تبني "المقاومة الإسلامية" في العراق لهجمات على قاعدة بحرية في إيلات، من خلال طائرات مسيرة إيرانية حسب ما أعلنت إسرائيل.

ووفقا لذلك، يُعتبر هجوم "المقاومة الإسلامية" استهدافا مباشرا لـ "سيادة إسرائيل" وفق القانون الدولي، ولهذا ردت إسرائيل بنفس المستوى عبر استهداف مقر رسمي، في انتهاك للسيادة الإيرانية.

لا يعني ذلك أن العملية الإسرائيلية في دمشق جاءت ردا على هجوم "المقاومة" على الإطلاق، فقد تكون كذلك وقد تكون غير مرتبطة بها.

الرد الإيراني

من المهم جدا لفهم طبيعة الحرب غير المباشرة بين إيران وإسرائيل، استبعاد أسئلة مثل: كيف ومتى سترد إيران على هذه العملية الكبيرة؟ وهل تستطيع الرد بنفس المستوى؟ وما هي الأماكن التي سترد فيها إيران؟

هذه الأسئلة لا تندرج ضمن السياق العسكري، وبالتالي هي أسئلة غير عسكرية بقدر ما هي أسئلة عمياء لا تفيد في فهم طبيعة الصراع القائم بين الجانبين، لأن الصراعات العسكرية لا تخضع للمبدأ العلمي: كل فعل له رد فعل مواز له في القوة ومضاد له في الاتجاه، ذلك أن نقل هذا القانون إلى العالم الإنساني، خصوصا السياسي والعسكري، يُعطل فهمنا للفعل العسكري والسياسي في أسبابه وأهدافه وحدوده، ويجعل من كل فعل عسكري رد فعل على العمل العسكري السابق والمضاد له، إذ أن الصراع العسكري هو عبارة عن عمليات عسكرية وأمنية متبادلة، بغض النظر عن مستوى وقوة كل عملية.

بناء على هذه القراءة، لا يمكن بطبيعة الحال النظر إلى إطلاق ثلاثة صواريخ "كاتيوشا" من ريف درعا الغربي باتجاه الجولان السوري المحتل، غداة العملية العسكرية الإسرائيلية في دمشق، على أنه رد إيراني على العملية، وإنما يُنظر إليه ضمن سيرورة الصراع المستمر بين الجانبين.

وبما أن القدرات العسكرية والأمنية تختلف بين الجانبين، فإن سرعة العمل ومستواه وقوته تختلفان بالضرورة بين الجانبين، إضافة لذلك، تعتبر الأراضي السورية ساحة مفتوحة للصراع وتسهل على جميع الأطراف استهداف أعدائها فيها، وهذه أصبحت مشكلة كبيرة لإيران، وليست كذلك لإسرائيل، لأنها غير متواجدة في الأراضي السورية، ما يعني أن أي عملية عسكرية إيرانية ضد إسرائيل، إما أن تحدث داخل حدودها أو في أراض أجنبية، وفي كلتا الحالتين المسألة صعبة جدا ومعقدة.

أما إطلاق صواريخ نوعية ومدمرة بأيادي إيرانية أو تابعة لها من الأراضي السورية تجاه إسرائيل، فهذا أمر يخضع لاعتبارات عديدة: روسية، سورية، أميركية.

بكل الأحوال، وبغض النظر عن أسباب استهداف إسرائيل لمقر دبلوماسي رسمي، فإن هذه العملية قد تشكل بشكل أو بآخر مرحلة جديدة في الحرب بين الجانبين، ولكن هذه العملية تدحض التقارير التي بدأت تظهر منذ أشهر عن تقليص "الحرس الثوري" الإيراني لوجوده في سوريا، فالاستهدافات الإسرائيلية لقادة إيرانيين عسكريين وأمنيين خلال الأشهر الستة الماضية في سوريا كبير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اغتيال إيرانيين إسرائيل إيران إسرائيل اغتيال رأي قيادات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأراضی السوریة بین الجانبین

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تمنع بعثات تقضي الحقائق الدولية من دخول الأراضي المحتلة.. بيان

استقبل فايز علي المطيري المدير العام لمنظمة العمل العربية، فرانك هجمان مدير القطاعات في منظمة العمل الدولية، ورئيس بعثة تقصي الحقائق للأراضي العربية المحتلة.

ونقل "هجمان" تحيات جيلبرت هونجبو، المدير العام لمنظمة العمل الدولية، مؤكدا أهمية هذا الاجتماع السنوي الذي يساهم في إعداد تقرير بعثة تقصي الحقائق، الذي يُقدم لمؤتمر العمل الدولي كملحق لبند تقرير المدير العام حول ”وضع عمال الأراضي العربية المحتلة“.

ولفت إلى أن ذلك يتم من خلال ملاحظات المجموعة العربية التي تسلم من قبل المدير العام لمنظمة العمل العربية باللغتين العربية والانجليزية، والتي تحتوي على توصيات ومرئيات المجموعة العربية حول هذا التقرير الذي يصف الواقع الكارثي الذي يعيشه عمال الأراضي العربية المحتلة.

ورحب “المطيري” بزيارة “هجمان” في بيت العمل العربي، مؤكداً أن منظمة العمل العربية على استعداد دائم لمساندة عمال الأراضي العربية المحتلة من خلال أجهزتها الدستورية، مستعرضاً أهم المواضيع التي تهم المجموعة العربية ومنظمة العمل العربية و تلخصت في:

مناقشة نتائج زيارة بعثة تقصي الحقائق للأراضي العربية المحتلة.مناقشة التوصيات الصادرة عن المجموعة العربية المشاركة في مؤتمر العمل الدولي ”(112) جنيف، 3 – 14 يونيو 2024 حول ملحق تقرير المدير العام لمنظمة العمل الدولية “وضع عمال الأراضي العربية المحتلة”.عضوية دولة فلسطين في منظمة العمل الدولية وفقاً لقرارات مجلس إدارة منظمة العمل الدولية – الدورة (352) المنعقدة (أكتوبر – نوفمبر 2024) وحقوق مشاركتها في اجتماعات المنظمة، جهود منظمة العمل العربية في تحقيق هذا المطلبالبرنامج المعزز للتعاون الإنمائي لمصلحة الأراضي العربية المحتلة – وفقاً لقرارات مجلس إدارة منظمة العمل الدولية – الدورة (352) المنعقدة (أكتوبر – نوفمبر 2024).

من جانبه نوّه “هجمان“ بأنه للعام الثاني على التوالي لم تتمكن البعثة من زيارة أي من الأراضي العربية المحتلة جراء تقييد عمل البعثة من قبل الجانب “الإسرائيلي” وعدم السماح لأعضاء البعثة بدخول غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان، واضطرارهم للعمل من خلال اجتماعات عبر المنصات الرقمية وإجراء لقاءات في عمان  مع جميع الأطراف المعنية، بالإضافة للتضييق الشامل لجميع المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة ومن ضمنهم المكاتب الإقليمية التابعة لمنظمة العمل الدولية، وإيقاف عمل منظمة الأونروا وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وأثنى “المطيري“ على الجهود التي تقوم بها بعثة تقصي الحقائق خصوصاً في ظل تقييد عملهم وعدم السماح لهم بإعداد التقرير الذي يحاكي واقع العمال في الأراضي العربية المحتلة.

وأشاد بالصدى الإيجابي الذي لاقته الجلسة الخاصة بمناقشة ملحق تقرير المدير العام حول عمال الأراضي العربية المحتلة خلال انعقاد الدورة (112) لمؤتمر العمل الدولي، والتي كانت المجموعة العربية وأعضاء مجلس إدارة منظمة العمل الدولية العرب دائماً ما تدعو لضرورة انعقادها في جميع اجتماعاتهم وتوصياتهم السابقة، والتي كانت محل تقدير لمنظمة العمل الدولية ومديرها العام لتطبيق التوصيات العربية على أرض الواقع، آملاً أن يتم عقد هذه الجلسة بشكل مستمر وثابت أثناء انعقاد دورات مؤتمر العمل الدولي القادمة.

وجدد المدير العام لمنظمة العمل العربية دعوته لمدير عام منظمة العمل الدولية لحضور الدورة (51) لمؤتمر العمل العربي المقرر عقده في القاهرة – جمهورية مصر العربية في شهر إبريل القادم.

مقالات مشابهة

  • القاهرة الإخبارية: استمرار العملية العسكرية لجيش الاحتلال في قباطية وطولكرم لليوم الـ34
  • إعلام أمريكي: ''الحوثيون هاجموا طائرات مقاتلة ومسيرة أمريكية وجدل داخل الجيش حول كيفية الرد''
  • إسرائيل تنشر دبابات في جنين تمهيدا لتوسيع العملية العسكرية في المخيم
  • إسرائيل تمنع بعثات تقضي الحقائق الدولية من دخول الأراضي المحتلة.. بيان
  • بينها استهداف قيادات بارزة.. مسؤولون أمريكيون: إدارة ترامب تدرس خيارات الرد المناسب على الحوثيين بعد استهداف مقاتلة أمريكية
  • وزير استخبارات إيران: لا تراجع عن سياسة الرد بالمثل في مواجهة التهديدات الأمريكية
  • محللون: تفجير الحافلات سلاح إسرائيل لتوسيع عمليتها العسكرية بالضفة
  • إيران: سنسوي إسرائيل بالأرض..هل اقتربت عملية الوعد الصادق3؟
  • عاجل. إسرائيل: انفجار يستهدف ثلاث حافلات في بات يام و"دوافع قومية" قد تكون وراء العملية حسب الشرطة
  • مجدي يوسف: مندوب إسرائيل كانت عينه في الأرض ولم يستطع الرد على كلمة النائب محمد أبو العينين