سواء ردّت إيران على الغارة الإسرائيلية التي استهدفتها بالمباشر أو لم تردّ، فإن ما كشفه هذا الاستهداف يؤشّر إلى أن تل أبيب تعتبر معركتها الأساسية مع طهران، وإن كانت المواجهة المباشرة تأخذ أشكالًا مختلفة في كل من قطاع غزة وجنوب لبنان، حيث يقوم كل من حركة "حماس" و"حزب الله" بالدور المرسوم لهما من قِبل القيادة الإيرانية في الحرب، التي تدور رحاها في قطاع مستنزَف بشريًا واقتصاديًا ومعيشيًا وصحيًا، وفي الجنوب الذي يعاني ويصمد ويجاهد، حيث يسقط الشهداء من مقاتلين ومدنيين بالمئات، وتدّمر المنازل وتحرق محاصيل الحقول، ويُهجّر أهله.


فالحرب التي تشنّها إسرائيل ضد قطاع غزة مستهدفة حركة "حماس"، وضد جنوب لبنان باعتباره البيئة الحاضنة بأكثريته الشيعية لـ "حزب الله"، بالتوازي مع توجيه ضربات موجعة للإيرانيين في سوريا، إنما تهدف بالدرجة الأولى إلى تقليص النفوذ الإيراني في كل من فلسطين ولبنان وسوريا عبر استهداف حلفائها، على أن تتكفل الولايات المتحدة الأميركية ومعها بعض الدول الغربية بتقليم أظافر الحوثيين في اليمن ومنعهم من السيطرة على الحركة الملاحية البحرية في البحر الأحمر.
وفي اعتقاد حكومة الحرب في تل أبيب أنه متى تمّت عملية تحجيم دور حركة "حماس" في فلسطين و"حزب الله" في لبنان والحوثيين في اليمن،فإن النفوذ الإيراني في المنطقة يتقلّص تدريجيًا، ولا يعود له بالتالي التأثير المباشر على مجريات الأحداث، خصوصًا أنه كان لإيران على مدى السنوات الأربعين المنصرمة في "كل عرس قرص"، وكانت حاضرة بقوة في المشهدية الإقليمية سواء من خلال المواجهة المباشرة بين طهران وواشنطن والعالم الغربي، أو من خلال المواجهة غير المباشرة عبر حلفائها في المنطقة بعدما أصبح نفوذها يمتد من اليمن مرورًا بالعراق وسوريا وصولًا إلى لبنان وقطاع غزة. وقد أثبتت عملية "طوفان الأقصى"، وما تلاها في اليوم التالي من مساندة مباشرة قامت بها "المقاومة الإسلامية" من جنوب لبنان، مدى قدرة إيران على اقلاق راحة القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب من خلال الأسلحة المتطورة، التي استخدمت في عملية "الطوفان"، أو تلك الصواريخ المدّمرة والذكية والدقيقة، التي يستخدمها "حزب الله" في عملياته ضد المواقع العسكرية الإسرائيلية المتقدمة، أو تلك الصواريخ البعيدة المدى، التي يمكن أن تطال ايلات، وهي التي تبعد عن الحدود الجنوبية مئات الكيلومترات. وما تقوم به إسرائيل حاليًا من حرب إبادة في قطاع غزة أو من خلال حرب الاستنزاف في جنوب لبنان، معتقدة أنها قادرة بذلك على تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، تلتقي من حيث الأهداف مع أميركا، ولكنها تختلف معها من حيث الأسلوب، وبالأخص في ما يتعلق بالمسار التفاوضي الجاري بين واشنطن وطهران. وقد تكون تل أبيب أكثر المتضررين من الوصول إلى أي تسوية نووية، وهي مستعدّة لقلب الطاولة على رؤوس الجميع إذا شعرت بأن إيران قد تتحوّل في يوم من الأيام إلى قوة نووية.
فالتفسيرات التي تُعطى لغاية إسرائيل الحقيقية في ضربها المواقع الإيرانية في سوريا كثيرة، ولكن قد يبدو الهدف الرئيسي لكل هذه الاعتداءات، سواء في حلب أو في دمشق، هو في أن بمقدور تل أبيب على ملاحقة الأهداف الإيرانية المحدّدة من حيث ما تشكّله من تهديد مباشر لأمنها واستقرارها، وإن كانت غير راضية على ما تقوم به واشنطن من "تحت الطاولة"، خصوصًا أنه قد وصل إلى مسامع رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو بعض الهمس عن تحرّك لقنوات التواصل بين واشنطن وطهران عقب حصول العملية، خصوصًا أن إدارة بايدن كرّرت التأكيد بعدم مسؤوليتها عمّا حصل والتزامها بالتفاهمات الموجودة بينهما. ووفق الهمس الموجود فإنّ واشنطن وطهران اتفقتا على إبقاء مستوى النزاع الحاصل في المنطقة تحت سقف الحرب، أي حماوة مضبوطة كما هو حاصل في جنوب لبنان. ومن المنطقي الاعتقاد أنّ هذه التفاهمات الحاصلة تتماشى مع ترتيبات تجري حول إعادة تشكيل المنطقة.
 ومن هنا أيضاً يمكن تفسير هذا الهدوء الذي تعيشه القواعد الأميركية في المنطقة منذ نحو الشهرين على رغم لهيب غزة والبحر الأحمر. وهذا ما يفسرّ أيضًا الصخب الذي ساد المهاتفة بين بايدن ونتنياهو. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: جنوب لبنان فی المنطقة قطاع غزة حزب الله تل أبیب من خلال

إقرأ أيضاً:

آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال يوسف أبوكويك، مراسل قناة "القاهرة الإخبارية" من مدينة غزة، إنه منذ منتصف الليلة الماضية حتى هذه اللحظة وصل عدد الشهداء إلى 26 جراء سلسلة من الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية والقصف المدفعي المتواصل في محاور التوغل الإسرائيلي، حيث أغارت الطائرات الإسرائيلية في شمال القطاع على منزل في منطقة بيت لاهيا، أسفر عن استشهاد 6 مواطنين، وعند ما يعرف بمبنى السفينة غرب مدينة غزة أيضا غارة أخرى تسببت باستشهاد أربعة مواطنين، بينما وصل قبل قليل إلى مشفى الأهلي المعمداني جثماني شهدين تحولا إلى أشلاء ممزقة جراء القصف الذي طالهما في منطقة الدحدوح، ليرتفع عدد الشهداء في مدينة غزة والشمال القطاع لـ12 شهيدًا.

وأضاف أبوكويك، اليوم، خلال مداخلة عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن عدد الشهداء الفلسطينيين في دير البلح ارتفع إلى 8 شهداء جراء قصف منزل في المنطقة الغربية من المحافظة، وهي الليلة الثانية على التوالي التي تغير فيها الطائرات الحربية على منازل في مدينة دير البلح وسط القطاع، كما أن القصف المدفعي العنيف تكثف في المناطق الشرقية من مدينة غزة في غضون الساعات الأخيرة، وبالتوازي مع ذلك تطلق الطائرات الحربية أو الطائرات المروحية النار في محاور التوغل شرق المدينة وتحديدًا حي الشجاعية.

وأكد أن المنطقة الأكثر سخونة هي المنطقة الشمالية الغربية من مدينة رفح والشمالية الشرقية، كونها منطقة يحاول الاحتلال الإسرائيلي الآن إقامة محور جديد فيها سماه محور موراج، فعمليات القصف تتواصل منذ منتصف الليلة الماضية حتى هذه اللحظة وتدوي الانفجارات ما بين فينة وأخرى، إما جراء الغارات التي تنفذها الطائرات الحربية أو من خلال عمليات التفجير عن بُعد، والتي تتحكم فيها الفرقة 36 مدرعات، وهي تقوم بالعملية البرية في المنطقة الشمالية الشرقية من مدينة رفح.

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن جماعة أولي البأس التي ظهرت جنوب سوريا وهل هي فعلا ذراع جديد لإيران في المنطقة؟
  • وزير الدفاع الأمريكي: إيران هي التي تقرر إن كانت القاذفات B-2 رسالة موجهة لها
  • تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
  • أمر أساسي أبقى إسرائيل في لبنان.. معهد في تل أبيب يكشف
  • قوات صنعاء تقصف “تل أبيب” وتواصل استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” (فيديو)
  • القوات المسلحة تنفذ عمليتين ضد هدف عسكري للعدو الإسرائيلي وقطع حربية معادية في البحر الأحمر
  • فرنسا تدرس فتح قنصلية لها في البصرة
  • آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
  • إيران: لا نؤمن بالمفاوضات التي يفرض فيها الطرف الآخر مطالبه عبر التهديد
  • أهالي مدينة التل في ريف دمشق ينظمون مظاهرة شعبية، دعماً لأهالي غزة وتنديداً بحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي