لماذا أصبحت إسبانيا وإيرلندا من أشد منتقدي الاحتلال في الاتحاد الأوروبي؟
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، قالت فيه إن ادعاء رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن مقتل لسبعة من عمال الإغاثة في "المطبخ المركزي العالمي" بغزة كان "حادثا مأساويا" لم يفعل شيئا يذكر لتهدئة مخاوف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز. وكذلك لا تأكيده على أن "هذا يحدث في زمن الحرب".
وذكر الصحيفة في التقرير الذي أعده الصحفيان سام جونز من مدريد، وروري كارول من دبلن وليزا أوكارول من بروكسل، وترجمته "عربي21"، أن سانشيز، الذي كان أحد أكثر المنتقدين الأوروبيين صراحة وإصرارا للطريقة التي شنت بها إسرائيل حربها على غزة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وصف "التفسيرات المفترضة" لنتنياهو بأنها "غير مقبولة على الإطلاق وغير كافية".
وأضاف أن إسبانيا تنتظر تقريرا كاملا ومفصلا عن عمليات القتل قبل أن تقرر "ما هو الإجراء الذي سنتخذه فيما يتعلق بحكومة رئيس الوزراء نتنياهو".
تعد تصريحات سانشيز الأخيرة - إلى جانب إعلانه الاثنين أن إسبانيا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحلول تموز/ يوليو - مثالا آخر على كيف وجد بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي الأكثر صمتا أنفسهم مضطرين إلى التحدث وسط مخاوف من أن الكتلة تفشل في الظهور بأنها تقوم بواجباتها الأخلاقية والسياسية والإنسانية، وفقا للتقرير.
ولفتت الصحيفة إلى أنه "في حين أدان سانشيز ما وصفه بأعمال الإرهاب الصادمة التي ترتكبها حماس واعترف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فقد أثار غضب حكومة نتنياهو من خلال وصف عدد القتلى الفلسطينيين بأنه لا يطاق حقا، والتأكيد على أن رد إسرائيل لا يمكن أن يشمل مقتل المدنيين الأبرياء، بما في ذلك الآلاف من الأطفال.
وقال رئيس الوزراء الإسباني أيضا إن لديه "شكوكا حقيقية" بشأن ما إذا كانت إسرائيل تلتزم بالقانون الإنساني الدولي في هجومها على غزة.
والخميس، قال سانشيز في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، إن تصرفات إسرائيل في غزة يمكن أن تدفع الاتحاد الأوروبي إلى مناقشة "ما إذا كنا سنواصل هذه العلاقة الاستراتيجية أم لا".
ولفت التقرير إلى أن لهجة إيرلندا، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها الصوت الأكثر تأييدا للفلسطينيين في الاتحاد الأوروبي، كانت صريحة مثل إسبانيا.
ووصف رئيس الوزراء الإيرلندي المنتهية ولايته، ليو فارادكار، الهجوم بأنه "اقتراب من الانتقام"، بينما قال وزير الخارجية ميشيل مارتن إنه "غير متناسب".
ويشعر بعض الدبلوماسيين الأوروبيين أن التاريخ لن ينظر بلطف إلى ميل الاتحاد الأوروبي إلى التغاضي عن إسرائيل وغزة بينما كان الاتحاد مستعدا تماما للتنديد بتصرفات روسيا في أوكرانيا. وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لصحيفة "الغارديان" إن المواقف القوية لإسبانيا وإيرلندا بشأن فلسطين بدأت تؤتي ثمارها، مضيفا أنه في كل مرة تتحدث فيها مدريد ودبلن، تتلاشى عُزلة موقفهما ويتشجع الآخرون على الانضمام إليهما.
ويصر كل من سانشيز ووزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على أن حل الدولتين يظل الحل الوحيد للأزمة في الشرق الأوسط ــ ومن هنا جاء إلحاح الحكومة الإسبانية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
والأربعاء، قال وزير الخارجية الإسباني للصحفيين في بروكسل يوم: "إذا نظرنا إلى المدى المتوسط والطويل، وإذا لم نفعل شيئا مختلفا عما كنا نتصرف به في العقد الماضي، فسنرى دوامة العنف هذه مرة أخرى. من أجل القيام بذلك (بشكل مختلف) نحن بحاجة إلى دولة فلسطينية حقيقية وقيّمة. ولهذا السبب سنعترف بدولة فلسطين".
وأشار ألباريس أيضا إلى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية كان منذ فترة طويلة التزاما رئيسيا في السياسة الخارجية لحزب العمال الاشتراكي الإسباني الذي يتزعمه سانشيز. كما عبر كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، وهو نفسه وزير خارجية إسباني سابق، عن مشاعره بوضوح عندما يتعلق الأمر بالهجوم الإسرائيلي على غزة.
قال بوريل في كانون الثاني/ يناير الماضي: "ما هي الحلول الأخرى التي يفكرون فيها؟ . لجعل جميع الفلسطينيين يغادرون؟ لقتلهم؟ فقد قتل في غزة 25 ألفا، 70% منهم نساء وأطفال. ومن المؤكد أن الطريقة لمحاولة تدمير حماس ليست هي الطريقة التي يقومون بها، لأنهم يزرعون بذور الكراهية لأجيال عديدة".
وذكر التقرير أن إيرلندا كانت تسعى إلى إقامة قضية مشتركة مع الأعضاء ذوي التفكير المماثل، وقد قامت بمعايرة تصريحاتها لدفع الاتجاه السائد في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وليس تخريبه. وبالإضافة إلى التعاون مع إسبانيا وسلوفينيا ومالطا الشهر الماضي للتعبير عن استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فقد دخلت في شراكة مع إسبانيا لحث الاتحاد الأوروبي على مراجعة صفقة التجارة الإسرائيلية بشأن التزامات حقوق الإنسان.
في الأسبوع الماضي، أعلنت إيرلندا أنها ستتدخل في قضية محكمة العدل الدولية التاريخية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل من خلال محاولة توسيع تعريف الإبادة الجماعية ليشمل منع المساعدات.
وقال وزير الخارجية الإيرلندي مارتن لصحيفة "الغارديان"، إنه "من الواضح أن السكان بأكملهم يتأثرون هنا ليس فقط من خلال القصف ولكن من خلال المجاعة".
وأضاف، مستشهدا بكارثة أربعينيات القرن التاسع عشر المعروفة باسم الجوع الكبير: "لقد عانينا من المجاعة، ونحن نعرف كيف تبدو في نفسيتنا".
وربط مارتن استجابة دبلن، العاصمة الإيرلندية، للدمار في غزة بتقليد السياسة الخارجية الأيرلندية المتمثل في السعي للحد من أسلحة معينة، مثل الذخائر العنقودية، وتعزيز الممرات الإنسانية في سوريا وإثيوبيا وغيرها من الصراعات.
وقال مارتن إنه يتوقع أن تظل السياسة الخارجية الأيرلندية دون تغيير تحت قيادة سيمون هاريس، الذي من المقرر أن يخلف فارادكار في منصب رئيس الوزراء الأسبوع المقبل.
وتابع: "لقد عملنا مع سايمون هاريس على مدى السنوات الأربع الماضية في الحكومة، لذلك لا
نتوقع أي قضايا كبيرة حول محتوى السياسة الخارجية".
ويقول دبلوماسيون ومحللون أيرلنديون إن التاريخ الاستعماري لإيرلندا قد جعلها تدعم المستضعفين. وكانت أيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تؤيد إقامة دولة فلسطينية في عام 1980. ورغم ذلك، تسعى أيرلندا جاهدة للبقاء ضمن إجماع الاتحاد الأوروبي، كما قال نيال هولوهان، الذي شغل منصب ممثل إيرلندا لدى السلطة الفلسطينية من عام 2002 إلى عام 2006، حسب التقرير.
وذكر التقرير أن إسرائيل اتهمت إيرلندا بتقديم المساعدة لحماس، لكن الحكومة الإيرلندية واجهت على المستوى الداخلي اتهامات بالتساهل أكثر من اللازم مع إسرائيل. ودفعت أحزاب المعارضة من أجل طرد السفير الإسرائيلي واقترحت قانونا يمنع الدولة الأيرلندية من الاستثمار في الشركات التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وهي التحركات التي قاومتها الحكومة.
وكان حلفاء سانشيز السابقون في حزب بوديموس اليساري المتطرف أيضا صريحين في إدانتهم، واتهموا إسرائيل بالتخطيط لـ "إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني ودعوا إلى تقديم نتنياهو أمام المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة اتهامات بارتكاب جرائم حرب، وفقا للتقرير.
ومع تزايد السخط الأوروبي والدولي، يلقي بعض الدبلوماسيين اللوم في استمرار الانقسام في الكتلة على الدعم المبكر غير المشروط لإسرائيل الذي قدمته رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ويحتجون بأنه لن يكون على خلاف لو ذكرت بوضوح وجوب التزام إسرائيل بمراعاة حقوق الإنسان في دعمها الأولي لحق البلاد في الدفاع عن نفسها.
وبعد مرور ستة أشهر، لم يعد انتظار تغيير الوضع الراهن خيارا بالنسبة للكثيرين. وقال أحد كبار الدبلوماسيين لـ"الغارديان": "إذا انتظرنا حتى تعترف الدول الأعضاء الـ 27 بفلسطين، فسننتظر إلى الأبد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الاتحاد الأوروبي اسبانيا غزة الاحتلال الاتحاد الأوروبي ايرلندا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الاتحاد الأوروبی بالدولة الفلسطینیة السیاسة الخارجیة وزیر الخارجیة رئیس الوزراء من خلال
إقرأ أيضاً:
لماذا تركز إسرائيل جهدها الحربي على قضاء صور بجنوب لبنان؟
يرى الخبير العسكري العميد المتقاعد حسن جوني أن إسرائيل تركز جهدها الحربي في توغلها البري بجنوب لبنان باتجاه القطاع الغربي حتى مدينة صور التي قال إنها تتعرض وقضاؤها لاستهداف مكثف لأسباب عدة.
وأعرب جوني -في حديثه للجزيرة- عن قناعته بأن استهداف إسرائيل المكثف لقضاء صور وإصدار أوامر للسكان بإخلائه يأتي رغبة منها في "إضعاف القاعدة الخلفية بالقطاع الغربي التي يتحرك فيها أو من خلالها مقاتلو حزب الله".
وأكد أن استهداف قضاء صور يتصل تماما بالعمليات والمواجهات البرية في القطاع الغربي، إذ تريد إسرائيل احتلاله أو محاصرته بين بلدات طير حرفا وشمع والبياضة.
وفي هذا السياق، أشار الخبير العسكري إلى أن إسرائيل تريد محاصرة "جيب غربي" يضم عددا من الأودية والأحراش، إضافة إلى احتلال الناقورة ضمن القطاع ذاته.
ويعدّ قضاء صور أحد أقضية محافظة الجنوب الثلاثة في لبنان، ومركزه مدينة صور، ويضم ما يزيد على 50 قرية مثل برج الشمالي ومجدل زون وغيرها.
أما بشأن الاستهداف الإسرائيلي لمدينة صور، فقال جوني إنها المدينة الأقرب على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وتعتبر ذات مركز ثقل اقتصادي واجتماعي ومعنوي لقضاء صور، كما أنها مدينة منافسة سياحيا.
وخلص جوني، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، إلى وجود "حقد إسرائيلي على صور وتاريخها"، إضافة إلى مواصلة تل أبيب إستراتيجية التدمير بهدف استمرار الضغط على متخذي القرار في لبنان.
أسلحة محرمة دوليا
ونبه جوني إلى استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة محرمة دوليا في جنوب لبنان، معتبرا قتل المدنيين الأبرياء هو الخرق الأهم لأنهم ليسوا مقاتلين على الجبهة، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.
وقال الخبير العسكري إن إسرائيل لديها تاريخ حافل في اختبار أسلحة جديدة في ميدان حقيقي ومنها ما ينجح وما يفشل.
كذلك تستخدم إسرائيل الأسلحة الحارقة -وفق جوني- لأنها تريد حرق الأخضر واليابس بهدف إجلاء حقول الرمي وإطلاق الصواريخ ومنع إمكانية الاختفاء عن الأنظار والمسيّرات.
لكن الخبير العسكري شدد على أن الذخائر العنقودية هي الأخطر لأنها تبقى وتستمر بعد وقف إطلاق النار في صورة ألغام ويصبح التعامل معها أمرا خطيرا، بجانب الأسلحة الفراغية والخارقة.
ووسّعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي حربها على حزب الله لتشمل جلّ مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة.
كذلك بدأت توغلا بريا في جنوبه معتمدة على 5 فرق عسكرية تعمل على طول الحدود مع لبنان هي: 210، 98، 91، 36، 146، وتضم الفرقة أكثر من لواء عسكري، وتضم وفق المعايير العسكرية أكثر من 10 آلاف جندي.